بلغت الآلة الدعائية المغربية منعطفا خطيرا، بعد ترويجها لمعلومات مغلوطة تتعلق بإيهام الرأي العام المغربي بتحقيق مكاسب وهمية في قضية الصحراء الغربية، عبر تلفيق تصريحات كاذبة لمسؤولين غربيين خلال زياراتهم إلى الرباط أو حتى اختلاق مواقف لبعض الدول بخصوص ما يدعيه المخزن دعما لما يسميه بمخطط الحكم الذاتي في الإقليم المحتل. خرجات أبواق المخزن لا تعكس في حقيقة الأمر سوى الروح الانهزامية التي باتت تعتري الموقف المغربي لدرجة دفعت بالملك محمد السادس إلى الدعوة لإيجاد حل توافقي لتسوية القضية، المدرجة أمميا ضمن قضايا تصفية الاستعمار، ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنّ المخزن مازال يتخبط في عنق الزجاجة رغم محاولته إيهام الشعب المغربي بتحقيق انتصارات وهمية لصالح مخططه الاستعماري. الواقع أنّ المخزن مازال في صدام مع الشرعية الدولية، فرغم محاولاته في كل مرة المساومة بهذه القضية من خلال دعوته الدول لاستغلال ثروات إقليم محتل مقابل الاعتراف بمخططه، إلا أن الانتصارات التي يتحدث عنها لا تتجاوز الإطار الشفهي ولا يمكنها بأي حال من الأحوال تغيير الإطار القانوني لهذه القضية. ومن بين الصفعات التي تلقاها المخزن حديثا نذكر رفض جمعية التضامن البنمية مع القضية الصحراوية مشاركة المغرب في الدورة القادمة للمعرض الدولي للكتاب المقرر تنظيمه من تاريخ 11 إلى 17 أوت الجاري، معتبرة ذلك "إساءة لمبادئ العدالة، واعتداء على ذاكرة الشعوب المناضلة من أجل الحرية". صفعة أخرى تلقتها الدبلوماسية المخزنية منذ يومين أيضا، عندما قرّرت منصة تأجير المساكن العالمية "إير بي إن بي" إزالة إشارة المغرب من عروض الإقامة الواقعة في أراضي الصحراء الغربية المحتلة، معتبرة ذلك تصحيحا جغرافيا استنادا إلى تصنيف الأممالمتحدة وقرارات القضاء الدولي. وجاءت هذه الخطوة بعد تدخل مرصد مراقبة الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية، الذي راسل المنصة في 13 جويلية المنصرم، حيث دعا إلى احترام الوضع القانوني للإقليم، وفق قرارات الأممالمتحدة، من خلال حذف ذكر المغرب من المدن الصحراوية مثل العيون، الداخلة وبوجدور، بمعنى إقصاء واضح للمغرب من خارطة الصحراء الغربية، في حين لم يتردد المخزن كعادته في اتهام الجزائر على أنها وراء ذلك في سياق تعليق مشاكله الداخلية على مشجبها. وتضاف هذه النكسة إلى سلسلة النكسات التي يتعرض لها المغرب تباعا على الصعيدين القضائي والدبلوماسي، على غرار قرارات محكمة العدل الأوروبية الرافضة لإدماج أراضي الصحراء الغربية ضمن الاتفاقيات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. كما نذكر رفض المحكمة لطلب المفوضية الأوروبية بخصوص محاولات تشويه تركيبة الشعب الصحراوي في الجزء المحتل من الصحراء الغربية والتأكيد على أن غالبيته مشرد في المخيمات والمهجر وأن السكان الذين يقيمون في المدن المحتلة لا تزيد نسبتهم عن 25 من المائة. وقد حاول المخزن تحصيل مكاسب سياسية غير قانونية بأساليب البلطجة والتجسس ودفع الرشاوى وشراء الذمم والاتجار بالمخدرات والضغط بورقة الهجرة غير الشرعية وغلق الإقليم أمام المراقبين الدوليين والصحفيين الأجانب. كما نلمس الإحباط الذي يعتري المخزن بعد استثناء مسعد بولس كبير المستشارين للرئيس الأمريكي المغرب من جولته المغاربية، حيث شنّت أبواق الرباط حملة شرسة ضد المسؤول الأمريكي الذي وصف زيارته للجزائر بالمثمرة جدا، ما أثار غيض النظام المغربي الذي سارع لتلفيق تصريحات جديدة منسوبة لواشنطن بخصوص دعم مخططه الاستعماري رغم عدم ورودها في موقع البيت الأبيض أو سفارة الولاياتالمتحدةبالرباط . ويكشف هذا العمل الدعائي للمخزن عن خوفه الحقيقي من التصنيف القانوني للقضية دوليا، حيث يسعى إلى التأثير على الرأي العام والترويج لمخططه عبر لوبيات ضغط، عبر الاستعانة بالكيان الصهيوني في العواصم الغربية.