أكد الأستاذ محمد بوهيشة، المدير العام للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن إدماج الجامعة ضمن اقتصاد المعرفة يُعد من أبرز محاور سياسة إعادة هيكلة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر، باعتباره توجهًا استراتيجيًا لا يمكن فصل سياسة التعليم العالي عنه في المرحلة الراهنة. وأوضح بوهيشة، لدى استضافته هذا الثلاثاء في برنامج "ضيف الصباح" بالقناة الإذاعية الأولى، أن وزارة التعليم العالي اتخذت عدة إجراءات عملية في هذا الإطار، من بينها استحداث نظام بيئي متكامل للابتكار والمقاولاتية، يسمح للجامعات ومؤسسات البحث بإضفاء بعد اقتصادي على نشاطها، وتحويل الجامعة إلى قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية. وفي السياق ذاته، أشار المتحدث إلى اعتماد الوزارة على جملة من اللجان لدعم أداء ومرئية الجامعة الجزائرية، وهو ما انعكس إيجابًا على تصنيفها في الترتيبات العالمية، حيث باتت الجزائر تُصنّف في العديد من المناسبات ضمن أفضل الدول من حيث عدد الجامعات في عدة تصنيفات دولية. كما أبرز أن الإصلاحات التي باشرتها الوزارة خلال السنوات الأخيرة مكّنت القطاع من مواكبة التحولات الوطنية والدولية والدخول الفعلي في اقتصاد المعرفة. حصيلة إيجابية للإصلاحات الجامعية وبخصوص حصيلة الإصلاحات الجارية منذ ثلاث سنوات، أكد بوهيشة أنها كانت إيجابية، لا سيما من خلال إعادة توجيه البحث العلمي نحو مشاريع تستجيب لحاجيات الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، بعدما كانت الأبحاث سابقًا تفتقر إلى البعد الاقتصادي. وأضاف أن جميع الأبحاث المنجزة حاليًا من طرف مراكز ومخابر البحث الممولة من المديرية العامة للبحث العلمي تتم وفق أهداف واضحة ومبرمجة مسبقًا، سواء تعلق الأمر بتكوين طلبة الدكتوراه أو بتلبية حاجيات الشركاء الاقتصاديين. وفي هذا الإطار، كشف عن وجود 335 مشروع بحث وطني قيد الإنجاز، أغلبها يعكس انشغالات المحيط الاجتماعي والاقتصادي، بما يضمن تثمين نتائج هذه الأبحاث. كما أوضح أن عملية التقييم الجارية أظهرت قابلية 53 مشروعًا من الدعوة الأولى لبرامج البحث الوطنية للتثمين والتحويل التكنولوجي لفائدة الشركاء الاقتصاديين، مع توقع نتائج أفضل للدعوتين الثانية والثالثة المرتقب تقييمهما سنة 2026. شراكات بحثية دولية ذات أثر اقتصادي وعلى الصعيد الدولي، أفاد بوهيشة بوجود 215 مشروع بحث دولي يُنجزها باحثون جزائريون في إطار شراكات أورو-متوسطية، أغلبها ذات أثر اقتصادي، لاسيما في المجال الفلاحي، على غرار مشاريع زراعة الزعفران ضمن شراكات دولية. كما تم، حسبه، إحصاء 47 فرعًا اقتصاديًا تابعًا لمجال البحث العلمي، برأسمال يُقدّر بنحو 12 مليون دينار، وبرقم أعمال يفوق 1.5 مليار دينار، مع طموح لرفع هذا الرقم إلى 5 مليارات دينار بحلول سنة 2027، ما يشكل قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني. ديناميكية جديدة للمقاولاتية الجامعية وفيما يتعلق ببيئة المقاولاتية داخل الجامعة، شدد المتحدث على أن القطاع يعرف ديناميكية جديدة، حيث تمكنت الجامعات خلال 14 شهرًا فقط من إنشاء أو الشروع في إنشاء أكثر من 2700 مؤسسة مصغّرة، ما يعزز دور الجامعة في دعم الاقتصاد الوطني. وختم بوهيشة بالتأكيد على أن البحث العلمي أصبح اليوم فضاءً حقيقيًا لاستقطاب الكفاءات الجامعية، ورافعة أساسية لتحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية تخدم التنمية الوطنية.