أقدم وسيلة اتصال استعملها الإنسان لنقل تراث وثقافة مجتمعه هو الفن المسرحي، كون هذا الأخير أي الفن المسرحي يتميز عن بقية الفنون بمخاطبته عبر الممثلين عاطفة، خيال وعقل المتلقين أو المشاهدين ، الممثل تواتي باحفيظ الذي قضى أكثر من 41 سنة كممثل فوق الخشبة، يعد واحد من هؤلاء الممثلين الذين نقلوا تراث وثقافة مجتمعهم خلال تقريبا نصف قرن من الزمان وهذا من خلال الأدوار الرئيسية التي أداها في مسرحيات ذاع سيطها بين الأعمال المسرحية الوطنية كونها تعود للمخرج المسرحي عبدالرحمان عبدالقادر المدعو "كاكي". الممثل باحفيظ تواتي الذي جال وجاب المسارح داخل وخارج الوطن هو طريح الفراش بسبب المرض، اعترافا وتقديرا لمجهداته أجرت الجمهورية معه الحوار التالي: - تاريخك المسرحي مهم ، فقدمنا لنا لمحة عنه لقرائنا الكرام ؟ ^ باحفيظ تواتي من مواليد 1964 بمدينة مستغانم ، ممثل مسرحي وعضو مؤسس لجمعية "الموجة" التي يرأسها الفنان والممثل بوجمعة الجيلالي إلى اليوم. بفضل المسرح كان لي شرف أداء عدة أدوار خاصة في المسرحيات التي ألفها الكاتب القدير عبد الرحمان عبد القادر المدعو "كاكي". بفضل المسرح تعرفت على العديد من الفنانين والممثلين داخل وخارج الوطن. لكن بسبب المرض الذي أصابني خلال هذه السنوات الأخيرة توقفت عن كل نشاط ثقافي. - ما هي المسرحيات التي أثرت فيك ؟ ^ هناك عدة مسرحيات، أغلبها من تأليف المخرج المسرحي "كاكي"، أذكر من بينها مسرحية ديوان القراقوز التي أديتها سنة 1991 بمدينة وجدة، وقد تفاعل معها الحضور المغربي وكتبت عنها الجرائد المغربية، كما كانت مادة دسمة للنقاد والمخرجين المغاربة الذين استلهموا من فصولها ، هناك مسرحية ثانية بعنوان القراب والصالحين التي أديتها في مدينة مارسيليا الفرنسية سنة 2003، حيث نالت هي الأخرى إعجاب إخواننا المغتربين الذين حضروا بقوة لمشاهدتها خاصة وأن المسرحية كانت تخاطب مخيلتهم وتجرهم إلى حنين الوطن، بالمناسبة كان جمال بن صابر الذي أجرى هذه الأيام عمليتين جراحيتين شرف قيادة الفرقة، نتمنى له الشفاء العاجل، أما المسرحية الثالثة التي عرفت هي الأخرى نجاحا كبيرا هي مسرحية كل واحد وحكمو وهذا لما تحمله من معاني وأبعاد أخلاقية لا زلنا نتأثر بها إلى اليوم. - من هم الفنانين الذين كنت تحبذ مشاهدتهم أو أداء أدوارهم؟ ^ خلال مشواري الفني كان لي الحظ لأتعرف على العديد من الممثلين الذين تركوا بصماتهم في عالم المسرح الجزائري ، كما كان لي شرف التعلم من خبرة أدائهم الفني الذي أعتبره إضافة إيجابية لتكويني المسرحي، وأذكر على سبيل الحصر كل من المرحوم عبد القادر علولة الذي يعد أحد أعمدة المسرح الجزائري إلى جانب المرحوم عز الدين مجوبي وغيرهما من الممثلين الذين أثروا في المسرح الجزائري ونحتاج اليوم إلى تنظيم أيام وندوات ولقاءات كثيرة للحديث عن مسيرتهم الفنية واستغلالها حتى تنتفع منها الأجيال القادمة. - وماذا عن المخرجين؟ ^ المخرجين الذين تعاملت معهم نوعان، المحليين أي من مدينة مستغانم على غرار الجيلالي بوجمعة، بلعالم أحم، جمال بن صابر و«كاكي" الذي كان يرافقنا خلال تدريباتنا ويقدم دوما لنا نصائح وتوجيهات، وبفضل طريقة تعاملهم مع الفنانين وأفكارهم المتجددة بقيت طول هذه المدة في عالم المسرح، أما خارج مستغانم أعتبر زياني شريف عياد من أكبر المخرجين الجزائريين الذين نجحوا في نقل صورة الجزائر الفنية خارج حدود بلادنا بفضل مسرحياته التي نالت جوائز عدة مثل مسرحية "قالو العرب قالو"، "حافلة تسير"، "الشهداء يعودون هذا الأسبوع". - لست فقط ممثل مسرحي وإنما خضت كذلك عالم الغناء ؟ ^ نعم ، يعد الغناء بالنسبة لي هواية ثانية إلى جانب المسرح، حيث كنت منذ الصغر أحبذ الصعود فوق الخشبة وتقديم الأغاني التراثية الأصيلة رفقة جوق الفنان بخيرة، كما كانت لي فرصة المشاركة سنة 1990 في حصة ألحان وشباب، أضف أنني كنت عضو من أعضاء الجوق الموسيقي الذي كان يديره الفنان القدير محمد بطاهر. هذه التجربة بطبيعة الحال هي محلية لكنها سمحت لي تقديم قدراتي في الغناء كذلك . - مؤخرا كرمك مدير الثقافة لولاية مستغانم بمناسبة اليوم الوطني للفنان، فماذا تقول عن هذه الالتفاتة ؟ ^ كان هذا التكريم بالنسبة لي مفاجأة حقيقية، لم أكن أنتظره، خاصة من أول مسؤول على الفن والثقافة بولاية مستغانم الذي انتقل شخصيا رفقة مديرة دار الثقافة إلى غاية بيتي الكائن بدوار المعايزية ، هذه المبادرة الطيبة أرجو أن تتكرر لأن مستغانم تزخر بخزان كبير من الفنانين ، المخرجين والممثلين لكنهم منسيين ولا أحد يتحدث عنهم ، ما هو أكيد أن مثل هذه المبادرة سيكون لها تأثير في نفوسهم. هذا التكريم ولو أنه رمزي إلا أنه ترك بصمة قوية في نفسي وسيبقى راسخا ومحفورا في قلبي . - ماذا تقول في الأخير ؟ ^ في الأخير أقول بأن الفن المسرحي هو أداة يتنفس من خلاله الفنان ويرتاح كلما صعد فوق الركح ونقل معاناة ، انشغالات وأحلام مواطنيه ، لذا على المسؤولين تقديم يد المساعدة للفرق التي تعاني في صمت وإعادة في كل مرة التذكير بالفنانين الذين قدموا خدمة لهذا الفن النبيل عبر وسائل الإعلام كما تفعل اليوم جريدة «الجمهورية» .