توفي أمس الفنان القدير حمدي بناني بمستشفى ابن سينا في عنابة، و كان ابنه قد صرح أن حمدي أدخل مستشفى عنابة قبل أيام، بعد تعرضه لوعكة صحية، وتم إدخاله إلى مصلحة العناية المركزة ليلفظ أنفاسه الأخيرة صبيحة أمس حيث وري الراحل الثرى بمقبرة سيدي عيسى في عنابة . يعتبر حمدي بناني قامة من القامات الفنية للجزائر، و لا يمكن ذكر عنابة بدونه و صار علامة مميزة ليس فقط بأغانيه ، لكن أيضا بهندامه و كمانه الأبيض الذي لا يفارقه حيث لقب بأب الكمان الأبيض وبالملاك الأبيض أيضا ، فالراحل حمدي من مواليد شهر جانفي 1943 بمدينة عنابة،.. نشأ وترعرع حمدي بناني في بيت فني ،حيث كان والده رساما موهوبا، واهتم بالفن والغناء وعمره لم يتجاوز 15 سنة حتى اكتشف صوته خاله الفنان محمد الكورد ( عازفا مشهورا ) ووجهه لاحقا لصقل موهبته، حيث انطلق في سنة 1958 ، فتعلم العزف على العود ثم الكمان و بعد الاستقلال بفترة قصيرة كان له أول حفل بمسرح عنابة بمناسبة تقديم مسرحية " بوس بوس " لحسن دردور ، وكانت أغنيته الأولى تحت عنوان " يا باهي الجمال " بطبع المألوف الأصلي التي نال عليها جائزة الغناء الأولى في إحدى المسابقات الفنية ، وقبلها كان يغني بالفرنسية مع أوركسترا " ابانيرا "، ونال آنذاك الجائزة الأولى بأغنية " أنا عاطفي " ثم بدأ يعمل في الأفراح في عنابة . حمدي بناني دون الأبيض هو ليس حمدي بناني قالها المرحوم في احدي الحوارات التي أجرتها معه جريدة الجمهورية ، فمنذ أن تم تسميته بالملك الأبيض منذ سنة 1984 من طرف الرئيس الكوري الشمالي السابق كيم سون وهو يحافظ على تقليد اللباس الأبيض حتى أقترن بنوعية الفن الذي قدمه. واستمر النجاح بأغاني مثل "عدالة يا عدالة" و"محبوبتي" و"يا ليلي يا ليلي" و" جاني ما جاني " وغيرها، فعلى مدى63 عاما قضاها الفنان في خدمة" المالوف"، ساهم في إيصال هذا النوع من الموسيقى إلى العالم، ووقف إلى جانب كبار الفنانين في العالم العربي و الغربي، و غنى لكبار الرؤساء و الزعماء على غرار الحبيب بورقية ، مالك الأردن الراحل الملك حسين ، فيدال كاسترو ، الرئيس الصيني "ماو تسي تونغ"، و غيرهم. بعد الجولات الأسطورية عبر بلدان العالم، أنهى مشواره الجميل والمتواصل على طريقة الكبار ، أين ألف كتابا يخلد من خلاله مسيرته الفنية الحافلة التي تعود إلى عقود مضت، منتهجا في هذا نهج كبار المطربين والفنانين العالميين ، الذين يقف التاريخ إجلالا لعطاءاتهم، ليتميز صاحب الكمان في كل مناسبة جميلة يكون فيها نجما ساطعا في سماء الأغنية الجزائرية تاركا وراءه فنا عريقا للأجيال القادمة .