منع إدخال الهاتف النقال أو أي جهاز اتصال الكتروني    قانون التعبئة" يكسب بلادنا القوة والمناعة والصرامة الاستراتيجية    المصادقة على القانون المتعلق بالتعبئة العامة    أسعار النفط إلى 75.93 دولار للبرميل    تخفيض سن التقاعد لعمال التربية يأتي "تجسيدا لالتزام رئيس الجمهورية    إطلاق موجة جديدة من الهجمات الصاروخية    غزة : استشهاد وإصابة عدد من الفلسطينيين    العدوان الإسرائيلي على إيران.. واللعب بالنار –ج1-    وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    حوادث الطرقات : وفاة 14 شخصا و إصابة 225 آخرين    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    دورة الجزائر-2025: المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة يفوز على تونس ويتوج بالدورة بالبليدة    الجزائر تطالب مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته    تخرّج 9 دفعات من الطلبة الرتباء في عدة تخصّصات    فتح آفاق الشراكة بين ضفّتي المتوسط    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار: مجمع حكمة الاردني يستعرض تقدم مشاريعه في الجزائر    مشروع استثماري تركي في الطاقات المتجدّدة بسعيدة    بعثة استشارية لصندوق النّقد الدولي بالجزائر    " يونيسف" تثمّن دور الهلال الأحمر الجزائري    فتح المساجد ودور الشباب والمكتبات لاستقبال ممتحني البكالوريا    22 مؤسسة تربوية لإطعام الممتحنين في البكالوريا    إقبال كبير على شواطئ سكيكدة    "الخردة" وجهة "المنقبين" عن القطع الأصيلة    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    حاج موسى يثير أزمة بسبب قميص أيندهوفن    على الكاتب المساهمة في بناء الوطن    تنافس 7 عروض على "العنقود الذهبي"    بن ناصر لن يلعب في قطر ويعالج في مستشفى "أسبيتار"    أسطورة الريال قائد بالفطرة    بحث فرص الشراكة بين الشركة القابضة لصناعة الحديد ومجمع ليون الماليزي    جيش التحرير الشعبي الصحراوي ينفذ قصفا على قواعد الاحتلال المغربي بقطاع الفرسية    قانون المناجم الجديد, خطوة نوعية في الاصلاحات الهيكلية للقطاع    موجة جديدة من الضربات الصاروخية تشنها إيران ضد الكيان الصهيوني    السيد سايحي يلتقي بوزيري الفلاحة والبيئة التونسيين    كأس إفريقيا سيدات : المنتخب الجزائري يشرع في تربص تحضيري بوهران    المدرسة العليا للدرك الوطني الشهيد "مواز أحمد" : العميد بورمانة يشرف على تخرج عدة دفعات    الأوضاع الكارثية في غزة تتصدر أشغال الدورة ال59 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان    المسيلة: السيد ربيقة يشرف على إحياء الذكرى ال67 لاستشهاد البطل عبد الرحمان عبداوي    الوادي : انتقاء 15 عرضا للمشاركة في المهرجان الدولي للمونودراما النسائي    موسم الحصاد والدرس: مهنيون يؤكدون أن محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة -2025/ رجال:اتحاد الجزائر، حامل الكأس، في مواجهة نادي سطاوالي، بطل الموسم    البطولة الوطنية للجيدو ما بين مصالح الشرطة: انطلاق منافسات الطبعة ال14 بوهران    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي : تنافس 7 مسرحيات على "العنقود الذهبي"    المجلس الأعلى للشباب : قافلة وطنية للمحافظة على التنوع البيولوجي تحط رحالها بإيليزي    إطلاق مشروع تعميم العنونة الجغرافية بورقلة: خطوة استراتيجية نحو تنمية محلية مستدامة    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    أولياء يرافقون مترشّحي الباك إلى مراكز الامتحان    ما تْغامْروش..    طوابع بريدية جديدة    حملة وطنية لتلقيح الأطفال دون السادسة    أدعو إلى التجديد والإبداع في الفن مثلما فعل العنقا    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بشارات ربانية عظيمة    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    كرة القدم/الدورة الدولية الودية لأقل من 17 سنة: المنتخب التونسي يتعادل مع نظيره الموريتاني ب(0-0)    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشاهد 'وليد . م' يروي للشروق اليومي ماحدث لحظات قبيل الإنفجار
نشر في الشروق اليومي يوم 12 - 12 - 2007

الإنتحاري كان يبدو " شيخا وقورا " لم أتوقع أن يفجر نفسه
رأيت شاحنة بيضاء جديدة تحمل صهريج مياه، قادمة يقودها شيخ في ال 60 من عمره، غير ملتح، ولا يملك شوارب، شعره أبيض من كثرة الشيب، بدا لي شخصا وقورا، طيب الملامح، لم أشك للحظة بأنه يمكن أن يؤذي أحدا أو بأنه يمكن أن يكون إرهابي أو إنتحاري انعطف نحو المرآب وأطلق الكوابح واصطدم بمبنى المفوضية.
