يستقبل سفير المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية    البليدة : إجهاض عملية هجرة غير شرعية عبر البحر    رهان على الرقمنة لتتبُّع المفقودين    فلسطين : 50 شهيدا في قصف صهيوني بخان يونس    العالم يحتفي باليوم الدولي لمناهضة خطاب الكراهية    بومرداس : توقيف سائق شاحنة قام بمناورات خطيرة    موجة حر وأمطار رعدية    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    خطّة ب3 محاور لتفعيل المجمّعات الصناعية العمومية الكبرى    إنشاء وكالة لتسيير الأموال المصادرة في قضايا الفساد    لأول مرة.. لا قطع للأنترنت إلا بمراكز الإجراء    إيران تطالب بإدانة الكيان الصهيوني بشكل صريح وواضح    لا حلول لأزمة الشرق الأوسط إلا بالدبلوماسية والتزام حسن الجوار    الرابطة الاولى "موبيليس": شباب بلوزداد يفتك الوصافة من شبيبة القبائل, و الصراع متواصل على البقاء بين ترجي مستغانم و نجم مقرة    تنظيم دخول اجتماعي موحد وإعداد منصة لتسيير المؤسسات الشبانية    الاستفادة من التظاهرة للترويج للمنتج الوطني    خطّة عمل لإنجاح موسم الاصطياف 2025    دخول مجاني للشواطئ.. و30 بالمائة للامتياز    تسخير البحث العلمي لتحقيق الأمن الغذائي وترشيد النّفقات    نادي "سوسطارة" يعود إلى سكة الانتصارات    التعاون السعودي يسعى إلى التعاقد مع نور الدين زكري    دعوة لمرافقة الشباب نفسيا في زمن التحولات    حين تتحوّل المنمنمات إلى مرآة للروح القسنطينية    "فترة من الزمن"....عن الصمود والأمل    مدرب نادي ليل الفرنسي يصر على بقاء نبيل بن طالب    الجزائر تحتضن ملتقى دوليا حول تعارف الحضارات    بدء موجة جديدة من الرد الايراني الصاروخي على العدوان الصهيوني    السيد سايحي يشرف على تنصيب اللجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة    نهائي كأس الجزائر لكرة السلة 2025 رجال: نادي سطاوالي يفوز على اتحاد الجزائر (59-46) و يتوج بكأسه الرابعة    حوادث المرور : وفاة 50 شخصا وإصابة 1836 آخرين خلال أسبوع    المنتخب الجزائري لألعاب القوى لذوي الهمم يحرز 11 ميدالية في الجائزة الكبرى الدولية بتونس    محروقات: نجاح المناقصة الدولية "ألجيريا بيد راوند 2024" يؤكد جاذبية مناخ الأعمال الجزائري    رحلة عبر التراث البحري الجزائري : شعار الصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    تكريس ثقافة التكوين المستمر..نشاطات ثقافية تكوينية بالمكتبة الرئيسية للمطالعة بتندوف    الاحتلال يواصل مجازره في غزة..استشهاد 63 فلسطينيا بينهم 51 من منتظري المساعدات الإنسانية    معرض " ورثة النور" : بللو يثمّن إبداع فناني الزخرفة والمنمنمات    الجزائر/الأردن: تدشين مصنع لإنتاج الأدوية القابلة للحقن تابع ل "حكمة فارما الجزائر"    تعارف الحضارات محور ملتقى دولي السبت المقبل    اليوم العالمي للتبرع بالدم: وزير الصحة يتفقد وحدة حقن الدم بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا    تخرج 7 دفعات جديدة من المدرسة العليا لسلاح المدرعات بباتنة    الجيش الإيراني: قصف مبنى التلفزيون هو إعلان حرب على التدفق الصحيح للمعلومات والتنوير    ممنوعات في البكالوريا    مرتبة ثانية لسجاتي    الفاف تحدّد شروط الصعود والنزول    زروقي يعاين رفع الطاقة الإنتاجية    محصول 2025 سيكون أوفر من الموسم الماضي    احياء التظاهرات المرتبطة بالثورة التحريرية المجيدة    أسعار النفط إلى 75.93 دولار للبرميل    وزارة التضامن الوطني تنظم احتفالية بحديقة الحامة    قانون التعبئة" يكسب بلادنا القوة والمناعة والصرامة الاستراتيجية    الجزائر تطالب مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته    الحماية الاجتماعية مبدأ مكفول قانونا لكل جزائري    لماذا تتضاعف أسباب الهم والغم هذه الأيام؟    الوقاية من الأمراض المتنقلة أمر بالغ الأهمية    بشارات ربانية عظيمة    "واللَّه يعصمك من الناس"    كيف يقضي المريض الصلوات الكثيرة الفائتة؟    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل ذاكرة نقية و تاريخ جميل
