جميل أن يتلقى الواحد منا نبأ استعداد وزارة التجارة لعرض مشروع قانون جديد لحماية المستهلك على البرلمان، المشروع إن تم قبوله يهدف إلى مراقبة المنتوجات المسوقة في السوق الوطنية، ومدى مطابقتها لمقاييس الجودة والنوعية بغية القضاء على المنتوجات المغشوشة والمقلدة، وبالأخص ما تعلق منها بقطع غيار السيارات والتي تبين أن جزءا معتبرا من تلك المسوقة حاليا بالأسواق لا تحترم شروط الجودة وغالبا ما تتسبب في وقوع حوادث مرور وخيمة تودي بحياة أصحابها. إن صح فعلا ما تم استنتاجه فإن هذا يعني أن السائق الجزائري لا يتحمل وحده مسؤولية حوادث المرور اليومية التي تحصد أرواح الأبرياء كل دقيقة عبر أرجاء الوطن، حتى صارت جل مديريات ووزارات الحكومة في الجزائر تسعى إلى البحث عن خطة أو دراسة واضحة المعالم للتقليل من حجم تفاقمها. الواقع لا يعكس تماما ما تم استنباطه، فالجزائري وإن كان على متن سيارة ''فارهة'' آخر طراز، بكل اللواحق اللازمة لتوفير الأمن والراحة والسلامة فإن طباعه، وسلوكه ''اللامتحضر''، وشعوره بالغطرسة كلما أمسكت يداه مقود سيارة، تجعله لا يبالي بالعواقب، ليتحول إلى سفاح طرقات، ما أقول غير متعلق بالضرورة بالشباب، الذي كلما حلت مناسبة للحديث عن حوادث الطرقات إلا وكان هو الملام الأول والمتهم الرئيسي فيما يحدث، نظرا لما ينسب للشباب من امتلاكهم لتلك الشحنات الزائدة من الديناميكية التي يحاول بعضهم إفراغها على مقود السيارة بالإفراط بالسرعة والتجاوزات الخطيرة... فالفتيات وحتى بعض السيدات بدورهن سرن على نفس المنوال، وصارت الواحدة منهن تفكر ب''عقلية'' اقتسام الطريق مع الجنس الآخر بمثابة إهانة.. المسنون بدورهم إلا فيما ندر، ينضبطون بقوانين المرور....أما البقية الباقية فيستمتعون بمجاراتهم لطباع الشباب في كل شيء، حتى في التجاوزات الخطيرة .. تلك التصرفات لا تكاد تعدو كونها اعتداء وإصرارا متعمدا على الإفساد في الأرض، سواء بإلحاق الضرر بالبدن أو بالمال، واستعمال الفرامل من طرف بعض السائقين صار بمثابة الإهانة.. أعتقد هنا، وربما يجاريني الكثير فيما أعتقد، أن مشكلة تفاقم حوادث المرور في الجزائر لم يعد يلزمها خطة مشتركة بين الوزارات تعمل فيها كل وزارة على فرض عقوباتها على كل متسبب ومدان في إلحاق الضرر بالآخرين، ولا قانون مرور جديد ولا حتى فرض رقابة على سوق قطع الغيار ولا غرامات مالية، ولا هم يحزنون، الأجدر هو التفكير في كيفية تخصيص طبيب نفساني جواري لكل سائق سيارة، ومرشد ديني لكل متسبب مدان يطبق عليه أحكام الجنايات، فتترتب عليه الدية أو الكفارة، فذلك ربما كان أفيد.