الجزائر- سويسرا : التوقيع على اتفاقية للتعاون الثنائي بين شرطة البلدين    الجزائر- ايطاليا : اتفاق على إضفاء المزيد من الزخم والحركية لتوطيد الشراكة    رغم حالة عدم اليقين السائدة عالميا.. الأفامي: الآفاق الاقتصادية للجزائر تظل إيجابية    العرباوي يتحادث بإشبيلية مع محمد مصطفى : اشادة بمواقف الجزائر في نصرة القضية الفلسطينية    النعامة.. تدشين وإطلاق عدة مشاريع تنموية    الجزائر العاصمة: السيدة حملاوي تشرف على احتفالية للطلبة الجامعيين المتخرجين    قانون المناجم الجديد: نحو استحداث بوابة إلكترونية للتعريف بالمواقع المنجمية    اليأس يدفع دولة الاحتلال المغربي إلى تصعيد حملاتها العدوانية ضد الشعب الصحراوي    الإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين يؤكد أهمية التشاور للوصول إلى حلول ناجعة لإشكاليات القطاع    وزير الثقافة والفنون يشرف على انطلاق أشغال ترميم "قصر المنزه" بقصبة الجزائر    ستة أسماء جزائرية في القائمة الطويلة لجائزة كتارا للرواية العربية 2025    البطولة العالمية العسكرية الأولى للفنون القتالية: الفرق الوطنية العسكرية للجيدو والمصارعة المشتركة والتايكواندو تحقق نتائج مشرفة    المدية: افتتاح الطبعة ال13 للورشة الوطنية للخط المدرسي والمنمنمات    الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: إدراج "بند خاص" بالجرائم المرتكبة في غزة    المندوبية الوطنية للأمن في الطرق: حملة تحسيسية وطنية للوقاية من حوادث المرور خلال موسم الاصطياف ابتداء من الثلاثاء    المقاومة تُصعِّد عملياتها في غزّة    هل يتغيّر الخليج العربي من جديد؟    هذه قواعد الاستيراد المُصغّر ..    عثماني يفوز ببلجيكا    عرقاب يلتقي سفير كازاخستان    والي البويرة يسدي تعليمات للتكفل الأنجع بانشغالات المواطنين    البزان .. الزي المفضل للرجل التارقي    مؤشر قوي على جاذبية السوق الجزائرية    كريكو تستقبل سفيرة الهند    توصيات لتعزيز النجاعة التشريعية    أبو زهري ينفي أكاذيب سكاي    كرة القدم (دورة اللقب الوطني للشبان 2025): ملعب قاوس بجيجل يحتضن النهائيات    هيئة صحراوية تندد بالخطوة الانتقامية لقوات الاحتلال المغربي ضد الطلبة الصحراويين    تتويج نادي سباحي قسنطينة بالبطولة الوطنية لكرة الماء في أربع فئات    ممثلا لرئيس الجمهورية, الوزير الأول يشارك بإسبانيا في افتتاح المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    إصابة عشرة أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة    أورنوا : نظام توزيع المساعدات للفلسطينيين بقطاع غزة    سبعة شهداء ومصابون مدينة غزة وخان يونس    الإنجاز يعد ثمرة التناغم المؤسساتي والتجند الجماعي لخدمة المدرسة الجزائرية"    إتصالات الجزائر : تُنظّم حملة تطوعية وطنية لتنظيف الشواطئ    بللو يشرف على إطلاق برنامج "هي"    الرئيس تبون جعل كرامة المرأة خطا أحمر    شواطئ وغابات بجاية الغربية تستعيد عافيتها    ولائم فخمة وألعاب نارية تُحرج البسطاء    دورة تكوينية لتسهيل دراسة مشاريع تربية المائيات    أينتراخت فرانكفورت يرفض بيع فارس شايبي    رئيس فريق جمعية الخروب يعتذر للأنصار ويعد بالتجديد    تتويج مستحق لمنتخب رابطة الجزائر    الجزائر تستشرف التحوّلات الكبرى مع تحديد المهام    "ليلة طويلة جدا".. عن الصمت والوجع والقدر    احتفاءٌ بذكرى أم كلثوم وبالعيدين الوطنيين لمصر والجزائر    موجه لحاملات مشاريع سينمائية .. بللو يشرف على إطلاق برنامج "هي"    الدعاء وصال المحبين.. ومناجاة العاشقين    فتاوى : حكم تلف البضاعة أثناء الشحن والتعويض عليها    بلال بن رباح مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم.. صوت الإسلام الأول    رئيسا جديدا للاتحادية الجزائرية لألعاب القوى    التاريخ الهجري.. هوية المسلمين    تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الإفريقي للصناعة الصيدلانية    الجزائر تستعد لاحتضان أول مؤتمر وزاري إفريقي حول الصناعة الصيدلانية    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إيزابيل إيبرهارت بريئة من تهمة التخاذل مع الاستعمار الفرنسي"
نشر في الخبر يوم 17 - 07 - 2016

أوضح سعيد خطيبي أنه من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت ب ب “التّخاذل” مع الاستعمار الفرنسي، بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها. وقال خطيبي في حوار مع “الخبر” بمناسبة صدور روايته الجديدة، إنه رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”، هذه الشّائعة تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي.
