الفريق أول السعيد شنقريحة : "القيادة العليا للجيش تولي اهتماما كبيرا للاعتناء بمعنويات المستخدمين"    عطاف يستقبل بالرياض من قبل رئيس دولة فلسطين    مشروع بلدنا سيجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الجزائر    جدد دعم الجزائر لجميع القضايا العادلة في العالم.. قوجيل يشجب تقاعس المجتمع الدولي تجاه القضية الفلسطينية    عكس اللوائح .. قرار يصدر "الكاف": هل ستجرى مباراة إياب نصف نهائي بين اتحاد العاصمة ونهضة بركان؟    الجولة 24 من الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": تعادل منطقي في داربي الشرق بين أبناء الهضاب وأبناء الزيبان بين والساورة تمطر شباك اتحاد سوف بسداسية كاملة    بيانات موقع "ترانسفير ماركت" العالمي: الإسهام رقم 20 ..عمورة ينافس صلاح وتيسودالي في إحصائية مميزة    بسكرة: ضبط ممنوعات وتوقيف 4 أشخاص    أمن دائرة بابار : معالجة قضايا وتوقيف أشخاص وحجز مخدرات    نطق الشهادتين في أحد مساجد العاصمة: بسبب فلسطين.. مدرب مولودية الجزائر يعلن اعتناقه الإسلام    الطاهر ماموني : المحكمة العليا حريصة على مواكبة جهود الدولة في مجال الرقمنة    لو عرفوه ما أساؤوا إليه..!؟    استفادة كل ولاية من 5 هياكل صحية على الأقل منذ 2021    عطاف يستقبل رئيس مفوضية مجموعة "إيكواس"    تقرير لكتابة الدولة الامريكية يقدم صورة قاتمة حول حقوق الانسان في المغرب و في الأراضي الصحراوية المحتلة    ألعاب القوى/ الدوري الماسي-2024 : الجزائري سليمان مولة يتوج بسباق 800 م في شوزو    وزير الداخلية: الحركة الجزئية الأخيرة في سلك الولاة تهدف إلى توفير الظروف الملائمة لإضفاء ديناميكية جديدة    وزير النقل : 10 مليار دينار لتعزيز السلامة والأمن وتحسين الخدمات بالمطارات    العدوان الصهيوني على غزة: سبعة شهداء جراء قصف الاحتلال لشمال شرق رفح    بن ناصر يخسر مكانه الأساسي في ميلان وبيولي يكشف الأسباب    الدورة الدولية للتنس بتلمسان : تتويج الجزائرية "ماريا باداش" والاسباني "قونزالس قالينو فالنتين" بلقب البطولة    جيدو /البطولة الافريقية فردي- اكابر : الجزائر تضيف ثلاث ميداليات الي رصيدها    بوغالي يؤكد من القاهرة على أهمية الاستثمار في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي    أهمية مركزية لمسار عصرنة قطاع البنوك وتفعيل دور البورصة في الاقتصاد الوطني    محسن يتكفل بتموين مستشفى علي منجلي بخزان للأوكسيجين بقسنطينة    جسدت التلاحم بين الجزائريين وحب الوطن: إحياء الذكرى 66 لمعركة سوق أهراس الكبرى    فايد: نسبة النمو الإقتصادي بالجزائر بلغت 4,1 بالمائة في 2023    حوادث المرور: وفاة 16 شخصا وإصابة 527 آخرين بجروح خلال 48 ساعة الأخيرة    برج بوعريريج : فتح أكثر من 500 كلم المسالك الغابية عبر مختلف البلديات    ندوة وطنية في الأيام المقبلة لضبط العمليات المرتبطة بامتحاني التعليم المتوسط والبكالوريا    النشاطات الطلابية.. خبرة.. مهارة.. اتصال وتعاون    الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات: مضمار الرياضات الحضرية يستقطب الشباب في باب الزوار    غزة: احتجاجات في جامعات أوروبية تنديدا بالعدوان الصهيوني    42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    نحو إعادة مسح الأراضي عبر الوطن    توقيف 3 أشخاص بصدد إضرام النيران    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم اللقاء الوطني الأول لصناع المحتوى الكشفي    تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة    ندوة ثقافية إيطالية بعنوان : "130 سنة من السينما الإيطالية بعيون النقاد"    مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة: الفيلم الفلسطيني القصير "سوكرانيا 59" يثير مشاعر الجمهور    شهد إقبالا واسعا من مختلف الفئات العمرية: فلسطين ضيفة شرف المهرجان الوطني للفلك الجماهيري بقسنطينة    رئيس لجنة "ذاكرة العالم" في منظمة اليونسكو أحمد بن زليخة: رقمنة التراث ضرورية لمواجهة هيمنة الغرب التكنولوجية    بطولة الرابطة الثانية: كوكبة المهدّدين بالسقوط على صفيح ساخن    بهدف تخفيف حدة الطلب على السكن: مشروع قانون جديد لتنظيم وترقية سوق الإيجار    تجاوز عددها 140 مقبرة : جيش الاحتلال دفن مئات الشهداء في مقابر جماعية بغزة    بلمهدي يلتقي ممثلي المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف    منظمة الصحة العالمية ترصد إفراطا في استخدام المضادات الحيوية بين مرضى "كوفيد-19"    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن مرافقة الدولة لفئة كبار السن    حج 2024 : استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    على السوريين تجاوز خلافاتهم والشروع في مسار سياسي بنّاء    استغلال المرجان الأحمر بداية من السداسي الثاني    ضرورة وضع مخطط لإخلاء التحف أمام الكوارث الطبيعية    قصص إنسانية ملهمة    "توقفوا عن قتل الأطفال في غزة"    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير السياسي .. بين الجد والاستخفاف
ثاموغلي
نشر في الشروق اليومي يوم 29 - 03 - 2011

وأخيرا وصلت رياح التغيير السياسي إلى العالم العربي، بعد أن فككت الاستبدادَ في أمريكا اللاتينية، وأوروبا الشرقية في أواخر القرن الماضي. وأقول للمتخاذلين الساعين إلى عرقلة حركة التاريخ، الذين يعتقدون أن هناك تسرعا في طلب التغيير، أقول لهم إننا نتبوأ موقعا في ذيل الترتيب بامتياز، بالنسبة للأمم المتخلفة عن ركب طلاب الديمقراطية.
