بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    التعاون الإسلامي تعرب عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار متعلق بإنضمام دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة    إستشهاد أربعة فلسطينيين جراء قصف صهيوني على غرب مدينة غزة    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية: إحتراف نادي الأبيار التحدي الجديد للإدارة    كرة اليد/بطولة إفريقيا للأندية: حفل إفتتاح بهيج، بألوان سطع بريقها بوهران    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمم الألماني لهذا الصرح الديني    باتنة: إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    بلمهدي يبرز أهمية التوجه نحو البعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية    الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة    وزير الاتصال : منع دخول الصحفي فريد عليلات الى الجزائر لا يتعلق به كمواطن بل كمبعوث للوسيلة الاعلامية التي يشتغل فيها    عطاف يجري لقاءين ثنائيين مع نظيريه البرازيلي و الاردني بنيويورك    "مشروع تحويل المياه من سدود الطارف سيحقق الأمن المائي لولايتي تبسة و سوق أهراس"    محاكم تجارية متخصصة: اصدار توصيات لتحسين سير عمل هذه المحاكم    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    مسار إستحداث الشركة الوطنية للطباعة جاري    وزارة الدفاع: إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار و توقيف 10 عناصر دعم خلال أسبوع    كأس الجزائر: رباعي محترف يلهب الدور نصف النهائي    تابع تدريبات السنافر وتفقّد المنشآت الرياضية: بيتكوفيتش يزور قسنطينة    وزير الاتصال و مديرية الاعلام بالرئاسة يعزيان: الصحفي محمد مرزوقي في ذمة الله    سطيف: ربط 660 مستثمرة فلاحية بالكهرباء    أرسلت مساعدات إلى ولايات الجنوب المتضررة من الفيضانات: جمعية البركة الجزائرية أدخلت 9 شاحنات محمّلة بالخيّم و التمور إلى غزة    سترة أحد المشتبه بهم أوصلت لباقي أفرادها: الإطاحة بشبكة سرقة الكوابل النحاسية بمعافة في باتنة    انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة : تأجيل التصويت على مشروع قرار الجزائر إلى غد الجمعة    من خلال إتمام ما تبقى من مشاريع سكنية: إجراءات استباقية لطي ملف «عدل 2»    أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا    سيشمل نحو 23 ألف مستثمرة: تجنيد 125 إطارا للإحصاء العام للفلاحة بأم البواقي    كرة اليد/كأس إفريقيا للأندية (وهران-2024): الأندية الجزائرية تعول على مشوار مشرف أمام أقوى فرق القارة    68 رحلة جوية داخلية هذا الصيف    عون يؤكد أهمية خلق شبكة للمناولة    الحكومة تدرس مشاريع قوانين وعروضا    الجزائر ترافع لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة    أطفال ونساء في مواجهة الجلاّدين الصهاينة    تظاهرات عديدة في يوم العلم عبر ربوع الوطن    لم لا تؤلّف الكتب أيها الشيخ؟    مجمع سونلغاز: توقيع اتفاق مع جنرال إلكتريك    تفكيك جماعة إجرامية تزور يقودها رجل سبعيني    هذا موعد عيد الأضحى    أحزاب ليبية تطالب غوتيريس بتطوير أداء البعثة الأممية    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أول طبعة لملتقى تيارت العربي للفنون التشكيلية    ضرورة جاهزية المطارات لإنجاح موسم الحج 2024    نحضر لعقد الجمعية الانتخابية والموسم ينتهي بداية جوان    معارض، محاضرات وورشات في شهر التراث    شيء من الخيال في عالم واقعي خلاب    مكيديش يبرر التعثر أمام بارادو ويتحدث عن الإرهاق    نريد التتويج بكأس الجزائر لدخول التاريخ    حجز 20 طنا من المواد الغذائية واللحوم الفاسدة في رمضان    نسب متقدمة في الربط بالكهرباء    تراجع كميات الخبز الملقى في المزابل بقسنطينة    انطلاق أسبوع الوقاية من السمنة والسكري    انطلاق عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهوض بالعمل الطلابي.. الممكن والمطلوب؟
الحركة الطلابية الجزائرية في مفترق الطرق (الحلقة 7)

يحتاج النهوض بالعمل الطلابي إلى حزمة متكاملة من المبادرات الفكرية والتنظيمية والنشطوية، لأن الخلل قد أصاب جميع مناحيها، بفعل التراكمات الداخلية والترسبات الخارجية، لذا سوف نركز حديثنا هذه المرةّ حول تكريس العمل المؤسسي وضرورة المراجعات العامة.

