الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: تأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    في إطار متابعة تنفيذ برنامج التحضير القتالي لسنة 2023/2024: الفريق أول لسعيد شنڤريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الثالثة    محمد عرقاب : نحو استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في مجال المناجم    يعقد هذا الجمعة بتركيا.. مجلس الأمة يشارك في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    عطاف يؤكد:الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    تكفل الدولة بالمواطن متواصل..!?    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بجسر قسنطينة بالعاصمة: وضع حد لنشاط عصابة إجرامية تحترف سرقة السيارات    المجمع الجزائري للغة العربية : الإعلان عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    طاقة ومناجم: "نسعى الى استغلال الأملاح الناتجة عن تحلية مياه البحر"    لا بديل عن الرقمنة في جرد وأرشفة الملفات القضائية    80٪ من الجزائريين يستفيدون من الانترنت    استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    تطوير المنصة الرقمية للمستثمرين في الصناعة الصيدلانية    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    «داربي» عاصمي واعد من أجل مكان في النّهائي    تضاعفت قيمة عمورة السوقية 4 مرات: سانت جيلواز.. عمورة للبيع لمن يدفع أكثر من 20 مليون يورو    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    برج بوعريريج.. مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 76 يرى النور قريبا    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    البنك الوطني الجزائري: رقم الأعمال يرتفع بأكثر من 27 بالمائة في 2023    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    الإحصاء للعام للفلاحة : تحضيرات حثيثة بولايات جنوب الوطن    مسؤول أممي: نشعر بالذعر من تقارير عن وجود مقابر جماعية في غزة    فرصة جديدة لحياة صحية    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    بطولات رمز المقاومة بالطاسيلي ناجر..تقديم العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي الطويل "آق ابكدة .. شمس آزجر"    القضاء على إرهابي واسترجاع مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف بمنطقة الثنية الكحلة بالمدية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    استدعاءات الباك والبيام تُسحب بداية من 9 ماي    وزارة الفلاحة تنظّم ورشات لإعداد دفاتر أعباء نموذجية    مؤشرات اقتصادية هامة حقّقتها الجزائر    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    90 % من الجوعى محاصرون في مناطق الاشتباكات    بن ناصر يُفضل الانتقال إلى الدوري السعودي    الشباب السعودي يقدم عرضا ب12 مليون يورو لبونجاح    مصادر وأرشيف لتوثيق الذاكرة بجهود إفريقية    الدورة 14 مرفوعة إلى الفنان الراحل "الرازي"    رفع مستوى التكوين والاعتماد على أهل الاختصاص    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنظيم الجزأرة يشبه الماسونية .. والسلطة غدرت بمصطفى بويعلي
القيادي المنشق عن الفيس أحمد مراني يكشف للشروق في حوار مطول الحلقة الاولى
نشر في الشروق اليومي يوم 02 - 12 - 2012

يقدم الشيخ أحمد مراني في هذا الحوار المسلسل شهادة تاريخية عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، ما قبلها وما بعدها، مؤكدا أنها ستعجب البعض ولن تعجب البعض الآخر، خاصة وأن الرجل يمتلك جرأة سياسية قلّ نظيرها، فهو يسمي الأشياء بمسمياتها، ويضع يده على ما يراه أخطاء قاتلة ارتكبها رموز الحركة الإسلامية عامة وقيادات الفيس خاصة، جنت على المشروع الاسلامي وجعلت الجزائريين ينفرون منه.
شهادة مراني على ما فيها من جرأة ليست وليدة الفراغ، فالرجل يروي معايشته للأحداث منذ اشتراكه في تأسيس جماعة الدعوة والتبليغ بداية السبعينيات، مرورا بالمخاض الذي ولدت فيه الحركة الإسلامية وما صاحبه من صراعات بين رموزها، ويقف مراني مطولا عند التناقضات والصراعات التي مر بها الفيس من التأسيس إلى الانفجار، دون أن يغفل مظاهر العنف التي ظهرت مع حركة بويعلي وجنت على 200 ألف جزائري سنوات التسعينيات.
ومع الخيبات المتتالية للاسلاميين في الجزائر مقابل استلامهم السلطة في دول الربيع العربي، يأتي هذا الحوار ليجيبنا بالتفصيل عن سؤال كبير "لماذا تراجع الإسلاميون في الجزائر وتقدموا في غيرها"؟.
.
