العدوان الصهيوني على غزة: كل الفلسطينيين جوعى في القطاع والأطفال هم الأكثر معاناة    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: تألق منتخبات مصر، تونس، السودان ومدغشقر في كرة الطاولة فردي (ذكور وإناث)    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    اقتصاد المعرفة: السيد واضح يبرز بشنغهاي جهود الجزائر في مجال الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    السيد حيداوي يستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025: المصارعة الجزائرية تتوج ب10 ميداليات منها 7 ذهبيات في مستهل الدورة    الهواتف الذكية تهدّد الصحة النفسية للأطفال    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    يوميات القهر العادي    نيجيريا : الجيش يصد هجوماً شنته «بوكو حرام» و«داعش»    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    إقامة شراكة اقتصادية جزائرية سعودية متينة    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    خاصة بالموسم الدراسي المقبل..الشروع في صب المنحة المدرسية    الجزائر العاصمة.. حملة لمحاربة مواقف السيارات غير الشرعية    ضمان اجتماعي: لقاء جزائري-صيني لتعزيز التعاون الثنائي    المجلس الوطني الفلسطيني: اعتراض الاحتلال للسفينة "حنظلة"    الاتحاد البرلماني العربي : قرار ضم الضفة والأغوار الفلسطينية انتهاك صارخ للقانون الدولي    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    عندما تجتمع السياحة بألوان الطبيعة    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    870 ألف مكتتب اطلعوا على نتائج دراسة ملفاتهم    تزويد 247 مدرسة ابتدائية بالألواح الرقمية    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    بداري يهنئ الطالبة البطلة دحلب نريمان    المخزن يستخدم الهجرة للضّغط السياسي    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    تحذيرات تُهمَل ومآس تتكرّر    منصّة لصقل مواهب الشباب    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر رافعة استراتيجية للاندماج الاقتصادي الإفريقي: معرض التجارة البينية 2025 فرصة لترسيخ الدور الريادي    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر- إيران والطريق إلى كارتل الغاز
نشر في الشروق اليومي يوم 13 - 08 - 2008

اختتمت الأربعاء بطهران زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى إيران لبحث ملفات عديدة أهمها التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وقضايا الطاقة والملف النووي. وكانت وكالات الأنباء أشارت قبيل بدء الزيارة إلى أن موضوع إطلاق منظمة جديدة تجمع الدول المصدرة للغاز في العالم قد يكون محورا آخر من محاور المباحثات الجزائرية الإيرانية.
*
فماذا يعني هذا الموضوع بالنسبة للدول المنتجة والمستهلكة للذهب الأبيض؟ وما هي الإشكاليات المحيطة بموضوع يشكل ساحة تناقض بين الأهداف السياسية وحسابات الاقتصاد؟ وما موقف الجزائر من مشروع استراتيجي تدعو إليه إيران وتعارضه الدول المصنعة الكبرى بل وتعاقب عليه أمريكا؟
*
*
*
الطريق بدأ من اجتماع الدوحة 2007
*
*
لم تعد فكرة "كارتل" الغاز جديدة، فقد تناولها بالعاصمة القطرية الدوحة الاجتماع السادس لمنتدى الدول المصدرة للغاز الذي يضم في عضويته 15 دولة بالاضافة إلى النرويج بصفة مراقب في أفريل 2007 ، لكن الموضوع لم يحسم بل أجّل للاجتماع القادم المنتظر انعقاده في موسكو شهر نوفمبر القادم. وكانت طهران، العاصمة التي احتضنت أول اجتماعات المنتدى العام 2001 ولم تكن الفكرة مطروحة يومها وتذهب وثائق أهم تجمع للدول المصدرة للغاز الى أن هدف المنتدى لا يتعدى التنسيق والتكامل بين الدول المنتجة والمستهلكة للغاز في سبيل تأمين استقرار سوق الطاقة في العالم. فما الذي استجدّ حتى تفكر تلك الدول في منظمة جديدة للغاز؟
*
الجواب عن هذا السؤال يكمن في اتجاهات السلوك الطاقوي للدول واتجاهات استخدامات الطاقة في قطاعي الصناعة والكهرباء، حيث - وكما أشرنا الى ذلك في مقالات سابقة - يتجه العالم بشكل يومي نحو الغاز لتأمين طاقة الأسر في أوربا بسبب التحول الديمغرافي. أما في أمريكا فلازالت أسعار النفط المتصاعدة تدفع باتجاه الطلب على الغاز لأسعاره المستقرة. أما في الدول النفطية فالاتجاه العام يصب في استبدال استهلاك النفط باستهلاك الغاز حتى تتمكن حكومات تلك الدول من تصدير الذهب الأسود بدل استهلاكه داخليا. وهكذا تشير التوقعات الى ارتفاع نسبة استهلاك الغاز في منظومة الطاقة العالمية من 20٪ حاليا الى 30٪ العام 2030.
