تحليل لبنية التشكل الهوياتي وأبعاد التحولات لدول المغرب العربي صدر مؤخرا عن دار «لالة صفية» للنشر والتوزيع بوهران، كتاب جديد للدكتور والإعلامي السابق في جريدة «الجمهورية» عمار يزلي، بعنوان «القبيلة، الفضاء والمعتقد... بحث في تشكيل عناصر بينة الهوية المغاربية». وأكد الأستاذ عمار يزلي أمس ل«الجمهورية»، أن المؤلف حاول من خلال المراهنة على «النظرية الخلدونية حول الدولة والعصبية»، لاستشراف مستقبل الدولة الجزائرية بعد انقضاء الجيل الثالث سنة 2030، وأضاف المؤلف الباحث في الأنثربولوجيا وعلم الاجتماع الثقافي بجامعة وهران» أن هذا الكتاب الرابع الذي يشتغل عليه، خصصه لتحليل بنية التشكل الهوياتي لدول المغرب العربي منذ العصور الأولى، وإماطة اللثام عن خصوصية كل دولة وتحليل أبعاد التحولات في هذه البلدان مع ربط ذلك بطبيعة الأنظمة السياسية خاصة «البعد الثلاثي» لها: الفضاء، العرق والدين مضيفا إليه عنصر اللغة فيما بعد باعتبارها عنصر تماسك ووحدة أو انشطار. وأوضح عمار يزلي في عمله الأكاديمي الذي يحتوي على 230 صفحة، «الصراع بين المحلي والوافد أو ما سماه بالمعادلة الليبية القرطاجنية الرومانية، متناولا موضوع الخوارج ومعادلة «العدل والمساواة» التي انبنت عليها الدولة الرستمية ومملكة بني إيفرن بتلمسان وبني مدرار الصفريتين الخارجيتين بالجنوب الغربي، فضلا عن عنصر الوحدة والتشرذم وكذا مسألة العصبية و الشوفينية كمفهومين مختلفين ومتعايشين ليخلص في الفصل الخامس من الكتاب إلى مسألتي الثابت والمتحول في الخصوصية «الهوياتية» لدول المغرب العربي. موضحا في ذات السياق أن ما يميز هذا البحث، هو القدرة على تتبع كل المراحل التاريخية بمنهجية تؤكد على أن وحدة الدول الحالية واستقلالها القومي والحدودي كانت مثبتة تاريخا، حتى قبل الرومان والإغريق، وأن الحدود المتحولة غير الثابتة، إنما كانت عرضيا وليس قاعدة :فالحروب والصراعات بين الانتماءات لنفس العائلة البربرية الكبيرة والصراع بين زناتة وصنهاجة، إنما كان مرده لصراع المصالح الفضائية أكثر من العوامل الأخرى، باعتبار العوامل الأخرى موحدة ولم تكن مختلفة. فالفضاء هو الذي يحدد الانتماءات والتحالفات وطبيعة تقاسم الأدوار والسلط. ليخلص في الأخير، إلى تطبيق نظرية ابن خلدون على التجربة الجزائرية وتقسيم عمر الدولة منذ الاحتلال باعتبارها بداية ونهاية في نفس الوقت :«بداية حقبة ونهاية حقبة، تقسيم عمر الدولة الجزائرية منذ 1830، إلى أجيال كما فعل ابن خلدون :«الجيل الأول انتهى مع نهاية ثورة المقراني 1871، أي بعد 40 سنة من الاحتلال، الجيل الثاني انتهى مع بداية الحرب العالمية الأولى والتجنيد الإجباري الذي ولد شرارة المقاومة من جديد، ثم الجيل الثالث وانتهى سنة 1950، والذي بدأ إرهاصاته الأولى منذ سنة احتفال فرنسا بالذكرى المائوية لاحتلالها للجزائر، أما الدولة الجديدة فستبدأ فعليا مع الجيل الأول بعد انفجار غضب الجزائريين سنة 1954 (...) ومن هذا المنطلق الخلدوني، يتنبأ الكاتب أن الجزائر ستعرف الجمهورية الثانية مع نهاية الجيل الثاني الذي بدأ سنة 1991 وسينتهي مع نهاية 2030. بحث آليات تشكل عناصر الهوية مع العلم أن هذا المؤلف الهام، يبحث في آليات تشكل عناصر الهوية في البنية الفكرية والثقافية المغاربية والجزائرية خاصة، منذ التاريخ القديم، فضلا عن استقصاء جذور تشكل الهوية الثقافية الوطنية والبنية السيكولوجية من خلال الموروث الثقافي والحضاري البعيد المدى الذي لا يزال ينطبع به الإنسان الجزائري والمغاربي إلى اليوم. متسائلا عن السبب الذي يجعل من كل شعب في المنطقة المغاربية وبالأخص الجزائري، مختلفا سلوكا وموقفا وتفكيرا، منتفضا، رافضا لكل أشكال الهيمنة والاحتلال، وما مرد هذه الخصوصيات، كشعب منتفض، ثائر، رافض، مقاوم شرس،...إلخ