6/ تكريس العمل المؤسسي:
لقد نشأت الحركة الطلابية عندنا على غرار فعاليات المجتمع المدني وفق منظور العمل التطوعي الذي يرمي إلى المساهمة في خدمة الشأن العام، مقابل ما تقدمه المؤسسات الحكومية من خدمات مأجورة عليها، لكن مع مرور الوقت تحولت المبادرة التطوعية- نتيجة سوء الفهم والاستيعاب- إلى حالة من التسيب وعدم الخضوع لقواعد التنظيم، باعتبار القائمين عليها غير ملزمين بتعهدات إدارية أو عقود عمل رسمية.
تعد هذه الذهنية السائبة دخيلة على تقاليد الممارسة الجمعوية التي تمثل في حقيقتها صورة دقيقة للعمل المنظم، لأنها تجمع بين أدبيات الإدارة ودافعية الرسالة التي تحفز على توفير شروط نجاح المشروع وعلى رأسها تكريس أبجديات العمل المؤسسي.
لاشك أن عدم استقرار أفراد الحركة الطلابية بحكم تداول الدفعات على تقلد زمامها، له تأثيرات جانبية على توريث هذه الثقافة التنظيمية، لكنها قطعا لا تبرر تلاشي عناصر ومقومات هذه الأخيرة.
يجب أن تعود الحركة الطلابية إلى منهجية سياسات المنظمة القائمة على التخطيط و وضع البرامج على كافة المستويات، مما يستوجب المتابعة الحثيثة من خلال الاجتماعات الدورية وجلسات التقييم واللقاءات المفتوحة مع المناضلين، مع تفعيل التزام القوانين الناظمة لعلاقات الأفراد داخل التنظيم بشكل صارم عبر التقيد بنصوص اللوائح ومضامين النظم الداخلية، وكذا الحرص على تجسيد التعاملات الإدارية في المراسلات، التوثيق والأرشفة...الخ.
ربما يبدو لبعض القراء أن هذا الكلام من المسلمات التي لا تمثل جديدا في أساليب التطوير المؤسسي، فضلا على أن تحمل ابتكارا إضافيا في استجلاء آفاق الحركة الطلابية.
أقول نعم، فذلك صحيح تماما، لكن الواقع يكشف عن فراغ مؤسسي رهيب في مناشط الحركة الطلابية التي أضحت تجمعا لأفراد من دون إدارة فريق للعمل، ترتاد مرافق أشبه بالمقاهي العامة، قد خلت من كل آثار التنظيم، إلا من بعض التجهيزات والطاولات أو الكراسي التي قد تكون أحيانا وثيرة فاخرة، لكنها تخفي وراءها كثيرا من مظاهر الفوضى المثبطة.
أعتقد أن العلوم الاجتماعية والإدارية الحديثة قد رست على قواعد متينة في العمل المؤسسي، فالمطلوب هو بعث هذه الأبجديات التي كانت مجسدة في تقاليد الحركة الطلابية قبل أن تمسي - لا قدر الله- أثرا بعد عين.

7/ المراجعات الشاملة:
من الأساليب الناجعة في مسار المنظمات بمختلف اختصاصاتها، هو نهج سياسة المراجعات الجزئية أو الشاملة حسب الاحتياج القائم، من فترة إلى أخرى، بناء على التطورات الحاصلة داخل المنظمة وحولها، سلبا كانت أو إيجابا.
لذا تعتبر المؤتمرات العامة أهم محطة في صيرورة الحركة الطلابية، حيث يتم من خلالها تقييم منجزات المسيرة المنقضية واستشراف تحديات المرحلة المرتقبة في موكب العطاء المتواصل.
لكن الحقيقة المرة التي لم يعد أحد ينفيها، هو أن مؤتمرات التنظيمات عموما في الجزائر أصبحت مواعيد للاستحقاق التنظيمي بامتياز، تتصارع فيها القيادات الأولى على الظفر بمواقع المسؤولية، دون أن تسجل أي بصمة في مشوار الإنجاز أو إضافة في ميدان الابتكار والمراجعة التطويرية.
فالبداية السليمة، هو أن تعيد الحركة الطلابية الاعتبار الفكري والعلمي لمؤتمراتها أولا، حتى تصبح هذه الأخيرة فعلا محطات مضيئة على طريق الاستمرارية والإبداع.
ذلك أن الحركة الطلابية معرضة كغيرها من التنظيمات السياسية، الحزبية وحتى الاقتصادية، إلى الترهل والفتور والتخلف عن مستجدات الواقع المتغير باستمرار، على وقع ثورة معلومات غير مسبوقة في تاريخ البشرية، كما قد تعاني في مراحل لاحقة على نشأتها وازدهارها من آفات قاصمة لمشروعها، تتطلب الوقوف الشجاع عند مسبباتها، قبل أن تتحول إلى حالة من الإيدز الذي لا ينفك منه أحد حتى ينخر جسد الفكرة والتنظيم بالكامل.
إذا تعذر استعادة تلك المؤتمرات لبريقها على صعيد البحث والحلول، فلا أقل من التعبئة الجادة لعقد ندوات مفتوحة من أجل التمحيص والمراجعة الدورية.
