هذا موعد مسابقة بريد الجزائر    هذا جديد مسابقة مساعدي التمريض    تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات    مدن مغربية تنتفض..    بوقرة: هدفنا التتويج    الخضر يتعثّرون.. ولا بديل عن هزم النيجر    تكثيف الرقابة في الأسواق    أسبوع رعب في الجزائر!    دربال يؤكّد ضرورة ربط القصور بشبكة التطهير    زيد الخير يلتقي المصلح    وكالات السياحة مدعوة للتسجيل    سقوط حافلة لنقل المسافرين بالحراش: وفد رسمي هام يتنقل إلى المركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا للوقوف عن ظروف التكفل بالمصابين    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: الفريق أول السعيد شنقريحة يقدم تعازيه إلى عائلات الضحايا    حادثة سقوط حافلة لنقل المسافرين: رئيس الجمهورية يقرر حدادا وطنيا ليوم واحد    وزراء خارجية دول عربية وإسلامية يدينون بأشد العبارات تصريحات لمن يسمى برئيس وزراء الكيان الصهيوني    تكثيف العمل الرقابي الميداني لضمان الاستقرار في الاسواق    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    31 دولة عربية وإسلامية تدين بأشدّ العبارات تصريحات ما يسمى رئيس وزراء الكيان بشأن "وهم" "إسرائيل الكبرى"    سقوط حافلة المسافرين بوادي الحراش: سيعود يدعو السائقين إلى التحلي بالمسؤولية    قندوسي يتحدى ويصرّ على "الكان" والمونديال    بونجاح يصاب وقد يغيب عن مواجهتي بوتسوانا وغينيا    اليمين المتطرّف الفرنسي يدفع ثمن حملته الحاقدة على الجزائر    بوابة نحو عصر رقمي جديد أم عبء صحي صامت..؟    ضمان حسن الجوار وبناء إفريقيا الشعوب الموحدة    تنديد ورفض دولي لمخطط الاستيطان الجديد    قلق متصاعد على حياة الأسير القائد مروان البرغوثي    إحباط تداول 1.8 مليون يورو مزوّرة    ترسيخ أفضل السلوكيات للاستهلاك العقلاني للماء    التقيّد بالتعليمات الوقائية لتفادي حرائق الغابات    لوحات وحرف وحكايا وإبداعات أخرى    نسيمة بن سالم تقدم جديدها لقرائها    رحيل المخرج السينمائي والتلفزيوني القدير نور الدين بن عمر    مشاريع واعدة للربط بالألياف البصرية ومحطات الهاتف النقال    مكسب استراتيجي ورؤية حكيمة    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    وضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشباب بتاريخهم    "الفاف" تتحرك وتنقذ أندية جزائرية من عقوبات "الفيفا"    فتح باب التسجيل للوكالات السياحية في حجّ 2026    رئيس المجلس الاسلامي الأعلى يجري بالقاهرة محادثات مع أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة    كأس العالم لكرة اليد أقل من 19 سنة: الجزائر تفوز على الاوروغواي (32-27) و تحتل المركز 27    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى61827 شهيدا و 155275 مصابا    غوتيريش يدعو الكيان الصهيوني الى وقف خطة بناء المستوطنات في الضفة الغربية    كرة القدم/ "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: الحكم الكاميروني عبدو ميفير يدير مباراة الجزائر-غينيا    كرة القدم/ملتقى حكام النخبة: اختتام فعاليات ملتقى ما قبل انطلاق الموسم الكروي لفائدة حكام النخبة    وهران: توافد كبير للشباب والعائلات على الواجهة البحرية الجديدة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    صناعة السيارات: تمديد التسجيل في حملة تجنيد الكفاءات إلى غاية 21 اغسطس    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    القرار التاريخي بإدراج الصحافة الإلكترونية كآلية إشهار    طبعة رابعة استثنائية للمعرض الإفريقي للتجارة البينية 2025    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    متى تكون أفريقيا للأفارقة..؟!    وطّار يعود هذا الأسبوع    هل الرئيس ترامب صانع سلام؟!    معرض التجارة البينية الإفريقية, محطة استراتيجية لتحقيق التكامل العربي-الإفريقي    حصيلة إيجابية لتجارة المقايضة بإيليزي    موجة زكام حادّة تضرب الأسر في عزّ الصيف    شبكة استعجالات طبية جديدة بقسنطينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"إيزابيل إيبرهارت بريئة من تهمة التخاذل مع الاستعمار الفرنسي"
نشر في الخبر يوم 17 - 07 - 2016

أوضح سعيد خطيبي أنه من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت ب ب “التّخاذل” مع الاستعمار الفرنسي، بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها. وقال خطيبي في حوار مع “الخبر” بمناسبة صدور روايته الجديدة، إنه رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”، هذه الشّائعة تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي.