رغم محاولة أحد أعوان الأمن منعه من التقدم، ثم انفجرت ناسفة الأخضر واليابس...
ثم رأيت الأقدام والأيادي والرؤوس وقطع من لحم البشر متناثرة في كل مكان وجثث ملتصقة ببعضها البعض، و وسيدات يصرخن ويطلبن المساعدة، دمار وخراب مهول...هكذا حدثنا بمرارة وألم شديدا "وليد . م" الشاهد الوحيد، رغم إصابته، ورغم الصدمة ، عما رآه لحظات قبيل تفجير مبنى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، و عن الخطة التي نفذها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لتفجير كنت على متن سيارة من نوع إكسبار بيجو تابعة للكشافة الإسلامية، رفقة زميلي"عبد الرحمن ع" عضو القيادة العامة للكشافة الإسلامية، متوجهين إلى مفوضية منظمة الأمم المتحدة للاجئين بحيدرة، لحضور جلسة عمل على الساعة العاشرة مع موظفين في منظمة لأمم المتحدة للاجئين بحيدرة في إطار البرنامج المشترك الذي يربطنا بالمنظمة، و أنا الذي كنت أقود السيارة.
الشيخ كان يقود شاجنة صهريج بيضاء اللون
بعد خمس دقائق من الإنفجار الأول وصلنا مبنى مفوضية منظمة الأمم المتحدة للاجئين بشارع 11 ديسمبر بحيدرة، توقفت عند مدخل المبنى، تما عند الباب الذي يدخل منه الزوار، نزل صديقي من السيارة ودخل قاعة الإستقبالات حيث وجد مضيفة الإستقبالات، أما أنا فقد كان لزاما علي توقيف السيارة، بدأت أبحث مكان أركنها فيه على الطريق المحاذي للمبنى، تقدمت قليلا نحو الأمام، لكني وجدت الطريق ضيقا كما شاهدت شاحنة بيضاء حديثة مؤرخة في 2006 أو 2007، تحمل صهريج مياه، قادمة من الإتجاه المعاكس، و تتجه نحوي، سائقها شيخ في ال 55 أو 60 من عمره، غير ملتح، ولا يملك شوارب، شعره أبيض من كثرة الشيب، بدا لي شخصا وقورا، طيب الملامح، لم أشك للحظة بأنه يمكن أن يؤذي أحدا أو بأنه يمكن أن يكون إرهابي أو إنتحاري، في تلك الأثناء بدا لي أن العودة إلى الخلف أفضل، وهذا ما فعلته، رجعت بضع مترات إلى الخلف، بحثا عن مكان أركن فيه سيارتي، شاهدت لحظتها أربعة طوابق أربعة أعوان أمن، معهم شرطي يحمل جهاز طالكي والكي، أمام مبنى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين الذي يزيد طوله عن 30 مترا وارتفاعه وشاهدت قربهم شخص آخر بالزي المدني.
اعتقدت أن الشيخ مكلف بتزويد المفوضية بالماء
وتابعت سيري إلى الخلف، في تلك الأثناء كنت على بعد 10 أمتار عن البوابة الرئيسية للمرآب الذي تتوقف فيه سيارات عمال وسائقي وإطارات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، وهو مرآب أرضي، مدخله منحدر، لأنه يقع تحت البناية التي تضم مقر المنظمة، بينما كانت شاحنة المحملة بالصهريج قادمة من الإتجاه المعاكس وتتقدم ببطئ وهدوء، عندما اقتربت من مبنى المفوضية، زادت سرعتها قليلا، فأسرع أحد أعوان الأمن التابعين للمفوضية نحوها، وطلب من الشيخ الذي كان يقودها التمهل وتخفيض السرعة قليلا، لكن الشيخ الإنتحاري بقي هادئا، وواصل تقدمه بالشاحنة، ببطئ وهدوء متظاهرا بأنه يتجه مباشرة، ولما أصبح محاذيا للمرآب تماما أدار مقود الشاحنة وأنعطف باتجاه المرآب، لحظتها كنت أنا داخل سيارتي أشاهد ما يقوم به الشيخ، في البداية ظننت بأنه ينقل صهريج ماء إلى البنائين الذين يعملون في الفيلات الموجودة في طور الإنجاز بحيدرة، لكني عندما رأيته ينعطف نحو المرآب، ظننت بأنه احضر الماء للمفوضية، لكنه بمجرد أن انعطف نحو المرآب أطلق الكوابح، وانطلق نحو البوابة الحديدية