كان لأحد الأشخاص منزل يريد بيعه والرجل مقرب من صديق لنا إلا انه كان يفرقهم خصام بعيد ، وما إن سمع صديقنا أن ذلك الرجل يريد بيع منزله حتى انفتحت شهيته لشرائه لأنه كان دائما يتمنى أن يكون له، وفي نفس الوقت كان يعلم أن الرجل لن يبيع له المنزل مهما فعل حتى لو أغراه بثمن زهيد. ظل الصديق يفكر بحسرة خائف أن يفلت المنزل من بين يديه لأنه في مزاد البيع وبعد تفكير اهتدى إلى طريقة ربما الوحيدة التي تمكنه من شراء المنزل ليصبح ملكه، والفكرة انه ذهب إلى أحد أصدقائه الذي كانت تربطه به علاقة صداقة قوية وقديمة وله ثقة كبيرة فيه، فطلب منه أن يتقدم من الرجل صاحب المنزل المعروض للبيع ويشتريه منه. لبى صديقه الطلب وتكلف بالمهمة التي كانت ملتوية بعد أن افهمه انه يريد أن يشتري له المنزل من ذاك الرجل وبعدها يعاود بيعه له، وبهذه الطريقة الملتوية يكون قد تمكن من شراء المنزل وأصبح ملكه، وبالفعل نجحت الخطة وتمكن من شراء المنزل بل ووصل إليه والى مراده، وفي نهاية المطاف تفطن صاحب المنزل إلى الحيلة التي وقع فيها وما كان عليه سوى ضرب الكف بالكف، لعبة أو حيلة هي كان الصديق القديم فيها وسيلة وكان الرجل صاحب المنزل ضحية وصديقنا هو المستفيد. بهذه الطريقة الملتوية التي اهتدى إليها صديقنا وانتهجها، يعبث أعداء الجزائر بأبنائها ويجندوهم لتدميرها، وأنا لا أقول هذا الكلام هكذا بل سوف آتي على بعض الأمثلة وهي في الحقيقة براهين وأدلة تثبت ذلك، وأرجو أن يتمعن القارئ الكريم ما سآتي عليه في هذا المقال، وابدأ من حيل الموساد ودعوني أقول حيل لا تختلف عن الحيل التي انطلت على شبابنا أو وقع فيها سهوا،كما أتمنى أن يفهمني كل من يقرأ هذه الحروف، وكلامي هذا ليس موجها لكبار الساسة أو المثقفين وحدهم دون غيرهم أكثر مما هو موجه إلى من غرر بهم أو من قد يقعون فيما وقع فيه من سبقوهم فأصبحوا ''قنابل التحكم عن بعد '' تتحكم فيها أيدي رهيبة صنيعة أعداء الجزائر، أو بالأحرى جهات حاقدة لا تريد لنا الاستقرار وأخرى طامعة سال ويسيل لعابها للجزائر وخيراتها. أذكر لكم مثالا حيا وشهادة شهد بها شاهد من أهلها استمعنا إليها وتابعها الكثير من على قناة الجزيرة في حصة ''النكبة'' ، حيث ذكر أحد المؤرخين الاسرائليين أن الموساد كان يقوم بتأسيس جمعيات إسلامية خيرية وطبعا كل أفرادها من العرب المسلمين، بعدها يقوم بإرسالها إلى أوربا والدول العربية ويجعلها تتحرك وفق برنامج مسطر يخدم الدولة العبرية، وكان المشرفون أو المؤسسون لها هم يهود عرب يدعون أنهم مسلمين تساعدهم اللغة العربية واطلاعهم على ديننا الحنيف، وما هم في الحقيقة إلا عملاء كبار في الموساد، وقد تعممت هذه الطريقة أو الحيلة لدى الكثير من الأجهزة الاستخبراتية، ولجأ إليها الكثير من أصحاب المكر والخداع ووقع فيها أيضا الكثير من الإخوة عن غير قصد فقد جندتهم جهات وزودتهم بالأموال وغرستهم في قلب بعض التنظيمات الإسلامية، وبطبيعة الحال فقد مكنتهم حالتهم المادية التي جاؤا بها أو وصلتهم من عند أصحاب الغرض، مكنتهم من النفوذ حتى صاروا أمراء يأمرون وأصحاب قرار حسب القول الأفغاني الذي يقول ''الذي يمول هو من يوجه'' وتوجيهاتهم طبعا تملى عليهم من طرف مجنديهم. وعلى ذكر الأفغان وكما يعلم الكل أن المجاهدين الأفغان قادوا حربا غبية ضد السوفيات بالنيابة لصالح الأمريكان؛ بتخطيط وكالة الاستخبارات الأمريكية لان وجود السوفيات في المنطقة كان يهدد مصالح أمريكا، فبعد أن تحررت أفغانستان من الوجود السوفيتي دخلها الأمريكان بحجج واهية وهي ''محاربة الإرهاب'' الذي صنعته مخبراتها، وحين سئل بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي وقيل له ''ألا تندم أمريكا بدعمها ومساندتها لمجاهدي أفغانستان أين خلقت حركات أخرى مضادة لها؟'' أجاب وقال الجماعات الجهادية أفضل من بقاء الإمبراطورية السوفيتية، وهو اعتراف