لماذا عرّجت على شخصيات ثانوية، قبل الوصول لإيزابيل إيبرهارت؟
في “أربعون عاماً في انتظار إيزابيل” الرّاوي يتقاطع مع إيبرهارت في مستويات عدّة، فهو مثلها جاء من أوروبا ليعيش بين الجزائريين، ومثلها اعتنق الإسلام، وجرب حياة تيه، واستقر في واحد من الأمكنة التي استقرت فيها، في جنوب البلاد، هي ارتبطت بطريقة صوفية وهو فعل الشّيء نفسه، هي كتبت عن الحياة في الصّحراء، وهو كان يرسمها. اكتشف اسم وأعمال إيزابيل بعد أكثر من أربعين عاماً من رحيلها المفاجئ، وقضى أربعين عاماً أخرى في الجزائر وهو يبحث عن “حقيقة” إيزابيل إيبرهارت كامرأة وكاتبة. أربعون عاماً قضاها في “محاورات” مع نفسه ومع إرث إيبرهارت. كان من الممكن أن أختار سارداً عادياً آخر، لكني اخترت الطّريق الأكثر تشعباً في الكتابة. ففي سبيل البحث عن “الحقيقة” وفي إعادة تشكيل “البازل”، سيعيد الرّاوي اكتشاف ذاته وتفكيك حوالي نصف قرن من تاريخ الجزائر. في العادة، تكتفي الشّخصية بدور “وسيط” في النصّ، وتتيح للقارئ فرصة الدّخول في تفصيلات الحكاية، والمؤلف هو المطالب بأن يجعل منها “شخصاً” من لحم ودمّ، أن يجعل من الواقع متخيّلاً ومن المتخيّل واقعاً، من أجل “توثيق” التّاريخ أدبياً. وغالباً لا يستطيع الرّوائي أن يمنع نفسه من التورّط، بشكل أو بآخر، مع شخصيته ليكتب عن العالم انطلاقاً من ذاته.
كيف تعاملت مع الجدل حول تعاملها مع السّلطات الاستعمارية؟
من المؤسف أن تتحوّل “شائعة” إلى قناعة في عقول البعض، وتُتهم إيزابيل إيبرهارت ب “التّخاذل”؛ بسبب تأويل ذاتي لبعض كتاباتها دون قراءة نقدية لها، رغم كل ما قامت به في حياتها القصيرة لصالح “الأهالي”. هذه “الشّائعة” تكاد تختصّ بها إيبرهارت لوحدها، على خلاف كتّاب وفنّانين أوروبيين آخرين، عاشوا بين الأهالي، مثلاً لم يسبق أن أشاع مؤرخ شيئاً عن الكاتب والفنّان إتيان دينيه (الذي ربطته علاقة وديّة بالحاكم العامّ بدايات القرن)، كما أن هذا الأخير تعرّض مرّة لاعتداء عنيف من طرف الأهالي. ما هو السّبب؟ تقول الرّواية الاستعمارية إن سبب تهجم الأهالي عليه كان لوحاته التي صوّرت نساء عاريات؟! وربما كان السّبب أمرا آخر!
