مدير(اليافسي) يشرف على اجتماع عمليات التدقيق في المنصات    باماكو تحصر أنفاسها المتقطعة وهي على بُعد أيام من السقوط    دراسة ملف إنتاج الكهرباء والتحضير للصائفة لقادمة 2026    ندوة دولية تسلط الضوء على الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية    البرلمان العربي يؤكد أهمية تحقيق التوازن بين التطور التقني في مجال الذكاء الاصطناعي وبين صون المبادئ القانونية والقيم الإنسانية    افتتاح مهرجان "في الصحراء" السينمائي في طبعته الرابعة بمدريد    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    مشروع جمعوي لإدماج الشباب في ترقية الموروث الثقافي بالشلف    أمطار غزيرة على عدة ولايات تصل 70 ملم    بعيدا عن هموم مهنة المتاعب..!؟    بن دودة تشرف على اختتام صالون الدولي للكتاب بتتويج الفائزين بجائزة "كتابي الأول" وتكريم شخصيات والمشاركة في انطلاق "قافلة المعرفة    استذكار وتكريم نخبة من الأدباء والإعلاميين والناشرين الراحلين    الجزائر تستكمل استقلالها بالتنمية والبناء تحت قيادتكم    السودان : "الدعم السريع" حرقت مئات الجثث في الفاشر    الاستثمارات الضخمة تقوي أسس الاقتصاد الوطني    هذه أهم مقترحات التعديل على مشروع قانون المالية    مع نهاية 2026..توقع انتاج 800 طن من سمك البلطي الأحمر    وضع حدّ لشبكة إجرامية تقوم بالنصب في بيع المركبات بالتقسيط    رهان على التسويق الرقمي والحماية من التقليد.. 3 محاور أساسية للنهوض بالصناعات التقليدية بالجزائر    البليدة.. تحويل ثلاث مفارغ عمومية إلى حدائق    امتيازات بالجملة للشباب حامل بطاقة المتطوع    تخفيف المحتوى الدراسي وتقييم شامل للمنهاج    الجامعة أصبحت رمزا لتحول الأفكار وقاطرة للتنمية    قسنطينة..أزيد من 1300 طالب جديد مؤمن اجتماعيا    إعداد دفاتر شروط مشاريع متحف وتمثال الأمير والقرية العلمية    لا حل دون إشراك الشعب الصحراوي    الاحتلال يخرق جوهر الاتفاق وأساس وقف إطلاق النار    مشروع قانون المالية 2026:تكريس الطابع الاجتماعي للدولة ودعم النمو الاقتصادي    لجنة المالية والميزانية للمجلس الشعبي الوطني:إدراج عدة تعديلات على مشروع قانون المالية 2026    وهران..مناقشة آخر المستجدات في مجال الطب الداخلي    نتائج إيجابية بولاية البليدة    ستّة ملايين زائر لصالون الجزائر للكتاب    الجزائر ستظلّ قويّة وآمنة    قوجيل يدعو إلى التمسك بقيم نوفمبر    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    نحو سياسة عربية مختلفة    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    مشاريع قيد الانجاز تعكس صورة الجزائر    بسكرة : حجز 5600 مؤثر عقلي نوع بريقابالين    بوقرّة يستدعي سليماني وبودبّوز    مازا في التشكيلة المثالية    استفتاء تقرير المصير حق قانوني للصحراويين    جلاوي يستقبل سيناتورين    لا نمانع وجود قوات دولية على حدود غزة    شروط جديدة لتجارب تكافؤ الأدوية    لا وصف للمضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى    ضعت مع الشعر وأنا شاعر حتى في حياتي اليومية    مدرب مرسيليا الفرنسي يتأسف لغياب غويري    عبدلي يرفض التجديد مع أونجي والوجهة ألمانية    منصب جديد لمازة يقدم حلولا فنية لبيتكوفيتش    الرسومات تخفّف من شدّة الكلمات    حين تتحدث الدُّور عن فكر يتجدّد وإبداع لا يشيخ    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    صيدال يعتزم إنجاز وحدات انتاجية    تيطراوي بن قارة لأوّل مرّة.. وبن ناصر يعود    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقام التوبة

هي أصل كل مقام، ومفتاح كل حال، فمن لا توبة له لا مقام له ولا حال. التوبة: الرجوع عن الذنب بالإقلاع عنه، والندم عليه، وعزم القلب على ألا يعود إليه، وردّ المظالم لأهلها إن تعلَّقت بالغير. والتوبة المندوبة: الرجوع من المباحات لنيل القربات، وسواء كانت التوبة واجبة أو مندوبة، فهي مطلوبة، قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور: 31).