نشر في الجمهورية يوم 20 - 01 - 2016

إذا كان الدستور هو روح القانون بل قمَّة الهرم القانوني للدولة، لكونه المرجع الأساسي الذي تنبثق منه كل قوانين الجمهورية و تشريعاتُها ، فقد ظلت الذاكرة الوطنية و التاريخ و رموز الدولة من تراب وعلم و نشيد ورموز للثورة من بين العناصر الأساسية التي وردت في مختلف النصوص عقب استعادة الاستقلال ، و قد أكدت الفقرة الرابعة من مشروع الدستور الجديد على واجب الدولة في العملِ على ترقيةِ كتابة التاريخ و تعليمه للأجيال الناشئة ، منذ استعادة الاستقلال و الدولة الجزائرية تسعى عبر الخطاب الرسمي و بواسطة مختلف مؤسساتها لحماية الذاكرة الوطنية و تلقين الأجيال بتاريخ بلادهم و خاصة تاريخ الحركة الوطنية وبالأخص تاريخ ثورة أول نوفمبر الخالدة.
لقد تعرض تاريخنا للتشويهِ تارة و للطمسِ تارة أخرى ، و لعل تلك الشعارات التي رفعها بعض أبنائنا في ثمانينيات القرن الماضي التاريخ في المزبلة و كذا ما تعرضت له بعض قبور الشهداء و بعض المعالم التاريخية خصوصا في التسعينيات من نبش و تحطيم ، إضافة إلى التشكيك في بعض الأحداث التاريخية و رجالات الحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر حتى من قبل بعض الجزائريين كان وراء العديد من النصوص و التشريعات و سببا في استحداث بعض الأوسمة و المداليات و المؤسسات الوطنية و المحلية من بينها مقام المجاهد و متحف الشهيد و المركز الوطني للدراسات و البحث في تاريخ الحركة الوطنية و ثورة أول نوفمبر و الأرشيف الوطني و قبل ذلك استحداث العديد من الأعياد الوطنية مثل أول نوفمبر كعيد للثورة و 5 جويلية كعيد لاستعادة الاستقلال و 19 مارس كعيد للنصر و 18 فيفري كيوم وطني للشهيد و مظاهرات ال 11 ديسمبر وأحداثا أخرى إضافة إلى تسمية العديد من المدن و الشوارع و الساحات و المؤسسات بأسماء الشهداء و الشخصيات و المجاهدين الذين أانتقلوا إلى دار البقاء .
مسؤولية كبيرة في انتظارنا
إن حماية الذاكرة و تلقين التاريخ مهمة كبيرة ملقاة على عاتقنا اليوم جميعا من مسؤولين في مختلف المواقع و إعلاميين و مثقفين و جامعيين و ليس مسؤولية الدولة وحدها .
تتعرض ذاكرة المجاهدين للتلف باستمرار بفعل عامل السن و نتيجة عوامل نفسية و اجتماعية و سياسية وحتى أمنية بفعل ما عاشته الجزائر في التسعينيات إضافة إلى ما تلقوه من تعذيب جسدي و نفسي رهيب من قبل الجلادين الاستعماريين، ثم إن العديد من المجاهدين صانعي ملحمة نوفمبر 1954 يودعوننا كل يوم ليلتحقوا برفقائهم من الشهداء و الشهيدات تاركين وراءهم صفحات ناصعة من المجد دون أي تدوين أو تسجيل .
إن الذاكرة الإنسانية عموما ليست و لن تكون التاريخ مهما قدم أبطال التاريخ من معلومات، لأن الذاكرة رغم أنها خزَّان للتاريخ، إذ هي تزوده بالمعلومات و ببعض الحقائق فإنه لا يمكن لها مع ذلك أن تكون لا التاريخ و لا بديلا عنه، ذلك أن معلومات الذاكرة تبقى نسبية و قد تكون مغلوطة بنسبة كبيرة ،أو قد يكون مبالغا فيها أو أن تلك المعلومات مجانبة كلية للحقيقية التاريخية كما يجب أن تكون.
