وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، أن تصويت الجزائر لصالح قرار مجلس الأمن حول الأوضاع في غزة، وهو القرار الذي بادرت بتقديمه الولاياتالمتحدةالأمريكية بهدف اعتماد ما سُمِّيَ ب"خطة السلام في غزة" جاء إِعْتِدَاداً بجملةٍ من الاعتبارات الموضوعية المتعلقة أولاً بالأهداف الجوهرية لهذا القرار، ثُمَّ ثانياً بالخلفياتِ الكامنة وَرَاءَهْ، ثُمَّ ثالثاً وأخيراً بمواقفِ أبرز الفواعل الإقليمية إِزَاءَهْ. وخلال ندوة صحفية نشطها بمقر الوزارة، قال أحمد عطاف أن هذه الاعتبارات الموضوعية احتكمت إليها الجزائر، بكل مسؤولية، وبكل التزام، وبكل حكمة، وبكل تبصر، في اتخاذ قرارها السيادي بالتصويت لصالح مشروع القرار هذا في مجلس الأمن. وفيما يتعلق بالأهداف الجوهرية لهذا القرار، أوضح أحمد عطاف أن تندرج أساساً في إطار ما يُمكنُ تَسْمِيَتُهُ بالأولويات المستعجلة للمرحلة الراهنة، أو أولويات ما بعد العدوان على غزة، وهي أولوياتٌ رباعية الأبعاد وهي تثبيتُ اتفاق وقف إطلاق النار، توفيرُ الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، تمكينُ جهود الإغاثة الإنسانية في غزة دون قيود أو شروط وأخير تمهيدُ الطريق لإطلاق مسيرة إعادة الإعمار في غزة. وأشار وزير الخارجية إلى ان الأولويات الاستعجالية التي تفرض نفسها اليوم، وهي ذات الأولويات التي لم تتوقف الجزائر عن المرافعة من أجلها منذ بداية عهدتِها بمجلس الأمن، وأن القرار المُعْتَمَد يوفر أرضيةً مُلْزِمَة للدفع نحو التكفل بهذه الأولويات الاستعجالية دون المساس بثوابت حل القضية الفلسطينية. وبخصوص ثوابت القضية الفلسطينية، شدد وزير الخارجية على ان القرار المُعْتَمَد لا يَمُسُّ البتة بمرتكزات الحل العادل والدائم والنهائي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على النحو الذي أجمعت عليه المجموعة الدولية، وبما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. ولفت إلى الجزائر تمكنت خلال المفاوضات من إدخال تعديلٍ بالغ الأهمية على هذا القرار، وهو التعديل الذي يُوضح أن المقصَدَ النهائي من هذا القرار يتمثل في توفير الظروف المواتية لفتح أُفُقِ الحل السياسي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة والسيدة. وفيما يخص خلفيات هذا القرار، فهي تتمثل في كون أن المبادرةَ بطلبِ عرض ما سُمِّيَ ب"خطة السلام في غزة" على مجلس الأمن بهدف استصدار قرارٍ بشأنها قد جاءت أصلاً من الدول العربية المُشَارِكَة في قمة شرم الشيخ التي انعقدت بمصر منتصف الشهر المنصرم. فهذه القمة التي أفضت إلى اعتماد خطة السلام هذه، قد شَهِدَتْ أيضاً مُطالباتٍ عربية بإقرار هذه الخطة من قبل مجلس الأمن الأممي، وذلك لتحقيق ثلاث غايات رئيسي ؛ الغاية الأولى: وهي إضفاء القوة القانونية والصيغة التنفيذية على ما سُمِّيَ ب"خطة السلام في غزة" من قبل مجلس الأمن الأممي. أما الغاية الثانية وهي إخراج هذه الخطة من الدائرة الضيقة للمشاركين في قمة شرم الشيخ وإعطائها طابعاً أوسع وأشمل، ألا وهو الطابع الدولي. أما الغاية الثالثة: فهي تتعلق بوضع تنفيذِ خطة السلام هذه تحت قبة الأممالمتحدة و بهذا إِكْسَابِهَا الضمانةَ الأهم، ألا وهي الضمانة الأممية التي تَكْفُلُ تجسيدَها على النحو الذي لا يتعارض مع مبادئ ومقاصد ميثاق الأممالمتحدة وسائر اللوائح الأممية ذات الصلة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والتي تشكل ما نُسَمِّيهِ بالشرعية الدولية. وفيما يخص مواقف أبرز الفواعل الإقليمية إزاء هذا القرار، أكد أحمد عطاف أن الجزائر قد أخذت على عاتقها منذ بداية عهدتها الحالية بمجلس الأمن أن تُنَسِّقَ جميعَ خطواتِها وتحركاتِها ومبادراتِها مع أشقائها الفلسطينيين بصفة خاصة ومع أشقائها العرب بصفة عامة، وذلك عبر البعثة الفلسطينية والبعثات العربية المُمَثَّلَة لدى منظمة الأممالمتحدة. ومن هذا المنظور، فإن الجزائر لا تملك أن تَحِيدَ عن موقف الأشقاء الفلسطينيين، ولا تملك كذلك أن تخرج عن إطار التوافق العربي والإسلامي المؤيد لمشروع القرار والداعي لاعتماده من قبل مجلس الأمن، ولا تملك أخيراً أن تَتَبَنَّى موقفاً مُناقضاً لما رافعت من أجله من قبل، ألا وهو ضرورة اعتماد قرار استعجالي مُلزم من أجل رفع كل أشكال المعاناة المُسلطة على الشعب الفلسطيني في غزة.