بدأت فترة الإعداد للعيد بتحضير الحلويات في اليوم السابع والعشرين من الشهر الكريم، عن طريق وضع جدول توقيت من أجل ضمان إعداد الكميات والأنواع المرغوب فيها، حيث بدأت العائلات السطايفية في تحضير مختلف حلويات العيد، مما جعل أماكن بيع المستلزمات الأساسية تشهد إقبالا كبيرا نهارا وليلا، من مكسرات وخمائر، وسكر وغيرها، رغم ارتفاع أسعارها بنسبة 50 بالمائة عما كانت عليه قبل رمضان وهذا ما أثار استغراب وتساؤل العائلات عن دور رقابة الدولة في هذه المناسبات، في حين أقر بعض الباعة أن ثمن المواد المستعملة في الحلويات ارتفع في سوق الجملة، خاصة وأن بعض المواد مستوردة من الخارج مثل المكسرات، الكاكاو، الفستق واللوز، وهذا يكون حسب السوق العالمي الذي يشهد تذبذبا من حين لآخر، وأيضا حسب الطلب والعرض. وخلال حديثنا مع العديد من المتسوقين اعترفت إحداهن بأنها غير قادرة على تحضير حلويات العيد بسبب كلفتها الكبيرة، وأنها ستكتفي بشرائها بكميات قليلة لتزيين مائدة عيد الفطر المبارك، وهذا يعني أن التقاليد الموروثة عن الأسلاف بدأت تزول بصورة تدريجية، بسبب تغير نمط المعيشة، واجتهاد العائلات لمواكبة النمط العصري ومسايرة التحولات الجارية بكل تناغم وتفاهم وتدبر، فالأمر يحتاج إلى تفكير وتدبير حسب الإمكانيات المتاحة، خاصة وأن مستلزمات صناعة الحلويات هذه السنة عرفت ارتفاعا في أسعار بعض موادها الرئيسية مقارنة بما كانت عليه سابقا، بما أدى إلى تراجع عرض بعض هذه المستلزمات لأثمانها المرتفعة خوفا من صعوبة تسويقها وقد مس الارتفاع بعض المواد الضرورية خاصة بالنسبة لحلويات عيد الفطر، حيث تتمثل أهم هذه المواد في اللوز الذي أصبح يباع ب 800 دينار للكيلوغرام الواحد غير المقشر و900 دينار للمقشر. فيما كان يباع السنة الفارطة ما بين 650 حتى 750 دج، إضافة إلى الفستق الذي عرف ارتفاعا كبيرا في سعره، إذ وصل هذه السنة إلى 2200 دينار للكيلوغرام الواحد فيما كان ثمنه لا يتجاوز السنة الفارطة 1500 دينار، إضافة إلى الفول السوداني الذي أصبح يباع ب 230 دينارا. فيما كان سعره قبل رمضان فقط 180 دينارا وهو ما أكده لنا التجار أنفسهم، كما شهدت بعض المواد ندرة بالأسواق كمادة الكاوكاو وحليب «النيسلي» وهذا لارتفاع أسعارها بشكل ملفت للانتباه ما جعل التجار يحجمون عن جلبها إذ أصبحت مادة الكاوكاو أسود اللون تباع ب 650 دينار للكيلوغرام والبني ب 560 دينار أما»النيسلي» فأصبح يباع ب 150 حتى 160 دينارا للعلبة الصغيرة، فيما كان سابقا يباع ب 120 دينارا فقط. أسواق كحلبة ملاكمة في حين عرفت بقية المواد استقرارا في أسعارها كمادة الفرينة التي تباع هذه الأيام بالأسواق بين 40 حتى 55 دينارا حسب النوعية، والسميد ما بين 65 و75 دينارا بين العادي والجيد، إضافة إلى السمن الذي يصل ثمن الكيلوغرام الواحد منه إلى 200 دج والسكر الرطب ما بين 55 و60 دينارا، غير أن بعض الماركات الجيدة والمطلوبة بالسوق من هذه المادة أصبحت نادرة وهذا لارتفاع أسعارها. ورغم ارتفاع أسعار بعض هذه المستلزمات، إلا أن البعض يعتبرها ضرورة وتشهدا إقبالا كبيرا من طرف المتسوقين والتي لا يمكن التخلي عنها، حيث لاحظنا تهافتا وإقبالا