في ختام زيارته لمؤسسات تابعة لقطاعه،وزير الاتصال،محمد لعقاب،من وهران: انهينا إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة وسنعرضه على رئيس الجمهورية    قالت تحسبا للانتخابات الرئاسية المقرر يوم 7 سبتمبر المقبل: حركة البناء الوطني تنظم ندوة خصصت لشرح خطتها الإعلامية    خلال إشرافه على افتتاح ندوة ولائية للأئمة بتمنراست،يوسف بلمهدي: التوجه للبعد الإفريقي عبر الدبلوماسية الدينية أمرا في غاية الأهمية    نشاط "سيدار" لن يتأثّر بحادث وحدة تحضير المواد والتّلبيد    احتضنته جامعة محمد الصديق بن يحي بجيجل: ملتقى وطني حول دور الرقمنة في مكافحة الفساد والوقاية منه    عطاف يجري محادثات مع الأمين العام للأمم المتّحدة بنيويورك    الجزائر تنجح في تحقيق تأييد دولي "ساحق" لأم القضايا    الجزائر تقدّم 15 مليون دولار لصالح الأونروا    فوكة في تيبازة: افتتاح مركز تحضير النخب الوطنية بمعايير عالمية    اصطياف 2024..فرصة إبراز وجهة الجزائر السّياحية    خلق أزيد من 3000 منصب عمل دائم في المرحلة الأولى من العملية: تسليم قرارات تغيير النشاط وتعديل الشكل القانوني لفائدة المستثمرين بقسنطينة    إيران وسياسة الدفاع الإقليمي في الشرق الأوسط    عميد جامع الجزائر يستقبل المصمّم    أتلانتا يقصي ليفربول من الدوري الأوروبي    هلاك 5 أشخاص وإصابة 175 آخر بجروح    رقمنة السّكن الاجتماعي.. وإطلاق "عدل 3" قريبا    اتّساع حظيرة المركبات يفرض استعمال تقنية الخرسانة الإسمنتية    ارتفاع جنوني في أسعار الخضر بعد رمضان    وزارة الثقافة تقدّم ملف الزّليج لدى اليونيسكو    36 مؤسسة إعلامية أجنبية ممثّلة في الجزائر    لا بديل عن رفع مستوى التّكفّل بمرضى القلب والشّرايين    نعمل على تقليل ساعات انتظار الحجاج بالمطارات ال 12 المبرمجة    حزب التجمع الجزائري يعقد اجتماعا لمكتبه الوطني تحضيرا للانتخابات الرئاسية    الأندية الجزائرية..للتّألّق وتحقيق أفضل نتيجة    حفل افتتاح بهيج بألوان سطع بريقها بوهران    الإدارة تقرّر الإبقاء على المدرّب دي روسي    "الهولوغرام" في افتتاح مهرجان تقطير الزهر والورد بقسنطينة    في إطار دعم الاستثمار: ترحيل استثنائي لعائلين بأولاد رحمون بقسنطينة لتوسعة مصنع    الكشافة الإسلامية الجزائرية تنظم ملتقى حول التنمية البيئية    فايد يشارك في أشغال الاجتماعات الرّبيعيّة ل "الأفامي"    ألعاب القوى/مونديال-2024 / 20 كلم مشي: الجزائر حاضرة بستة رياضيين في موعد أنطاليا (تركيا)    ادعاءات المغرب حول الصحراء الغربية لن تغير من طبيعة القضية بأنها قضية تصفية استعمار    العاصمة.. تهيئة شاملة للشواطئ وللحظيرة الفندقية    هؤلاء سيستفيدون من بطاقة الشّفاء الافتراضية    حصيلة شهداء غزة تتجاوز 34 ألف ومناشدات لتوثيق المفقودين    بجاية: مولوجي تشرف على إطلاق شهر التراث    المهرجان الثقافي الوطني لأهليل: أكثر من 25 فرقة تشارك في الطبعة ال 16 بتيميمون    "صديق الشمس والقمر " تفتكّ جائزة أحسن نصّ درامي    الملتقى الدولي "عبد الكريم دالي " الخميس المقبل..    