المغرب : استقالات جماعية وسط عمال ميناء طنجة رفضا لنقل معدات حربية للكيان الصهيوني    وزير الاتصال يشرف السبت المقبل بورقلة على اللقاء الجهوي الثالث للصحفيين والإعلاميين    المغرب: حقوقيون يعربون عن قلقهم البالغ إزاء تدهور الأوضاع في البلاد    كأس الجزائر لكرة السلة 2025: نادي سطاوالي يفوز على شباب الدار البيضاء (83-60) ويبلغ ربع النهائي    الرابطة الاولى موبيليس: الكشف عن مواعيد الجولات الثلاث المقبلة وكذلك اللقاءات المتأخرة    رئيس الجمهورية يلتقي بممثلي المجتمع المدني لولاية بشار    اليوم العالمي للملكية الفكرية: التأكيد على مواصلة تطوير المنظومة التشريعية والتنظيمية لتشجيع الابداع والابتكار    معسكر : إبراز أهمية الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه    ندوة تاريخية مخلدة للذكرى ال70 لمشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في مؤتمر "باندونغ"    غزّة تغرق في الدماء    صندوق النقد يخفض توقعاته    شايب يترأس الوفد الجزائري    250 شركة أوروبية مهتمة بالاستثمار في الجزائر    الصناعة العسكرية.. آفاق واعدة    توقيف 38 تاجر مخدرات خلال أسبوع    عُنف الكرة على طاولة الحكومة    وزير الثقافة يُعزّي أسرة بادي لالة    بلمهدي يحثّ على التجنّد    تيميمون : لقاء تفاعلي بين الفائزين في برنامج ''جيل سياحة''    معالجة النفايات: توقيع اتفاقية شراكة بين الوكالة الوطنية للنفايات و شركة "سيال"    البليدة: تنظيم الطبعة الرابعة لجولة الأطلس البليدي الراجلة الخميس القادم    صحة : الجزائر لديها كل الإمكانيات لضمان التكفل الجيد بالمصابين بالحروق    السيد عطاف يستقبل بهلسنكي من قبل الرئيس الفنلندي    مالية: تعميم رقمنة قطاع الضرائب في غضون سنتين    تصفيات كأس العالم لإناث أقل من 17 سنة: المنتخب الوطني يواصل التحضير لمباراة نيجيريا غدا الجمعة    معرض أوساكا 2025 : تخصيص مسار بالجناح الوطني لإبراز التراث المادي واللامادي للجزائر    الجزائر تجدد التزامها الثابت بدعم حقوق الشعب الفلسطيني    وفاة المجاهد عضو جيش التحرير الوطني خماياس أمة    أمطار رعدية ورياح على العديد من ولايات الوطن    المسيلة : حجز أزيد من 17 ألف قرص من المؤثرات العقلية    اختتام الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقى السيمفونية    تعليمات لإنجاح العملية وضمان المراقبة الصحية    3آلاف مليار لتهيئة وادي الرغاية    مناقشة تشغيل مصنع إنتاج السيارات    23 قتيلا في قصف لقوات "الدعم السريع" بالفاشر    جهود مستعجلة لإنقاذ خط "ترامواي" قسنطينة    145 مؤسسة فندقية تدخل الخدمة في 2025    إشراك المرأة أكثر في الدفاع عن المواقف المبدئية للجزائر    محرز يواصل التألق مع الأهلي ويؤكد جاهزيته لودية السويد    بن زية قد يبقى مع كاراباخ الأذربيجاني لهذا السبب    