منقطع النظير على شراء هذه المستلزمات وخاصة بسوق هذه المواد وكذا بالمحلات المتخصصة في تجارتها. وبالرغم من ارتفاع ثمن مواد صنع هذه الأخيرة، إلا أن السيدات لا يتنازلن عنها، فأصبح الأمر شبيها بحلبة صراع من أجل توفير أنواع مختلفة. وفي هذا حدثتنا سليمة قائلة «حدث مرة أن أعددت كل أنواع الحلويات التي رغبت في أن تتزين مائدتي بها، إلا أنني أقدمت على صنع نوعين آخرين، وذلك مباشرة بعد أن أعلنت لجنة الأهلة بالتلفزيون أن هلال شوال لم يظهر للعيان فقررت استغلال تلك الليلة في إعداد نوعين آخرين»، وتحججت محدثة أخرى سألناها عن سر هذه المغالاة بالقول إن تحضير تلك الأصناف لا يكون إلا مرة واحدة أو مرتين في العام، فلم لا تستعرض السيدة مهاراتها؟! من جهة أخرى قالت لنا «آمال» مختصة في صناعة الحلويات، إنه لا يمكن الحديث عنها دون التطرق إلى «الغريبية»و»التشاراك المسكر» وتعد هذه الأنواع ثلاثية الحلويات المقدسة في مائدة عيد الفطر عند السطايفية، يضاف إليها «مقروط الكوشة» الذي يعد عشق الكثيرين بالنظر إلى لذته المقترنة بالمناسبات السعيدة، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال التنازل عنه وقد كانت هذه الأنواع أكثر من كافية في الماضي القريب، إلا أن ما بات يحدث اليوم يقترن بإعداد أنواع كثيرة غالبا للمباهاة، حيث تضاف للقائمة أنواع أخرى مختلفة، تحبذها البنات اللواتي ينافسن الوالدات في تقديم أصناف عصرية ويفضلن بذلك ترك مهمة إعداد التقليدية منها للأمهات اللواتي يبرعن في ذلك، باعتمادهن على الوصفات الكثيرة التي باتت تُوفرها كتب الطبخ وحتى من صفحات الجرائد والانترنت والبرامج التلفزيونية غير مبالين لا بارتفاع الأسعار ولا شيء آخر. وفيما يعتبر كثيرون هذا الهوس بالتنويع في الحلويات ضربا من التبذير، تفسر سيدات سطيف أن الأمر راجع إلى عادة قديمة لديهن، وهي تبادل أنواع الحلويات مع الأهل والأقارب والجيران، إضافة إلى الحصص المخصصة للضيوف. وما يزيد من حتمية هذا التنويع المناسبات التي تنتظر العائلات التي تكون على موعد مع استقبال الأصهار الجدد، حيث تُفضل ملاقاتهم بأنواع متعددة من الحلويات، وكذا الأمر بالنسبة لأهل العريس الذين يتحتم عليهم أخذ أفضل وأجود الأنواع من الحلويات للزوجة المستقبلية لابنهم، حتى إن كان هذا عبئا إضافيا على الجميع إلا أنها عادة راسخة لا يمكن التساهل فيها. وأمام كل هذه الدوامة وجد المواطن السطايفي نفسه في مأزق أمام الغلاء الفاحش وكثرة مصاريف شهر رمضان مرورا بكسوة العيد والارتفاع الجنوني لأسعار الحلويات ما جعله يشعر بالعجز، خاصة مع اقتراب الدخول المدرسي الذي هو على الأبواب ووضعه في حيرة من أمره حول كيفية تقسيم الميزانية فهناك الكثير من الضغوطات تواجههم من كثرة الطلبات. لكن هذا لا ينفي أن بعض المواطنين حاولوا التعامل مع تكاليف المناسبات حسب امكانياتهم وسعوا إلى الضغط على النفقات ف«أمين» اعترف بأن شهر رمضان تميز هذه السنة بموجة غلاء وأسعار حارقة لمختلف المواد والملابس وحلويات العيد ولكن محدودية دخله دفعته الى التضحية بالحلويات واقتناء ملابس العيد من بعض الأسواق الشعبية التي تعرض سلعا تراعي قدرة المواطنين.