المجمّع الجزائري للّغة العربية يحيي يوم العلم    وهران.. تعزيز روح المبادرة لدى طلبة العلوم الإنسانية    قطاع المجاهدين "حريص على استكمال تحيين مختلف نصوصه القانونية والتنظيمية"    باتنة.. إعطاء إشارة تصدير شحنة من الألياف الإصطناعية إنطلاقا من الولاية المنتدبة بريكة    انخفاض عبور سفن الحاويات في البحر الأحمر بأكثر من 50 بالمئة خلال الثلاثي الأول من 2024    ليفربول يرفض انتقال المصري محمد صلاح للبطولة السعودية    بلعريبي يتفقد مشروع إنجاز المقر الجديد لوزارة السكن    فلسطين: 50 ألف مصلي يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك    الإذاعة الجزائرية تشارك في أشغال الدورة ال30 للجمعية العامة ل"الكوبيام" في نابولي    تصفيات مونديال أقل من 17 سنة/إناث: المنتخب الوطني ينهي تربصه التحضيري بفوز ثانٍ أمام كبريات الجزائر الوسطى    تجارة: زيتوني يترأس إجتماعا لتعزيز صادرات الأجهزة الكهرومنزلية    هيومن رايتس ووتش: جيش الإحتلال الصهيوني شارك في هجمات المستوطنين في الضفة الغربية    وزير الصحة يشرف على لقاء لتقييم المخطط الوطني للتكفل بمرضى انسداد عضلة القلب    هذا موعد عيد الأضحى    استحداث مخبر للاستعجالات البيولوجية وعلوم الفيروسات    أوامر وتنبيهات إلهية تدلك على النجاة    عشر بشارات لأهل المساجد بعد انتهاء رمضان    وصايا للاستمرار في الطّاعة والعبادة بعد شهر الصّيام    مع تجسيد ثمرة دروس رمضان في سلوكهم: المسلمون مطالبون بالمحافظة على أخلاقيات الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فرحات عباس تنبأ بقيام الثورة ورغم ذلك أدخلوه في ظلمة النسيان"
نشر في الخبر يوم 23 - 12 - 2020

يتحدث الدكتور عز الدين معزة، أستاذ التاريخ السابق بكلية الآداب جامعة جيجل، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل فرحات عباس (24 ديسمبر 1985)، عن المسار النضالي لأول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، ويستعيد مختلف المراحل السياسية والفكرية التي جعلته يعرف تحولات كثيرة أوصلته إلى التخلي عن فكرة "الاندماج" التي اعتنقها خلال شبابه، ليصل إلى خيار الالتحاق بالثورة وجبهة التحرير الوطني سنة 1955. ويتوقف الدكتور معزة، الذي ناقش رسالة دكتوراه وقيد دراسة مقارنة بين "الحبيب بورڤيبة وفرحات عباس"، في هذا الحوار مع "الخبر"، عند أهم المسائل التي تخص فكر فرحات عباس وسوء الفهم الذي طاله لسنوات طويلة وكيف ظلمه التاريخ الرسمي بالخصوص وأصبح الجميع يتوقف عند مقولة "فرنسا هي أنا" أو يتحدثون عنه بأنه "اندماجي" دون تحليل فكره السباق للمطالبة بحقوق الجزائريين أمام نظام استعماري عنصري.

بالنظر إلى مسار المرحوم "فرحات عباس"، الذي بدأ بعد الحرب العالمية الأولى، مع تحركات الأمير "خالد" وامتد لفترة طويلة على عدة مراحل، ما هي العوامل التي ساهمت في تكوينه السياسي؟
في البداية، أحاول أن أسجل موقفي منه بكل نزاهة وبما يقتضيه البحث العلمي، وأربأ بنفسي عن أي موقف إيديولوجي أو عاطفي تجاهه كوني من أخواله ومن قبيلته وخالطته قليلا أثناء أدائي للخدمة الوطنية بالعاصمة خلال ثمانينيات القرن الماضي أي قبل وفاته ببضع سنوات، وحضرت وليمة أقامها لأخواله وأعمامه في منطقة "بوحمدون" التابعة لقبيلة بني عمران بعد إطلاق سراحه من السجن سنة 1965، وكذلك زرته في منزله خلال فرض الإقامة الجبرية عليه في عهد الرئيس الراحل "هواري بومدين".