بيتكوفيتش فاجأني وأريد إثبات نفسي في المنتخب    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    "شباب موسكو" يحتفلون بموسيقاهم في عرض مبهر بأوبرا الجزائر    الكسكسي الجزائري.. ثراء أبهر لجان التحكيم    تجارب محترفة في خدمة المواهب الشابة    حياة النشطاء مهدّدة والاحتلال المغربي يصعّد من القمع    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    عصاد: الكتابة والنشر ركيزتان أساسيتان في ترقية اللغة الأمازيغية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    هذه مقاصد سورة النازعات ..    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متقاضون يبيعون أملاكهم وآخرون يتخلون عن حقوقهم أمام «أتعاب المحامين»
نشر في البلاد أون لاين يوم 18 - 07 - 2012

تكشف معاناة المتقاضين خلال رحلة البحث عن الحقوق في أروقة المحاكم والدوائر التنفيذية عن وجود اختلالات في القانون الجزائري والإجراءات المدنية التي تعقدت مع قانون 09/ 08، مما شكل عراقيل امام ضمان حقوق المتقاضين الذين باتوا يدفعون ثمن هذه الاختلالات على حساب جيوبهم التي فرغت من أتعاب المحامين وتكاليف التقاضي، في ظل انعدام سلم يضبط أتعاب المحامي كونها مهنة حرة مستقلة ومنهم من يتخلى عن حقوقه نتيجة ثقل الأتعاب وطول الإجراءات وتعقيدها، واضحى استرجاع الحقوق الضائعة طريقا شائكا ومستعصيا، في ظل عمل محدود للمساعدة القضائية وجهل عديد المواطنين بوجود هذه المكاتب.
الولوج إلى هذا العالم المليء بالخبايا يكشف جملة من التناقضات بين ما هو واقع وما هو مدون في لائحة القانون الذي يضبط هذه المهنة، فالمحاكم بمختلف درجاتها، مثل النزاعات التجارية والمطالبات المتعلقة بالعقارات وقضايا المالكين والمستأجرين، وقضايا العمل والعمال، والجنح والجنايات.. اطرافها بالآلاف وتكاليف التقاضي تخضع لمستويات، غير أن الحديث عن هذا الموضوع جاء في ظل انتقاد شديد من قبل المحامين لقانون الإجراءات المدنية الذين أجمعوا على أنه به الكثير من الاختلالات والنقائص، حيث سمح لنا التجول عبر عديد من محاكم العاصمة على غرار الحراش وعبان رمضان ومجلس قضاء العاصمة، إلى جانب الحديث مع زمرة من المحامين من الوقوف على آراء متباينة فيما يتعلق بتكاليف القضاء، حيث اختلفت آراء المواطنين وكذا المحامين، غير أن الإجماع كان على أن المشرع الجزائري جعل بعض القوانين «الزوالي» أمام عراقيل عدة في تحصيل حقوقه، وشكل ثقل أتعاب التقاضي أهم عقبة للمتقاضين سواء من حيث تكاليف المحامين التي تصل أحيانا إلى مبالغ خيالية، خاصة على مستوى الجنايات، أو من خلال تكاليف ترجمة الوثائق إلى العربية وفق القانون الجديد التي جعلت آلاف المواطنين أمام واقع يفرض عليه اختيارين، أحلاهما مر، فإما دفع مستحقات كبيرة لأن أتعاب المحامين خط أحمر يجب احترامه أو التخلي عن حقوق مهضومة.
