لأنّ مسرح الطفل يعد أساس مسرح الكبار، وسيكولوجيا (الطفل أب الرجل)، فإنّ مسرح الطفل يفرض نفسه بقوة في الجزائر، طالما أنّه يستطيع الإسهام في صناعة مسرحية ترسم جزائر القادم، وبوسعه تفعيل تربية جيل ذوّاق. بدايةً، يجدرً التنويه أنّ مسرح الطفل هو من أدوات تشكيل ثقافة الطفل حيث يتلقى الأفكار بسهولة، وهو عنصر فعال في تنمية الطفل عقلياً وثقافياً وحتى عاطفياً، ولا مسرح للطفل دون كثير من الصدق وقليلا من الإيهام.وحري بنا التساؤل: ما مسرح الطفل؟، أقول إنه ذلك الفضاء الذي يُبهج الطفل ويُغني معارفه، وهو فن درامي تمثيلي موجه للأطفال يحمل منظومة من القيم التربوية والأخلاقية والتعليمية والنفسية على نحو نابض بالحياة من خلال شخصيات متحركة على المسرح، بما يجعله وسيلة هامة من وسائل تربية الطفل وتنمية شخصيته. في الجزائر، مسرح الطفل يستقطب عاماً بعد عام جمهورا متناميا من الأطفال يؤكده تفاعلهم مع المسرح، ونحن بأمسّ الحاجة إلى عصرنة خطاب مسرح الطفل، وتأصيله والارتقاء به نحو الأنموذج الأمثل. وظائف ومحدّدات ينطوي مسرح الطفل على عدة وظائف هي كالآتي:الوظيفة التعريفية تتمثل أساسا في نقل المعلومات للطفل بتقنيات ومؤثرات بصرية وحركية ، الوظيفة التربوية تُذكي قيم ومبادئ المجتمع ، الوظيفة الترفيهية تمنح الطفل شيئاً من الترفيه وتخرجه من روتين الحياة، وبما أنّ الطفل له عالمه الخاص لذا فعليه يجب الاعتماد على أشياء محددة منها : استخدام لغة بسيطة غير معقدة ، الاعتماد على حوارات واضحة ودقيقة دون إطالة الجمل والانتصار للاختصار، الاعتماد على الحكاية في طرح الفكرة وهي الطريقة الأوضح لإيصال المعلومة ، الاعتماد على الجانب التربوي في تقديم الحكاية. وتبعا لما تقدّم، ينبغي التركيز على تقديم مسرحيات للأطفال من طرف نظرائهم، والعمل على تشجيع المبدعين من فئة الصغار على التأليف والتمثيل والإخراج، بهدف ضمان اندماج الأطفال بشكل كامل في اللعبة الركحية، والابتعاد عن التقليد والمحاكاة، وعليه نريد أطفالا يبدعون لمسرح الطفل. على هذا المستوى، يمكن جعل مسرح الطفل تقنية بيداغوجية بوسعها تحقيق الأهداف المسطرة علميا، فكريا، وجدانيا وحركيا. صدقٌ ثلاثي الأبعاد نتصور إنّ الارتقاء بمنظومة مسرح الطفل في الجزائر يتطلب فهم شخصيات الأطفال، وتفهّم حاجياتهم ومعرفة واقعهم والتعاطف معهم، حتى يجري إنتاج مسرح يستجيب لتطلعاتهم، وعليه فأي تفعيل لمسرح الطفل، ينبغي أن يقوم على البساطة والمرونة في التواصل، بالاتكاء على دراسات وأبحاث علم النفس وعلوم التربية والاجتماع والبيولوجيا وأدب الأطفال، بما يثري مخزون طلائع الجيل الجديد والأجيال القادمة معرفيا ولغويا وفنيا. يرتبط الطفل ارتباطا جوهريا بالتمثيل منذ سنوات عمره، ويعتبر الأطفال أكثر المتفرّجين صدقاً لأنهم لا يكبحون عواطفهم تجاه ما يشاهدونه، فيقعون بسهولة تحت تأثير مُجمل ما يجري أمامهم من الأحداث على منصّة العرض ويندمجون معها، وجمهور الأطفال ليس عنده حلّ وسط، أثناء المشاهدة، فإما أن يحبّ العرض المسرحي ويُصبح جزءاً منه، وإما ألا يحبّه فيدير ظهره له من دون أي تردّد. من مهام مسرح الطفل إيجاد صيغ تربوية سليمة تهدف إلى غرس القيم الجيدة والأخلاق النبيلة بإضافة التسلية والمتعة، ويتناول مسرح الطفل مواضيع مختلفة، يتمّ اختيارها وطرحها في الأغلب ضمن قالب الحكاية التي تعتمد على البساطة في الأحداث والمتعة والتشويق، في ارتباط وتماسك داخل فكرة واحدة ومتسلسلة يتوضّح فيها الخير والشرّ، حيث يتمّ معاقبة الشرير على أفعاله.