لماذا عرّجت على شخصيات ثانوية، قبل الوصول لإيزابيل إيبرهارت؟
في “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” الرّاوي يتقاطع مع إيبرهارت في مستويات عدّة، فهو مثلها جاء من أوروبا ليعيش بين الجزائريين، ومثلها اعتنق الإسلام، وجرب حياة تيه، واستقر في واحد من الأمكنة التي استقرت فيها، في جنوب البلاد، هي ارتبطت بطريقة صوفية وهو فعل الشّيء نفسه، هي كتبت عن الحياة في الصّحراء، وهو كان يرسمها. اكتشف اسم وأعمال إيزابيل بعد أكثر من أربعين عاماً من رحيلها المفاجئ، وقضى أربعين عاماً أخرى في الجزائر وهو يبحث عن “حقيقة” إيزابيل إيبرهارت كامرأة وكاتبة. أربعون عاماً قضاها في “محاورات” مع نفسه ومع إرث إيبرهارت. كان من الممكن أن أختار سارداً عادياً آخر، لكني اخترت الطّريق الأكثر تشعباً في الكتابة. ففي سبيل البحث عن “الحقيقة” وفي إعادة تشكيل “البازل”، سيعيد الرّاوي اكتشاف ذاته وتفكيك حوالي نصف قرن من تاريخ الجزائر. في العادة، تكتفي الشّخصية بدور “وسيط” في النصّ، وتتيح للقارئ فرصة الدّخول في تفصيلات الحكاية، والمؤلف هو المطالب بأن يجعل منها “شخصاً” من لحم ودمّ، أن يجعل من الواقع متخيّلاً ومن المتخيّل واقعاً، من أجل “توثيق” التّاريخ أدبياً. وغالباً لا يستطيع الرّوائي أن يمنع نفسه من التورّط، بشكل أو بآخر، مع شخصيته ليكتب عن العالم انطلاقاً من ذاته.
كيف تعاملت مع الجدل حول تعاملها مع السّلطات الاستعمارية؟
من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت ب “التّخاذل”؛ بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها، رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”. هذه “الشّائعة” تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي، مثلاً لم يسبق أن أشاع مؤرخ شيئاً عن الكاتب والفنّان إتيان دينيه (الذي ربطته علاقة وديّة بالحاكم العامّ بدايات القرن)، كما أن هذا الأخير تعرّض مرّة لاعتداء عنيف من طرف الأهالي. ما هو السّبب؟ تقول الرّواية الاستعمارية إن سبب تهجم الأهالي عليه كان لوحاته التي صوّرت نساء عاريات؟! وربما كان السّبب أمرا آخر!
