تكفّلت وزارة الصحة بتقديم المعلومة حول تطورات عدوى فيروس كورونا الجديد إلى الرأي العام بشكل يومي، لكن ذلك يظل عمل اتصالي منقوص في نظر خبراء الاتصال، كونه لا يتطابق مع البروتوكول العالمي المتفق عليه فيما يتعلق ب "اتصال الأزمات" ولا يشارك فيه ممثلين عن بقية القطاعات كالرئاسة والأمن والوزارات المعنية، بما يجعل الخلية المشكلة غير متعددة القطاعات ولا مركزية. ورغم أن وزارة الصحة تواكب تمدد هذا الوباء بإصدار بيانات وتنشيط ندوات صحفية، إلا أن ذلك لم يكف، قياسا بقواعد ومتطلبات ما يسمى في الأدبيات الأكاديمية ب "اتصال الأزمات"، بحسب أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر 3 الدكتور عمر عبد الرحمن. من بين أشكال الاتصال التي يجب تطبيقها في الحالة التي تعيشها الدول المتضررة من الفيروس المتفشي، يقترح الأستاذ الجامعي، هو اتصال الأزمات، وليس خلية الأزمة "المناسباتية" المشكلة من قطاع واحد، مشيرا إلى أن الجزائر لم تهتم كثيرا بالاتصال وتعاني من خلل اتصالي مؤسساتي، ولوحظ ذلك في الكوارث الطبيعية السابقة التي ضربت باب الواد وبومرداس وكذا في كيفية تعامل شركة الخطوط الجوية الجزائرية مع الرحلة القادمة من الصين الأسبوع المنصرم، بالتالي نفس الإشكال يتكرر في كل مرة، يضيف المتحدث. هذا الشكل من الاتصال برأي الدكتور، قائم على نظريات وقواعد وحتميات معتمدة من قبل الهيئات الأممية، ويستوجب منهجية خاصة لمواجهة مثل هذه الأزمات متعددة الأبعاد، في مقدمتها إشراك كل المجالات التي لها علاقة بموضوع الوباء والقابلة للتأثر بتداعياته، مع تعيين متحدث بارع يتمتع بأسلوب خطابي ولغة سليمة بسيطة. وحدد الأستاذ في مكالمة هاتفية مع "الخبر" النقائص التي تشوب العملية الاتصالية التي تتبناها السلطات العمومية لإدارة أزمة تسارع عدوى فيروس كورونا الجديد، وقال "إن المشكلة في الجزائر هي اتصالية بدرجة أولى، وبرز ذلك جليا خلال أزمة ظهور فيروس كورونا بالجزائر، حيث لم نشاهد إنشاء خلية أزمة مركزية تضم ممثلين عن كل القطاعات الحيوية في البلاد، كالرئاسة، الوزارة الأولى، شركة الخطوط الجوية، مؤسسة تسيير مطارات الجزائر، الأسلاك الأمنية، الحماية المدنية وغيرها من المجالات المعنية والمتأثرة بهذه الأزمة. وتسمح هذه الخلية متعددة القطاعات، في نظر محدثنا، بتوحيد الجهود ومركزتها وكذا إضفاء انسيابية وفورية على الإجراءات المتخذة، بالإضافة الى تسهيل تجميع المعطيات والمعلومات ثم معالجتها وتحليلها وتقديمها في وقتها، ليتسنى لأصحاب القرار اتخاذ قرارات ورسم سياسات سوية. واستغرب الأكاديمي عدم إصدار الجوية بيان بخصوص الرحلة التي جاءت من الصين الأسبوع الفائت بالرغم من المخاوف والتساؤلات التي عصفت بأذهان المواطنين وبرزت في منصات التواصل، متسائلا كيف يتم التكتم على أمور أمام تصاعد ممارسة صحافة المواطن، مستحضرا مثالا عايشه عن عائلة دخلت الجزائر عبر مطار هواري بومدين قادمة من بلد متضرر من الوباء، دون الخضوع لإجراءات طبية رقابية. وبالنسبة للجانب السياسي، فإن الإرادة السياسية التي تبدو هذه الأيام، في تحليل المتحدث، لم ترافقها صرامة على المستوى الإجرائي الميداني، فالرئيس ووزير الصحة أسديا تعليمات قوية للتصدي للوباء، بينما في الواقع لا يوجد أثر بلغ لها.