الشروق: نبدأ هذا الحوار من بدايتك الدعوية، فأنت على ما يبدو من الرعيل الأول لجماعة الدعوة والتبليغ سنوات السبعينيات، كيف يمكن لشخصية انتهى بها المطاف إلى الفيس ثم وزيرا، أن يكون من مؤسسي هذه الجماعة التي لا تعترف أصلا بالسياسة؟
احمد مراني: سائر الشباب في السبعينيات كان تائها مع قلة فضاءات الدعوة، فبالصدفة وإرادة من الله سبحانه، التقينا بشباب طموح في ذلك الحين تحدثنا معهم عن الصلاة والإسلام وغيرها، حينها لم تكن لدينا معرفة معمقة بالدين سوى ما تعلق بالصلاة والصيام والعبادات، إذ دفعني لقائي مع هؤلاء الشباب إلى دخول المسجد للصلاة في البداية، ثم تطور الأمر للبحث في أعماق وأبعاد هذا الدين العظيم، وبتوفيق من الله تعالى، بدأنا البحث بسرعة وحماسة كبيرين في المكتبات، معظم وقتي كنت أمضيه في البحث والمطالعة، فاكتشفنا بأن هذا الدين نعمة عظيمة على البشرية، وتأسفت شخصيا أنني حرمت من معرفة هذا الخير قبل ذلك اليوم، وعزمت أن أساهم في إيصال هذا الخير العميم إلى الناس جميعا مثلما جاءت بذلك الدعوة المحمدية.
*أظن أنك تتحدث عن فترة بداية السبعينيات..
هذا الكلام بالضبط سنة 1970 ودامت رحلة البحث والاكتشاف تقريبا سنتين كانت كافية لنشعر بالمسؤولية تجاه المجتمع، بعد سنتين بدأت الاهتمام بكيفية إيصال هذا الخير إلى الناس، وللأمانة في تلك الفترة حتى العام 1973 لم يكن في الساحة سوى جماعة الدعوة والتبليغ، وأذكر أن الجماعة هنا في الجزائر لم تكن تعمل بنفس أسلوب الجماعة في العالم وخاصة باكستان والهند وغيرهما، كان أعضاء الجماعة يجتمعون يوم الجمعة بعد صلاة العصر ثم يخرجوا جماعات ليتصلوا بالناس في كل مكان.
*ماذا كانوا يقولون للناس حينها؟
كانوا يدعون الناس لدخول المساجد للصلاة وحضور الدروس ويعلمونهم كيف يصلون ومختلف العبادات ويجيبون على أسئلتهم في الدين.
*ماذا تقصد بأن جماعة الدعوة والتبليغ هنا في الجزائر كانت تختلف عن الجماعة في العالم وخاصة باكستان والهند؟
سنة 1973 زارتنا في الجزائر جماعة من الدعوة والتبليغ قادمين من فرنسا وقبلها سنة 1972 زارتنا جماعة من سوريا وقبل ذلك في 1965 سمعت أنه حدثت زيارات مماثلة، وزارنا بعض المغاربة أيضا، أما في سنة 1973 فقد زارنا أعضاء الجماعة من فرنسا وكان يترأسها تونسي نسيت اسمه، هذه الجماعة رأيت أن أسلوب عمل الجماعة في الجزائر لا يتبع الاصول العامة التي تعمل بها الجماعة في العالم، وهو ما جعل الجزائريين يختارون طريقة عمل ليست بالضرورة متناغمة مع أصول الجماعة في العالم.
جماعة الدعوة والتبليغ اليوم أقوى من أي وقت مضى
* كيف تأسست الدعوة التبليغ في الجزائر ومن كان يقودها؟
كان أول رئيس لجماعة الدعوة والتبليغ بشير عمرون وإنما بعد سنة 75 ترك الجماعة وانصرف إلى حاله ..
*أين هو الآن؟
هو موجود في الجزائر، كنت أنا وهو وكان الأخ محمد الوناس وبعض الدعاة الآخرين، أما في 75 فقد وقع فراق بيني وبين الجماعة، لأني بدأت اشتغل في السياسة خاصة وأن الأمة كانت تسير نحو التدهور والجماعة بعيدة كل البعد عن ممارسة السياسة.
*ما هو سبب تطليقك لجماعة الدعوة والتبليع بتلك السرعة؟
في الحقيقة المجتمع كان في حاجة إلى من يحاكي مشاكله وانشغالاته بأفق أوسع، فقد اكتشفنا أن العمل الذي ننجزه ضمن جماعة الدعوة والتبليغ في شهر تأتي وسائل الاعلام فتهدمه في لحظات، وما ننجزه في سنة يأتي فيلم سينمائي فيدمره، كنتُ في حاجة إلى الاندماج في المجتمع بشكل أعمق وأفق أوسع، حينها استهوتي كتب الاخوان المسلمين التي كانت تأتي من مصر، فإلتهمتها إلتهاما؛ قرأت كتب سيد قطب وسعيد حوى وحسن البنا ودفعني هذا الفكر الجديد إلى تأسيس جمعية خيرية وجدت فيها فضاء لخدمة الناس والتفاعل معهم والاحساس برسالة الاسلام، لكنني سرعان ما اكتشفت أن الاسلام أعظم وأوسع من هذ الفكر الاخواني.
*يعني جربت الجماعات الفكرية المختلفة.. أين استقر بك المقام؟
الخلاصة وصلت إليها نهاية 79 بداية 80، وجدت أن الإسلام أوسع من كل هذه الجماعات، أصبحت أجتهد كداعية مستقل وحر، أتنقل بين المساجد وأتعامل مع كل الجماعات وأرفض الانضمام إلى أي جماعة لأنني كنت أحس نفسي داخل هذه الجماعات مختنقا ومتضايقا إلى حد كبير.