أعتقد أن واقع الحركة الطلابية الجزائرية على ضوء ما تقدم رصده، بحاجة ملحة إلى جملة من المراجعات العاجلة تتعلق أساسا - على سبيل المثال لا الحصر- بما يلي:
•إعادة النظر في تحديث أساليب اتصاله التفاعلي مع الجمهور الذي تغيرت أنماط تفكيره بفعل عولمة الأنساق الثقافية والتطور المذهل لوسائط الاتصال، حيث لم تعد استجابة الأفراد عفوية وتلقائية، بل هي بحاجة إلى عتبات تنبيه احترافية وفق معايير العصر الرقمي.
وبناء عليه، فإنه من الضروري أن تعيد الحركة الطلابية ترتيب أولوياتها في ظل هذه المتغيرات، عبر تكييف الوسائل، المستهدفات، البرامج والمحتويات النشطوية.
•من القضايا الأساسية التي يجب أن يتناولها طور المراجعة هو إشكالية مصادر التمويل التي أصبحت عائقا جوهريا يكرس تبعية الحركة الطلابية، إذ من الممكن إيجاد بدائل ذكية عبر عقود البرامج مع هيئات مستقلة عن وصاية التعليم العالي، والبحث عن شركاء ممولين لرعاية بعض النشاطات المتخصصة.
•إعادة تقييم الأداء السياسي للحركة الطلابية بشكل موضوعي متجرد عن العواطف الجانحة دوما إلى تلميع الحصيلة، لا شك أنها صنعت مواقف مشهودة في مراحل عصيبة من تاريخ البلاد، لكن في الآونة الأخيرة أصبح حضورها يتسم أحيانا بالتهريج الذي يتنافى مع روح الإبداع الشبابي التواقة إلى المعالي والعيش في ظروف كريمة من الحرية والعدالة الاجتماعية.
•الاهتمام أكثر بالتفوق الدراسي من خلال توجيه أفراد العمل الطلابي لاستكمال الدراسات العليا و منح الرعاية الخاصة بالطاقات الخلاقة، بل حان الوقت لإدراج الوضعية الدراسية ضمن الشروط التنظيمية لتقلد المسؤولية داخل هياكل الحركة الطلابية، حفاظا على مستقبل الأفراد أولا ثم لإعلاء قيمة الانتماء للعمل الطلابي ثانيا.
•إيجاد وسائط فاعلة لاستثمار الطاقات الحيوية التي أنتجتها الحركة الطلابية، بعدما تشبعت بروح الهوية الحضارية وتمرست في أساليب العمل النضالي، فتحولت إلى قناديل مضيئة عبر مواقع عديدة من ساحات الفعل الوطني، الجمعوي، الاجتماعي والاقتصادي، لردم الهوة السحيقة التي تفصلها اليوم عن الأجيال، وتصحيح الوضع في علاقة الخلف بالسلف.

8/ التزام قواعد اللعبة:
يجب تصحيح الوضع في علاقة الحركة الطلابية مع الوصاية بكل مستوياتها، سبق تحميل إدارة الجامعة بروز مشاهد التوتر التي تعرفها الساحة، لكن من الموضوعي القول أن ردود الفعل أحيانا تتسم بالفوضى المخلة بسيرورة العمل الإداري والبيداغوجي، من هنا بات لزاما ترسيخ ثقافة الاشتغال في حيز القانون و فرضه على الجميع من أجل الجميع ( منظمات و إدارة)، و شجب كل أساليب العنف و القوة، أو التهديد و المتابعات القضائية، التي تعبر عن حالة الضعف و غياب المصداقية لكل من يسلك هذا النهج.
في المقابل، علينا أن نتحلى كأسرة جامعية واحدة بتغليب ثقافة الحوار و تعزيز آليات المشاركة و تفعيلها في المحيط الجامعي، لتجاوز حالات الانسداد و الاضطراب و فرض مزيد من الرقابة و التوجيه، تتيح لأطرافها شراكة أكثر فاعلية.
بمعنى آخر، على الوصاية أن تتخلص من عقدة التعامل مع الحركة الطلابية كمصدر شغب، كما يتعين في حق هذه الأخيرة أن لا تتصرف بمنطق السلطة الموازية، بل الحل الوسط هو الأنسب، أن تؤدي دور معارضة بناءة على أقصى تقدير، إذا ما تعذر بناء شراكة على جسور من التكامل وتقاسم الأدوار.
إن تحقيق هذا المستوى من الوفاق، يقودني للمطالبة بتعديل ميثاق أخلاقيات الجامعة الصادر منذ سنتين عن مصالح الوزارة، لأنه كان مبني على رؤية تنطلق من سلطة الإدارة بدل تكريس مقومات الأسرة الجامعية، التي تتطلب تجسيد حقوق الجميع، إذا كان من الواجب في حقهم الانقياد لنصوص القانون، لكن هذا الميثاق تحديدا تجاهل موقع الحركة الطلابية ضمن مقتضيات الشراكة مع هيئات الوصاية، فضلا عن منح أية اعتبارات معنوية تعزز حماية الممارسة النقابية، بما يدعم حضورها كجهة رقابة ومقترح يمكن أن يسهم في سد الفراغ بين مستويات السلطة الإدارية في الجامعة.

