سقوط حافلة لنقل المسافرين بالحراش: وفد رسمي هام يتنقل إلى المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا للوقوف عن ظروف التكفل بالمصابين    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: الفريق أول السعيد شنقريحة يقدم تعازيه إلى عائلات الضحايا    وزراء خارجية دول عربية وإسلامية يدينون بأشد العبارات تصريحات لمن يسمى برئيس وزراء الكيان الصهيوني    حادثة سقوط حافلة لنقل المسافرين: رئيس الجمهورية يقرر حدادا وطنيا ليوم واحد    31 دولة عربية وإسلامية تدين بأشدّ العبارات تصريحات ما يسمى رئيس وزراء الكيان بشأن "وهم" "إسرائيل الكبرى"    محرقة صبيح بالشلف : إبادة جماعية موثقة في مراسلات قادة الاحتلال الفرنسي    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    حادث إنحراف حافلة في وادي الحراش :الحصيلة النهائية 18 حالة وفاة و 24 جريحا    سعيود سيتم فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تقف وراء حادث وادي الحراش    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    حادثة سقوط حافلة لنقل المسافرين: وزير الصحة يتنقل إلى المؤسسات الاستشفائية للإطمئنان على حالة الجرحى    تنديد ورفض دولي لمخطط الاستيطان الجديد    قلق متصاعد على حياة الأسير القائد مروان البرغوثي    انتخابات بلدية اليوم في ليبيا    "الفاف" تتحرك وتنقذ أندية جزائرية من عقوبات "الفيفا"    قندوسي يتحدى ويصرّ على "الكان" والمونديال    بونجاح يصاب وقد يغيب عن مواجهتي بوتسوانا وغينيا    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    تمديد آجال التسجيل في مسابقة مساعدي التمريض    مكسب استراتيجي ورؤية حكيمة    إحباط تداول 1.8 مليون يورو مزوّرة    التقيّد بالتعليمات الوقائية لتفادي حرائق الغابات    وفاة ستينيّ في حادث دهس    لوحات وحرف وحكايا وإبداعات أخرى    نسيمة بن سالم تقدم جديدها لقرائها    رحيل المخرج السينمائي والتلفزيوني القدير نور الدين بن عمر    مسابقة التوظيف الوطنية لبريد الجزائر سبتمبر المقبل    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى61827 شهيدا و 155275 مصابا    البليدة: اخماد حريق نشب بمركز تجاري ببوفاريك    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    غوتيريش يدعو الكيان الصهيوني الى وقف خطة بناء المستوطنات في الضفة الغربية    وهران: توافد كبير للشباب والعائلات على الواجهة البحرية الجديدة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    القرار التاريخي بإدراج الصحافة الإلكترونية كآلية إشهار    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    هذا موعد الدخول الجامعي    الخُضر يستهدفون الفوز للاقتراب من التأهل    وطّار يعود هذا الأسبوع    زيد الخير يترأس بالقاهرة جلسة علمية    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    بن شيخة مدربا جديدا للاتحاد    معرض التجارة البينية الإفريقية, محطة استراتيجية لتحقيق التكامل العربي-الإفريقي    حصيلة إيجابية لتجارة المقايضة بإيليزي    ثوانٍ تحسم قضايا.. "نقرة على منصة رقمية" تختصر المسافة بين المواطن والقضاء    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    تطهير قائمة موزّعي الأدوية لضبط السوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصين.. التنين إذ يثق في النصر الحتمي
نشر في الحياة العربية يوم 10 - 05 - 2025

في أروقة واشنطن، العاصمة الأمريكية التي لا صناعة حقيقية لها غير السياسة، يدور اليوم نقاش واسع حول الدبلوماسية الصينية الجديدة تجاه الشرق الأوسط وتداعياتها المحتملة على مصالح الولايات المتحدة.
ليست فقط الوساطة الصينية بين السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية والالتزام بالاحترام المتبادل للسيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الغير هي التي تناقشها واشنطن. هناك أيضا، من جهة، نتائج القمم العربية-الصينية التي عقدت خلال السنوات الماضية وخرجت ببيانات ختامية تشدد على الشراكة الاستراتيجية بين العرب والصين وعلى عملهم من أجل صيانة نظام دولي يستند إلى مبادئ العدالة والتعاون والسلام ونبذ الحروب. هناك، من جهة إضافية، الزيارة المتكررة لوزير الخارجية الصيني تشين جانغ التي جاءت به إلى مصر والسعودية ودول أخرى. هناك، من جهة أخيرة، الشراكات الاستراتيجية التي وقعتها الصين مع عدد من بلدان الشرق الأوسط من بينها إيران ومصر والجزائر.
