إتّفاقيات مع "أنساج" و تكوين متخصّص و حصّة مضمونة من الصّفقات

مؤسّسات ناشئة تتسابق على قطاع الاتّصالات

يعتبر الاستثمار في قطاع المؤسّسات الصّغيرة و المتوسّطة ذا أهمية بالغة في تطوير اقتصاد أي بلد و مصدرا مهمّا لخلق الثروة و تنويع مصادرها و قد كانت التّجارب النّاجحة بالعديد من البلدان النامية و منها جنوب إفريقيا و ماليزيا برهانا على أنه قطاع يمكنه تحقيق طفرة اقتصادية كبرى خصوصا بالنسبة للبلدان التي تعاني تبعيتها الدّائمة لعائدات النّفط مثل الجزائر ،فمع انهيار أسعاره لا بدّ من الاهتمام بترقية قطاعات أخرى خلاّقة للثروة
و لا شكّ أن قطاع المؤسّسات المصغّرة ببلادنا أخد حيّزا كبيرا جدّا من اهتمامات الحكومة ،فهي ليست حديثة العهد في هذا المجال بدليل أن تمويل المؤسّسات الصّغيرة بدأ مع إنشاء الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشّباب "أنساج" في 1996 ثم بعدها الصندوق الوطني للتّأمين على البطالة "كناك" و قد انتقل عدد المشاريع الممولة سنويا من طرف هذين الجهازين من 30 ألف مؤسّسة مصغّرة في 2010 إلى ما يقارب 60 ألف مشروع في سنة 2014 عبر التراب الوطني
و من أهداف الوكالتين هو إنشاء حوالي 90 ألف مؤسّسة خلال السّنة الجارية مع تشجيع إنشاء المزيد من المؤسسات النّاشطة في مجال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال و التي اصطلح على تسميتها بالنّاشئة كونها تشكّل إحدى خيارات ما بعد النفط لأن الاستثمار فيها
يوفر إجراءات تسييرية أقل تعقيداً وطرق إنتاج أكثر مرونة وقدرات تكييف أكثر ملائمة مع نسيج الأسواق المحلية والدولية التي تعرف ارتفاع في درجات عدم الثّقة ولهذا عرف هذا النوع من الاستثمار في الجزائر نموا نتيجة التسهيلات الكبيرة الممنوحة لحاملي المشاريع الناشئة كعمليات التمويل من جهة و الاعتماد على أنماط تسييرية حديثة بمجالات عدّة أصبحت فيها التكنولوجيات الجديدة و دكاء مستغلّيها بمثابة الطاقة التي تحرّك آلة انتاج السّلع و الخدمات ،فكان الاهتمام بالاستثمار في مشاريع المبدعين الشباب و تطوير مجال نشاطهم لبلوغ الأهداف التنموية .
فمند سنة 2011 زاد الاهتمام أكثر بهذا القطاع لأن التكنولوجيات الجديدة في مجال الاعلام و الاتصال تدخل بلادنا دون استئذان و يتبنّاها شبابنا و يبدعون فيها بل و يبتكرون أنظمة جديدة أكثر تطوّرا و دكاء من تلك المستوردة و منه يأتي دور القطاعات المعنية في مدّ يد العون لهؤلاء المبدعين ممّن يملكون روح التسيير و المقاولاتية ،فكانت هناك العديد من المشاريع المشتركة لمرافقتهم ماديا و مهنيا و الاتفاقيات المبرمة بين أجهزة التشغيل و البريد و تكنولوجيات الاعلام و الاتّصال و التعليم العالي و البحث العلمي و التكوين و التعليم المهنيين و ذلك من أجل توفير الشّروط التي تسمح بتنمية الأفكار الإبداعية و تحويلها من مجرّد أبحاث إلى مرحلة التنفيذ من خلال مساعدة أصحابها على إقامة مشاريع صغيرة ناجحة
و تمثّل الحضانات التكنولوجية جسرا لنقل و تطوير التكنولوجيا من الجامعات و مراكز الأبحاث إلى عالم المؤسّسة الصناعية مرورا بمرحلة الاحتضان المعروفة باسم المشتلة التي تتخرّج منها المؤسّسات المصغّرة و منها الناشئة و الرّائدة لتصبح مؤسّسات ذات آفاق نمو كبيرة .
اتّفاقيات بين اتصالات الجزائر و"أنساج"