أم تُضطر للتخلي عن صداقها من أجل إنقاذ ولدها
حين تواجدنا بمحكمة الحراش لفتت انتباهنا سيدة تجاوزت العقد الخامس بدت في هيئتها أنها في رحلة بحث عن مسلك لمشكل ما، اقتربنا منها وحاولنا الاستفسار عن ما تريده فقالت، «أبحث عن المحامي الفلاني» فقلنا لها، ماهي مشكلتك فردت، إنه «وليدي لي جابلي التبهديل»، حاولنا التعمق أكثر بأسئلة حذرة مستفسرين عن التفاصيل فقالت إن ابنها فيصل صاحب 24 عاما ورط العائلة التي لم تعتد على ولوج دار الشرع، ولأن الوالد تجاوز 80 سنة، وفيصل الطفل الوحيد في العائلة بين 4 بنات، فإنها لم تعرف ماذا تفعل بعد توقيفه من قبل مصالح الأمن بشأن قضية مخدرات، حيث ضبطت بحوزته كمية من المخدرات ولأن الحالة المعيشية للأسرة ليست بخير، باعتبار أن معاش الوالد هو ما تعتمده العائلة، فقد فضل الإبن المحاكمة دون محامي غير أنه ادين بعامين حبسا نافذا، جعلت الوالدة تدخل في رحلة بحث عن محامي «الزوالية»، حيث قالت إنها قصدت عددا من المحامين غير أنهم طالبوها بدفع مبالغ مالية ليست في متناولها، من ذلك أن إحدى المحاميات بمحكمة الحراش والمعروفة في المنطقة بتوكلها عن عدد من القضايا المتعلقة بالسرقة والمخدرات طالبتها بدفع 5 ملايين سنتيم، حيث إن توكيل محامي لدى الاستئناف بات ضروريا حسب القانون الجديد، وبالتالي فإنها مجبرة على تعيين محام قد يخفف العقوبة لصالح ابنها، غير أنها تاهت بين زمرة المحامين، وكانت تأمل في إيجاد محام يتفهم وضعيتها المالية، دون علمها أن القانون الجزائري فتح بابا للمساعدة القضائية.
يبيع سيارة ابنه لدفع أتعاب محامي ومستعد للتخلي عن أملاكه مقابل براءته
كشف لنا عمي زروق، سائق سيارة أجرة، أنه اضطر لبيع سيارة ابنه بعد دخوله السجن في قضية طرح أوراق مزورة وأوكل القضية إلى المحامي الذي يعد أحد قدامى وكبار المحامين حسب قوله دون التقليل من حجم الباقين حيث إن أتعاب المحامين كلفته بيع سيارة ابنه من نوع أتوس، بعد أن طالب المحامي بدفع 22 مليون سنتيم من أجل الدفاع عن ابنه المتورط في قضية جنائية، وباعتبار ان عمي زروق يعمل كسائق سيارة أجرة «كلوندستان» فإنه لم يكن بوسعه تأمين هذا المبلغ فور توقيف ابنه، مما اظطره إلى التفكير بداية في بيع مجوهرات زوجته وابنته ، ليتراجع بعدها ويقرر دفع أقساط المحامي من مال ابنه، وذلك ببيع سيارته، وأكد أن هذه السيارة كانت هي مصدر رزق الإبن بحيث انه كان يشتغل عليها «كلوندستان» هو الآخر، وتساءل إن كانت هذه التضحية قد تأتي بالخير على ابنه من خلال حكم براءة، وفي سؤالنا له إن كان المبلغ الذي طلبه المحامي مكلفا بالنسبة له، قال أنا اليوم بعت مصدر رزق أحفادي، إن اضطررت سأبيع كل ما أملك مقابل إطلاق سراح ابني، رغم إدراكه لصعوبة مهمة المحامي كون القضية التي ما تزال قيد التحقيق بمحكمة الحراش تتعلق بمعطيات جنائية.
مغتربون يجهلون القانون.. يدفعون مئات الملايين في قضايا لا تزال معلقة وأخرى خاسرة
يجد الكثير من المغتريبن صعوبات كبيرة لدى مواجهتهم مشاكل قضائية بالجزائر، حيث رن معاناة بوعلام العياشي مغترب بكندا دخل الجزائر من أجل الاستثمار في المجال الفلاحي بإقليم بلدية الحراش، غير أنه قوبل بجملة من المشاكل والعراقيل منها عائلية وأخرى إدارية جعلته يسجل رقما قياسيا من حيث القضايا المتابع فيها والتي بلغت 32 قضية فصل في 24 منها ولازالت 8 محل مد وجزر، وقال إن المحكمة باتت منزله حيث إنه يقصدها أكثر من أي مكان آخر، وقال إنه ومنذ 4 سنوات دفع ما يزيد عن 750 مليون سنتيم من أجل أن يحصل على حقه الذي ضاع، وبين خلل في القوانين حيث إنه يجد في كثير من الأحيان نفسه متهما ومحل شكوى دون أن تكون له علاقة بملف القضية، ورغم أنه خسر كثيرا من القضايا على مستوى محكمة الحراش، إلا أنه أكد أن مجلس قضاء العاصمة مفتاح الفرج نظرا لحصوله على أحكام في صالحه خاصة ما تعلق بالتعدي على أملاكه، ومع بلدية الحراش وعائلته..
