يتواصل عرض فيلم "فرانس فانون" لنور الدين زحزاح بفرنسا. حيث شهد هذا العرض الذي انطلق منذ أسبوعين، إقبالا معتبرا. وبالمناسبة، تمنى الكثيرون من عشّاق الشاشة الفضية أن يمتد العرض إلى مسقط رأس الراحل فانون بالكراييب. تم العرض في العديد من المدن الفرنسية ابتداء من باريس ومونبولييه ومارسيليا وبوردو وليل، علما أنّ بعض العروض تبعتها جلسات نقاش مع المخرج زحزاح. وعرفت ثراء وتبادلا في الآراء؛ سواء من الناحية الفنية أو السياسية. وبالمناسبة، عبّر السيد أوليفييه فانون نجل الراحل فرانس فانون، عبر صفحته الإلكترونية أول أمس، عن سعادته بهذا العرض، وبما كتبه بعض المتابعين من نقاد وكتّاب عن الفيلم سواء في الجزائر أو فرنسا. ومن ضمن ما نشره تأملات في الفيلم، منها مثلا أنه "ليس بسبب المؤثرات البصرية المبهرة أو الإخراج المُبهرج؛ فالفيلم متواضع، يكاد يكون مُتقشفا في أساليبه، بل بسبب حقيقة تتخلل كل لقطة، كل صمت، كل نظرة، هو الأصالة التي هي الخام والبسيط، تعطي العمل قوّته، وهي تقوله بصدق". ومن الآراء أيضا قول أحدهم: "لا يسعني إلاّ أن أوصي بهذا الفيلم، ليس للترفيه، بل لتجربة داخلية، هي دعوة للتفكير والشعور". كما نشر أوليفييه بعض من انتقده على دوره في الفيلم بالقول: "إنه أكبر من والده" (من حيث السن طبعا)، فبعدما تم استعراض مشهد شارك فيه مجسّدا دور مارسيل مانفيل صديق والده، بدا الأمر غير مقنع؛ فأوليفييه حين التصوير كان في سن 70، بينما هذا الصديق ومعه فرانس فانون، كانا في الثلاثين من العمر. ووصف هذا التجاوز للسن بكونه اختراقا للطبيعة، وبالتالي لم يكن الحوار بين شابين، بل بين رجل متقدم في السن وشاب، يختلفان أكيد في التجربة، والرؤية، وما ينجر عن كل ذلك من تداعيات. ومع كل ذلك وصف بعض هؤلاء الكتّاب المهتمين، السينما بكونها أكثر من مجرد فن؛ فهي فضاء يلتقي فيه الأحياء والأموات، يحادث الأبناء آباءهم، حيث تتداخل العصور لتتنفس الذاكرة، وبالتالي فإنّ هذا الفيلم لا يروي قصة فانون فحسب، بل يعيده إلى الحياة. وفي هذا البعث دعوة إلى التفكير في علاقتنا بالماضي، وبمن سبقوا، وبما نحمله في داخلنا دون أن ندري. للإشارة، يتناول الفيلم مسيرة الفيلسوف والناشط المارتينيكي فرانس فانون، خاصة في السنوات الخمس التي عمل فيها رئيسا لقسم في مستشفى البليدة، وحتى مشاركته في الثورة بعيدا عن نمطية صورة البطل الخارق، بل كمناضل واع بتحديات راهنه وقضاياه، مختارا المواجهة مع الأمبريالية والاستعمار.