*
*
وإلى جانب التحول المذكور في سلوك العالم تجاه الطاقة تحتكر دول منتدى الدول المصدرة للغاز وأهمها: روسيا - إيران - الجزائر - نيجيريا - مصر ، ما نسبته 70٪ من احتياطي الغاز في العالم و40٪ من الإنتاج. وتعتمد صناعة الدول على الغاز بنسبة 44٪ حسب "هيئة معلومات الطاقة الأمريكية" واللافت في هذا الشأن هو تزايد هذه النسبة بمعدل 2.4٪ سنويا. والأهم مما سبق ذكره كله هو تدنّي سعر الغاز بسبب طبيعة العقود التي تتصف بأنها عقود طويلة الأمد مما ولد شعورا لدى المصدّرين بالخسارة ودفع عددا منهم الى طلب مراجعة تلك العقود والدخول في منازعات سياسية وقانونية كالذي حدث بين شركتي "سوناطراك" الجزائرية و"غاز ناتيرال" الإسبانية أواسط العام الماضي. ويبلغ سعر الغاز متوسط 0.41 دولارا لكل متر مكعب ويرتبط شكليا بأسعار النفط.
*
*
*
*
كارتل الغاز والطريق المسدود
*
*
في نفس الوقت الذي كان فيه منتدى الدول المصدرة للغاز منعقدا بالدوحة في أفريل 2007 كانت لجنة الكونجرس الأمريكي للشؤون القانونية عاكفة على إصدار قانون يعاقب كل دولة تشترك في تأسيس منظمة نفطية أو غازية. وعندما صدر القانون واجه نقدا لاذعا من موسكو ووصفته روسيا بالقانون "المتعدي على سيادة الدول"، وعندما كشفت الشركة الروسية العملاقة "غازبروم" عن مشروعاتها الهادفة الى التحكم أكثر في صناعة الغاز في العالم أعلن الاتحاد الأوربي من ألمانيا شهر جوان المنصرم عن فكرة "ناتو الطاقة" يضم الدول الأوربية على شاكلة الحلف الأطلسي.وهكذا تواجه فكرة "أوبك الغاز" معارضة شديدة من زاويتين اثنتين: الزاوية الدبلوماسية من قبل الدول الصناعية الكبرى، أمريكا التي ستصبح أكبر دولة مستودرة للغاز العام 2015 بمعدل سنوي قدره 150 مليون طن من الغاز المسال، والاتحاد الأوربي الذي تصل احتياجاته الى 550 مليار متر مكعب سنويا يستورد منها حدود 60٪ .
*
*
ويعارض الخبراء فكرة إنشاء "كارتل للغاز" من زاوية تقنية بحتة. فالغاز لا يملك سوقا للتعاملات الفورية ولا سوقا مركزية شأن النفط. فنقله يتم عبر الأنابيب التي تقطع دولا عديدة بنسبة 70٪ ومشروعات تسييل الغاز لا زالت في بدايتها وتلتهم استثمارات كبرى ويتم تسويق الغاز وفق عقود التراضي ولمدد تصل الى 30 عاما، وبالتالي لا يمكن محاكاة سوق النفط في الأفق المنظور والأمر- من الجانب الفني - يستدعي تغييرا جذريا في منظومة تسعير ونقل الذهب الأبيض.
*
*
وتظل الورقة السياسية الورقة الوحيدة بين يدي الدول المنادية لكارتل الغاز وهي بالفعل تستند الى نقطة قوة تتمثل في احتياطيها الكبير من هذه المادة ويكفي أن 3 دول هي الجزائر وإيران وروسيا تؤمّن وحدها 30٪ من احتياجات العالم من الغاز وتؤمن روسيا وحدها 25٪ من السوق الأوربية. وحتى هذه الورقة تتجاذبها تيارات متباينة بين الدول المصدرة للغاز بين دول موقفها واضح من السوق الرأسمالية شأن إيران ودول لا تحبّذ الدخول في صراعات مع الدول الكبرى شأن اندونيسيا وماليزيا ودول حليفة للدول الصناعية شأن النرويج وكندا.
*
*
المباحثات الجزائرية الإيرانية
*
*
لم تتسرب معلومات ذات أهمية من حيث القرار عن المباحثات الجزائرية الإيرانية حول إنشاء منظمة جديدة للدول المصدرة للغاز على شاكلة أوبك، ولكن الأكيد أن الأمر ترك للقاء السابع لمنتدى مصدري الغاز المزمع انعقاده في موسكو شهر نوفمبر المقبل، والموضوع لا يخلو من تجاذبات بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي. فالطرف الإيراني لم يقدم حتى الآن تصورا كاملا عن الموضوع مثلما لم يوضح فكرته التي أطلقها سابقا حول إنشاء بورصة جديدة للنفط يتم التسعير فيها بعملات غير الدولار. وتدعم الجزائر الفكرة من الناحية السياسية ويستبعدها من الناحية الفنية المسؤول الأول عن قطاع الطاقة والمناجم.
*
أما روسيا وحسب الناطق الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في تصريح أخير، فليس لدى موسكو أية نية في تأسيس "كارتل للغاز" وأن الموضوع قد أسيء فهمه من المجموعة الدولية ولا يتعدى الأمر نطاق التنسيق بين الدول المصدرة للغاز في مجال السياسات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.