9/ الديمقراطية هي الحل:
رغم إيماني العميق بأن الحفاظ على استمرارية المشروع الطلابي يعتمد أساسا على مقدار الصدق وحجم الإخلاص ومستوى الفهم الذي يربط طلائع النضال بواجهة العمل الطلابي، بيد أن ذلك لا يمنعني من التنويه بضرورة التحلي بالثقافة الديمقراطية في تجسيد آلياتها والنزول عند مقتضياتها السلوكية، ولن تتأتى هذه الأمنية إلا بتدقيق القوانين المحددة لإدارة العلاقات التنظيمية بين الأفراد و ضبط إجراءات الاستحقاق التنافسي، من خلال تجلية الصلاحيات القيادية على كافة المستويات القاعدية والمركزية، مع تعزيز سلطة الهيئات بدل المناصب، و لا سيما الرقابية منها، وذلك بهدف تطويق تسلط واستبداد الأشخاص مهما علت مواقعهم، ثم سد كل الثغرات التنظيمية القائمة في الواقع، عبر إنهاء حالات الفراغ القانوني التي عادة ما تكون مثار خلاف في التأويل وتباين القراءات التفسيرية التي لا تخلو من التطويع والانحياز وفق ما يحقق مصلحة تلك الأطراف المتخاصمة باسم النظم الداخلية والاحتكام إلى القوانين الأساسية، وهذا ما يدفع بالمستفيدين من الغموض المصطنع إلى التحفظ عن كل مبادرة من شأنها أن تضع حدا لهذا اللبس المبرمج، حتى تبقي على هوامش المناورة والتلاعب بالقرارات وفق أهوائها الخاصة ومآربها الضيقة، لذا لا تستغربوا إن صارحتكم بالقول أن شروط تولية المسؤولية تتحور أحيانا بشكل تناوبي من مؤتمر إلى آخر وفق حسابات الصقور، بناء على قاعدة الولاء القاعدي في صفوف المؤتمرين، بمعنى أوضح حتى نضع هذه الفكرة في متناول جميع القراء، أنه يمكن أن نشترط معيارا ما، أو نأخذ بآلية انتخابية معينة في محطة أولى، ونعدلها في المحطة الثانية بنظيرها المطلق ثم نعود إليها في المحطة الثالثة، وكأننا لم نفعل شيئا، بقدر ما حسمنا جولة تنافسية في اتجاه الطرف المهيمن، تحت شعار سيادية المؤتمر، لكن الحقيقة مغايرة تماما، و هي تكريس حيل الإقصاء وتبديد رصيد القيم والمواقف المبدئية، وكان الأولى الابتعاد عن منطق الربح والخسارة، بل ترجيح مصلحة المنظمة التي تعلو فوق كل الاعتبارات الآنية ، ومن هنا وجب أن تشيع الثقافة الديمقراطية فكرا و تشريعا وسلوكا.
لاشك أن دمقرطة الحياة النضالية تتعدى آفاقها الايجابية حدود التنظيم في مستوى الأفراد المنضوين تحت لوائه، إلى دائرة الحركة الطلابية بكل أطيافها، حيث تلفها الديمقراطية بظلالها الوارفة، لتلطف أجواءها المشحونة وتقرب أطرافها المتنافرة، وترسم معالم التفاعل والتقاطع بين مكوناتها داخل حلبة التنافس الشريف والتعاون المثمر، بمنأى عن هواجس الصراع الوجودي و ظروف النزاع المزمن، وعليه لا بديل بهذا الصدد، عن تنشئة المناضلين على قيّم التسامح و تقبل الآخر و اعتبار التعددية مصدر ثراء في العمل الطلابي، إضافة إلى بلورة "ميثاق شرف" يتضمن القواعد الأخلاقية لممارسة الفعل الطلابي فوق ركح التعددية المفتوحة لجميع الاتجاهات بمختلف مشاربها.

10/ تفعيل الأداء الحضاري:
لا معنى لحركة طلابية تنأى بنفسها عن مصير الوطن، لا نلمس لها أثرا في التعاطي مع رهانات الأمة، ولا نسمع لها صوتا في ميادين الأحرار من بني الإنسانية في أقطار الكون قاطبة، خاصة عندما يتعلق المسار بالتواصل مع جذور التاريخ الطلابي الجزائري الذي انبعث من رحم المعركة التحررية الخالدة، وأخذ عمقه القومي منذ لحظة الميلاد الأولى بتبني المشروع المغاربي الكبير، ليقتحم تحت نير الاحتلال الغاشم محافل الدفاع عن القضايا العادلة في العالم، إن هذا الميراث اللامع يلقي على كاهل الفاعلين في الساحة الطلابية الجزائرية أمانة ثقيلة، ويزيد من حجم المسؤولية المنوطة بهم في الاستجابة للتحدي الحضاري الذي تفرضه سياقات التحولات الجارية على أكثر من صعيد.