يعتبر "فرحات عباس" نموذجا متميزا من المثقفين بالثقافة الفرنسية بالجزائر، ولكنه استطاع أن يمزج بين ثقافتين متباينتين، تأثّر كثيرا بالثقافة الفرنسية ومبادئ ثورتها الداعية إلى المساواة والحرية والإخاء، ولطالما حلم في شبابه بتطبيقها في الجزائر مع تشبثه بثقافة شعبه، حيث ردد كثيرا "أنا ابن هذا الشعب وعلاقتي به علاقة عضوية، وما أنا إلا فرد منبوذ في نظر الاستعمار بين المنبوذين الذين سلبهم الاستعمار كل حقوقهم واستغلهم أسوأ استغلال"، فبدا لمعاصريه كأنه رجل طوباوي يحلم بإلغاء السياسة الاستعمارية وإقامة جمهورية أفلاطون، لم يكن متطرفا في الوطنية ولا متوقفا عند رسالة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فمن السياسيين الجزائريين الذين أثّروا فيه كثيرا نجد شخصية "الأمير خالد" الذي دعا إلى المساواة في الحقوق والواجبات بين الجزائريين والمستوطنين ورفضه للسياسة الاستعمارية، ففي شبابه يذكر "فرحات عباس" أنه حمل مشعل "الأمير خالد".
فقد كانت الجزائر في بداية القرن العشرين وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى، مسرحا للنشاط السياسي للجزائريين بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية، سواء أولئك المتمسكين بالهوية العربية الإسلامية أو المثقفين بالثقافة الفرنسية، "ففرحات عباس" كان في شبابه من دعاة الإدماج، لكنه لم يكن مثل معظم النخب الجزائرية التي تخرجت من المدارس والجامعات الفرنسية من أمثال الدكتور "ابن التهامي" و"تامزالي" و"الشريف بن حبيلس" وغيرهم، ففي نفس الوقت الذي كان يطالب فيه بالإدماج، كان يطالب بالمحافظة على قيمنا وأحوالنا، عكس أولئك الذين ذكرتهم، فقد أنكروا على الشعب الجزائري لغته ودينه.
فخلال دراسته الثانوية والجامعية، يذكر في كتاباته أنّ هدفه هو إنقاذ الشعب الجزائري من الظلم والتعسف الاستعماري وفتح أبواب العلم أمام كل الجزائريين والجزائريات دون استثناء، ذلك هو حلمه وهو الذي دفعه للاهتمام بالسياسة، حيث كان يرى أنّ عليه مسؤولية كبيرة في إنقاذ الجزائريين من السياسة الاستعمارية الاستيطانية، وهذا هو العامل الأساسي الذي دفعه إلى المجال السياسي رغم تكوينه العلمي في جامعة الجزائر عكس معظم زملائه الذين درسوا معه، حيث كان همهم المنصب والجاه.

يعرف عن فرحات عباس، أنه مثقف، فهو من طراز السياسي المثقف الذي جمع بين الفكر والعمل السياسي، على خلاف كثير من الوطنيين الجزائريين، ما هي أهم ميزات تكوينه الفكري؟
حاول "فرحات عباس" أن يجمع بين الوطن الروحي أي "الإسلام" وبين الوطن السياسي أي "فرنسا"، وقد أبدى ميولا كبيرا للدفاع عن أوضاع الجزائريين المسلمين منذ أن كان تلميذا في الثانوية بقسنطينة، وبدت عليه قدرات فكرية ومعرفية، حيث يذكر أن مدينة قسنطينة فتحت فكره على مقاومات الأجداد منذ ماسينيسا ويوغرطة، ويذكر أن الأمازيغ لم يرضوا يوما بوجود أي استعمار فوق أرضهم، ومن المؤثرات التي ساهمت في تكوين شخصيته وفكره هي نشأته وتربيته وسط مجتمع مسلم محافظ فقير، أي قبيلة "بني عافر" الجبلية المشهورة بحبها للحرية وكرهها للأعداء. من عائلته المحافظة والبيئة الفقيرة، استلهم "فرحات عباس" أفكاره الأولى، أي ما يسمى التنشئة الاجتماعية-الثقافية، حيث يقول: "إن الإسلام سيبقى الغذاء والمحرك الأساسي للمقاومة الجزائرية".
