تعرف الجزائر نموا في معدل الجريمة مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجلت مصالح الأمن أزيد من 146.000 حالة تعاملت معها خلال الثمانية أشهر الأخيرة من هذه السنة بعدما كانت في السنة الماضية 216.000 حالة و206.000 حالة خلال سنة 2014 وتنوعت الجرائم من ولاية لأخرى فمن جريمة القتل إلى جريمة الإتجار وتهريب المخدرات، أين قفزت هذه الآفة بنسبة 60 بالمئة حسب تقرير مصالح الأمن. تهتز الجزائر يوميا على وقع جرائم شنعاء منها الخطف والقتل، فهذا قتل ابنه وأخرى ذبحت ابنيها وآخر اختطف طفلة واغتصبها ونكل بها وأخرى قطعت طفلا ووضعته داخل كيس، هي جرائم يندى لها الجبين سجلتها الجزائر خلال الأشهر الماضية فقط وصولا إلى السرقة والاعتداءات بالأسلحة البيضاء وترويج المخدرات بكل أشكالها من قنب هندي إلى الكوكايين والهيرويين، أين باتت مصالح الأمن تعد عدتها لمواجهة هذه الآفات التي تنخر المجتمع الجزائري. بالأرقام هذه هي معدلات تنامي الجريمة خلال 3 سنوات لا تزال الجزائر تسجل ارتفاعا في معدل تفشي الجريمة والأرقام ترجمت ذلك، حيث ارتفعت من 206.000 حالة عولجت في عام 2014، وصولا إلى 216.000 عولجت خلال عام 2015، وفقا للأرقام الرسمية للشرطة لتصل إلى نسبة 146.000 حالة تم معالجتها خلال الثمانية أشهر الأولى لسنة 2016. وحسب مصالح الأمن، فإن التعامل مع الجريمة أصبح يلتزم الفطنة واتخاذ الإجراءات الآنية وتعقب المجرمين بكل الطرق. وفي هذا الصدد، فقد أكدت المصالح الأمنية أن ما يزيد عن 33.000 حالة خلال السنة الماضية تم معالجتها بعد الإبلاغ والشكوى عنها من طرف المواطنين. هذه هي المدن الأكثر إجراما بالنظر إلى نسبة الجريمة، فإنها تختلف من منطقة لأخرى. وحسب تقرير الشرطة، فإن خريطة الإجرام تتوسع في المدن الكبرى كالجزائر العاصمة وعنابة وكذا في المدن الحدودية مثل تبسة وتلمسان وبشار لتقل نسبتها في ولايات أخرى مثل بجاية، أين حققت انخفاضا واضحا في نسبة الجريمة. وحسب ما علمته "البلاد"، فإن جريمة تهريب المخدرات بلغت نسبتها 60 بالمائة خلال سنة 2015، في حين تم ضبط 20 طنا من القنب الهندي خلال الثمانية أشهر الماضية. كما تمكنت مصالح الأمن من ضبط 350 غراما من الهيروين خلال سنة 2014 لتصل إلى 1.2 كيلوغرام خلال الثمانية أشهر الماضية من السنة الجارية. أما الكوكايين، فقد تم ضبط 74 غراما عام 2014 ليبلغ 8.5 كيلوغرامات خلال الثمانية أشهر الماضية من عام 2016. كما ضبطت مصالح الشرطة نسبة كبيرة من المؤثرات العقلية. وعلى وقع هذه النسب المخيفة، فإن نشاط المخدرات تنامى خلال السنوات الثلاث الماضية وعرف نموا واضحا، حيث أصبحت الجزائر في مواجهة الجريمة العابرة للقارات، الأمر الذي دفع بالجهات المختصة لإحكام قبضتها على هؤلاء المهربين عبر محاور عديدة في الشمال والجنوب وكذا بالمنطقة الغربية باعتبارها الأكثر استعمالا لتهريب المخدرات كالقنب الهندي. وأسفرت تحقيقات مصالح الشرطة، عن أن تهريب راتنج القنب والإتجار به تتوسع رقعته من الحدود الغربية ليتم إرسالها للشمال أو الجنوب الجزائري ومن ثمة يقوم المهربون بتحويلها إلى أوروبا والشرق الأوسط عبر ليبيا. وتنامت الجريمة بشكل ملفت أمام التطورات التكنولوجية، إذ حتى مروجو المخدرات أصبحوا يعتمدون على التقنيات الحديثة ووسائل متطورة لتحقيق مبتغاهم، الأمر الذي تطلب تكثيف تدابير الرقابة بإنشاء وحدات إقليمية متخصصة جديدة في بشار وعنابة، لتضاف إلى الوحدات الموجودة لمكافحة الإتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية بتلمسان. وحسب تفسيرات المختصين، فإن تنامي الجريمة خلال السنوات الأخيرة راجع إلى إعادة الإسكان التي شهدتها الجزائر وعدة مدن أخرى، كما أن بعض المجمعات السكنية تفتقد للعديد من البنى التحتية، على غرار مراكز الشرطة ومراكز الدرك الوطني، الأمر الذي سهل على عديد من الشباب الانخراط في شبكات الإتجار بالمخدرات. من جهة أخرى، كشفت تقارير مصالح