سعيود يشرف على تخرّج دفعة    حملة لتحسيس الشباب بالانتخاب    معرض تحسيسي للشرطة    مهرجان الجونة السينمائي : الفيلم التونسي"وين ياخذنا الريح" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي روائي    الموسيقى : "أوندا "تشارك في أشغال الجمعية العامة    مؤسسة ناشئة متخصصة في تثمين التراث الثقافي : المنظمة العالمية للملكية الفكرية تسلط الضوء على "آرتفاي" الجزائرية    حضر دخول مواد الإيواء ولوازم الشتاء إلى غزة..استشهاد 4 فلسطينيين وانتشال 15 جثة خلال 48 ساعة    سوريا : اعتقال أحد المهتمين بقمع متظاهرين سلميين بحقبة الأسد    أوكرانيا : انقسامات أوروبية حول دعم كييف    قانونا إحداث أوسمة عسكرية رسالة عرفان وتقدير للجيش الوطني الشعبي..جيلالي: الجيش يقف اليوم صامدا وبكل عزم على خطوط المواجهة    سطيف..استكمال أشغال إعادة التهيئة الكلية لمصلحة الوقاية والمخبر الولائي    دعم الفئات الهشة والتمكين الاقتصادي للمرأة..اتفاق جزائري سوادني على تبادل التجارب وتنسيق المبادرات    باتنة..أول براءة اختراع للمركز الجامعي سي الحواس ببريكة    بين جانفي و أوت 2025 : مجمع سوناطراك حقق 13 اكتشافا نفطيا جديدا .. نحو ارتفاع الإنتاج الأولي إلى 193 مليون طن مكافئ نفط في 2026    وهران : الصالون الدولي الأول لصناعة العمليات والتجهيز من 27 إلى 30 أكتوبر    ناديان جزائريان في قائمة الأفضل    سعيود يشرف على تقييم تقدّم الورشات القطاعية    رزيق يلتقي غوتيريش    مؤتمر وطني حول عصرنة الفلاحة    خضراء بإذن الله..    صالون دولي للصناعة التقليدية بالجزائر    مشروع الكابل البحري ميدوسا ينطلق..    جائزة دولية للتلفزيون الجزائري    اجتماع مجموعة الستة محطة مفصلية    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    الجزائر تدعو لعملية سلام جدية لإقامة دولة فلسطين    اجتماع وزاري مشترك لمتابعة إنجاز مشروع "دزاير ميديا سيتي"    شرّفت الجزائر باقتدار.. شكرا جزيلا لك كيليا    الارتقاء بالتعاون العسكري بين الجيشين إلى أعلى المستويات    24487 منصب مالي جديد في قطاع الصحة    الجزائر حريصة على حلحلة الأزمات بالطرق السلمية    البوليساريو ترفض مشروع القرار الأمريكي    عمورة: نسعى للذهاب بعيدا في "الكان" للتتويج باللقب    "الموب" من أجل مواصلة التألّق    6 فرق تتنافس على "العروسة الذهبية"    من ضبابية التسمية إلى وضوح المفهوم    عدسات تروي حكايات عن البحر الجزائري    تحسين التغطية البريدية وتوسيع شبكة الألياف البصرية    الحبس لعصابة المخدرات والمهلوسات بسكيكدة    تعرض متمدرس لطعنتين في الظهر    حجز 90 مؤثرا عقليا    الوزير الأول, السيد سيفي غريب, يترأس, اجتماعا للحكومة    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    كأس إفريقيا للسيدات 2026 / الدور التصفوي والأخير ذهاب : سيدات الخضر يطمحن لتحقيق نتيجة إيجابية أمام الكاميرون    الكاف يكشف: "الخضر" مرشحون لجائزة أفضل منتخب في إفريقيا    "والذين آمنوا أشد حبا لله"..صلاح العبد بصلاح القلب    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    بطولة العالم للجمباز الفني:الجزائرية كيليا نمور تنافس على ثلاث ميداليات في مونديال جاكرتا    البوهالي: الجزائر منارة علم    بيسط يشرح مقترح البوليساريو لتسوية القضية الصحراوية    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    ممثّلا الجزائر يتألقان    التلقيح المبكر يمنح مناعة أقوى ضدّ الأنفلونزا    أدب النفس.. "إنَّما بُعِثتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخلاقِ"    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تستغربوا أن الأمم الأخرى لا تقرأنا
نشر في الحياة العربية يوم 10 - 07 - 2023

فجأة، ونحن في منتصف جلستنا المسائية المعتادة، انتفض صاحبي متسائلاً، ويكاد الشرر يحرق عينيه:
– ما علَّتنا نحن؟
– أي علة تقصد؟ فعللنا كثيرة. حدِّد يا صاحبي.