أدرك أنه طموح جامح في منتهى الصعوبة، المراهنة على تصدر الحركة الطلابية لاستحقاق التغيير والتقدم نحو الأمام، في غياب نخبة فكرية وسياسية، عضوية وفاعلة تدفع باتجاه تحريك القوى الكامنة في المجتمع، لكن هذا الواقع على رتابته، لا يعفها على الأقل من الاهتمام بتفعيل نشر الوعي العام ضمن الاضطلاع بواجب المساهمة في البناء الوطني على أسس الحرية والعدالة والكرامة المنشودة في إطار الانتماء الحضاري والخصوصية الوطنية، بدل الانسياق وراء مشاريع الإفضاء إلى تأبيد الفشل والرداءة والفساد، أو الاستسلام لدعاة الانهزام أمام موجة الهيمنة الغربية التي تنتهك كل الحدود التقليدية لمفاهيم الهوية والسيادة المطلقة في ألفية العولمة.
وبناء على ما تقدم، وجب إعادة الاعتبار للأداء السياسي المتوازن و المتوافق مع طبيعة العمل الطلابي و حجمه، من خلال التموقع أكثر في فضاءات المجتمع المدني، من أجل الانخراط في مسار التنمية الوطنية و المساهمة في تكريس ثقافة المشاركة في تشييد الدولة و ترقية مؤسساتها، عبر تربية المناضلين على المعاني الوطنية السامية.
إن المساهمة في بناء الوطن، تعني المشاركة الفاعلة في كافة المحطات والتفاعل مع مختلف المواعيد الوطنية والمشاريع السياسية والاقتصادية، بما يُعبّر عن رؤى الحركة الطلابية، ويُترجم طموحاتها المستقبلية، منافحة عن تكريس الحريات الفردية والجماعية، وترقية حقوق الإنسان، وكذا تمدين الحياة السياسية عبر التحول الديمقراطي الفعلي والتداول السلمي على السلطة.
كما هي تحمّل شاقّ لأعباء وتبعات الحفاظ على عناصر الهوية الوطنية والاستقرار العام للبلاد، من خلال صدّ كل المشاريع التغريبية، لا سيما وأن ساحتها الأبرز هي المناهج التعليمية.
إضافة إلى مواجهة تيارات الفوضى والتهديم، من خلال الدفاع عن خيارات المجموعة الوطنية ضد الضغوطات والمؤامرات الأجنبية عبر كل المحافل الإقليمية والدولية.
كل ما يتعلق بالمستقبل من سياسات وبرامج يجب أن يشكّل عمق الوعي والنضال الطلابي، لأن مصير الطلبة مرهون بنتائجها المباشرة أو تداعياتها الثانوية، لذا كنّا دومًا ننظر إلى الحركة الطلابية على أنها تطلّع نحو المستقبل.
من هنا تصدُر أهمية تفاعلها مع مشاريع الإصلاح التي تُطرح في كافة القطاعات، خاصة ذات الصلة بتكوين الفرد( التعليم العالي، المنظومة التربوية والأسرية، الثقافة، اللغة، التاريخ.....الخ).
عندما يخفت صوت الحركة الطلابية في معارك الوطن الكبرى، تفقد كل معانيها، وتتحول إلى منظمة اجتماعية لذوي الحقوق في أحسن الحالات.
إذا كانت المساهمة في مشروع البناء الوطني من مسؤوليات الحركة الطلابية الناضجة، بكل ما يستلزمه الأمر من مبادرات تتوافق مع طبيعتها وحجمها كشريحة اجتماعية مميزة، فإن هذا الشرف لا يكتمل إلا بتفاعل دائم في اتجاه تبني قضايا الأمة المصيرية.
ذلك أن الطلبة في أي قُطر وطني هم مكوّن أساسي من فعاليات الأمة، مُقتضيات الانتماء القومي والحضاري تُوجب في حقّهم استشعار آلام وآمال الشعوب العربية والإسلامية في كل مكان.
إذا تأملنا اليوم واقع أمتنا المجيدة، فلا يخفى على ذي بصيرة كم هي بحاجة إلى كل جُهد هادف يُبذل في سبيل استعادة مجدها التليد، لاستئناف مسيرتها الحضارية كرائدة للإنسانية على مرّ تاريخها المُشرق.
إن هذا التحدي يزيد من هموم الحركة الطلابية في توسيع اهتماماتها، بما يخدم انجاز هذه الأهداف السامية، لاسيما على صعيد مقاومة الاحتلال الأجنبي لتحرير الأرض، ومجابهة مخططات التفتيت والهيمنة من أجل نهب الثروات وسلب المقدرات، ومقابلة ذلك عبر سعي دؤوب لانجاز الوحدة الطلابية بين شعوب الأمة بداية من الصعيد المغاربي، للتعبير عن كل قضاياها المصيرية ، بما ينسّق الجهود ويفعّل المبادرات في اتجاه الأهداف المشتركة.
