صحيح أن ظاهرة العنف اللفظي و الجسدي و المادي متجذرة في الرياضة الجزائرية و بالخصوص كرة القدم بحكم أنها الأكبر شعبية و الأكثر متابعة إلا أن مدرجات هذه الملاعب كانت شاهدة إثبات أن الأنصار كانوا المعارض السياسي الأول خاصة في السنوات الأخيرة حينما ارتدى الكثير ثوب الطاعة و الاستكانة و قنع بفتات الريع المقدم له ، مغنى و معنى يبكي العين و يدمي القلب ، يخرج من حناجر الشباب بقوة و إصرار و هم يقفزون على آلامهم و قنوطهم و يأسهم ، يستسمحون الأم الغالية على قرار مغادرتهم عبر قوارب الموت لهذا الوطن الذي تحول إلى غنيمة في يد منظومة فساد مهيكلة و مقننة . [ ولاد الحركى هادو لباعوها زوالي في بلادو راه كاري ...نوكلو عليكم ربي ضيعتونا الدراري ] أو [ خليني نروح قلبي مجروح ...خليني نروح في بابور اللوح ] أو [ ساعات الفجر و ما جاني نوم راني نكونسومي غير بشوية ، شكون السب و شكون نلوم ملينا المعيشة هديا ] و غيرها كثير من الأغاني و الأهازيج الكروية التي تحدت الرقابة و المحاسبة و أذرع النظام الفاسد و تجاوزت أسوار القلاع الكروية فرددها الطبيب في عيادته و المهندس في معمله و الصيدلي في مخبره و القاضي في محكمته و الأديب في محراب إبداعه في مزيج رائع و استثنائي بين النخبوي و الشعبوي ، بل تحولت إلى أغاني بأصوات مطربين و كانت بمثابة الوقود الذي حرك الجماهير المتدفقة و هي لا زالت ترددها لحد الآن كأناشيد وطنية في كل المسيرات من 22 فيفري إلى يومنا ببساطة لأنها كانت صادقة و الطريق الأقصر إلى العقل و الوجدان هو الصدق .