تناقش واشنطن كافة هذه الأمور، ويحاول صناع وخبراء السياسة، إن في المؤسسات التشريعية (الكونغرس) والتنفيذية (الأجهزة الحكومية) أو في مراكز الأبحاث الكثيرة، الربط بين مبادرات وخطوات الصين الدبلوماسية وبين وزنها الاقتصادي والتجاري المتنامي في الشرق الأوسط.
في 2019، كان الرقم الإجمالي لتجارة الصين مع منطقتنا تصديرا واستيرادا هو 180 مليار دولار أمريكي. في 2021، وعلى الرغم من جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية على الحركة العالمية للصادرات والواردات، ارتفع الرقم الإجمالي إلى 259 مليار دولار أمريكي. في المقابل، انخفض إجمالي التجارة الأمريكية مع الشرق الأوسط من 120 مليار دولار في 2019 إلى 82 مليار دولار في 2021. وبينما صارت الصين الشريك التجاري الأول لعدد كبير من بلدان المنطقة كمصر والسعودية وإيران والإمارات والأردن والكويت، تراجعت الأهمية الاقتصادية والتجارية للولايات المتحدة التي لم تعد لا المورد الوحيد للتكنولوجيا والأسلحة المتقدمة ولا المورد الأول لعديد المنتجات الصناعية.
يستخف بعض صناع وخبراء السياسة الأمريكيين بالدبلوماسية الصينية الجديدة تجاه الشرق الأوسط، مروجين لنظرة سلبية مفادها أن الحكومة الصينية لا عهد لها بصراعات المنطقة المعقدة وحتما «ستهرب» منها وتعود إلى الاكتفاء بالاقتصاد والتجارة ما أن تتعثر الخطوات الأولى لوساطتها بين السعودية وإيران وتفشل في تقديم الضمانات الأمنية والمكاسب السياسية المطلوبة لإنجاح اتفاق استئناف العلاقات.
والمستخفون بالدبلوماسية والأوراق الصينية هم خليط من «صقور» السياسة الخارجية الأمريكية (يمينيون في المجمل بحسابات الهوية الحزبية) الذين يرون أن الأدوات العسكرية والأمنية والأوراق الاستراتيجية لواشنطن في الشرق الأوسط تتجاوز أدوات وأوراق بكين وأن الهيمنة الأمريكية المنفردة على مقدرات المنطقة، وإن اهتزت بعد الانسحاب من العراق وأفغانستان وبفعل عجز إدارات أوباما وترامب وبايدن عن وضع حد للصراعات في سوريا وليبيا واليمن ولبنان وعن حماية حلفائهم التقليديين (كالسعودية حين تعرضت لهجمات الحوثيين) والسيطرة على طموحات إيران النووية، لم تغب ويمكن تقويتها مجددا بالمزيد من صادرات الأسلحة والتكنولوجيا والضمانات الأمنية الأمريكية. المستخفون بالدبلوماسية والأوراق الصينية يطالبون بموقف أمريكي متشدد إزاء البرنامج النووي الإيراني لا يستبعد الحل العسكري (المنفرد أو المشترك مع إسرائيل) إلى جانب العقوبات الكثيرة، وبتقديم ضمانات حماية ودفاع عن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وبالضغط إقليميا لاحتواء أدوار قوى كروسيا وحلفائها في إيران وسوريا ولتذكير الصين بكونها استفادت اقتصاديا وتجاريا وتجنبت التورط في صراعات المنطقة إلى اليوم ملقية بالأعباء على السياسات الأمريكية وأن عليها البقاء في هذه الخانة، عملاق اقتصادي وقزم سياسي، دون تغيير.
نتائج القمم العربية-الصينية التي عقدت خلال السنوات الماضية وخرجت ببيانات ختامية تشدد على الشراكة الاستراتيجية بين العرب والصين وعلى عملهم من أجل صيانة نظام دولي يستند إلى مبادئ العدالة.ذلك هو موقف المستخفين بالصين أمنيا وسياسيا في الشرق الأوسط، وهم لا يستخفون بها عالميا ويرونها كمصدر التهديد الأول للولايات المتحدة تكنولوجيا (الصراع حول أشباه المحولات نموذجا) وعسكريا واقتصاديا، بل ومعلوماتيا أيضا (الشد والجذب حول تطبيق تيك توك مثالا). وفي مواجهتهم، تتعالى أصوات لصناع وخبراء سياسة واقعيين يتوزعون على الحزبين الديمقراطي والجمهوري وعلى مراكز أبحاث متنوعة وأصوات صحافية عديدة تطالب الكونغرس والبيت الأبيض بعدم الوقوع في فخ إنكار التغيرات الجذرية التي طالت مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وكذلك التغيرات الجذرية التي طرأت على الدور الصيني من الخليج بضفتيه إلى المغرب العربي.
