الحصانة البرلمانية نوع من الحماية القانونية والسياسية يعطيها الدستور لنواب الشعب في البرلمان ليستطيعوا تأدية مهامهم كاملة دون أن تؤثر عليه السلطة التنفيذية بالترغيب أو الترهيب وقد ظهرت الحصانة البرلمانية في بريطانيا بعد «الثورة الجليلة» سنة 1688 ضد الملك . وبدأت فرنسا بتطبيقها منذ ثورة 1789 التي أطاحت بالملك لويس السادس عشر وبنت مبادئ الحرية وحقوق الإنسان ليعم المصطلح مختلف دول العالم ومنها الجزائر فقد جاء في المادة 126 من دستور 2016 (الحصانة البرلمانية معترف بها للنواب ولأعضاء مجلس الأمة مدة نيابتهم ومهمتهم ولا يمكن أن يتابعوا أو يوقفوا وعلى العموم لا يمكن أن ترفع عليهم أية دعوى مدنية أو جزائية أو يسلط عليهم أي ضغط بسبب ما عبروا عنه من أراء...). وفي المادة 127 (لا يجوز متابعة أي نائب أو عضو مجلس الأمة بسبب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح منه أو بإذن حسب الحالة من المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة الذي يقرر رفع الحصانة عنه بأغلبية أعضائه وفي حالة تلبس النائب أو عضو مجلس الأمة بجناية أو جنحة يمكن توقيفه وإخطار المجلس بذلك ويمكن للمجلس أن يطلب إطلاق سراحه والعمل بأحكام المادة 127 (رفع الحصانة أو التنازل عنه. وكما نلاحظ ان الدستور الجزائري جعل النائب البرلماني فوق القانون فلا ترفع ضده دعوى قضائية مدنية أو جزائية ولا يخضع للمتابعة القضائية بسبب جناية أو جنحة إلا برفع الحصانة البرلمانية عنه أو تنازله عنها وحتى في حالة تلبسه بجناية أو جنحة يمكن للبرلمان أن يطلب إطلاق سراحه ولهذا أصبحت مقاعد البرلمان مطلوبة من أصحاب المال القذر يشترونها بالملايير ليفلتوا من المتابعات القضائية والعقاب وحدث التزاوج بين المال السياسة والمال الفاسد لفرض السيطرة على الدولة والمجتمع وممارسة النهب على نطاق واسع دون خوف أو وجل. وأول من نبه إلى المافيا السياسية المالية مولود حمروش خلال رئاسته للحكومة في عهد الرئيس الشادلي بن جديد الذي ظهرت فيه القطط السمينة قبل أن تتحول إلى ضباع مفترسة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة حيث اخترقت الأحزاب السياسية بقوة خاصة أحزاب السلطة (حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) فاحتلت رؤوس القوائم الانتخابية للوصول إلى البرلمان وربطت علاقات مع الوزراء والولاة لحماية مصالحها وزيادة مكاسبها. كما شكل أرباب العمل نقابة الباترونا ثم «الافسيو» وأصبحت شريكا للحكومة في القرارات الاقتصادية والاجتماعية من خلال اجتمع الثلاثية (الحكومة والاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابة أرباب العمل) وتمت السيطرة على الاقتصاد الوطني بالتواطؤ مع العصابة الحاكمة وساد الفساد وضرب إطنابه في البلاد وصاروا يملون الحملات الانتخابية منها حملات الرئيس السابق ويقبضون الثمن من المال العام عن طريق المشاريع والصفقات والإعفاءات الضريبية والجمركية والقروض الضخمة بغير ضمان. وبالنسبة لدخول رجال المال الفاسد إلى الأحزاب السياسية فقد استوحى الفكرة رئيس حكومة أسبق من مصر عند زيارته لها عندما اخبروه ان الحزب الوطني الذي كان يرأسه المخلوع حسني مبارك آنذاك يضم رجال المال والأعمال الذين يساهمون في تمويله ولما عاد إلى الجزائر دعا إلى فتح الأبواب أمام أصحاب الأموال على حساب المناضلين البسطاء من العمال والموظفين والفلاحين الصغار.