وزير التربية يتراجع عن وعيده بخصم ثلاثة أيام من مرتبات الذين رفضوا الالتحاق بواجب الطبشور صبيحة يوم الخميس الذي تلى عيد النحر، ليتعلق معاليه بقشة العفو عند المقدرة للخروج من مأزق الغرق التربوي الذي ورط فيه نفسه، بعدما أشهر سيفا من خشب في معركة لم تكن تحتمل سوى خاسر واحد.. كما هو متعارف عليه، فإن العفو مقرون بالقدرة على إنزال العقاب، لكن في حالة العفو الشامل الذي أقرته وزارة التربية، فإن الحال مختلف جدا، كون المغلوب والمنحور في واقعة خميس العيد ذاك. هو تعليمة ووعيد وتهديد ونفير وزير أظهرت حربه بأنه الوحيد الذي خاف من بوزيد فذهب إلى المدارس ليجدها خالية على ''خرافها'' وكباشها ودروسها، ومنه عرف معاليه كما عرفنا نحن أن العضلات التي استعرضتها الوزارة عشية عيد، نطحها ''كبش'' تربوي لم يعد يأبه لأن ''زأر'' زيد أو أبوزيد، فالعلاقة بين الطرفين مقطوعة. وأهم إنجاز فاز فيه بن بوزيد، خلال ربع قرن من الترقيع التربوي، أنه فقد هيبته كوزير قطاع يأمر فيطاع.. بغض النظر عن أن غياب يوم أو شهر أو حتى سنة، لا يؤخر ولا يقدم في واقع مدرسة، نتفق جميعا، على أن برامجها ومناهلها وإصلاحاتها لم تعد تقنع حتى حاجب الوزير. فحادثة العصيان التربوي التي كللت بعفو عند ''المقبرة'' التربوية لو قدر لها وحدثت في مجتمع ودولة تحترم ذاتها، لكان أول قرار يتخذ أن يبقى الوزير في داره ما بقى له من عمر، لكن ولأن الآية مقلوبة فإن معاليه قرر أن يغطي ''تمرد'' قطاعه على أبسط رجاء لديه، بإعلان عفو ليس من صلاحياته. ترى من الصافح ومن الصافع في حادثة ''العيد'' يا معاليك؟