نحن نحمي دول الشرق الأوسط، مع ذلك يواصلون دفع أسعار النفط لأعلى، سنتذكر ذلك وعلى أوبك خفض الأسعار"، عبارات تهديد حملتها تغريدة للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على حسابه "تويتر"، شهر سبتمبر الماضي، كيّفتها الدول العضوة في المنظمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، المجتمعة آنذاك بالجزائر على أنها مجرد تصريحات تلزم صاحبها، وأن "أوبك" "ليست كارتل ولا تخضع لأي ضغوط خارجية". غير أن ما آلت إليه السوق النفطية مؤخرا، يثبت عكس ذلك ويؤكد تنفيذ أمريكا لتهديداتها بالضغط على أكبر دولة منتجة للبترول في "أوبك"، أجبرتها على إغراق السوق وإنزال الأسعار إلى أقل من 60 دولارا، بعد أن كانت قد تعدت ال 80 دولارا للبرميل. يبدو أن أحلام الحكومة الجزائرية بدأت في التلاشي بانهيار السعر إلى 59 دولارا، بعد أن تمنت الاحتفاظ بمستوى أسعار يقارب 80 دولارا، قصد تحقيق جزء من توازناتها المالية، خاصة بعد أن نجحت في اجتماع الجزائر لدول "أوبك"، شهر نوفمبر من سنة 2016، في تحقيق إجماع وتوافق على اتفاق وصف بالتاريخي بإقرار تخفيض للإنتاج ب 1.8 مليون برميل يوميا. لكن سيرورة الأحداث أفرغت اتفاق الجزائر من محتواه، بعد أن تسارعت وتضاعفت الضغوط الأمريكية على المملكة العربية السعودية، لاسيما بعد اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية باسطنبول، لتجد السعودية نفسها "مجبرة" على مسايرة الإملاءات الأمريكية وترفع إنتاجها بنصف مليون برميل يوميا. وتمادى الرئيس دونالد ترامب في تصريحاته على موقعه تويتر، ضاربا عرض الحائط قواعد النظام المعمول به داخل المنظمة في إطار الالتزام بالحصص، كاشفا مؤخرا عن الدور الذي لعبته السعودية في تخفيض الأسعار "أسعار النفط تتراجع.. عظيم! مثل تخفيض ضريبي كبير لأمريكا والعالم. شكرا للسعودية، ولكن دعونا نذهب إلى أسعار أقل". وأضاف ترامب، في تغريدة أخرى "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا". ويبقى العديد من الخبراء في القطاع النفطي يتساءلون عن الدور الذي ستلعبه منظمة "أوبك" مستقبلا لضبط أسعار البترول في الأسواق النفطية، بعد أن أضحى دونالد ترامب الآمر الناهي والمسير لقرارات المنظمة بالضغط عليها، سواء بالابتزاز والمساومة، أو بالعقوبات، مثل تلك التي فرضها على دولة إيران. للتذكير، اتهم دونالد ترامب، شهر أكتوبر الماضي، منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بالتلاعب بأسعار النفط العالمية، وقال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز: إن الولاياتالمتحدة توفر الحماية لكثير من دول المنظمة النفطية، مطالبا (ترامب) السعودية (أكبر منتج للنفط في المنظمة) والدول الأخرى بزيادة إنتاجها من النفط لتعويض أي نقص محتمل بعد انسحاب إدارته من الاتفاق النووي مع إيران. وتزامنت ضغوط واشنطن مع تحركات أخرى لفرض عقوبات على البلدان الأعضاء، فضلا عن الدعوة إلى ضرورة خفض الأسعار، وهو ما تم بفضل إمدادات جديدة للسوق من قبل الرياض بالخصوص، حيث فقد البرميل في ظرف زمني لا يتعدى الأسبوعين نسبة 20 في المائة من قيمته.