و تساهم شركة اتصالات الجزائر في تقديم يد المساعدة لإنشاء مؤسسات مصغّرة بالتنسيق مع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب حيث أبرمت أوّل اتفاقية بينهما في سنة 2011 و مكّنت من خلق 278 مؤسّسة مصغّرة متخصّصة في صيانة الشبكات و أشغال الرّبط و في مهن أخرى لها صلة باحتياجات شركة اتّصالات الجزائر ،و هؤلاء المقاولون الناشئون هم متعاملون مناولون يتم الاعتماد عليهم في تجسيد برامج الشّركة و مشاريعها المتمثّلة أساسا في تطوير منشآتها و هياكلها و عصرنة الشّبكات بواسطة تكنولوجية "الأمسان" و استبدال الخطوط القديمة بالألياف البصرية .
و يمكن القول بأن لهذه المؤسّسات الحظ في العمل بقطا ع الاتصالات نظرا لما يوفّره من صفقات بفضل الورشات الكبرى التي فتحتها اتصالات الجزائر منذ سنوات فمنحت للمؤسسات الناشئة المناولة حصّة 20 بالمائة من الصّفقات .هذا بخلاف عدد كبير من المؤسّسات الأخرى التي لا تنشط في قطاع الاتّصالات و تنتظر من الجهات المسؤولة و خاصّة الجماعات المحلية منحها 20 بالمائة التي وعدت بها من الصّفقات العمومية لتحقّق لها الديمومة كالإشهار و الإنارة العمومية و معالجة النفايات المنزلية بالتقنيات الحديثة و الطاقات المتجدّدة و الاقتصاد الأخضر و غير ذلك من الأمثلة
و عليه تستفيد اتّصالات الجزائر من المؤسّسات المناولة كونها بحاجة ماسّة لليد العاملة و في نفس الوقت يستفيد المقاولون الجدد أيضا حيث تضمن لهم عملا متواصلا و دخلا قارّا من خلال المشاريع و البرامج الهامة التي تقودها و كل المؤسسات التي أنشأت بموجب هذه الاتفاقية لا تزال موجودة و ناجحة و تنشط في مختلف الولايات
و يذكر بأن المديرية العملية للاتصالات بولاية وهران قد قامت بالعديد من الأيام المفتوحة من أجل تحفيز الشباب للالتحاق بركب المؤسسات المصغرة الناشطة في قطاع الشبكة السلكية و اللاسلكية و هو ما أثمر عن تسجيل 4 مؤسسات مصغرة تنشط حاليا مع المديرية العملية للاتصالات بالولاية و استفادت من حوالي 20 مشروعا في اطار تركيب و صيانة الشبكة الهاتفية و كذا الالياف البصرية الا ان عددها قليل جدا مقارنة بحجم ولاية كوهران فالمشاريع المسجّلة كبيرة و أهمها تطوير الشبكات بواسطة تقنية الألياف البصرية ،فحاليا لا تزال العديد من الأحياء و التجمعات السكنية تنتظر مشاريع العصرنة لتستفيد من خدمات أفضل سواء في الهاتف الثّابت أو التدفق العالي فمثلا بحي كناستيل لا تزال الشّبكة قديمة و ينتظر سكان المنطقة استبدالها منذ سنوات
أما الاتفاقية الثانية المبرمة بين المؤسّستين فتمّت في شهر فيفري الماضي و الهدف منها تمكين حاملي المشاريع من خلق مؤسسات جديدة تتكفّل بمراكز المكالمات الهاتفية و ذلك استجابة للطلبات الكثيرة التي تصل وكالة "أنساج" حول هذا النشاط و كل ما له علاقة بتكنولوجيات الإعلام و الاتصال
فتح مجال مراكز الاتّصال
و من جهتها تلتزم اتصالات الجزائر بضمان تكوين أصحاب المشاريع و توفير القاعدة التكنولوجية الضرورية لهم بفضل فتح الشركة لمجال مراكز الاتصال و تقديم المساعدة التقنية الضرورية في خلق المؤسسات الجديدة و توفير أداة الاتصال التي تربطهم بالشبكات و صيانتها مقابل أسعار تفضيلية و الأهم من هذا و ذاك هو توفير مخطّط عمل دائم و يتمثّل في التكفّل بالاتصالات الواردة من زبائن الشركة
و ما تجدر الإشارة إليه هو أن تلك المؤسسات ليست ملزمة بالعمل مع اتصالات الجزائر بشكل حصري إذ يمكنها العمل في أي قطاع آخر لتوسيع نطاق الخبرة و المهارة و اكتساب تجارب مختلفة
و حسب إحصائيات الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشّباب فإنّه تمّ إلى حدّ الآن تمويل 8434 مؤسّسة ناشئة في تخصصات كثيرة ما مكّن من خلق أزيد من 20 ألف منصب شغل .و قد اقتحمت هذه المؤسّسات مجالات نشاط واسعة اعتمادا على التكنولوجيات الحديثة التي أصبحت أهم وسيلة تواصل و تسيير و تحكّم في هذا العصر كما استطاعت هذه المؤسّسات من بلوغ مرحلة الإبداع و الابتكار في مجال تخصّصها