وعن تكاليف التقاضي، أوضح أن «الزوالي» في الجزائر تضيع حقوقه مضيفا أنه لو لم يكن يملك فندقا في كندا لما تمكن من الحصول على حقوقه والمضي في مشروعه الذي واجهته عدة عراقيل دفعته لليأس وحتى للتخلي عن المطالبة بحقوقه في خضم التعقيدات التي واجهها خاصة فيما يتعلق بقضية الورث وترجمة الوثائق.. ويقول حميد مرسي، صاحب مؤسسة خاصة لبيع تجهيزات التبريد والذي دخل في صراع مع شقيقه حول المؤسسة، أنه دفع ما يزيد عن نصف مليار منذ 5 سنوات من النزاع القضائي عين فيه أكثر من 10 محامين تولوا الدفاع عنه في قضايا يكون فيها متهما تارة وضحية تارة أخرى، ووصف العدالة الجزائرية بالمريضة، موضحا أن تعقيدات التقاضي وجهله بالقوانين جعلته يدفع الملايين ليخسر أبسط القضايا، لا سيما وأن كثيرا من المحامين يغتنمون هذا الأمر لمطالبته بمبالغ خيالية عن جنح بسيطة يمكنه حتى الدفاع فيها عن نفسه دون محامي.
ترجمة الوثائق.. بداية مكلفة لطريق نهايته مجهولة
وغير بعيد عن معاناة بعض المتقاضين مع اتعاب المحامي، فإن وجها آخر من المعاناة كرسته مواد قانون الإجراءات المدنية بإجبارية ترجمة الوثائق المقدمة للقضاء، حيث ألزم المشرع الجزائري من خلال المادة الثامنة من القانون الجديد بأن تتم كل «الإجراءات القضائية للعرائض والمذكرات باللغة العربية»، وتضيف الفقرة الثانية من نفس المادة وجوب «تقديم الوثائق والمستندات باللغة العربية، أو تكون مصحوبة بترجمة رسمية إلى هذه اللغة»، حتى أن الحقوقيين ذهبوا إلى حد التحذير من أن بعض جوانبها يهدد مصالح المتقاضي ويرهن قضاياه إلى حين، حيث طالب عدد من المحامي في هذا الصدد الجهات القائمة بصياغة هذه القوانين وأن تراجع مواد قانون الإجراءات المدنية، إذ أن إصدار قانون إجبارية الترجمة كان لابد أن يتماشى مع نصوص قانونية تلزم الإدارة العمومية في مختلف القطاعات بإصدار وثائقها باللغة العربية، حتى لا يظطر بعدها المتقاضي بترجمتها، قبل إيداعها في ملفه القضائي، ما يجعل الأمر والمطلب غريبا وأضحوكة، حيث يشكل إرهاقا للمتقاضي قد يدفعه إلى مرحلة يعزف فيها عن المطالبة بحقوقه أمام العدالة، بمعنى أن هذه المادة الثامنة ستدفع واقعيا المتقاضي البسيط إلى التخلي عن حقه.
