« فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ « أي: اتقوا باللهِ عن غير الله، وأصلحوا ما بينكم من الأخلاقِ الرَّديئة، والهِمَمِ الدَّنيئة، وهي الحرصُ على الدنيا، والحسدُ على الإخوان، وغيرهما من الصفاتِ الذَّميمة التي يُحجَب بها نورُ الإيمان عن القلوب. « وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ « بالتسليمِ لأحكامهما، والائتمارِ بأوامرهما، والانتهاء عن نواهيهما. « إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ « تحقيقًا لا تقليدًا؛ فإن المؤمنَ الحقيقيَّ هو الذي كتب اللهُ بقلم العناية في قلبه الإيمانَ، وأيَّده برُوحٍ منه؛ فهو على نورٍ من ربه. واعلم أن شأنَ نور الإيمان أن يُرِقَّ القلبَ، ويصفِّيَه عن كدوراتِ صفات النفس وظلماتها، ويُلِين قسوتَه؛ فيَلِينَ إلى ذكر الله، ويجدَ شوقًا إلى الله. وقال في «أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير»: فاتقوا الله تعالى بترك النِّزاع والشِّقاق، « وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ « بتوثيق عُرَى المحبة بينكم، وتصفيةِ قلوبكم من كل ضغن أو حقد... « وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ « في كلِّ ما يأمُرانِكم به، وينهيانِكم عنه، « إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ « حقًّا؛ فامتثلوا الأمرَ، واجتنبوا النَّهْيَ» وهذه طائفة من أحاديث المصطفى تبيِّنُ عِظَمَ أمرِ صلاح ذاتِ البيْنِ، وخطَرَ فسادِها: 1/ عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ألا أنبِّئُكم بدرجةٍ أفضلَ من الصلاة والصيام والصدقة» قالوا: بلى، قال: « صلاحُ ذاتِ البَيْنِ، وفسادُ ذاتِ البَيْن هي الحالقةُ» صححه الألباني 2/ وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنةَ حتى تُسْلِموا، ولا تُسْلِموا حتى تحابُّوا، وأفْشُوا السلامَ تحابُّوا، وإياكم والبغضةَ؛ فإنها هي الحالقةُ، لا أقول لكم: تحلِقُ الشَّعر، ولكن تحلقُ الدِّين» صححه الألباني 3/ وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تَقَاطعوا، ولا تَدَابروا، ولا تبَاغَضوا، ولا تحاسَدوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجُرَ أخاه فوق ثلاث» متفق عليه الشيخ محمد حسان آداب الحوار يحتاج الحوار إلى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزموا بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين وهذه الآداب العامة للحوار. 1/ إخلاص المحاور النية لله تعالى: إخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه . 2/ توفر العلم في المحاور: قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة، حتى في الحوار التعليمي، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة والطرف الآخر يعرف شيئا على الأقل عن موضوع المحاورة ، فهو لا يأتي للمحاورة وهو خالي الذهن منه. والمحاور لا يحاور في موضوع يجهله بل لابد من أن العلم إلا إذا كان سائلا يهدف إلى معرفة الحقيقة والاستفادة منها. 3/ صدق المحاور: إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم، إن اعتماد المحاور الصدق في كلامه يكسبه قوة في محاورته، فكلما تمسك بهذه الصفة كان لهذا الأثر البليغ في إقناع محاوريه بصحة دعواه وسلامة قضيته. والمحاور الصادق يجعل لكل كلمة قيمة