صريح لخبير كبير وصانع قرار في الإدارة الأمريكية بأن هذه الجماعات ليست نقمة عليهم بل نعمة لهم، لابد من الاحتفاظ بها والمحافظة عليها ولما لا تطويرها بما يخدم طموحات البلد وبلوغ الأهداف. وخلاصة القول هي سلاح آخر أو آلة لتعبيد الطريق ليس إلا، إذا تمعن القارئ وكل المعنيين واقصد المغرر بهم لهذه الأمثلة وان كانت بسيطة قد يجد فيها الكثير من الأفكار السامة أو الحيل التي يلجأ إليها أصحاب الغرض المبيت للانقضاض على الفريسة. أزيد وأذكر لكم مثالا آخر أو شهادة حية هي دليل إضافي يدعم قولنا هذا والتي لا ينكرها أي كان والمتمثلة في ذلك التصريح أو الاتهام الصريح الذي وجهه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم تعرض موكبه بمدينة باتنة الى تفجير، قيل أنها محاولة اغتيال لشخص الرئيس نفذه انتحاري شاب لا يفقه في الدين أو السياسة سوى العضلات التي ساعدته على التسلل وسط أطفال ونساء وشيوخ ليفجر نفسه، بعدها جاء تصريح عبد العزيز بوتفليقة وهو رئيس جمهورية أدرى ووجه اتهاما صريحا الى جهات خارجية تشد على زر جهاز التحكم عن بعد، ولا اعتقد هنا أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان في غير وعيه، ولا حجة تجعله يتهم جهات خارجية ويتغاضى عن من استهدف حياته مباشرة، وأظن أنها اللحظة التي لا يتسامح فيها احد لأن الأمر يتعلق بالحياة، بعدها وبمدة زمنية وبعد ما تمادت الهجمات الانتحارية وزادت، صرح أيضا وزير الداخلية يزيد زرهوني من منصبه الحساس وقال عندنا أدلة تؤكد أن هذه الجماعات المسلحة أو الانتحارية أن صح القول مرتبطة بجهات خارجية. نترك هذه الأمثلة أو الأدلة جانبا ونمر إلى أمثلة أخرى، إذ نعود إلى أول مؤتمر تأسيس للحركة الصهيونية وأهم ما جاء فيه وكشرط أساسي لبلوغ أهدافها، هو وضع قبضتها على الإعلام ثم مصادر المال والتغلغل في الحركات السياسية عبر العالم بكل الأشكال، وليركز الجميع هنا على هذه النقطة الأخيرة و الأولى والثانية والتي نفهم منها وبدون تعمق لوضوحها التام أن الكثير من الحركات السياسية مخترقة أو معرضة لذاك وخاصة الإسلامية لأهميتها العقائدية، فبعدما كانت تخترق لتفتيتها بالفتنة أصبحت تخترق الآن لتوظيفها لغير صالحها، فباتت المادة الدسمة من بين كل الحركات دسامة تلك الأمنيات التي تنطلي على منفذي العمليات الانتحارية الحالمين بدخول الجنة حسب اعتقادهم لحظات فقط بعد تنفيذ عملياتهم الغبية ضد أناس أبرياء ينطقون بالشهادتين لا ذنب لهم، فراحوا ضحية أفكار سامة وأحلام دسمة لكتل لحمية متحركة لا تحكمها سوى أزرار التحكم عن بعد. في الأخير أود أن أعطي تفسيرا عن لجوء الجماعات المسلحة إلى اعتماد أسلوب العمليات الانتحارية، حيث أرى أنها لجأت أو اعتمدت هذا الأسلوب الانتحاري بعد أن أصبحت غير قادرة على المواجهة المسلحة، كما كانت في السابق أيام اندفعت أمواج الشباب ذوي الحس الديني والغيرة المفرطة وعن غير وعي، فخرجوا أفواجا أفواجا تحت مسمى الجهاد حالمين بتكرار غزوتي ''بدر و أحد''، لكنهم اصطدموا بالغدر وفكر ملحد فمنهم من عزف وتاب، ومنهم من قضي عليه وآخر هو الأخير حتما هو الذي تم توصيله بأزرار التحكم عن بعد بعد أن عجزوا عن تجنيد المزيد لحمل السلاح واكتفوا مرغمين بقلة قليلة متفجرة، فهذا هو ما آلت إليه فلول الجماعات المسلحة أو لنقول الجماعات المتفجرة في الجزائر التي لجأت إلى آخر الحيل في آخر المطاف، بعد أن انقطعت بها السبل ولتلميع صورتها نسبت نفسها إلى ''القاعدة'' حتى تكسب تعاطف الشباب وسميت بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي اعتقادا منها أن هذا الاسم قد يساعدها في إغراء الشباب مرة أخرى للالتحاق بالجبال أو حتى توصيله بأزرار التحكم عن بعد وهو في غفوته تساندها وتساعدها الشبكة العنكبوتية في تمرير أفكارها السامة ... * صحفي بجريدة ''بيت العرب'' الدولية ''القاهرة''