طلقت الدعوة والتبليغ لأن ما كنا نقوم به في سنة يهدمه فيلم سنمائي في لحظات
* لم ترقك جماعة الدعوة والتبليغ لأنهم يعتزلون السياسة، فما الذي لم يعجبك في الاخوان المسلمين حتى تهجرهم بهذه السرعة؟
لا، لم يكن لي أي مشكل مع جماعة التبليغ أو أي جماعة أخرى، أنا كنت أشعر بالضيق إذا انتميت لهذه الجماعة أو تلك، لم أكن أستطيع أن أحصر نفسي لأن الجماعة هي التزام ونظام يجب في النهاية الخضوع له وطبعي لا يقبل ذلك، طبعا كل جماعة لها عيوبها، هذا موضوع آخر، لكن رهاني الأكبر أني كنت أريد أن أعمل في أفق واسع وأتحمل مسؤوليتي وحدي ولا أُحمّل أي الجماعة مواقفي الشخصية، لهذه الأسباب تعرفت على كل الجماعات، حتى إنه كانت هناك اتصالات من كل الجماعات لأنتمي إليهم لكنني رفضت.
*أين هي جماعة الدعوة والتبليغ الآن.. هل انقرضت؟
جماعة التبليغ لم تنقرض الآن بل هي أقوى من السبعينيات، موجودة الآن في الكثير من المساجد، إذا أردت زيارتهم لا مانع فعلاقتي إلى اليوم معهم علاقة صداقة وألتقيهم على الدوام، منهم الشيخ محمد الوناس، وأعتقد أن عدد النشطين منهم الآن أكثر من ذاك الوقت. هم ملتزمون في المساجد بالجانب الروحي ولا يتدخلون في السياسة ولا يهمهم سوى العبادة إلى اليوم.
*لهذا ضقت ذرعا بهم؟
لأنني أعتقد أن الإسلام ليس عبادات فقط بل من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
*من من الاسلاميين طلب منك الانضمام إلى جماعته؟
كانت هناك اتصالات من كل الجماعات، مثلا محفوظ نحناح رحمه الله اتصل بي سنتي 80 و81 بعد خروجه من السجن، عندما بدأ يؤسس لجماعته فرفضت.
نحناح كان في تنظيم الجزأرة لكنه انقلب عليهم وهو من سماهم بهذا الاسم
*لكنك فيما بعد انضممت إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟
أنا رفضت في البداية الفكرة، فألح علي عباسي مدني 3 و4 مرات لأقبل بعدها بصعوبة لكنني كنت رافضا للعمل الحزبي مند البداية.
* كيف كان ظهورك الجماهيري أول مرة؟
أول خطبة جمعة واجهت فيها الجماهير كانت في 1978 وكنت أقيم دروسا بشكل دوري قربتني أكثر من المصلين، وفي إحدى المرات في مسجد السفير بالقصبة الموجود في جوار بيتي أين أصلي صلواتي الخمس، حدث أن تغيب الإمام عن خطبة الجمعة لظروف خاصة والإمام كان الشيخ محمد الدوخ رحمه الله، كان رجلا فاضلا من كبار علماء المالكية في الجزائر لديه باع كبير في الفقه..
*هل أفهم أنك "اديتلوا بلاصتو" في تلك الجمعة؟
)يضحك( لا، أنا كنت رجلا معارضا هم كانوا في ذلك الوقت أو قبلها تأتيهم خطب الجمعة مكتوبة من الوزارة.. فإذن مع غياب الشيخ محمد عن خطبة الجمعة إلتفت المصلون يمينا ويسارا فلم يجدوا إلا العبد الضعيف ليدفعوا به إلى المنبر، ومند تلك الخطبة تواترت الخطب في مساجد العاصمة وبومرداس.
* سنوات حكم الرئيس بومدين وصفت بالاشتراكية وأنتم الإسلاميون كانت لديكم مشكلة مع هذا التوجه.. كيف كنت تتعامل مع الوضع؟
بصراحة.. كنت مرارا أقتاد إلى مراكز الشرطة للتحقيق وظل هذا الوضع إلى غاية ظهور حركات اسلامية منظمة منذ أحداث الجامعة الاسلامية العام 82.
*لكن كان يوجد إسلاميون عارضوا نظام بومدين وسجنوا خاصة مع الميثاق الوطني العام 1976 أين كنت أنت؟
مند العام 1975 كان يوجد نشاط اسلامي صحيح، لكنه فردي مع غياب الاعلام حينها، لم يكن ذلك النشاط يأخذ مداه، على وجه الخصوص العملية التي قام بها محفوظ نحناح وجماعته التي دخلوا بسببها السجن، لكن العملية لم يكن لها صدى كبير، وقليل من الناس الذين سمعوا بها وفهموا مغزاها، طبعا كانت توجد جماعات سياسية تضغط وتعمل منها المرحوم بن يوسف بن خدة.