المصفحة للمرآب، وساعده على ذلك انحدار المدخل المؤدي إلى المرآب، اصطدمت الشاحنة بالبوابة، فتوتر عون الأمن وعاد إلى الوراء مذعورا، أما أنا فظننت بأنه فقد الكوابح، لم يخطر على بالي بأنه انتحاري، خاصة وأنه لم ينفجر مباشرة لحظة اصطدامه بالبوابة، بعد بضع ثواني من الإصطدام، ثانيتين أو ثلاث، شاهدت الشاحنة تنفجر انفجارا مدويا قويا، نسف الأخضر واليابس حول وداخل مبنى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، ونسف سيارتي التي كانت متوقفة على بعد 15 متر من المرآب، ثانية واحدة كانت كافية لنسف كل شيء، فجأة لم أعد أسمع شيأ، فضغط الإنفجار على الأذنين كان أقوى من أن يتحمله إنسان، حاولت أن أرى ما حدث فلم أرى سوى ظلاما دامسا، حاولت أن أفتح عيني لأتأكد مما يحدث، لكني لم أشعر لا بعيني ولا بشيء آخر في جسدي، ظننت لوهلة أنني ميت، لكني سرعان ما شعرت بجسدي يشتعل حرارة و بسائل بارد يسيل من رأسي إلى أخمص قدمي، لمست وجهي وجسمي فوجدت نفسي أغرق في السائل، لم أستطع رؤيته شيء بسبب الظلام الدامس الذي دام عدة دقائق.
رأيت ...الأقدام والأيادي والرؤوس وقطع من لحم البشر متناثرة لكني أدركت أن انفجار ضخما وقع وأنني أصبت، وان الشيخ نفذ عملية انتحارية، لحظتها بدأ الظلام يتحول إلى لون رمادي بسبب الغبار، وشممت رائحة البارود والنار ممزوجة برائحة التراب والغبار، نظرت إلى سيارتي فوجدها هيكلا محطما، مقدمة السيارة كلها محطمة، المقود معوج، مقعد السيارة الذي كنت أجلس عليه اعوج وانخفض عن مكانه الأصلي كل شيء فيها تعطل، وبصعوبة كبيرة تمكنت من نزع حزام الأمن وفتحت باب السيارة بصعوبة كذلك ونزلت منها، وجدت المكان كلها مغشي بضباب رمادي، لم يكن بإمكاني أن أرى أمامي أبعد من مترين، لحظتها بدأت أستعيد السمع، وسمعت أصوات عويل وصراخ وكأنها بعيدة عني، نظرت حولي فوجدت الغبار بدا ينقشع وبدأت الدمار يظهر، بحثت عن عون الأمن الذي كان يحاول وقف الشاحنة فلم أجدها وبحثت عن أعوان الأمن الأربعة وعن الشرطي، وعن السائق الذي كنت قد سألته عن الإنفجار الأول، لم أجد أحدا منهم، نظرت أرضا لأكتشف مجزرة من الأشلاء والدماء، الأقدام والأيادي والرؤوس وقطع من لحم البشر متناثرة في كل مكان جثث ملتصقة ببعضها البعض الدماء في كل مكان، بحثت عن شخص حي أساعده فلم أجد، لحظتها تذكرت صديقي الذي كان في الداخل، جريت نحو مضيفة الإستقبال.
الإنفجار ينسف الأخضر واليابس حول المبنى
وسألتها أين صديقي الذي دخل إلى هنا، إنه من الكشافة الإسلامية، قالت لي "خرج يجري بعد الإنفجار"، قالت لي بأنه لم لم يصب لأن قاعة الإستقبال مصفحة، وكل من كان بها لم يصب بشيء، في تلك الأثناء كنت أبحث وسط الغبار عن أحياء أساعدهم وأبحث في الوقت ذاته عن شخص يرتدي قميصا أحمر، إنه صديقي الذي كان داخل المبنى، وأخيرا رأيته، تعانقنا مطولا بحرارة، فقد نجونا بأعجوبة.
بعد دقيقتين من الإنفجار وصل أعوان الشرطة القضائية بسيارتهم، ثم تلاهم وصول أعوان الحماية المدنية، وبدأت عملية البحث عن الأحياء، بينما قدم لي عدد من الأعوان الإسعافات الأولية، وبعد دقائق عديدة وصل وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني، وشاهدت محافظ شرطة يكذب عليه، ويقول له بأنه رأى شابا يقود شاحنة صغيرة يصطدم بالمبنى، فلم أتحمل ذلك وتدخلت لأقول الحقيقة للوزير.
جميلة بلقاسم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.