والمؤثر الآخر الهام هو تعمقه في الثقافة الفرنسية وفلسفتها وأدب عصر الأنوار الذي كان مبهورا به، فكان إلى جانب دراسته للصيدلة في جامعة الجزائر، يحضر محاضرات المؤرخ الفرنسي في جامعة الجزائر "ف.غوتي" من أجل التعرف على تاريخ وطنه وكوّن صداقة مع هذا المؤرخ الفرنسي، بالرغم من انتقاده له في بعض أحكامه العنصرية ضد الشعب الجزائري، ويقول: "إن نفس الأخطاء التي ارتكبها الأمازيغ منذ دخول القرطاجيين إلى الآن هي نفس الأخطاء تتكرر، ونفس المصائب ونفس المقاومات التي خاضها الأمازيغ ضد الغزاة".

كُتب الكثير عن خيار فرحات عباس للاندماج في مرحلة شبابه الأول، حتى أن كثير من هذه الكتابات غير مُنصفة للرجل، كيف يمكن قراءة مطلب "الاندماج" لدى فرحات عباس اليوم، بعيدا عن القراءات السياسية الناتجة على التاريخ الرسمي والتي تعتبره مجرد "اندماجي"، دون تحليل علاقة هذا الاندماج الذي كان ينادي به بالثوابت الوطنية ممثلة في العربية والإسلام؟
لم يكن اندماجيا بالمفهوم المتداول اليوم في التاريخ الرسمي المؤدلج والانتقائي الذي تمارسه الأنظمة الشمولية لفرض أيديولوجيتها، بل كان "فرحات عباس" مطالبا بالمساواة في الحقوق والواجبات بين الجزائريين المسلمين والمستوطنين، كان حاملا لمشروع مجتمع، رجل سياسي استشرافي له بُعد النظر، مشروعه في سنوات الثلاثين من القرن الماضي يقوم أولا على تحرير الإنسان الجزائري المسلم من الجهل والفقر وإلغاء القوانين الاستثنائية، حيث يقول في تلك الفترة ما يلي: "العدالة والنزاهة أولا، والسياسة تأتي بعد ذلك هذا هو برنامجنا". في مفهومه أنّ الإنسان الجزائري قد استعبده الاستعمار وجهّله وأعاده إلى العصور المظلمة، فالجهل والفقر لا يختلفان عن الاستعمار، لذلك لم يدع إلى الثورة في بداية نضاله ضد الاستعمار، ولكن دعا إلى بناء المدارس وفرض إجبارية التعليم المجاني على كل الجزائريين والجزائريات وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
كتب في ثلاثينيات القرن الماضي ما يلي: "حلمي أن أرى العائلات الجزائرية تتناول عشاءها وتقرأ الجريدة وتنام على سرير نظيف..".
همه كله هو ترقية الإنسان الجزائري المسلم ثقافيا وعلميا واقتصاديا واجتماعيا، أما المشروع السياسي فتركه لاحقا لذلك، فحسب رأيه أنّ الإنسان المتعلم هو الإنسان الذي لا يستعبد ولا يستغل، أما الجاهل فسهل استغلاله واستعباده وهو عدو نفسه بالدرجة الأولى قبل أن يكون عدوا للآخرين. كتب في مؤلفه الشاب الجزائري سنة 1931 ما يلي: "هل تريدون أن تجعلوا من الجزائر أرضا شقيقة للأرض الفرنسية؟ علموا الجزائري واربطوه اقتصاديا وإداريا بفرنسا المركزية، ووجهوا اهتمامه بما أنجزته ... هل تريدون أن تحضروا هذا البلد حضّروا ساكنيه، وخلاف ذلك فإنكم تحضّرون أنفسكم "المستوطنون" إلى ما ستفعله الطبيعة في يوم ما، وهي استعادة حقها وتحطيم في حركة غريزية، إنجازا لا يعنيها، إنجازا سيبقى غريبا عنها"، أي أنه تنبأ أن الثورة ضد الاستعمار قادمة لا محالة حينما تتهيأ الظروف لها.