* هل كان لبن خدة علاقة بالإسلاميين في السبعينيات؟
كان من ضمن الناس الذين خاضوا المعارك في تلك السنوات، لكن في 82 وبعدها مع خروج الاسلاميين إلى السطح رأى الرجل أن خطرا ما يتهدد البلاد.
* بالنسبة لتحركات مالك بن نبي ألم تكن تزعج نظام بومدين؟
تلك نشاطات لم تهز النظام حينها، الشرطة كانت تعلم جيدا أن بعض الطلبة كانوا يجتمعون دوريا مع مالك بن نبي، وكانت تعلم أن كلامهم لم يخرج عن الاسلام وتبليغه، ولم تر في ذلك أي خطر على النظام، على عكس أحداث الجامعة المركزية سنة 82 أين ظهر الحجم الحقيقي للإسلاميين بما يهدد فعلا كيان النظام، لذلك تغير أسلوب المعالجة.
*ربما حتى وعي الاسلاميين ونضجهم كان مختلفا بين السبعينيات والثمانينيات إذ كيف نتصور أن يقدم الشيخ نحناح رحمه الله وجماعته مثلا على قطع كوابل الهاتف؟
لا يمكن أن أقول إنه في 82 كان هناك وعي ونضج لدى الاسلاميين إنما يمكن القول إن الدولة وأجهزة الامن والمخابرات أصبح اهتمامها بالظاهرة الاسلامية أكبر بعد أحداث الجامعة المركزية، وخاصة المساجد أصبحت تحت المجهر. فتقريبا كانوا يقتادوننا إلى السجون مرتين أو ثلاث مرات في السنة إذ لم يكن هناك خطاب بأتم معنى الكلمة، إنما كان انتقادنا للسلطة في ذلك الوقت حقيقي وفعال.
*كيف تلخص لنا تضاريس الحركة الإسلامية في الشارع حينداك؟
مند العام 70 حتى بداية العام 80 كانت جماعة التبليغ هي المسيطرة، ثم شكل نشاط طلبة الجامعات وخاصة من تلاميذ المفكر مالك بن نبي فضاءات أوسع، وازداد نشاط هذه الجماعة حتى بعدما توفي مالك بن نبي، كانوا يعملون بأسلوب آخر وتطورت الجماعة لتسمى فيما بعد الجزأرة والذي سماها كذلك هو محفوظ نحناح وهو كان معهم، وكان من ضمنهم.
الجزأرة تنظيم أخطبوطي يشبه الماسونية يقوم على اختراق التنظيمات وتفجيرها
*أعتقد أن المرحوم نحناح كان مند البداية يتبنى فكر الإخوان المسلمين؟
حتى جماعة الجزأرة كانت تتبنى فكر الإخوان المسلمين، إنما ليس بنفس عملهم التنظيمي، أسلوب عمل الجزأرة كان شيئا آخر.. كان عملا يشبه كثيرا الماسونية.
*هذا تشبيه خطير...
أنا أتحمل مسؤولية هذا الكلام، هم كانوا ينظمون دروسا وحلقات لتجنيد الشباب دون أن يعرف هذا الشاب أو ذاك أنه مجند، وكانوا يتخدون قراراتهم في إطار ضيق؛ كانت هناك قيادة من مجموعة قليلة 4 أو 5 أو 6 أفراد هم من يقرر، وكان معهم محفوظ نحناح، وقد اكتشف أمر هذا التنظيم خلال أحداث الجامعة المركزية العام 82 حينها اقتادوا أغلبية قيادات الجزأرة إلى السجن، هناك فقط اكتشف أن ثمة جماعة منظمة في مسجد الجامعة المركزية.
*ما حقيقة الخلاف الذي كان بين الجزأرة وجماعة نحناح؟
عندما سجنوا.. نحناح أصلا لم يشارك في أحداث الجامعة المركزية، بعدها سافر إلى الخارج وبايع الاخوان المسلمين وشرع في تنظيم جماعته مستفيدا من غياب جماعة الجزأرة، وأصبح هو ممثل الإخوان المسلمين، فلما خرجت قيادات الجزأرة من السجن ومعهم أيضا عبد الله جاب الله وجدوا أن نحناح استطاع أن يهيكل الساحة، وهنا بدأت مشاكل مع جاب الله الذي كان يعتبر نفسه هو من حضر للتنظيم، أما الجزأرة فكانوا يعتقدون أنهم الوحيدين الذين يمثلون الإسلام فلما فقدوا السيطرة على الساحة، راحوا يتهمون نحناح بأنه عميل للخارج وأنهم يرفضون أي ارتباط من أي نوع بالخارج، بحجة ضرورة العمل بأصول وقواعد جزائرية، فخرجت الامور عن النطاق؛ هم اتهموه بالعمالة للخارج وهو سماهم الجزأرة.
*إذن أحداث الجامعة المركزية أحدثت الفرز داخل الحركة الاسلامية؟
القضية كانت من يهيمن على حساب الآخر؟ نحناح هيكل أنصاره وأصبح هو ممثل للإخوان ثم ظهرت جماعة الشرق من أتباع عبد الله جاب الله، والفرق كان في التسميات بشكل أكبر وظهرت جماعات سلفية غير منظمة يشكلها الطلبة العائدون من الحجاز..
