اكد المحامي بومداني محمد الذي استقبلنا بمكتبه ان ظاهرة جرائم الكمبيوتر والانترنت ، او جرائم التقنية العالية ، او الجريمة الإلكترونية ، تبقى ظاهرة اجرامية دخيلة على المجتمع الجزائري نسبيا في الوقت الذي تعاني المجتمعات في الآونة الأخيرة من انتهاك للحقوق والخصوصيات الإلكترونية، وذلك في ظل انتشار الجريمة الإلكترونية، وجاء تطوّر هذا النوع من الجرائم بالتزامن مع التطورات التي تطرأ على التقنيات والتكنولوجيا التي يسرت سبل التواصل وانتقال المعلومات بين مختلف الشعوب والحضارات وسهلت حركة المعاملات، كاشفا ان هذا التقدم المذهل والمميز لا يخلو من عيوب لأن استخدامه لا يقتصر على الإنسان الخير بل الإنسان الشرير الذي قد يوصف كمجرم لسعيه وراء أطماعه واقتناصه الفرص لتحقيق أغراضه غير المشروعة ، فلم يتوان عن استغلال التقنية لتطوير قدراته الإجرامية باستخدام شبكة المعلوماتية كوسيلة سهلة لتنفيذ العمليات الإجرامية ، مما يلحق ضررا بالآخرين . و بتنامي معدلات الجريمة وتطور أشكالها و تهديدها المباشر قد دق ناقوس مجتمعات العصر الراهن لحجم المخاطر وهول الخسائر الناجمة عن هذه الجرائم التي تستهدف الاعتداء على المعطيات بدلالتها التقنية الواسعة.فهي جريمة تقنية تنشأ في الخفاء و توجه للنيل من الحق في المعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها الإنترنت ، وتظهر مدى خطورتها في الإعتداءات التي تمس الحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن والسيادة الوطنيين وتشيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدد ابداع العقل البشري. وأصبح يواجه المؤلفون في البيئة الرقمية المتشابكة العديد من المشاكل بسبب سهولة الوصول إلى مؤلفاتهم واستنساخها،في ظل تقاعس أو عدم مواكبة التشريعات التقليدية للسرعة التي تتطور بها التكنولوجيا الحديثة وعصر المعلوماتية، وعدم قدرتها على التكيف مع الوضع الحالي. الأمر الذي دفع بالدول إلى العمل ملياً للحد من هذه الجرائم من خلال التوعية والوسائل الوقائيّة الأمنية وغيرها ،بحيث بات لزاما أن يواكب تطور الجريمة و أساليبها تطورا في مجال السياسة التشريعية عموما و السياسة الجنائية علي وجه الخصوص ، بعد أن أصبح واضحا التهديد المباشر للمنظومة الحقوقية الذي يتسبب فيه إساءة استخدام شبكة المعلوماتية ، لهذا الاعتبار تكاثفت الجهود الدولية لمواجهة الآثار السلبية المترتبة على إساءة استخدام تقنية الاتصالات و المعلومات. أما المشرع الجزائري اضاف محدثنا انه لم يعرف الجريمة الإلكترونية وإنما تبنى للدلالة على الجريمة مصطلح المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات معتبرا أن النظام المعلوماتي في حد ذاته وما يحتويه من مكونات غير مادية محلا للجريمة ويمثل نظام المعالجة الآلية للمعطيات الشرط الأول الذي لابد من تحققه حتى يمكن توافر أركان الجريمة إستنادا إلى قانون العقوبات الجزائري المعدل والمتمم لم يعرف جرائم الانترنت، بل اكتفى بالعقاب على بعض الأفعال ، تحت عنوان " الجرائم الماسة بنظام المعالجة الآلية للمعطيات".كما اكد الاستاذ بومداني:" تبين ان خصائص الجريمة الإلكترونية تتمتع بطبيعة قانونية مغايرة تماما للجريمة التقليدية و من واجب المشرع أن يوضع نصوصا قانونية واضحة وخالية من الغموض، بحيث أنها ستؤطر ظواهر اجتماعية جديدة مستقبلا".