من جهته يرى المحامي محمد صدوقي أن غياب العدد الكافي للمترجمين المعتمدين رسميا سيجعل من المتقاضي هو الخاسر الوحيد، بالإضافة إلى أن المشكل العويص الذي سيواجه بعض المترجمين، هو عدم امتلاكهم لتكوين ورصيد قانوني، وهو ما تؤكده المحامية مريم، حيث أفادت بأن طرح إجبارية ترجمة الوثائق لم يأت في وقته المناسب، نظرا لعدم قدرة المترجمين الحاليين استيعاب الطلب الكبير المرافق لعدد القضايا المرفوعة أمام العدالة، مضيفة أنه كان من المفروض أن تقابل الترسانة القانونية آليات ووسائل مادية لضمان تطبيقه بنجاح، وقال المحامي رشيد. ق إن أتعاب الترجمة قد تصل حتى 40 مليون سنتيم خاصة في القضايا التجارية والإدارية كترجمة وثائق تتعلق بالصفقات العمومية … وبالتالي فإن الحديث عن تكاليف التقاضي لا يتحملها المحامي، بل إن الخلل في القانون، في حد ذاته .
وقد أكد احد المتقاضين وهو عمي ساعد التقيناه امام الفرع التجاري بمحكمة عبان رمضان وهو في نزاع عقاري مع أبناء عموميته حول ملكية بناية بالعاصمة كلفته إجراءات الترجمة قبل الشروع في المحاكمة ما يزيد عن 30 مليون سنتيم تضاف إليها مصاريف التبليغ لحضور الورثة.. وأكد أن ترجمة الوثائق للغة العربية هو إعسار أو إرهاق للمتقاضين وإلا كيف يفسر اشتراط تقديم الوثائق باللغة العربية ونحن نعرف جميعا أن أغلب العقود هي باللغة الفرنسية أو بالأحرى يرجع تاريخها للحقبة الاستعمارية. كما أنه من الغريب حسبه أن تبقى الإدارة العمومية مفرنسة ويطلب من المواطن ترجمة كل شيء عند لجوئه إلى القضاء، بما في ذلك فواتير الكهرباء، الماء، الغاز، الشهادت الطبية وخبرة الطب الشرعي.
وقد تشعر بالدهشة وأنت ترى بعض القضايا المستعجلة يستمر البحث فيها عدة سنوات خاصة مع القضايا التي تتطلب إجراء الخبرة القضائية، ويصطدم المدعي بصعوبات التقاضي والتي تعود لأسباب كثيرة من بينها مدة التأجيل بين الجلسة والجلسة، وأوضح المحامي ت. محمد أن العدالة المتأخرة نوع من الظلم لا يجب أن يتحمله أصحاب الحقوق، لكن العبء الملقى على عاتق القضاة كبير نتيجة للزيادة الكبيرة في عدد القضايا والمنازعات المدنية والجنائية والعمالية والإدارية، مضيفا أن الدعوى المدنية باتت اليوم تشكل عبئا كبيرا على المتقاضين نظرا لتكاليف أمور التنفيذ والتبليغ فهناك بطء في إجراءات التنفيذ وفي الإجراءات الإدارية التي تسبق وتلحق إجراءات التقاضي، موضحا أن هناك عدة أسباب لبطء وتعطيل إجراءات التقاضي، فالسبب الاول يتعلق بالمتخاصمين أنفسهم، وهناك أسباب تتعلق بالجوانب الإدارية والفنية. وأشار إلى العدد الكبير من قضايا الأسرة التي تبعد كل جلسة عن الأخرى ما يقارب الشهر، فضلا عن تعقيدات قانون الإجراءات المدنية.