*حدثني عن اكتشاف أمر تنظيم الجزأرة خلال أحداث الجامعة المركزية؟
الجزأرة كانوا يحقدون على نحناح لأنه استغل وجودهم في السجن ليسيطر على الساحة
ليست الجزأرة من دفع لأحداث 82 بل هو تحديدا عباسي مدني الذي اغتنم الأحداث التي وقعت في الحي الجامعي لبن عكنون بين الطلبة الشيوعيين والطلبة الاسلاميين وأدت تلك الاحداث إلى مقتل الطالب امزال، وكان همّ عباسي الوحيد هو البروز كزعيم للحركة الاسلامية، وقد ورط معه الشيخين أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني، وورط معه جماعة مسجد الجامعة المركزية الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على تنظيم هذا التجمع الدي نادى له عباسي واضعا الجميع أمام الامر الواقع، هم أشرفوا على التنظيم لأنه وقع في محلهم، بعدها اعتقلت السلطة الجميع وبعضهم كشف خيوط التخطيط والتدبير من ألفها إلى يائها.
*هل تقصد أنهم وشوا ببعضهم البعض واعترفوا على بعضهم؟
نعم هناك من ذكر كل الأسماء بالتفاصيل.
*من تقصد؟
تحديدا الدكتور بوجلخة اعترف بأسماء كل قيادات الجزأرة.
*هل تعتقد أنه تعرض للتعذيب؟
لا أدري هل تعرض للتعذيب أم لا، المهم أن خيوط العملية كلها أصبحت بيد الامن.
*مرة تقول إن عباسي وراء تلك الاحداث ومرة اخرى تقول إن جماعة الجزأرة هم المخطط؟
عباسي كان هدفه احتواء المشهد حتى يظهر بمظهر المتزعم الاول للاسلاميين، بل كان يرى في نفسه أكثر من زعيم، كان يرى نفسه "خميني" الجزائر. أما قيادات الجزأرة فهي من نفذ لأن التجمع وقع في نطاقهم بالجامعة المركزية.
*كيف بدأ عباسي مدني مشواره الدعوي ونحن نعرف أنه كان منخرطا في جبهة التحرير؟
في نهاية 78 رجع من بريطانيا، ثم بدأ يدير حلقات ودروس ومحاضرات ويتحرك في مختلف المساجد والجامعات، وهو من دَوّن 14 نقطة التي وزعت في بيان الجامعة المركزية.
*ماذا تضمنت تلك النقاط وماذا كان مطلوبا بالضبط من السلطة.. تطبيق الشريعة مثلا؟
أهم ما احتواه البيان المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين الذي اعتقلوا بعد أحداث الحي الجامعي لبن عكنون خاصة بعد مقتل الطالب أمزال.
* واضح أنه كان هناك صراع دموي داخل الجامعات بين الاسلاميين والشيوعيين؟
بعض الشباب كانوا متحمسين للإسلام، وكانت هناك مواجهات داخل الجامعات، الامر الذي دفع عباسي مدني لينادي لتجمع الجامعة المركزية.
*هناك من يقول إن السلطة كانت تضرب الاسلاميين بالشيوعيين في الجامعات من أجل إضعاف الجميع؟
هذه قراءة، ولكن لا تستند في رأيي إلى تحليل منطقي، لأنه في ذلك الوقت لا الشيوعيين كانوا قوة تهدد كيان السلطة ولا الإسلاميين كانوا قوة تخيف السلطة، عكس سنوات 90 و91 حينها كان الاسلاميون فعلا يهددون النظام بالزوال.
*الذي يقرأ تاريخ الاسلاميين يكتشف أن العنف لم يبدأ مع توقيف المسار الانتخابي العام 92 بل ظهر في الجامعات وظهر مع جماعة بويعلي؟
لا.. العنف ليس مرتبطا فقط بالإسلاميين، قبل مصطفي بوعلي تبنى العنف من يسمى بولفراد وهو غير إسلامي رفع السلاح بعد أن اعتدى عناصر من الدرك الوطني على شرفه وعلى زوجته، خرج من السجن سنة 70 ورفع السلاح وأصبح يقاتل ضد الدرك الوطني، هذا قبل مصطفى بوعلي، لا يجب أن نربط العنف بالحركة الاسلامية، العنف هو ناتج عن الجهل ويأتي من إنسان جاهل يريد تغيير وضع معين ثم لا يعرف كيف يغيره، فينتج عنه عنف ما، سواء تعلق الامر بشيوعيين أو إسلاميين، وكم من حركة اضطرت إلى حمل السلاح، إذن ليس الامر خاصا بالحركة الاسلامية.
*نسيت أن أسألك عن سنوات حكم الرئيس بومدين وكيف ترى الرجل وأنتم كنتم تعيبون عليه الاشتراكية والثورة الزراعية؟
الرجل كان من زعماء العالم الاسلامي كان في القمة، وطني وغيور على الوطن، يحب الفقراء ونزيه..