*
مع العلم أننا كدنا -نحن الجزائريين- أن نكون روادا للديمقراطية في العالم العربي، بفضل انتفاضة شباب أكتوبر 1988م، لو لم تجهض من طرف مخابر النظام الشمولي. ولعل البعض يتذكر كيف كانت أعناق أشقائنا شرقا وغربا تشرئب إلى ما كان يجري عندنا من تغيرات في الاتجاه الديمقراطي. لكن حداثة تلك التجربة في المحيط الاقليمي، ونقص الخبرة السياسية، قد أدّيا إلى إجهاض المحاولة، وإن كنا قد كسبنا مادة الأربعين في دستور 23 فيفري 1989م، التي فتحت المجال أمام التعددية الحزبية -ولو باحتشام- جاءت في الصيغة التالية: "حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به. ولا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية، والوحدة الوطنية، والسلامة الترابية، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب."
*

*
هاجس الالتفاف على التغيير
*
بقدر ارتياحي لنجاح الشباب في تقويض أركان الأنظمة الشمولية في ربوع العالم العربي، ودك عروش الطغاة الذين صادروا حريات شعوبهم، وأنزلوهم إلى ما دون المواطنة، أشعر بقلق إزاء سياسة المخاتلة والمماطلة، التي يبديها نظامنا السياسي القائم، إزاء الحراك الساعي نحو الديمقراطية. وهناك عدة مؤشرات تبرر هذا القلق، أذكر منها على الخصوص، عدم اتخاذ الدولة الجزائرية موقفا واضحا إزاء انتفاضة الشعب الليبي الشقيق، من أجل إنهاء حكم القذافي المستبد الذي استعبد الشعب، وأهدر ثروات الوطن، وكرّس ذهنية اللا نظام واللا دولة، بشهادة سيف الإسلام نجل الديكتاتور، الذي أعلن عقب انطلاق الانتفاضة المباركة بكل وقاحة، أن ليبيا ليست دولة، بل هي مجموعة من القبائل وليس إلا!. يحدث هذا في الوقت الذي أبدى الشعب الجزائري برمته إعجابه بثورة إخوانه الليبيين. لا شك أن هذا البون الشاسع بين الموقف الرسمي للدولة الجزائرية المتعاطف مع النظام الليبي من جهة، والموقف الشعبي المتعاطف مع ثورة الشعب الليبي من جهة أخرى، يوحي بوجود تلكؤ لدى حكامنا إزاء التغيير السياسي الذي يدق أبوابنا بإلحاح.
*

*
استخفاف أم عقم سياسي؟
*
ثم أضف إلى ذلك سكوت السيد رئيس الدولة، وعدم مخاطبته للشعب الجزائري، في هذا الظرف الحرج، كما جرت أعراف السياسة، لدى الدول الراقية التي تحترم شعوبها، باعتبارها مصدر السيادة. ومما حز في نفسي أكثر هو توجه السيد الرئيس -حسبما أشيع في وسائل الإعلام- إلى رموز النظام الأحادي، وقيادات التحالف الرئاسي، طلبا للرأي حول موضوع التغيير السياسي المرتقب! فهل يعقل أن نتصور استلهام التغيير الديمقراطي، ممن كفر بها طيلة مساره السياسي؟ وهل من الحكمة أن نرجو هذا التغيير لدى مَنْ ملأتهم الذهنية الأحادية حتى النخاع؟ ولعل الأخطر من ذلك، أن زعماء أحزاب التحالف الرئاسي، لا يزالون يصرون على معارضة التغيير، علانية وجهرا، بدليل أن أحدهم، يحاول صرف الرأي العام عن قضية التغيير، بتوجيهه نحو الرئاسيات القادمة (2014)، ونحو قضية تجريم الاستعمار! علما أن حزبه المتمتع بالأغلبية المريحة في البرلمان، هو المسؤول الأول عن عرقلة إصدار قانون تجريم الاستعمار! في حين رفع ناطق رسمي لحزب حليف آخر عقيرته، معلنا بملء فيه معارضته الشديدة لفكرة المجلس التأسيسي، المقترحة كأساس للتغيير السياسي القادم!