أعتقد أن القضية الفلسطينية بكل أبعادها ورهاناتها في ظل ما تواجهه من مخاطر محدقة، باتت الأولوية الملحّة في أجندة الحركات الطلابية الواعية والأمينة.
يتجسد دورها الأمثل في هذا المستوى، عبر العمل المتواصل والفعال لغرس معاني القضية ومعالمها في نفوس وعقول الأجيال المتعاقبة، وكذا توطين ثقافة المقاومة بكل أصنافها، و تعميق الثقة في إحراز النصر الموعود، لأنها حقيقة سماوية أولا كما هي قضية عادلة ثانيا.
إضافة إلى كل أشكال التضامن مع إرادة شعوبنا في التخلص من الأنظمة الشمولية والديكتاتوريات القمعية والسلطات الفاسدة، للإنعتاق من قيود الرجعية والتخلف، ثم الانخراط في عوالم العصر الحديث.
إن كل حركة طلابية قد تجاوزت اهتماماتها المدنية والحضارية حدود الأقطار والأوطان لتبلُغ آفاق الأمة في كل أٍرجائها الواسعة، فإنها لن تتخلف عن حمل انشغالات الإنسانية قاطبة، فثمة مصالح وقيم أضحت مشتركة بين جميع الشعوب، كما أن هناك رهانات موحّدة صارت تحكم مصائرنا جميعا على وجه المعمورة الكونية.
فحرية المعتقد، التعبير، الاجتماع، التملك، التنقل، الحق في العدالة والكرامة....وسواها كثير، قد أصبحت قيمًا إنسانية ثابتة لا تتردد الشعوب في مناصرتها والسعي لتحصيلها، مهما لقيت في سبيل ذلك من معاناة أو دفعت من أثمان.
كما أن النضال لإشاعة السلم والأمن في ربوع العالم، معاداة التمييز العنصري بكل أصنافه، إدانة الحروب، رفض كل أشكال الإبادة واستغلال الإنسان، دعم القضايا العادلة وحركات التحرر، التنادي لحماية البيئة من مخاطر التلوث.....وغيرها، قد صارت عناوين بارزة لنضالات الشرفاء من بني البشر.

11/ استحداث مجلس أعلى للطلبة:
مع إقرار دستور فبراير 1989، عرفت الساحة الوطنية كما الجامعية حرية التعددية السياسية الإعلامية والنقابية، وبموجب ذلك ظهرت في الأوساط الطلابية العديد من الجمعيات والتنظيمات التي تدعي الدفاع عن حقوق الطلبة والتمثيل لمصالحهم، وإذ نثمن من الناحية المبدئية هذه التعددية وثراء المشهد الوطني الطلابي، فإنه من غير المقبول تمييع الساحة الجامعية باسم التعددية، وقد أضحى من الضرورة بمكان بعد عقدين من التجربة الميدانية، المسارعة بتشريع معايير تنظيمية صارمة يُمنح بموجبها حق الاعتماد وفق عتبة انخراطات محددة بناء على العدد الإجمالي للطلبة في كل مؤسسة جامعية، بما يعكس الانتشار الجماهيري ويعبر عن الأوعية الحقيقية لكل تنظيم، كما نلح في الصدد على تأسيس "مجلس أعلى للطلبة" بفروع محلية، عبر انتخابات عامة مفتوحة، يكون بمثابة "برلمان طلابي" تتنافس عليه التنظيمات والمرشحين الأحرار ، تُخوّل له صلاحية تمثيل الطلبة في القضايا المصيرية والمحافل الدولية الرسمية ويعبر عن رأيهم بشأن ملفات الإصلاح والقرارات التي تتخذها الوزارة الوصية، حتى نحسم إشكالية الأحقية في التمثيل النقابي من جهة، كما نجعل من الممارسة الطلابية مدرسة للتمرين الديمقراطي من جهة أخرى.
إن تجسيد هذا الإطار التنافسي سوف يضع حدا لحالة الفوضى السائدة اليوم ويغلق باب المزايدات المجانية، حتى يتسنى تنظيم العمل النقابي و إعادة رسم خارطته بشكل يفتح أمامنا آفاق الاحترافية النقابية في الوسط الجامعي، كما يعيد الحيوية النضالية والقيمة السياسية لجوهر الحركة الطلابية، أما بقاء الوضع على صورته الحالية، فإنه يكرس تعطيل القوى الكامنة في الفضاء الطلابي، ويُفاقم من تغوّل الإدارة في غياب منبر شرعي منسجم وموحّد يعبر عن الموقف الغالب بين الجماهير الطلابية.