*البعض يرى أنه ارتمى في حضن المعسكر الاشتراكي؟
لا لم يرتمي في أحضان الاشتراكية، لأنه عندما تكون خارجا لتوك من حرب طويلة واستعمار دام 130 سنة من الامبريالية والرأسمالية، أكيد تحتاج من يساعدك على بناء نفسك، لا أمريكا ولا فرنسا كانا يمثلان الحل الامثل، إذن حاول الرجل أن يتوجه شرقا ولم يتخذ الشيوعية والاشتراكية منهجا كاملا، إنما حاول بناء الجزائر بعيدا عن الهيمنة الامبريالية والرأسمالية كانت هذه نيته. أنت تحتاج في بداية طريقك إلى عوامل كثيرة منها الكفاءات والرجال الذين كانوا يعدون على الاصابع نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.
الشيئ الثاني أن بومدين ورّث مجلس قيادات الثورة وكل عضو فيه يقول أنا القائد، والكل محدود من الناحية الثقافية، والتسيير كان يحتاج إلى عقول، فمجلس الحكومة مثلا كان يوجد فيه بين 2 و4 وزراء فقط قادرين على الانتاج، أما الآخرون فقد شاركوا في الثورة ولديهم فقط شرعية السلاح ولا يستطيع أحد إزاحتهم.
*طيب أنتم الاسلاميون عارضتم الثورة الزراعية واعتبرتموها ظلما في حق ملاك الأراضي؟
عندما بدأت الثورة الزراعية لم ينادي بومدين بها كثورة، بل نادى إلى الإصلاح الزراعي، هو تكلم عن الإصلاح الزراعي لأن الزراعة كانت في حاجة لإصلاح، كنا لا نزال في عهد الخماسة ذلك النظام الإقطاعي الذي تركته فرنسا.
وصراحة الإسلاميون عارضوا الثورة الزراعية لأنهم أغبياء، عوض أن يتبنوا الإصلاح الزراعي ويساعدوه عليه، في الميدان تركوا الشيوعيين يسيطرون على بومدين ويحولوا الإصلاح إلى ثورة، للأسف أتوا لنا بالنماذج الموجودة في الدول الشيوعية وطبقوها عندنا، أما الاسلاميون فغرقوا في نقاش عقيم.
*هل كان بومدين شيوعيا؟
الشيوعيون كانوا في الميدان يعملون وينقلون لنا النماذج من يوغوسلافيا ومن الاتحاد السوفياتي ويقدمونها للحكومة في قوالب مختلفة ومغلفة بالدفاع عن الطبقات الكادحة، ومن ذلك دخول الجزائر في الثورات الثلاث المعروفة.
بومدين عمل في فترة تراكمت أمامه عوائق كبيرة، لم يكن إطلاقا لا اشتراكيا ولا شيوعيا ولا رأسماليا وإنما كان يريد الخير للبلاد ومنذ الاستقلال عهده الوحيد الذي شهد محاولة بناء دولة قوية على كل الجبهات.
*لكن زملاءك من الإسلاميين يتهمون بومدين بأنه كان دكتاتورا يعتمد على السجون السرية والإعدامات خارج القانون؟
لا يمكن القول إن النظام كله كان نظام تجاوزات، بل أقول إن الفترة الوحيدة التي كان فيها للجزائر تصور وبرنامج لبناء دولة قوية هي فترة بومدين لا قبلها ولا بعدها.. الآن لا تملك الجزائر أي تصور لبناء دولة وهذا الكلام قاله مسؤولون كبار.. إننا نبني دولة الرجل الواحد.
*بعد أحداث الجامعة المركزية، ما سبب المشاحنات التي كانت تحدث بين تنظيمات الجزأرة وجماعة نحناح وجماعة جاب الله؟
الدكتور بوجلخة هو من اعترف للامن بالخلية المشكلة للجزأرة ووشى بكل القيادات
الحركة الاسلامية بعد 82 أصبحت ثلاثة تنظيمات كبرى: الجزأرة، تنظيم نحناح وتنظيم جاب الله، وكانت السلفية منتشرة أيضا وموجود بعض رموزها بدون تنظيم. للأسف الصراع الذي كان بين الاسلاميين وصل حتى إلى داخل المساجد، من يحتل المسجد أو ذاك، وإذا كانت جماعة ما مسيطرة على مسجد لا تسمح لباقي الجماعات بالنشاط، ووصل الأمر إلى حدوث معارك داخل المسجد ليس بين الإسلاميين والشيوعيين ولكن بين الإسلاميين فيما بينهم للسيطرة على هذا المسجد أو ذاك، وأذكر جيدا سنة 88 عندما حاول عباسي مدني زيارة تلمسان قام أنصار الجزأرة بمنعه ولم يسمحوا له بإقامة أي نشاط في مساجد تلمسان التي كان يسيطر عليها وبشكل كلي عناصر الجزأرة.