– عللنا الأدبية… الشعرية، الروائية… إلخ
– لعلك تهرف قليلاً. لا توجد علَّة هناك. ألا تعرف أن شعراءنا وكتابنا مترجَمون إلى كل لغات الأرض…حتى إلى اللغات الميتة… ألا تقرأ أخبارهم؟ أقلُّهم مترجم إلى الإنجليزية والفرنسية، فأين هي العلة؟
– هذه هي العلة بالضبط… أو هذا ما يحير الألباب. كل هذه الترجمات، ولا نعثر على كتاب عربي واحد في كل مكتبات عاصمة الإنجليز، على سبيل المثال؟ كما تعرف، في كل شهر ومنذ سنين طويلة، أتجول في معظم المكتبات بهذه المدينة، التي يمكن أن تجد فيها كل كتب الأرض، ولا أعثر على كتاب عربي واحد. وأقرأ صحف البلد، ولا أجد حتى مجرد خبر واحد. لا تقل لي إنها المركزية الأوروبية، فها هم شعراؤنا وروائيونا مترجمون إلى اللغات الأوروبية كما يذكرون في سيرهم الذاتية. أين تمضي كل هذه الترجمات لجيش هائل من الكتّاب العرب؟ لا أتهمهم بالكذب… حاشا الله. ولكن أين هذه الترجمات؟
– إنك تبسط الأمور كثيراً… هناك…
– لا تقل لي: هناك نجيب محفوظ… نعم، لفترة قصيرة جداً، وبفضل «جائزة نوبل»، ثم اختفت كتبه! ثم لا تتحدث عن استثناءات قليلة تثبت القاعدة.
– لقد ذهبتَ بعيداً…
وهنا تزايد الشرر في عيني صاحبي حتى كاد يصل إلى وجهي:
– لماذا أجد أدب أميركا اللاتينية كلها تقريباً، والأدب الصيني، والهندي، والتركي، والفارسي، والصومالي، والنيجيري، ولا أجد الأدب العربي؟
– ما السبب برأيك؟
– لا أعرف… لكني واثق أن السبب لا يعود إلى كوننا متخلفين… فبعض البلدان التي ذكرتها ربما أكثر تخلفاً منا.
– ما السبب إذن؟ حيرتني.
– السبب أننا لم نكتب أدباً إنسانياً بعد ممكن أن يصل إلى الإنسان في كل مكان غرباً وشرقاً، وفي كل زمان، ما عدا استثناءات قليلة في تاريخ طويل جداً…
– تهمة خطيرة حقاً. ماذا تعني بالأدب الإنساني؟ كل هذا الأدب ولم نكتب «أدباً إنسانياً» بعد؟
– أعطيك مثالاً؛ مَن يقرأ في الغرب شاعراً يقول:
أنا الذي نظَرَ الأعمى إلى أدبي
وأسمَعَتْ كلماتي من بهِ صممُ
بربك، هل قرأت ادعاء كهذا في كل الشعر العالمي منذ شكسبير لحد الآن؟
وإذا غفرنا للمتنبي قوله هذا في عصر سحيق ساد فيه أسوأ ما في الشعر العربي، والحياة العربية أيضاً؛ من مديح وتزلف وادعاء، فماذا تقول عن شاعر حديث، بل هو «أبو الحداثة العربية»، كما تسميه أنت ومئات أمثالك، يفاخر بالقول:
ماحياً كلّ حكمة هذه ناريَ
لم تبقَ – آية – دمي الآية
هذا بدْئي
تفصل بين المتنبي وشاعرنا الحديث أكثر من ألف سنة تقدمت فيها الإنسانية سنين ضوئية، لكن لا فرق جوهرياً بين الاثنين. القول هو نفسه، والادعاء والتفاخر والتبجح والنرجسية في أسوأ أشكالها هي نفسها. حتى هوميروس، الذي كان أعمى بالمناسبة، لم يقل مثله. لكن البشرية نظرت إلى أدب هوميروس، ولا تزال إلى الآن، رغم مضي قرون طويلة جداً، ونقرأ له أكثر مما تقرأ لصاحبك المتنبي، وصاحبك الآخر الشاعر الحديث. أتعرف لماذا؟ لأن هوميروس شاعر إنساني بالمعنى الذي قصدته؛ إنه يتحدث عني وعنك، بينما صاحباك يتحدثان عن نفسيهما، وبشكل يبعث على الغثيان، فلماذا نقرأهما ؟ وفوق ذلك تطالب بأن تقرأهما الأمم الأخرى؟
في استفتاء جرى في أميركا قبل سنوات، كان الشاعر الأكثر قراءة، هو جلال الدين الرومي… لماذا هو، وليس المتنبي أو شاعرنا الحديث على سبيل المثال؟ لأن الرومي يخاطب مطلق الإنسان في كل زمان ومكان. ولهذا السبب ذاته، لا نزال نقرأ دوستويفسكي وتولستوي وريلكه، ونشعر بأنهم معاصرون لنا، وقريبون منا، مع أن ثقافتهم ليست ثقافتنا، ولا لسانهم لساننا، بينما هناك كتاب وشعراء عرب لا تفصل بيننا وبينهم سوى خطوات قليلة، بعيدون عنا بمسافة قرون.
فلماذا نستغرب أن الأمم الأخرى لا تقرأنا؟
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.