قانون الإجراءات المدنية يحرم «الزوالية» من التقاضي
شكل نص المادة 08 -09 من قانون الإجراءات المدنية جدلا وسط بعض المحامين في حديثنا إليهم حول تكاليف التقاضي، حيث أجمعوا على أن نص هذه المادة يحرم الزوالية من التقاضي، وذلك بعد أن حددت أن النزاع الذي تكون قيمته أقل من 20 مليون سنتيم فإن الحكم الذي يصدر عن المحكمة الإبتدائية هو حكم نهائي غير قابل للاستئناف، وبالتالي فإن المتقاضي الذي يكون صاحب الدعوى أو الضحية ليس بإمكانه الحصول على حقه في حال كان قرار المحكمة من الدرجة الأولى غير مرض له، ولا يمكنه الاستئناف. كما أكد المحامي ق. رشيد أن المتعارف عليه أنه ليس هناك سلم يضبط أتعاب المحامي في الجزائر، وقال إنها غير مكلفة نظرا لوجود حلول أوردها القانون في حال تعذر على المتقاضي دفع مستحقات المحامي وذلك من خلال المساعدة القضائية، كما اعتبر أن فئة المحامين هي الأقل دخلا فيما يخص الجهاز القضائي وقال إنه في حال تمت مقارنتها مع أتعاب محامين في دول أوروبية وحتى عربية، فإنه يتبين لنا جليا أنها غير مكلفة وذلك لاعتماد هذه الدول على قانون يحدد أتعاب المحامي حسب الوقت، مضيفا أن تحديد أتعاب المحامي يعتمد على عدة معايير ومقاييس خاصة في تحديد أتعابه المتعلقة بالقضايا التي يعالجها يوميا، وهذا أمام انعدام قانون خاص أو تعليمات منظمة تصدرها أي جهة يمكنها تنظيم حقوق وواجبات المحامين والمتقاضين تجاه بعضهم البعض. وفي هذا الصدد أوضح المحامي «ب. بشير» أن الأتعاب التي يتقاضاها المحامي تحددها طبيعة القضية ووضعية المتهم، فإن كان هذا الأخير موقوف سواء كان متورطا في قضية سرقة أو نصب واحتيال أو الضرب والجرح العمدي وغيرها من الجنح، فإن الأتعاب لن تنزل عن 5 ملايين سنتيم وقد تصل إلى 70 مليون سنتيم حسب الوضعية المادية للمتهم، عكس المتهم الذي استفاد من الاستدعاء المباشر عن نفس التهم، فإن الأتعاب تتراوح مابين 10 آلاف و15 ألف دينار. في حين تتراوح أتعاب المخالفات بين 15 ألف و20 ألف دينار، ليضيف ذات المحامي أن القضايا التي تغدق على أصحاب الجبة السوداء بالمال هي القضايا المدنية والإدارية والعقارية، حيث لا تنزل أتعاب المحامي عن 5 ملايين سنتيم مهما كانت طبيعة الملف.
وفيما يخص القضايا الجنائية، فإن الأتعاب تختلف حسب نوع القضية فعلى سبيل المثال القضايا الإرهابية تصل أتعابها إلى حدود 30 مليون سنتيم وما فوق.
أما قضايا القتل العمدي فتتراوح بين 10 و15 مليون سنتيم، وإن كانت هذه الأسعار التي يعتمدها غالبية المحامين حسب ذات المصدر إلا أن حجم القضية في طبيعة التهم على غرار الخليفة وعاشور عبد الرحمان يلعب دورا كبيرا في تحديد الحالة المادية للزبون وفي الوقت ذاته لا تعني بالضرورة أن المحامي سيجني أموالا طائلة، فقد يوفر من قضية صغيرة أضعاف ما يجنيه مقابل قضية من هذا النوع، الغرض من طلب المحامي المتعلق بمبالغ كبيرة نظير أتعابه في قضية مثل قضية عاشور عبد الرحمان، ليس الربح والثراء وإنما هو تغطية على القضايا الأخرى لأن المحامي لا يرافع في قضايا من هذا النوع شهريا أو سنويا، فهي فرصة قد لا تتكرر مرة أخرى ويعتبر مبدأ العرض والطلب معيارا يمكن اعتماده في تحديد أتعاب المحامي وهو ما يجعل مكتبه مكانا للأخذ والرد بينه وبين الزبائن، غير أنه وفي غالب الأحيان يتم مراعاة حالة الزبون المادية والاجتماعية في تحديد السعر أو المقابل المادي للقضية.
