اتفقت الأحزاب السياسية "الطفيلية" التي احترفت الظهور على الساحة السياسية في المواعيد الانتخابية، على تبني برنامج رئيس الجمهورية خطابا تتوجه من خلاله لبضع المئات من مناضليها في هذه الحملة الانتخابية، بل وذهب من قادتها في خطبهم الانتخابية إلى التوسل لرئيس الجمهورية لرفع الغبن عنهم واستجدائه لإخراجه من البؤس السياسي الذي وضعوا أنفسهم فيه. لا شك أن المواطنين لاحظوا من خلال ظهور بعض أولئك القياديين في الأحزاب المغمورة، من خلال حصصهم الانتخابية على شاشة التلفزيون، أنهم استغلوا الفرصة التي لن تعود إليهم إلا بعد 5 سنوات (تشبه دورة الشمس أو القمر) ليتوجهوا مباشرة بالحديث إلى رئيس الجمهورية شارحين له حالتهم السياسية المزرية و"الحقرة" التي تعرضوا لها من طرف الإدارة وهضم الحقوق والإقصاء والتهميش، بل حتى عدم تكافئ فرصهم مع غيرهم من الأحزاب الثقيلة وقلة إمكانياتهم المادية وقلة حيلتهم من مصيرهم المحتوم. ومثال على ذلك وليس على سبيل الحصر راح زعيم حزب الراحل قاصدي مرباح من خلال تدخله على شاشة التلفزيون يخاطب رئيس الجمهورية مباشرة وهو يلح في السؤال "يا رئيس الجمهورية...يا رئيس الجمهورية ...فعلوا بنا كذا وكذا وهذه فرصتنا .." متناسيا تماما انه لو لا الحملة الانتخابية لتجديد أعضاء البرلمان لما كانت له تلك الفرصة، وقد أعطيت له مثل غيره بهدف التوجه لناخبيه لإقناعهم ببرنامجه السياسي، لكن البادي من خلال خطابه أن حزبه لا يملك أساسا ما يقابل به جمهوره، لذلك حول "الفرصة" إلى استجداء لمشاعر رئيس الجمهورية، عله ينظر إلى مثل حزبه بعين "الرأفة الرئاسية والحنان"... حتى من اختاروا الدفاع عن برنامج الرئيس في حملتهم الانتخابية، رغم أن مشاريعه سائرة في طريق الإنجاز وهي في غنى عن مرافعاتهم، يبحثون لأفكارهم عن شرعية، رغم أن كل واحد منهم يقدم نفسه للجزائريين على انه البديل عن كل ما عانوه من بؤس سياسي اقتصادي واجتماعي، بما فيهم الأحزاب التي مارست فعلا السلطة في أعلى سلمها. وتبني برنامج رئيس الجمهورية في الخطاب الانتخابي هذه المرة، لم تختص به الأحزاب "المجهرية" مثلما لوحظ منذ بداية الحملة الانتخابية لتشريعيات 2007، لكن زاحمتها فيه حتى الأحزاب "الثقيلة"، رغم أن معظمها أعدت للمناسبة برنامجا انتخابيا ضمنته عددا كبيرا من المقترحات لإخراج البلاد من الأزمة، إلا أنها لم تستطع أن تقنع نفسها بالتخلي عن "بركة" برنامج رئيس الجمهورية، الذي ترى فيه في نفس الوقت عيوبا كثيرة كلفت نفسها عناء تصحيحها في مقترحاتها الانتخابية، بل سوف تحسن من وضعية الجزائريين بدرجة كبيرة في حال تزكيتها، أكثر ربما مما اقترحه الرئيس نفسه في برنامجه. فبرنامج الرئيس بوتفليقة أصبح برنامجا لمن لا برنامج له، وهذا يمكن أن يفهم باعتبار الفراغ السياسي و"العدم" الفكري الذي نشأت منه تلك الأحزاب، لكن السؤال الذي يطرح : لماذا حذت تشكيلات سياسية كبيرة حذو تلك الصغيرة في التزاحم على استخراج أفكارها ومقترحاتها من بين مشاريع رئيس الجمهورية؟؟ وتبدو الإجابة على هذا السؤال أسرع مما يستدعيه عناء البحث، وهو أنهم جميعهم يتشدقون في البرنامج السياسي للرئيس لأنه وحده قدم الدعامة المادية والقاعدة المالية لأي أفكار يمكن أن يأتي بها من اختاروا لأنفسهم دور مساندة برنامج الرئيس، لأن ما يقترحون لم يرق إلى مستوى إنتاج الثروة والاعتماد عليها دون إمكانيات الخزينة العمومية. وقد ردد عدد من زعماء الأحزاب حتى الآن بأعلى أصواتهم أمام الجمهور المبالغ التي خصصها رئيس الجمهورية للتنمية وقدرت حتى الآن ب150 مليار دولار، وكأنها جزء من تصورهم في تنمية البلاد. غنية قمراوي:[email protected]