في انتظار تلبية هذا المقترح الجاد والكفيل بمحاصرة الكثير من المظاهر والممارسات السلبية في الجامعة، وجب تفعيل هيئات الوساطة والتمثيل المنصوص عليها في التشريع البيداغوجي والتنظيمي الحالي، مع إعطائها دورا أكثر فعالية و منحها سلطة أوسع في مجال الاقتراح والرقابة والمشاركة في القرار، زيادة على تعميم انتخابات "لجان المقيمين" وفق مرسوم وزاري شامل ينهي التفسيرات الخاطئة والاجتهادات المغرضة في تطبيق هذا البند المنصوص عليه في النظام الداخلي الجاري للإقامات الجامعية، دون أن يعرف بعد 15 سنة من الصدور، طريقه للتنفيذ بفعل فواعل كُثر!!.
إضافة إلى هذه التدابير، فإنه قد حان الوقت للنظر بجديّة إلى مطلب تقنين الحصانة النقابية في العمل الطلابي وفق شروط وميثاق جماعي يتم التوافق بشأنه، لوقف مسلسل التجريم الجائر تحت ذريعة المساس بالممتلكات العمومية.

12/ التأصيل العلمي:
لقد تناولت في عمق هذه المقالة إشكالية الغياب العلمي في تشريح الواقع الطلابي ضمن دراسة الظواهر الاجتماعية الفاعلة، مما انعكس سلبا بكل وضوح على فقدان رؤية موضوعية لفهم خلفيات التردي الحاصل في منظومة الحركة الطلابية، بما يمكن من رسم خريطة تقويم أصيلة مبنية على المنظور المعرفي التخصصي.
وفي ظل التقاعس البحثي الذي يُقرّ به رواد علم الاجتماع السياسي أنفسهم ممن قابلتهم في مناسبات عديدة، فإنني أقترح بهذا الصدد، أن تبادر وزارة التعليم العالي و البحث العلمي بإنشاء ورعاية مخابر علمية متخصصة في" سوسيولوجيا الحركة الطلابية" يشرف عليها باحثون جامعيون بمشاركة إطارات العمل الطلابي لتشخيص الواقع و دراسة الظواهر الناجمة، بغرض تحديد الأدوار المستقبلية.

13/ المرافقة الإعلامية:
إضافة إلى القيمة الجوهرية الذي ننتظرها من البحث المعرفي في تدعيم جهود التصحيح والمراجعة التطويرية، فإننا نرى بأن لوسائل الإعلام بكل أشكالها دورا في غاية الخطورة، يناط بها في التوعية بأهمية العمل الطلابي في التكوين الفكري، الثقافي، العلمي، والسياسي، وكذا تنمية الحسّ الوطني و تعزيز روح الانتماء الحضاري و الارتباط الوجداني بالأمة، وذلك من خلال المرافقة الإعلامية في الترويج للأنشطة الطلابية وتناول مختلف الملفات التي تثيرها بشكل تحليلي ومعمق، بما يمكن من تسليط الضوء على أبعادها وتبليغ الرسالة المرجوة إلى الهيئات المسؤولة حتى يكون الإعلام أداة مكملة للحراك الطلابي.
ذلك أن المنهجية التي تعالج بها الآن معظم العناوين الإعلامية في الصحافة المكتوبة تحديدا وقائع الحياة الجامعية تقوم على الأسس الخبرية المجردة، بعيدا عن الاهتمام الفعلي الذي يمكن أن يجعل من الجامعة بكل تفاعلاتها موضوعا للنقاش الإعلامي المفتوح بمشاركة كل الأطراف المعنية، لأن الثقافة السائدة في الوسط الصحفي هي البحث عن الخبر المثير للرأي العام، لا سيما ما تعلق بفضائح الفساد المالي والآفات الاجتماعية وكواليس الإدارة، طبعا التغطية الإخبارية من الوظائف الرئيسية للإعلام، لكن التعاطي مع الفضاء الجامعي بكل يمثله من خصوصية، كمصدر لصناعة مادة خبرية وتقصي أحداث آنية، لا يعبر عن رسالية الإعلام من جهة، ولا يعكس الصورة المفترضة للجامعة من جهة أخرى.
لذا أقترح أن تخصص الصحافة الخاصة على وجه التحديد، صفحة أسبوعية على الأقل موجهة لقضايا الجامعة في مختلف المناحي، تعبر عن انشغالات الأسرة الجامعية بكل مكوناتها، تكون منبرا متعدد الاهتمامات، يقدم معالجات احترافية من زوايا متقابلة، بما يسهم في وضع الجامعة في عمق الأولويات الوطنية، نؤكد على هذا المقترح في ظل الانغلاق الذي تتمسك به وسائل الإعلام الثقيلة، إذ أن تقديمها لموضوعات الجامعة لا يخرج عن الطابع الدعائي لرؤية الوصاية بشكل حصري، كما أن وزارة بحجم قطاع التعليم العالي الذي يؤطر ما يقارب 1.5 مليون طالب، لا تزال تفتقد إلى نشرية إعلامية وطنية.