في صحيفة «الواشنطن بوست» قبل سنوات قليلة، نقل الكاتب ديفيد ايجانسيوس جانبا من نقاش أجراه مع مهندس الانفتاح الأمريكي على الصين في سبعينيات القرن العشرين، وزير الخارجية الأسبق هنري كسينجر. يرى كسينجر، وللراحل كتاب هام عن صعود الصين كقوة منافسة للولايات المتحدة، أن دبلوماسية بكين النشطة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وباتجاه حليفتها روسيا التي تبحث لها عن مخرج من الحرب مع أوكرانيا، وعلى الرغم من تهديدها لهيمنة واشنطن على المستوى العالمي، تستطيع أن تساعد إما على إنهاء أو احتواء حروب وصراعات إقليمية كثيرة استنزفت الموارد الأمريكية خلال السنوات الماضية، ومنها ما يحدث في منطقتنا. وفي ذات الاتجاه، ذهبت مقالات وتعليقات عديدة تنظر إلى دور الصين كفرصة للسيطرة على الحروب والصراعات التي فجرها (على الأقل جزئيا) النزاع بين السعودية وإيران ولم تنجح الولايات المتحدة في ايقافها على الرغم من كلفتها الإنسانية الباهظة (حرب اليمن مثالا) ويمكن للصين بعلاقاتها الجيدة مع الطرفين المساعدة على تسويتها.
وأضاف بعض صناع وخبراء السياسة المهتمين بالصين وصعودها العالمي، ومنهم زميلي في مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي ايفان فايجنبوم وهو أستاذ علاقات دولية يدرس العملاق الآسيوي منذ عقود، أن ما يمكن لبكين أن تقدمه في الشرق الأوسط لم يعد قاصرا على عروض مشروعات البنية التحتية والاستثمارات الصناعية بقروض طويلة الأجل، بل أصبح يتضمن أيضا نقل تكنولوجيا وبيع الأسلحة المتطورة وخدمات الموانئ والنقل واستثمارات كبرى في مجالات الاقتصاد الأخضر (التعاون المصري-الصيني في إنتاج الهيدروجين الأخضر برأسمال يصل إلى 11 مليار دولار أمريكي مثالا) وضمانات تهدئة وأمن عمادها الوساطة بين الفرقاء الإقليميين.
تستطيع بكين أيضا أن تقدم لعواصم الشرق الأوسط فرصا متزايدة للتنسيق الدبلوماسي الفعال في المحافل الدولية التي يتعاظم بها دور بكين دون أن تتخلى عن انتمائها «للعالم النامي» (قيادة مجموعة ال77 نموذجا).
يستخدم فايجنبوم مفهوم «العرض الشامل» لتحليل ما تستطيع الصين تقديمه اليوم إلى الشرق الأوسط (وما تقدمه بالفعل في جوانب مختلفة في القارتين الآسيوية والإفريقية) ولمقارنته مع ما تقدمه الولايات المتحدة تكنولوجيا وعسكريا واقتصاديا وتجاريا وأمنيا، وهو في المجمل لا يختلف جوهريا عن العرض الصيني الشامل ويستحيل من ثم عدم رؤية العرضين الأمريكي والصيني كمتنافسين وربما متصارعين محتملين في سوق شرق أوسطية مفتوحة.
بقراءة ترى في دور الصين في الشرق الأوسط فرصة للولايات المتحدة لالتقاط الأنفاس وإعادة الحسابات (ايجانسيوس) وقراءة تركز على الصراع القادم في المنطقة بين العرضين الشاملين الأمريكي والصيني، يواجه الواقعيون بين صناع وخبراء السياسة في واشنطن الصقور الذين يروجون لخطاب الاستخفاف بالصين ويبنون عليه تصورات واهمة بشأن هيمنة أمريكية منفردة لم تعد تفاصيل سياسات واشنطن تدلل عليها (قبل يومين، قررت قيادة الجيش الأمريكي إرسال طائرات مقاتلة قديمة إلى الخليج لتحل محل طائرات حديثة ستنقل إلى قواعد في آسيا وأوروبا لمواجهة الأخطار الصينية والروسية) ولم تعد عواصم الشرق الأوسط تعول على بقائها ولا تحتاج بكين لتحديها سوى لمواصلة تقديم عرضها الشامل.
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.