اصطدم فرحات عباس كثيرا بمصالي الحاج، ما هي نقاط الاختلاف بين الرجلين؟
خلال مرحلة الحركة الوطنية، برزت شخصيتان جزائريتان بارزتان، ولكنهما مختلفتان في الفكر والأيديولوجيا، ما هي الأسباب التي جعلتهما مختلفين في نظرتهما للاستعمار الفرنسي للجزائر؟ هل يعود ذلك إلى تكوينهما أو نشأتهما الاجتماعية المختلفة، فمصالي الحاج كرغلي ومن عائلة محافظة ومتواضعة ولم ينل قسطا من التعليم، حيث لم يبق سوى سنتين في المدرسة الفرنسية ليتفرغ بعدها لبعض المهن، أما "فرحات عباس" فينتمي إلى عائلة محافظة وميسورة الحال نسبيا كون والده كان "قايد" في دوار الشحنة ببني عافر، يقول "فرحات عباس" عن علاقته ب "مصالي الحاج": "عرفت مصالي الحاج سنة 1930 في باريس، كنت قادما حينذاك من بروكسل، حيث حضرت مؤتمرا دوليا للطلبة، وكنت قد عرفته عن طريق صديقي "بلغول"، وكنت أقرأ جريدة "الأمة" التي كانت ترسل إليَ في سطيف، تبادلت الحديث معه في باريس، وكانت رؤيتنا للمستقبل مختلفة، حافظنا رغم ذلك على استمرار علاقتنا الطيبة رغم هجومات أنصاره التي كانت تستهدفني ورغم الأكاذيب والوشايات التي انصبت عليَّ".
"مصالي الحاج" أول زعيم سياسي جزائري دعا إلى الاستقلال التام للجزائر في مؤتمر بروكسل سنة 1927، مما عرضه لاحقا للمحاكمات والسجون، وبقي مستمرا رغم كل ذلك محافظا على نهجه الراديكالي، لكن حينما اندلعت الثورة رفض ركوب قطارها، بينما "فرحات عباس" كان سياسيا معتدلا لم يدع يوما خلال مرحلة الحركة الوطنية لحمل السلاح ضد الاستعمار الفرنسي وإنما كان يدعو إلى تحسين أوضاع الجزائريين وتحريرهم من الجهل والفقر والظلم والتعسف، ويعتبر بيان 10 فيفري 1943 تطورا ملحوظا في مسار "فرحات عباس" السياسي حينما دعا إلى إلغاء الاستعمار وإدانته وإعطاء حق تقرير المصير للشعب الجزائري، حتى بعد الحرب العالمية الثانية، حمل مشروعا سياسيا بعيدا عن العنف تحت شعار "الثورة بواسطة القانون"، لكن حينما اندلعت ثورة التحرير انضم إليها بكل قناعة وإخلاص.

طرح سوء فهم كبير بخصوص مقولة "بحثتُ في التاريخ وسألت الأحياء والأموات.."، كيف تعامل الأكاديمي مع هذه المقولة بعيدا عن أي ذاتية؟
لكن النقطة التي أثارت جدلا كبيرا وأسالت حبرا كثيرا حول مساره السياسي ولم يعد يذكر بها في جزائر الاستقلال وفي التاريخ الرسمي، هي مقاله الذي نشره في جريدة الوفاق الفرنسي-الإسلامي الموسوم ب"فرنسا هي أنا" يوم 27 فيفري 1936، وإهمال مناقبه خلال الثورة التحريرية، بل أصبح من المغضوب عليهم وأدخل ظلما في ثقافة النسيان حتى لا أقول إنه خُوِّنَ واتهم بموالاته لفرنسا.