في الفترة التي ظهر فيها اسم إيزابيل إيبرهارت (نهاية القرن 19 وبداية القرن 20)، كان الكتّاب الفرنسيون ينظرون إلى “الجزائر” باعتبارها أرضاً مفتوحة ل “الغزو” العسكري والفكري، وهو ما تعكسه كتابات غي دو موباسان مثلاً، كان أدباً كولونيالياً إيكزوتيكياً، “أدب بطاقات بريدية”، يتعامل مع الجزائر كأرض للاكتشاف ويلغي الإنسان الجزائري، على عكس ما قامت به إيبرهارت، التي اهتمت بالإنسان الجزائري، وتركت خلفها كتابات “مستفزّة”. كرّست التجربة “الإيبرهارتية” نموذجاً جديداً حينها، سيسير عليه كتّاب آخرون من بعدها، كما لا ننسى أنها كانت مراسلة لواحدة من ألمع جرائد المرحلة “الأخبار”، التي كان يشرف عليها الكاتب والصّحافي فيكتور باريكان، المعروف عنه مواقفه التّقدمية، ونقده للسياسات الاستعمارية الفرنسية، في شمال إفريقيا، وخصوصاَ دفاعه عن حقوق الأهالي المسلمين في المساواة مع غيرهم. والحقيقة التي تسقط من أعين “المتحاملين على إيبرهارت”؛ أن فيكتور باريكان وإيزابيل كانا محلّ شكوك من طرف الإدارة الاستعمارية (يمكن مراجعة تقارير الشّرطة)، وطُردت إيبرهارت من الجزائر عام 1901 (لسبب غير منطقي، بعد محاولة اغتيالها من طرف شاب من الزّاوية التيجانية - لو كانت فعلاً مقرّبة من الإدارة الاستعمارية لكانت وفّرت لها الحماية)، ولم تعد إليها سوى عام 1902 بعد زواجها من سليمان أهني وحصولها على الجنسية الفرنسية. فإلى غاية سن الخامسة والعشرين لم تكن فرنسية، ولم تكن تحمل هوية فرنسية، وهي التي كانت تصف أوروبا ب “الغرب المُحتل” وتيهها في الصّحراء كان – ضمنياً – بيان احتجاج ضدّ ما فعله مواطنوها الأوربيون من فظاعات، سنوات الاحتلال.
لماذا اتّجهت صوب الشّرق، وليس الغرب، مثلما هو معمول به، بحثا عن شخصية روائية؟
إذا كان المقصود من الشّرق: الجزائر، باعتقادي أن الجزائر لا هي شرق (بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة) ولا هي غرب فعلاً، هي وسط، منطقة رمادية، يتقاطع فيها الشّرق والغرب في آن. ثم إن فكرة الكتابة عن إيبرهارت ظلّت تفرض نفسها عليّ منذ سنوات (هي جزء من المرويّات الشّفوية التي يتوارثها كبار السنّ في المدينة التي وُلدت وكبرت فيها)، لكن الأمر لم يكن سهلاً، فهو مشروع تطلّب بحثاً وتدقيقاً في كتاباتها، مُساءلة للأمكنة والفضاءات التي عاشت وكتبت فيها، خصوصاً مثلث: بوسعادة، وادي سوف وعين الصّفراء، للإحاطة بجوانب حميمة من حياتها، قبل الكتابة عنها، وإعادة بعثها روائياً.
نعرف أن أعمال إيبرهارت لم تنشر سوى بعد وفاتها (عدا بعض القصص والمقالات التي نشرت في جرائد)، فقد استخرجت كرساتها ومخطوطاتها من الوحل، بعد وفاتها في فيضان وادي عين الصّفراء، وقبل نشرها تعرّضت لبعض التّعديلات (أو التّشويه)، مع تصحيح أجزاء منها، أو حذف وإضافة كلام لما كتبت، ومن الصّعب الآن الوصول إلى النّسخ الأصلية، وتطلّب الأمر مطابقة طبعات مختلفة من أعمالها، كما إنها بداية من عام 1906، ثم في فترة ما بين الحربين، أُحيط اسمها بهالة من “المديح” من كتّاب ونقّاد فرنسيين، لهذا توجّبت الكتابة عنها وتخليصها من المديح المجاني، من معجبين “رديئين” أحياناً، ثم الكتابة عنها بحياد، عن أفعالها الإيجابية وأخطائها أيضاً، بعيداً عن “التّقديس”، والحفر بهدوء في طبيعة علاقاتها الحقيقية بالجزائر، وحياتها في الإسلام، عن عمق صلاتها ببعض الأشخاص الذين رافقتهم في سنواتها الجزائرية المشتتة، لرسم بورتري شبه كامل عن شابة فعلت الكثير وهي لم تتجاوز سنّ السّابعة والعشرين. من مِن كتّاب القرن التّاسع عشر قام بما قامت به إيبرهارت؟! كانت وحيدة واستثنائية في تشرّدها، وصبرها و«قطيعتها” مع جيلها ومع من سبقوها، وفي رغبتها في تحرير الأهالي من الأكليشيهات التي كرّسها كتّاب ما بين 1830 و1900.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.