ولذلك فإن التاريخ بموضوعيتيه و علميته و بما يقدمه من حقائق و حقائق مضادة و من معلومات دقيقة هو الذي يُضفي على الذاكرة المعلومة الصحيحة فيُقَوِّمُ ما كان في غير صواب و يضيف ما كان ناقصا ، الفرنسيون و خصوصا ذوو النزعة الاستعمارية يريدون تاريخا على مقاسهم بالنسبة لتاريخهم الأسود في الجزائر ، هم يريدون التستر على الجرائم الفظيعة التي ارتكبوها و على حروب الإبادة ضد شعبنا و التي خلفت ما يقرب من ثمانية ملايين من الشهداء منذ احتلالهم لبلادنا، يريدون التستر على احتلالهم بدعوى أنهم جاءونا بالحضارة و يتناسون أن 90 بالمائة من شعبنا كان يحسن القراءة و الكتابة عند الاحتلال ،في حين كان 90 بالمائة من شعبهم أميا لا يقرأ و لا يكتب آنذاك ،و أنه مع رحيلهم تركوا 90 بالمائة من شعبنا يرزح تحت ظلام الأمية.
العنصر الآخر الذي علينا أن ننتبه له و هو قضية المصطلحات، فنحن لم ننل استقلالنا كما يشيع الفرنسيون و كما نقع في الخطأ أحيانا، و كما يكتب حتى بعض مؤرخينا الشبان للأسف، نحن افتككنا حريتنا و استرجعنا استقلالنا و سيادتنا بالقوة و بقوة الحق معا ، ثم إن الدولة الجزائرية كانت قائمة قبل الاحتلال بوقت طويل، و أن الاحتلال جاء لتدمير معالم تلك الدولة بما فيها الدولة التي أعاد تأسيسها الأمير عبد القادر في ظل الاحتلال ، ما أود أن أخلص إليه أنه لابد من وجود وعي وطني بأهمية التاريخ و الذاكرة.
ضرورة تغيير الذهنيات
القانون مهم لترسيم و ضبط كثير من الأمور و تغيير بعض الذهنيات ، ولكن الأمر يجب أن يتجاوز الواقع المعاش ليس فقط للناشئة بل للجميع و خصوصا لمن لا يتذكرون التاريخ إلا خلال بعض المناسبات و الأعياد ، التاريخ في اعتقادي لا يجب أن يبقى رهين المناسبات وحكرا على بعض المؤسسات ، فلا بد من أن تصب مناهج التعليم بجميع مراحله في تدريس التاريخ و تعريفه لمختلف الأجيال ، و لابد للمؤسسات الثقافية و الإعلامية وقنوات الاتصال السمعي البصري العمومية و الخاصة و كذا وسائل التواصل الاجتماعي أن تعتني بالتاريخ و بالذاكرة الوطنية، لأن هذه العناصر ستبقى أهم إسمنت يُحصِّن الدولة من التفكك و يصون المجتمع من عوامل الترهل و التفتت و يصون الوحدة و يحميها من أية انزلاقات ، ثم إن هذه التصريحات العشوائية المسيئة للتاريخ و للذاكرة و للعديد من الشخصيات التي صنعت مجد هذا الوطن و هي التصريحات التي يتقيؤها بعضهم لا تخدم تاريخ هذا البلد و لا تساهم في بنائه و لا استقراره ، بل إنها قد تسيء إلى شرفائه و شريفاته، كما أنها تعرقل مسار المصالحة الوطنية بما فيها المصالحة مع الذات و مع الذاكرة و التاريخ .
بل إن هذا التجاذب المشين والنبش في الحجارة والقذف و القذف المضاد والتعريض و التعريض المضاد ببعض الشخصيات الوطنية هو إساءة للذاكرة وللتاريخ و للثورة و للوطن ككل و تشويه فضيع لكل ما هو جميل في بلدنا وتقبيحه للأجيال ومس لمآثر و رموز و تاريخ ثورتنا المجيدة ، فاسكتوا يا من تشوهون الذاكرة النقية و تسيئون لتاريخنا الجميل..فإنكم لن تكونوا أبطالا في أعين الشعب بمثل هذه التقيؤات..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.