المساعدة القضائية باب فرج لا يدخله الجاهلون
خلال جولتنا الاستطلاعية لإعداد هذا «الروبروتاج»، صادفنا كثيرا من المتقاضين الذين تحدثوا عن مشاكلهم مع التقاضي سواء من خلال تكاليف التقاضي أو طول الإجراءات.. غير أن أغلبهم يجهل وجود قانون يمكنه من تحصيل حقوقه دون دفع أي دينار، وذلك من خلال استحداث جهاز اسمه المساعدة القضائية، الذي دخل حيز التنفيذ منذ شهر فيفري الماضي في إطار مواصلة تنظيم مهنة الدفاع ووضع حد للفوضى الذي كانت سائدة في دفع أتعاب الدفاع المعين في إطار المساعدة القضائية، حيث تمت المصادقة على مشروع مرسوم تنفيذي يحدد شروط وكيفيات دفع أتعاب المحامين المعين في إطار المساعدة القضائية، وقد حدد المشروع مبلغ 6 آلاف دينار كآخر مبلغ في قضايا الإجراءات الولائية والتحفظية التي تفصل فيها المحاكم. فيما تم تحديد قضايا المخالفات ب7 آلاف دينار و9 آلاف دينار للقضايا الاستعجالية. فيما تدفع 10 آلاف دينار للقضايا المدنية والتجارية البحرية، وهو الأمر نفسه بالنسبة لقضايا الأحوال الشخصية والقضايا الاجتماعية، وتم تحديد مبالغ قضايا الأحداث ب11 ألف دينار فيما حدد قضايا الأحوال الشخصية والقضايا المدنية والعقارية التي تفصل فيها المجالس القضائية بعد إجراءات الطعن ب 12 ألف دينار.
وتشمل الفئة الثالثة من أتعاب المساعدة القضائية المحددة ب25 ألف دينار، حسب نص المرسوم، 25 ألف دينار ويتضمن القضايا الجنائية التي تفصل فيها محكمة الجنايات وقضايا المحكمة العليا، إلى جانب القضايا التي يفصل فيها مجلس الدولة ومحكمة التنازع.
وحسب رئيس المنظمة الوطنية للمحامين مصطفى الأنور، فإن المساعدة القضائية هي مخرج لآلاف المواطنين الذين لا يتسنى لهم دفع تكاليف التقاضي وذلك بتعيين محامي تلقائي يتم اختياره عادة من قبل منظمة محامي العاصمة وتكون الأتعاب على عاتق الخزينة العمومية تحت وصاية وزارة العدل. وأكد أنه تسجل يوميا مكاتب المساعدة القضائية مطالب بالمئات تدرس على مستوى اللجنة التي تتشكل من وكيل الجمهوريةرئيسا، قاضي يعين رئيس المحكمة إلى جانب أعضاء ممثلين عن منظمة المحامين والغرفة الجهوية للمحضرين عضوا، وكذا ممثل عن رئيس المجلس الشعبي البلدي لمحل الإقامة وممثل الخزينة العمومية، إلى جانب ممثل عن مديرية الضرائب، حيث يقدم الطالب ملفا يضم عرض وجيز لموضوع الدعوى أو العمل الولائي والتنفيذ المراد مباشرته. إلى جانب مستخرج من جدول الضرائب أو عدم فرض الضريبة وتصريح شرفي يثبت فيه المعني موارده مصادق عليه من طرف رئيس المجلس الشعبي.
وعن الأشخاص الذين يستفيدون من المساعدة القضائية، أوضح ذات المتحدث أنهم الأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين الذين لا تستهدفون الربح ولا تسمح لهم مواردهم بالمطالبة بحقوقهم أمام القضاء أو الدفاع عنها، وكذا كل أجنبي مقيم بصورة قانونية على الإقليم الوطني ولا تسمح له موارده بالمطالبة بحقوقه مع وجود استثناء الأشخاص الذين لا يستوفون الشروط عندما تكون حالتهم جديرة بالاهتمام بالنظر إلى موضوع النزاع. وعن نطاق منح المساعدة القضائية، أوضح مصطفى الأنور أنها تمنح بالنسبة لكافة المنازعات المطروحة أمام الجهات القضائية العادية والإدارية وجميع الأعمال والإجراءات الولائية والأعمال التحفظية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.