الأمن عن أن معدل الجرائم الإكترونية حققت هي الأخرى تناميا مخيفا مثل الابتزاز والتهديد بكشف صور الأشخاص وابتزازهم وكذا تعطيل مؤسسات الدولة وتندرج هذه الجرائم ضمن جرائم الأنترنت، حيث تم التعامل مع أزيد من 640 حالة خلال 2015 و240 حالة خلال سنة 2014. من جهة أخرى ومن بين الجرائم التي استفحلت بقوة في المجتمع الجزائري جريمة قتل الأطفال. وفي هذا الصدد، أكدت مصالح الأمن والتقارير التي أعدتها أنه "لا توجد شبكات متخصصة في اختطاف الأطفال وتم التكفل بكل جريمة خطف عبر الوطن والنظر في حيثياتها والأسباب وراءها، مؤكدة أن الجزائر بعيدة عن الجريمة المنظمة والمتعلقة بجريمة اختطاف الأطفال. مختص في علم الاجتماع: قبضة القضاء غير المُحكمة وراء تفشي ظاهرة الإجرام أكد الأستاذ في علم الاجتماع بجامعة عنابة زغيمي مراد، أن السبب الأول وراء تفشي الجريمة في الجزائر هو تفكك العلاقات الاجتماعية، حيث فقد الفرد الحميمية الأسرية والتنشئة الاجتماعية التي أصبحت بعيدة عن الأسرة الممتدة والكبيرة. ففي الماضي، كان العم والجد والخال ضمن الأسرة وكل له دور في تنشئة الطفل، أما اليوم، فالأسرة تفككت وأصبح كل واحد بعيد عن الآخر، الأمر الذي يشكل صعوبات على الأولياء في تربية أبنائهم، أين أصبحت العصبية والانحراف تطارد العديد من الشباب. أما السبب الثاني، فقد أرجعه المتحدث إلى ضعف الوسائل الضبط الاجتماعي وتفعيل الإجراءات القانونية وراء تزايد ونمو الجريمة، حيث ما يفتأ أن يتم القبض على المجرم اليوم حتى يتم إطلاق سراحه غدا وبأبسط الإجراءات. ويرى المتحدث أن وسائل الردع يجب أن تكون فعالة حتي لا يلجأ المجرم لتكرار الجريمة وتستسهل عليه الأمور. واتهم زغيمي، المنظومة القانونية بالجزائر، مؤكدا أن خللا يشوبها، ودعا إلى ضرورة إعادة صياغتها وتطبيقها على أرض الواقع بدل سياسة المحسوبية والوساطة التي أصبحت تتحكم في محاكم الجزائر. وربط الأستاذ زعيمي المشاكل الاجتماعية بالجرائم التي تتكرر في الجزائر، داعيا إلى دراسة كل مجرم والسبب وراء ارتكابه للجريمة مثل البطال الذي يرتكب جريمة السرقة أو الخطف والقتل بسبب تصفية حسابات عائلية. من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن الفرد أصبح بعيدا عن الوازع الديني، مؤكدا أن الدين الإسلامي حرم ارتكاب الجرائم بتعددها ومهما كانت الأسباب لذلك دعا إلى العودة والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي السمح وتعليم الطفل منذ تنشئته بالتمسك بتعاليم الدين الإسلامي الذي ينبذ كل أشكال الإجرام ويدعو إلى الرحمة. كما طالب الأخصائي في علم الاجتماعي من الدولة بأن تتحمل مسؤوليتها كونها بيدها القرارات السياسية وذلك بتوفير أساسيات الحياة الكريمة للناس ودعمهم للابتكار بدل الاتكال كون أن معظم الجرائم التي ترتكب سببها الفقر أو غياب المؤسسات التي تتكفل بشريحة الشباب والأشخاص الذين يفتقرون لحماية اجتماعية. أروقة المحاكم شاهد على جرائم قتل لأسباب تافهة أكدت المحامية "م. ل« أن المحاكم تعرف يوميا عدة قضايا إجرامية منها جرائم قتل ارتكبت لأسباب تافهة مثل المناوشات الكلامية أو بسبب دين لا يتعدى 200 دج أو لأسباب أخرى متعلقة بالميراث والعقارات وفي كثير من الأحيان بسبب اضطرابات نفسية أو تحت تأثير المخدرات. وقالت المتحدثة مع "البلاد"، إن المتابعات القضائية المتعلقة بجرائم القتل تتم بعد توجيه المجرم لطبيب نفساني ليتم بعدها تحديد العقوبات بناء على الوقائع وملابسات القضية المؤدية لارتكاب الجريمة، سواء أكان القتل عمدي بسبق إصرار وترصد أو كان القتل خطئا. وحسبها، فإن العقوبات المسلطة على مرتكبي القتل العمدي تكون بالمؤبد، في حين تسلط عقوبة السجن بين 10 و25 إلى 30 سنة في حق القاتل بالخطأ. من جهتها، قالت إن التشريع الجزائري لا يتعامل بعقوبة الإعدام باعتباره ملزما بتطبيق الاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان التي أبرمتها الجزائر سابقا.