*
فكيف نفسر هذا المنطق المقلوب الساعي إلى البحث عن التغيير، لدى أعداء التغيير؟ أهو استخفاف بالرأي العام، واستغباء للشعب، أم أن ما يقوم به النظام من مساع في هذا المجال، لا يعدو أن يكون تأكيدا لقاعدة: "فاقد الشيء لا يعطيه"؟
*
عجبت من أمر مَنْ يطلب المشورة في التغيير السياسي، لدى مَنْ زيّنوا له بالأمس القريب أمر اغتيال المادة "74" من الدستور الجزائري، المنصوصة على تسقيف "المهمة الرئاسية" بعهدتين (مجموعهما عشر سنوات)؟ وكان أولى بمن استهدفتهم المشورة، أن يعملوا بالأمس على إقناع فخامة الرئيس بأن احترام هذه المادة يفتح له باب المجد والخلود على مصراعيه، أسوة بواضعها الرئيس السابق -ذكره الله بألف خير- اليامين زروال. علما أن الجزائر قد دفعت ثمنا باهظا من أجل ذلك المكسب الديمقراطي المغتال، فاق ثمنه مائة ألف قتيل، سقطوا خلال أحداث المأساة الوطنية، وآلاف المفقودين، فضلا عن الخسائر الاقتصادية التي تقدر بالملايير، واهتزاز سمعة الجزائر في الخارج.
*
*
التغيير من أفواه رجاله
*
واعتبارا لما ذكر، فإنه لا يمكن أن ننتظر اقتراحات جادة للتغيير السياسي الصحيح، إلا من أفواه رجاله المخلصين، الذين يصدحون بما يرونه صوابا ولو كان مرا، ولو أدى الأمر بهم إلى التضحية بمصالحهم الشخصية، متجاوزين آداب المجاملة، لأن الصراحة لا تفسد للود قضية. وفي مقدمة هؤلاء رموز الحركة الوطنية الجزائرية، والثورة التحريرية الكبرى، في مختلف مواقعهم، كالسيد عبد الحميد مهري، الذي سبق له أن قدم مقترحا جديا للسيد رئيس الدولة، سمته الرزانة والحكمة، وعمق الرؤية، داعيا إلى إشراك جميع الأطراف الفاعلة بمواقعها المختلفة، في السلطة والمعارضة على حد سواء. هذا وقد حظي اقتراحه بموافقة السيد حسين آيت أحمد، الذي قدم بدوره مقترحا له أهميته في الحراك الساعي إلى إحداث التغيير المرجو. وتضاف إلى هذين الاقتراحين، مبادرة حزب حركة الإصلاح، التي لقيت استحسانا لدى بعض الأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، والشخصيات المستقلة، كالسادة أحمد بن بيتور، ومحمد الطاهر بن بعيبش، وبن دريهم حيدر، وعبد القادر مرباح، وعبد المجيد مناصرة، وأنصار حقوق الإنسان، وغيرهم. ولا شك أن المجال يبقى مفتوحا أمام جميع الأخيار في مختلف مواقعهم، للمشاركة في النقاش الوطني من أجل الاتفاق على أرضية سياسية، يعتمد عليها في تجسيد التغيير السياسي.
*
ولضمان شروط النجاح لمسعى التغيير، فلا بد من توفير جملة من الشروط أهمها:
*
1) إبداء الدولة لإرادة سياسية جادة، من أجل التغيير الصحيح.
*
2) العمل على إشاعة جو الثقة لدى الجمهور العريض، عن طريق اتخاذ إجراءات، سياسية هامة، كإعلان الرئيس عن عدم ترشحه لعهدة أخرى، ورفع الحظر المفروض على تأسيس الأحزاب، وفتح المنابر الإعلامية السمعية والمرئية أمام النقاش الشعبي المرتقب، وحل البرلمان بغرفتيه في الوقت المناسب.
*
هذا وأرى أنه من الضروري، بناء التغيير السياسي المنشود، على المجلس التّأسيسي، الذي من شأنه أن يضمن دستورا ديمقراطيا، لا يتغيّر بتعاقب الرجال على سدة السلطة. وعلى النظام البرلماني، لأنه أنسب لعالمنا العربي، من شأنه أن يخلصنا من ذهنية الاستبداد الملازمة لمنصب رئيس الدولة.
*
وعلى أي حال، تبقى هذه الأفكار، مجرد اقتراح قابل للنقاش، والأخذ والرد. وفي الأخير، فإنني أرجو أن يحسن حكامنا استغلال الاستقرار العام الذي ننعم به، من أجل إحداث التغيير السياسي بسلاسة، وألاّ ينتظروا حدوث القلاقل الاجتماعية للشروع في التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.