*بالنسبة للشيخ عباسي مدني عندما أفرج عنه منتصف الثمانينيات كيف تعامل مع الساحة وقد وجد الجزأرة ونحناح مسيطرين على الوضع؟
عندما أفرج عنه سنة 84 زرته في بيته ووجدته في حالة نفسية صعبة، خاصة أنه في تلك الأيام ذهب إلى باتنة ومنعه أنصار الجزأرة من تقديم محاضرة هناك، وكانوا يمنعونه أيضا من النشاط في الجامعة المركزية، كانوا يعتبرون أنه هو من ورطهم وأدخلهم السجن في أحداث الجامعة المركزية وهذا أزمه نفسيا، وحتى الشيخ نحناح لم يكن يستطيع النشاط في الأماكن التي تسيطر عليها الجزأرة.
*إلى هذه الدرجة كانت الجزأرة مسيطرة على الساحة؟
الذي يسيطر على لجان المساجد هو الذي يسيطر وينظم ويسمح ويمنع خاصة في مساجد الجامعات حيث كانت الصحوة الاسلامية في أوجها.
*في رأيك ما هي نقاط قوة الجزأرة التي جعلتها على هذا القدر من الانتشار؟
مصالح الأمن كانت تستطيع القبض على بويعلي حيا بعد أن وظفت سائقه لصالحها
ليست قضية قوة فقط، مفاتيح المساجد، مثلا أمام المسجد تأتي أنت لتقوم بنشاط ما داخل المسجد لصالح المصلين لا يتركك، حدث لي ذلك معهم دعيت مرة إلى حي مناخ فرنسا، هم أرادوا منعي من المحاضرة وعندما علم محمد السعيد جاءني وقال لي بصراحة يا شيخ لو كنت أعلمتنا مسبقا بقدومك لكنا تكفلنا نحن بالتحضير، وفهمت أنا الرسالة حتى وإن تحدث معي بدبلوماسية، كان الجميع يبحث عن الهيمنة داخل بيوت الله.
*وأنت في المسجد الذي كنت تدرس فيه في حي القصبة ألم تكن تفرض نفس الهيمنة؟
لا، أبدا، على العكس من ذلك تماما، كان في هذا المسجد جماعة الإخوان وأيضا جماعة الجزأرة وكل طرف كانت له الحرية في الدروس والخطب والنشاطات، هذه قناعتي، وحتى عباسي الذي كان ممنوعا من دخول مسجد القصبة من طرف عناصر الجزأرة كنت أنا من يدخله رغما عنهم إلى المسجد. والرجل كان محاصرا من طرفهم بشكل كبير وكنت أنا من يفك عنه هذا الحصار ويدخله العديد من مساجد العاصمة.
*الجزأرة كانوا يتهمون عباسي بأنه هو من ورطهم فكيف كانت علاقتهم بعلي بن حاج؟
علي بلحاج ظهر وبرز سنوات 78،79،80، بدأ في مسجد "السنة" كشاب متحمس وأحيانا متهور فلم يكن يملك أيضا الحرية الكاملة في التحرك لأنهم كانوا يراقبونه عن كثب، والرجل كان مخلصا طيبا ولكن أحيانا يسهل توظيفه واستغلاله لقوة العاطفة الدينية لديه وحماسته الزائدة.
*طبعا عشت الحركة المسلحة التي قادها مصطفى بويعلي.. أولا من هو هذا الرجل ومن أين جاء وما علاقته بالاسلاميين؟
الرجل مجاهد خلال حرب التحرير ولد العام 1940 بدرارية التحق بجيش التحرير وعمره لم يتعدى 17 سنة، ليس لديه سوى مستوى السادسة ابتدائي، خلال سنوات الاستقلال تمرد على بن بلة وتمت المصالحة معه وعين منسقا لفيدرالية جبهة التحرير الوطني بالشراڤة وانقلب للمعارضة بعد التصحيح الثوري الذي قام به بومدين حيث رفض الاعتراف بمجلس الثورة الذي انبثق عن هذا الانقلاب، وظل يمارس الإمامة والخطابة بمسجد العاشور إلى أن أنشأ جماعته المسلحة سنة 1986 ليتم القضاء عليه وسجن أتباعه.
*البعض تحدث عن العلاقة القوية بين علي بن حاج ومصطفى بويعلي.. من الذي أثر أو تأثر بالآخر؟
بويعلي لا أظن أنه كان يفكر في العمل المسلح في البداية، كان يريد أن تتغير ظروف البلد نحو الاحسن، مارس السياسة بطريقة اندفاعية ظنا أنه سيغير الوضع، بعدها وقعت له مضايقات من طرف الشرطة، مما دفعه للعمل السري المفضي أحيانا إلى العنف.
*من كان يفتي له أم تراه أفتى لنفسه بالعمل المسلح؟
لقد وجد من يفتي له بهذا النهج، وكثير من الدعاة نصحوه بالعدول عن العنف منهم الشيوخ عباسي مدني ومحفوظ نحناح وقالوا له إن هذا الطريق خطر جدا، لكنه وجد نفسه متورطا حاملا للسلاح وأكمل طريقه إلى النهاية المأساوية التي يعرفها الجميع، على العموم رحمه الله.