ويقال للتوبة: أوبة. قال تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (ص: 30)، أي: رجّاع.
قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً (التحريم: 8).
وروى القشيري بسنده إلى أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له".
وإذا أحب الله عبداً لم يضره ذنب، ثم تلا: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (البقرة: 222). وذلك لأنه إذا أحبه ألهمه التوبة من الذنب، أو غفر له، لقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ (النساء: 48). قيل: يا رسول الله وما علامة التوبة؟ قال: "الندامة"([1]).
وبسند القشيري إلى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب"([2]).
فالتوبة أول منازل السالكين، وأول مقام من مقامات الطالبين، فالتوبة الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود فيه، وقال صلى الله عليه وسلم: "الندم توبة"([3]). فأرباب الأحوال من أهل السنة قالوا: شرط التوبة حتى تصحَّ ثلاثة أشياء: الندم على ما عمل من المخالفات، وترك الزلة في الحال، والعزم على ألا يعود إلى مثل ما عمل من المعاصي. فهذه الأركان مع إرضاء الآدمي في ظلامته إن كانت، لا بد منها حتى تصح توبته، وأما ما في الخبر: "الندم توبة" إنما نصّ على معظمه، كما قال عليه الصلاة والسلام: "الحج عرفة"، أي: معظم أركانه، والندم توبة معظم أركانها الندم، فالندم يستتبع الركنين الآخرين، فإنه يستحيل أن يكون تائباً نادماً، وهو مصرٌّ على مثل ذلك الذنب، أو عازم على الإتيان بمثله، وهذا معنى التوبة على الإجمال.
وللتائبين صفات وأحوال هي من خصالهم، يعد ذلك من جملة التوبة لكونها من صفاتهم، ولأنها من شرط صحتها.
قال الدقَّاق: التوبة على ثلاثة أقسام، أولها: التوبة، وأوسطها الإنابة، وآخرها الأوبة. فجعلَ التوبة بداية، والأوبة نهاية، والإنابة واسطتهما. فكل من تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة، ومن تاب طمعاً في الثواب فهو صاحب إنابة، ومن تاب مراعاة للأمر لا لرغبة في ثواب، أو رهبة من العقاب فهو صاحب أوبة.
ويقال أيضاً: التوبة صفة المؤمنين، قال الله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (النور: 31). والإنابة صفة الأولياء والمقربين، قال تعالى: وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (ق: 33)، والأوبة صفة الأولياء والمقربين، قال تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (ص: 44).
فمن آب خوفاً من العقاب ورجاء للثواب فهو طالب حظ نفسه غير مخلص لله تعالى، ومن تاب حياء من ربه لقدرته عليه وعلمه به لا خوفاً من ناره ولا رجاء لثوابه، فهو المخلص في توبته، ومن تاب عن كل ما سوى الله تعالى فهو المقرّب.
قال الجنيد: التوبة على ثلاث معان، أولها: الندم. والثاني: العزم على ترك المعاودة إلى ما نهى الله تعالى عنه، والثالث: السعي في أداء المظالم.
وقال سهل بن عبدالله: التوبة ترك التسويف. وقال الحارث المحاسبي: ما قلت قط اللهم إني أسألك التوبة، ولكني أقول: أسألك شهوة التوبة، لأنها الأكمل، فإذا رزقها حملته على سائر مقامات التوبة من المكروهات، والمندوبات، والقفلات، وترك الأولى، ومن رؤية الأعمال الصالحات.
دخل الجنيد على السري فرآه متغيراً، فسأله عن سبب تغيره، فقال: دخل عليّ شاب فسألني عن التوبة، فقلت: ألا تنسى ذنبك، فعارضني وقال: بل التوبة أن تنسى ذنبك، فقال الجنيد: الأمر عندي ما قاله الشاب، فقال: لم؟ قلت: لأني إذا كنت في حال الجفاء نقلني إلى حال الصفاء، فذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء، فسكت السري.
وسئل البوشنجي عن التوبة فقال: إذا ذكرت الذنب ثم لا تجد حلاوته عند ذكره فهو التوبة.
وقال يحيى بن معاذ: زلة واحدة للتائب أقبح من سبعين زلة قبلها.
وقال ذو النون: حقيقة التوبة أن تضيق الأرض عليك بما رحبت، حتى لا يكون لك قرار، ثم تضيق عليك نفسك، كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله: وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ (التوبة: 118).
* بتصرف - نقلا عن كتاب (الجد في السلوك إلى ملك الملوك) للشيخ أسعد محمد الصاغرجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.