لقد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم الخطبة للتبليغ الدعوة ، وكانت أول خطبة له في المدينةالمنورة بعد هجرته إليها فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: ((أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وأتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فان بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ))وكما نلاحظ فقد استعمل الأفعال المضارعة مع نون التوكيد ولتوضيح ما ينتظر الإنسان بعد الموت وقد ركز فيها على قضية المال الذي أكرمه الله به وسيحاسبه عنه وحذر من عذاب جهنم وحض على التصدق ولو بشق تمرة وان الحسنات تضاعف عشر مرات إلى سبعمائة مرة أما الخطبة الثانية فدعا فيها إلى العناية بكتاب الله تعالى ففيه كل خير وقال فيها (( إن الحمد لله احمد وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى قد أفلح من زينه الله في قلبه وادخله في الإسلام بعد الكفر واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وابلغه , أحبوا ما أحب الله ، أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقس عنه قلوبكم فانه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال و مصطفاه من العباد والصالح من الحديث ومن كل ما أوتي الناس الحلال والحرام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم )) وكما نرى فإن الخطبة الثانية في المدينةالمنورة فيها دعوة إلى القرآن، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو زينة للقلوب ، وأحسن الكلام وأطيبه وأنفعه، فعلينا أن نقرأه ليل نهار دون كلل أو ملل، لما فيه من خير وبركة وما احتواه من أحكام ربانية تبين لنا الحلال من الحرام وما فيه من محبة لله ورسوله والمؤمنين ووفاء بالعهود والعقود إنها أغلى نصيحة من خير البشر عليه أزكى الصلاة والسلام..