*لكن علي بن حاج اعتقل في قضية بويعلي؟
كان ملازما له في مسجده بالعاشور، لكنه لم يكن على نسق واحد معه دائما، أحيانا يزكي نهجه وفكره ويدعمه وأحيانا أخرى يعاتبه على مبالغته في انتهاج السرية فكان يحل له صباحا ويحرم عليه مساء.
*كيف كان مصطفى بويعلي يجند أتباعه ويجمع السلاح لحركته المسلحة؟
حصلوا على الدفعة الاولى من السلاح من أول عملية قاموا بها ضد ثكنة الصومعة، قتلوا حينها شرطيا رحمه الله، وأخذوا السلاح وكانوا يعتدون على بعض المؤسسات العمومية والخاصة ويستولون على أموالها.
*كم كان عدد المجندين في حركته المسلحة؟
ليس عددا كبيرا، الذي أعرفه بعد مقتله أن العدالة حكمت على 5 من أتباعه المقربين بالاعدام، ويتعلق الامر بمنصوري الملياني الذي أسس فيما بعد الجماعة الاسلامية المسلحة "الجيا" والشبوطي وتم اعتقال أيضا علي بن حاج وسعيد ڤشي والجميع أطلق سراحهم بعد أحداث أكتوبر 88 .
*قيل الكثير عن طريقة مقتل بويعلي بعضهم تحدث عن وشاية وآخر عن خديعة، ما هي الحقيقة؟
والله عمل إجرامي بأتم معنى الكلمة، لأنه كان المقصود من العملية إلقاء القبض عليه وليس قتله، فقد ألقي القبض على سائقه الذي كان ينقله من مكان إلى آخر، وأوهموا السائق أنهم يحبون الخير لبويعلي ويريدون أن يقنعوه بالعدول عن السلاح ويضمنون له الأمان، وطلبوا من السائق أن يخبرهم عن تحركاته مكانا وزمانا، وبالفعل أخبرهم السائق عن تحركاته، فنصبوا له كمينا في المكان المحدد وكانوا يستطيعون القبض عليه حيا لكنهم انهالوا عليه بالرصاص فقتلوه وقتلوا حتى ذلك السائق المسكين، وأصيب منصوري الملياني بجروح وعولج فيما بعد وحكم عليه بالإعدام .
*أتصور أنه قاومهم بالسلاح حتى قتل؟
باغتوهم بالسلاح وهم داخل السيارة لم يكن لديهم الوقت ليفهموا حتى ماذا يجري حولهم.
*أين كان علي بن حاج عندما حمل بويعلي السلاح؟
في السجن اعتقل سنة 83 ولم يفرج عنه حتى العام 86
*ثم ماذا حدث بعد مقتل بويعلي؟
قتلوه وحكموا على أتباعه الخمسة بالإعدام وانتهت القضية.
*أريد أن أعرف للتاريح موقف القيادات الاسلامية من حركة بويعلي وكيف تعاملوا معها؟
الشيخ محفوظ نحناح كان معارضا له على طول الخط، لأنه كانت له تجربة مماثلة مع الفارق سنة 75 لم يكن ليوافق على هكذا نهج.
الذين قبض عليهم من رفاق بويعلي هم من أسسوا الجيا فيما بعد
عبد الله جاب لم تكن لدي الفرصة لأستطلع رأيه في الامر لكن تفكيره أعتقد أنه مخالف لهذا النهج، وعباسي مدني كذلك.
*ماذا عن علي بن حاج؟
نعم هو علي بن حاج الذي يتناغم مع أفكار ومنهج مصطفى بويعلي وأيضا عبد الباقي صحراوي.
*الغريب أن البعض ممن حكم عليهم في قضية بويعلي بالاعدام بعضهم هم من أسس ل "الجيا" بداية التسعينيات.. هل هو استمرار لنهج بويعلي؟
للتاريخ وحتى نكون صرحاء، منذ أن أفرج عنهم لم يفكروا مرة واحدة في التوبة عن العمل المسلح، مند أفرج عنهم وهم يجهزون ويعدون العدة لاستئناف العمل المسلح وجاءتهم الفرصة جاهزة مع توقيف المسار الانتخابي وحتى قبله.
*هل يعني هذا أنهم انخرطوا في الفيس بمعتقدات "جهادية"؟
لقد قالوا مند البداية ليس لنا ثقة في هذه السلطة، ولم يقتنعوا مرة واحدة أن الامور تسطلح وتسوى بالانتخابات.
.
.
تطالعون في حلقة الغد:
* هكذا سيطرت الجزأرة على الشيخ أحمد سحنون واستغلته
* الفيس ولد في بيت بويعلي وصاحب الفكرة هو السعيد قشي
* الجزأرة أصدرت أوامرها لإطاراتها باختراق الفيس بعد فوزه في المحليات
* جاب الله كان يريد الانضمام للفيس لكنهم استصغروه
* لهذه الأسباب ترشح أبوجرة سلطاني في قوائم الفيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.