في الفترة التي ظهر فيها اسم إيزابيل إيبرهارت (نهاية القرن 19 وبداية القرن 20)، كان الكتّاب الفرنسيون ينظرون إلى “الجزائر” باعتبارها أرضاً مفتوحة ل “الغزو” العسكري والفكري، وهو ما تعكسه كتابات غي دو موباسان مثلاً، كان أدباً كولونيالياً إيكزوتيكياً، “أدب بطاقات بريدية”، يتعامل مع الجزائر كأرض للاكتشاف ويلغي الإنسان الجزائري، على عكس ما قامت به إيبرهارت، التي اهتمت بالإنسان الجزائري، وتركت خلفها كتابات “مستفزّة”. كرّست التجربة “الإيبرهارتية” نموذجاً جديداً حينها، سيسير عليه كتّاب آخرون من بعدها، كما لا ننسى أنها كانت مراسلة لواحدة من ألمع جرائد المرحلة “الأخبار”، التي كان يشرف عليها الكاتب والصّحافي فيكتور باريكان، المعروف عنه مواقفه التّقدمية، ونقده للسياسات الاستعمارية الفرنسية، في شمال إفريقيا، وخصوصاَ دفاعه عن حقوق الأهالي المسلمين في المساواة مع غيرهم. والحقيقة التي تسقط من أعين “المتحاملين على إيبرهارت”؛ أن فيكتور باريكان وإيزابيل كانا محلّ شكوك من طرف الإدارة الاستعمارية (يمكن مراجعة تقارير الشّرطة)، وطُردت إيبرهارت من الجزائر عام 1901 (لسبب غير منطقي، بعد محاولة اغتيالها من طرف شاب من الزّاوية التيجانية - لو كانت فعلاً مقرّبة من الإدارة الاستعمارية لكانت وفّرت لها الحماية)، ولم تعد إليها سوى عام 1902 بعد زواجها من سليمان أهني وحصولها على الجنسية الفرنسية. فإلى غاية سن الخامسة والعشرين لم تكن فرنسية، ولم تكن تحمل هوية فرنسية، وهي التي كانت تصف أوروبا ب “الغرب المُحتل” وتيهها في الصّحراء كان – ضمنياً – بيان احتجاج ضدّ ما فعله مواطنوها الأوربيون من فظاعات، سنوات الاحتلال.
لماذا اتّجهت صوب الشّرق، وليس الغرب، مثلما هو معمول به، بحثا عن شخصية روائية؟
إذا كان المقصود من الشّرق: الجزائر، باعتقادي أن الجزائر لا هي شرق (بالمفهوم الكلاسيكي للكلمة) ولا هي غرب فعلاً، هي وسط، منطقة رمادية، يتقاطع فيها الشّرق والغرب في آن. ثم إن فكرة الكتابة عن إيبرهارت ظلّت تفرض نفسها عليّ منذ سنوات (هي جزء من المرويّات الشّفوية التي يتوارثها كبار السنّ في المدينة التي وُلدت وكبرت فيها)، لكن الأمر لم يكن سهلاً، فهو مشروع تطلّب بحثاً وتدقيقاً في كتاباتها، مُساءلة للأمكنة والفضاءات التي عاشت وكتبت فيها، خصوصاً مثلث: بوسعادة، وادي سوف وعين الصّفراء، للإحاطة بجوانب حميمة من حياتها، قبل الكتابة عنها، وإعادة بعثها روائياً.
نعرف أن أعمال إيبرهارت لم تنشر سوى بعد وفاتها (عدا بعض القصص والمقالات التي نشرت في جرائد)، فقد استخرجت كرساتها ومخطوطاتها من الوحل، بعد وفاتها في فيضان وادي عين الصّفراء، وقبل نشرها تعرّضت لبعض التّعديلات (أو التّشويه)، مع تصحيح أجزاء منها، أو حذف وإضافة كلام لما كتبت، ومن الصّعب الآن الوصول إلى النّسخ الأصلية، وتطلّب الأمر مطابقة طبعات مختلفة من أعمالها، كما إنها بداية من عام 1906، ثم في فترة ما بين الحربين، أُحيط اسمها بهالة من “المديح” من كتّاب ونقّاد فرنسيين، لهذا توجّبت الكتابة عنها وتخليصها من المديح المجاني، من معجبين “رديئين” أحياناً، ثم الكتابة عنها بحياد، عن أفعالها الإيجابية وأخطائها أيضاً، بعيداً عن “التّقديس”، والحفر بهدوء في طبيعة علاقاتها الحقيقية بالجزائر، وحياتها في الإسلام، عن عمق صلاتها ببعض الأشخاص الذين رافقتهم في سنواتها الجزائرية المشتتة، لرسم بورتري شبه كامل عن شابة فعلت الكثير وهي لم تتجاوز سنّ السّابعة والعشرين. من مِن كتّاب القرن التّاسع عشر قام بما قامت به إيبرهارت؟! كانت وحيدة واستثنائية في تشرّدها، وصبرها و«قطيعتها” مع جيلها ومع من سبقوها، وفي رغبتها في تحرير الأهالي من الأكليشيهات التي كرّسها كتّاب ما بين 1830 و1900.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.