من غرائب كرة القدم أن شباب قسنطينة قبل مباراة السبت أمام الإسماعيلي كانت تكفيه الحصول على نقطتين من مباراة الإسماعيلي والإفريقي ليتأهل رسميا للدور الثاني، بينما حصوله على ثلاث نقاط من مباراتين لا يضمن له التأهل، وهو ما حدث بعد مباراة مجنونة عاشها الجزائريون والمصريون على الأعصاب، حقق فيها الشباب حلم أنصاره بعد أن قلب النتيجة على المصريين بطريقة كان فيها الكثير من الندّية واللعب الرجولي والصبر، على أرضية ميدان في منتهى السوء، وصار من الضروري إعادة بعث مشروع المركب الرياضي الذي تحدث عنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ ثمان سنوات في منطقة قطار العيش بولاية قسنطينة، وقال وزير داخلية سابق بأنه يمتلك المبلغ الخاص به ليتبخر المشروع بطريقة عجيبة. يكفي بعد مرور الجولة الرابعة من دور المجموعات أن نقول بأن شباب قسنطينة في المركز الأول أمام ثلاثة أندية سبق لهم جميعا الفوز باللقب القاري الأغلى، حيث فاز الإسماعلي باللقب منذ 40 سنة قبل كل الأندية المصرية من أهلي وزمالك، وفاز به الإفريقي قبل كبار تونس من نجم ساحلي وترجي تونسي، وحطم أرقام الفوز به بتسميته الجديدة رابطة الأبطال تي.بي.مازامبي، ويتواجد السنافير في المقدمة بعشر نقاط من ثلاث انتصارات وتعادل واحد خارج الديار، ويلاحقه مازامبي بسبع نقاط، وفي المركز الثالث منافس السنافير يوم الجمعة القادم النادي الإفريقي بأربع نقاط وفي المؤخرة الإسماعيلي الذي خرج رسميا من المنافسة، وفي حالة فوز السنافير أمام الإفريقي في قسنطينة في الجولة القادمة، وتسجيل تعادل أو خسارة مازمبي أمام الإسماعيلي في مصر، سيضمن به شباب قسنطينة المركز الأول في المجموعة قبل لقاء مازامبي الصعب في الكونغو الديمقراطية، وسيكون إنجاز كبير لفريق عاصمة الشرق الجزائري الذي أبهر بأدائه الإحترافي على الميدان بالرغم من افتقار الفريق للنجوم. مباراة الإسماعيلي في قسنطينة أكدت شخصية الفريق التي أبانها من أول مباراة إفريقية قبل دور المجموعات، عندما تعادل سلبيا على أرضه أمام ممثل غامبيا وعاد بفوز بهدف من خارج الديار، ثم فاز بهدف واحد فقط على أرضه أمام ممثل أوغندا، وعاد بفوز بهدفين نظيفين من كامبالا، وسار على نفس التحدي في كل مباريات دور المجموعات من دون استثناء، حيث كان على وشك الخسارة في تونس أمام النادي الإفريقي، عندما منح الحكم ضربة جزاء للتونسيين على بعد ربع ساعة من النهاية، وبمجرد إضاعة التونسيين للركلة حتى طمع الشباب في الفوز وحققه قبل نهاية المباراة بدقيقة، وأجهز على مازامبي بطريقة رائعة بثلاثية سُجلت كلها في الشوط الثاني، ولولا سوء الطالع لتكبّد كبير القارة نتيجة تاريخية، ثم عاد ليؤكد شخصيته في الإسكندرية عندما كان متأخرا بهدف أمام الإسماعيلي، وعدّل النتيجة بعد ضغط رهيب في الوقت بدل الضائع، وفي مباراة السبت بصم السنافير عن كل ما قيل عنهم من أشياء جميلة، فقد تأخروا بهدف وردّوا عليه في آخر دقيقة من الشوط الأول، وتأخروا مع بداية الشوط الثاني، وظن الجميع أننا على موعد مع أول سقوط للسنافير ولكنهم عدّلوا من كرة ثابتة وسجلوا قبل نهاية المباراة بعشر دقائق هدف الفوز، ودافعوا عنه في الدقائق الأخيرة بلياقة بدنية لا يظهر بها إلا اللاعبون في بداية المباراة. من حق محبي شباب قسنطينة وهم كثيرون، ولم يعد وجودهم مقتصر على عاصمة الشرق الجزائري فقط، أن يحلموا الآن بالريادة الإفريقية، وما كان يخيف الأنصار في عهد المدرب السابق عمراني وهو الهشاشة المعنوية، تبخر في عهد المدرب الفرنسي لافان، الذي منح اللاعبين تفكيرا محترفا يجعلهم يلعبون المباراة بتركيز كبير ومستقر على مدار 90 دقيقة بوقتها بدل الضائع، والفريق الذي يتجاوز دور مجموعات يضم كبار القارة من حقه أن يحلم بالتتويج، بشرط أن لا يركز في هذا اللقب فقط، قبل أن يمرّ بما تبقى من مباريات، بدءا بلقاء الجولة الخامسة في قسنطينة أمام النادي الإفريقي، الذي لم يعد له من حل للتأهل سوى الفوز في قسنطينة بفارق هدفين، ويفوز على أرضه أمام الإسماعلي وينتظر، سقوط السنافير في الكونغو الديموقراطية لأجل التأهل رفقة مازامبي للدور الربع النهائي، أو ينتظر سقوط مازامبي أمام السنافير على أرضهم وفي الإسماعيلية لأجل التأهل رفقة السنافير للدور الربع النهائي، وهي معادلات أقرب إلى الخيال. لم يشارك مع السنافير في المباراة الأخيرة، هدافها طوال الموسم الماضي عبيد، وأحد لاعبيها الأكفاء جعبوط، ولكن روح الجماعة والعمل من دون كلل ولا ملل، هو الذي صنع الفارق أمام الإسماعلي ومنح للأنصار أملا كبيرا في الريادة الإفريقية التي ستعني المشاركة في كأس العالم للأندية رفقة كبير أمريكا الجنوبية وكبير أوربا، حلم بدأ يراود عشاق الأخضر والأسود. وكل النتائج الكبرى، بدأت بالأحلام. ب. ع