14/ تأسيس الكتلة الطلابية:
تأتي مرافعتنا من أجل خلق كتلة طلابية ولما لا تكون جامعية حتى، أي تحوي ضمن مكوناتها ممثلي هيئة التدريس، انطلاقا من إيماننا الراسخ بكون الجامعة فضاء مفتوحا يسع الجميع، إذا توحدت الإرادات في خدمة مشروعها المعرفي، الفكري والثقافي، كما أن التحديات والرهانات المطروحة اليوم في ظل حالة التخلف القصوى التي تعرفها منظومتنا التكوينية سواء في البيداغوجيا أو التكفل الاجتماعي، تقصر في مواجهتها البطولات الفردية وتنأى بحملها الأطراف والمساعي المنفردة، مما يفرض تنسيق المواقف، توحيد الجهود وتقريب وجهات النظر، بما يعزز القوة المطلبية والتفاوضية، ويعبر عن مشروعية المطالب والمقترحات.
إذا كانت تلك المنظمات تزعم جميعا - كما توحي لوائحها وخطاباتها الإعلامية- الدفاع عن حقوق الطلبة، النضال من أجل تحديث الجامعة والمساهمة في بناء الوطن، فما يمنعها أن تصطف في موقف مشترك ولو مرة واحدة في الموسم !!.
من المستهجن وغير المقبول، أن تتفرق تنظيماتنا الطلابية حتى في دعم قضايا الأمة التي يتوحد خلفها الشارع العربي والإسلامي من المحيط إلى الخليج بكل أطيافه ومذاهبه.
ربما البعض يبرر الوضع القائم باختلاف المنطلقات المذهبية، الوسائل النضالية، الرؤية لآليات العمل النقابي وكذا تباين موازين القوى لكليها، إضافة إلى الامتدادات السياسية التي تمثلها، وهو طرح يحوز قدرا معتبرا من الموضوعية والصحة، ولكنه لا يرقى إلى الحقيقية الكلية، إذ أن كثيرا من المشاريع والقرارات التي عرفتها الجامعة وكذا المواقف الوطنية والدولية، تتجاوز كل الاعتبارات السالفة الذكر، ولا صلة لها بالتصنيفات الأيديولوجية أو الانتماءات الحزبية، فهي تسمو إلى مستوى القضايا المشتركة والمصير الواحد، سواء تعلقت بالجامعة، الجزائر أو الأمة، ولكن – للأسف -حسابات الربح والخسارة بمنطق الأنا والمصلحة الضيقة، تحول دون أي تعاون ميداني أو حتى إبداء تعاطف إعلامي، من منطلق مشروعية المطالب المطروحة أو مبدئية الموقف المعبر عنه !!.
علينا أن نستلهم الدرس الوطني الخالد من الإعلان التاريخي للطلبة الجزائريين عشية 19 ماي 1956، في أن نجعل من الجامعة، الوطن، والأمة قضية مبدئية أسمى من طموحاتنا، وأقدس من أن تكون محل تنازع يفضي إلى الفشل وذهاب الريح أو خيبة الأمل لدى ناشئة المستقبل.
يومها توحد طلبة الثورة من باريس إلى الجزائر مرورا بالزيتونة، القاهرة وبغداد، لأن القضية الكبرى كانت حرية الوطن، كرامة الشعب واسترجاع السيادة.
فهل يعجز طلبة الاستقلال عن التوحد في مواجهة إشكالية معقدة رمزها :التخلف، التبعية، الفقر، غياب الديمقراطية وضعف التنمية.
إن كثيرا من رواد الفكر السياسي والحضاري في العالم العربي والإسلامي من مختلف المشارب والاتجاهات – بعد تجربة صراعات ومناكفات عديمة الجدوى دون حصاد يذكر- أصبحت تنزع اليوم إلى مبدأ التكتل، التحالفات، الالتقاء عند القواسم المشتركة والتعاون في إطار الثوابت الكبرى والأولويات الملحة، لمواجهة حالة التخلف القائمة وبناء أرضية صلبة – قوامها الديمقراطية والتنمية- تشكل انطلاقة جديدة لاستئناف المسيرة الحضارية للأمة.
شخصيا - وعلى تواضع رؤيتي- أعتقد بموضوعية وصوابية هذه الأطروحة ومتفائل برفعها للتحدي في المرحلة المقبلة، وعليه أرى أنه من الضروري الاستفادة من هذا الفكر ومحاولة إسقاطه على كل ميادين البناء الوطني والحضاري، وأظن أن الجامعة هي القاطرة المفترضة في طريق هذه الرحلة، ومن ثمة فهي الأولى بتجسيد هذا الشعار، على قاعدة التعايش، تقبل الآخر، التعاون فيما نتفق عليه، وقبول العذر فيما نختلف بشأنه.

يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.