تستقطب السلع الاستهلاكية الملوّنة خلال فصل الصيف، اهتمام العائلات الجزائرية، خاصة فئة الأطفال، حيث يكثر الطلب على مختلف أنواع المشروبات، والحلويات، والمرطبات، لا سيما في فضاءات التسلية، وعلى شواطئ البحر، وفي المنتجعات السياحية وغيرها من الأماكن التي يرتادها المواطنون خلال العطلة. هذا الإقبال الواسع دفع بعدد من المختصين في الصحة إلى دق ناقوس الخطر، محذّرين من خطورة المواد الملونة التي تُضاف إلى هذه المنتجات. حذّرت، في هذا السياق، البروفيسور سلمى قدور، المختصة في علم التسمم، من المواد الكيميائية المضافة، مؤكدة أنها تُغذّي الخلايا السرطانية، داعية الجهات الوصية إلى إعادة النظر في السماح باستخدام هذه المواد التي تتفاعل مع غيرها، والتي وصفتها ب"غير الصحية". وإذا قررت، عند الخروج للتنزه، أن تطفئ عطشك بكوب من العصير أو ببعض المثلجات أو كنت مدعوا إلى مناسبة عائلية مثل الأعراس أو ولائم النجاح، فإن أكثر ما يشد انتباهك عند توزيع مختلف أنواع الحلويات أو المشروبات، ألوانها الزاهية، التي تجعلك في أحيان كثيرة، تختار ما تأكله أو تشربه بناءً على لونك المفضل، أو لأنه لون يعكس انتعاش الصيف. غير أن ما لا يعرفه كثيرون، حسب البروفيسور سلمى قدور المختصة في علم التسمم، أن المواد الملونة المضافة إلى مختلف المنتجات الاستهلاكية بغرض جلب انتباه الأطفال خاصة، ما هي إلا مواد كيميائية سامة، لأنها عبارة عن مركبات كيميائية مصنّعة، وغريبة عن جسم الإنسان. وتُعدّ مادة "تارترازين" من أخطر هذه المواد، حيث تؤثر على نشاط التركيز والانتباه عند الأطفال، خاصة أن هذه الفئة تُقبل بكثرة على المشروبات الملونة، والشراب المحلى، ومختلف الحلويات والمرطبات التي تجذبها إليها ألوانها الزاهية. ومن بين المكونات الخطيرة التي أشارت إليها المختصة أيضا، مادة "الأسبارتام"، التي تُستخدم في المشروبات الخالية من السكر. وقد صنّفها المركز العالمي للبحث العلمي، كمكوّن قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان عند الإنسان. وتُضيف البروفيسور قدور أن التساؤل المطروح هو: "هل يلتزم المنتجون بالنسب التي حدّدتها الجهات الرسمية عند إضافة الملونات إلى منتجاتهم؟" . وتجيب بأن أغلب المنتجين يتقيدون فعليا بالجرعات المقرّرة قانونيا. لكن الخطر يكمن في غياب الدراسات حول تفاعل المكونات الكيميائية مع بعضها البعض داخل المنتج؛ فالمادة وحدها قد تكون ضمن النسبة القانونية، لكن تفاعلها مع مواد أخرى، قد ينتج عنه خطر حقيقي على صحة المستهلك. وتمثل البروفيسور ببعض المحليات الصناعية التي تُستخدم في منتجات موجهة لمرضى السكري، قد تُضاف بكمية قانونية، لكن المنتج، بهدف تعزيز الطعم، يُضيف مكونات أخرى تتفاعل معها بشكل مضرّ". كما نبهت إلى أن بعض الملونات مثل الملون الأصفر، ممنوع في عدة دول؛ بسبب خطورته، لكنه لايزال يُستخدم في الجزائر بنسب متفاوتة. ودعت في السياق ذاته، المستهلك إلى الامتناع كليا عن اقتناء هذه المنتجات المصنّعة، لأنها توهم بأنها غنية بالفيتامينات ومكونات طبيعية، لكنها في الحقيقة، لا تحتوي على أي عناصر طبيعية، بل هي مزيج من مواد كيميائية: ماء، وسكر، ملون، وحافظ، ومثبت، دون أي فائدة غذائية حقيقية. وتشدّد المختصة على أن السوق يعجّ اليوم بمشروبات صناعية تشكل تهديدا حقيقيا للصحة. وتساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض كثيرة، على رأسها السرطان، الذي يشهد تزايدا مستمرا من سنة إلى أخرى. كما لفتت البروفيسور قدور إلى أن حلويات الأعراس فقدت في السنوات الأخيرة، طابعها التقليدي، بعدما أصبحت تُسوَّق على أساس ما يُعرف ب«حلويات البريستيج"، التي تركز على الجانب الجمالي أكثر من الذوق؛ حيث تُستعمل فيها أوراق ذهبية وفضية تضاف إلى الحلويات على أنها صالحة للأكل، بينما هي في الحقيقة، مواد سامة، تنتقل سريعا عبر الدم، وتستقر في كل الأعضاء، وتستهدف حتى "الأديان"، مسببة مشكلات صحية خطيرة. وأشارت إلى أن الجشع التجاري والرغبة في تحقيق الربح يدفعان كثيرا من المنتجين إلى إهمال توعية المستهلك، بل حتى عند التنبيه في بعض المنتجات، فإن المكونات تُكتب بطريقة صغيرة، وغير واضحة. وبما أن أغلب المستهلكين لا يطّلعون على المعلومات المدوّنة في المنتجات الاستهلاكية، فإن الرهان الحقيقي يبقى على الوعي الصحي. وختمت البروفيسور سلمى حديثها بالتأكيد على ضرورة العودة إلى استهلاك كل ما هو طبيعي، خاصة أن فصل الصيف يتميز بتوفر الفواكه الموسمية التي يمكن تحويلها إلى عصائر طبيعية، نابضة بألوان الصحة.