هذا المقال المعنون ب"فرنسا هي أنا" لم يكتبه للجزائريين المسلمين، وإنما كان ردا على غلاة المستوطنين من أمثال النائب "مورينو" وجماعته الذين اتهموا كل جزائري يطالب بإلغاء القوانين الاستثنائية ومساواة الجزائريين المسلمين بالمستوطنين، بأنه وهابي وشيوعي، باختصار أنه ضد الحضارة والتقدم والإنسانية. ونسي بعضُ الجزائريين الذين اتهموه بأنه اندماجي وضد مصالح الجزائريين المسلمين، دِفَاعَهُ عن الشيخ "ابن باديس" وجمعية العلماء المسلمين وعن الدين الإسلامي واللغة العربية وعن الجزائريين المحرومين من أبسط ضروريات الحياة، ففي تلك الفترة التاريخية كان عدد الجزائريين 6 ملايين نسمة وعدد المستوطنين 000 600 نسمة، هؤلاء المستوطنون كان بيدهم كل شيء أما الجزائريون المسلمون فمحرومون من كل شيء حتى أبسط حقوقهم. ويذكر "فرحات عباس" أن المطالبة بالمساواة في الحقوق والواجبات بالمستوطنين كانت تعتبر في تلك الفترة نضالا شجاعا وقويا، طالب بفتح المدارس أمام الجزائريين وتحسين أجورهم وأحوالهم الاجتماعية، حيث إنه كان ينادي إلى تحريرهم اقتصاديا واجتماعيا، صحيح لم يكن يطالب بالاستقلال والانفصال عن فرنسا وإنما كان ينادي بتحرير الإنسان الجزائري من الظلم والجهل والفقر والقوانين الاستثنائية.
إن فهم مقاله "فرنسا هي أنا" يستلزم فك مستغلقاته والعودة إلى سياقه التاريخي ومحيطه السياسي والثقافي لكي تفهمه، مقاله ذاك هو وليد أفكار كانت سائدة في وسط النخبة الجزائرية التي نالت درجة عالية من العلم والمعارف في الجامعات الفرنسية وصوته ما هو إلاّ امتداد لأفكار الأمير خالد الذي حمل مشعله كما كان يردد.
مقاله هو نسيج مشتق من أصوات كثيرة كانت تتحرك وسط النخبة المثقفة، استلهمها "فرحات عباس" ونسج على منوالها مقاله ذاك، ولكنه خالف أولئك المثقفين الداعين إلى الاندماج الكلي في الثقافة والحضارة الفرنسية وإلغاء اللغة العربية والدين الإسلامي واتهام جمعية العلماء المسلمين بالتخلف والرجعية، وبذلك خالف بكل شجاعة وصراحة هؤلاء الجماعة الذين تجنّس الكثير منهم، بل وارتدّوا عن الدين الإسلامي واعتنقوا المسيحية.
والذين يقولون بأن ذاك المقال صريح وواضح وأنهم قرأوه بأمانة وفهموه جيدا وأخرجوا تلك الجملة من سياقها التاريخي وجعلوها عنوانا لكل نضاله السياسي ضد الاستعمار الفرنسي، أقول إنهم ظلموا الرجل واختزلوا نضاله كله في جملة واحدة ونسوا أن هناك عوامل ثلاث تتحكم في قراءة أي نص مهما كانت طبيعته وهي:
أولا: العامل المعرفي: كل قراءة وتحليل لأي نص يجب أن تكون محكومة بالمجال المعرفي الذي يدور فيه النص.
ثانيا: العامل التاريخي: وبيانه أن الشرط التاريخي حاكم بالضرورة لكل أثر ثقافي وسياسي، ولا يمكننا قراءة وفهم أي نص بمعزل عن شرطه التاريخي.
ثالثا: هو عامل الحاجات والمصالح.
ففرحات عباس في هذا المقال، دافع عن الشخصية الوطنية من لغة ودين، ودعا بكل شجاعة إلى منح حقوق الجزائريين الاجتماعية.
ويستطرد "فرحات عباس" في معظم كتاباته بما يلي: "إنه بالنسبة لنا نحن المسلمون الملتزمون الذين طلبنا من الإسلام مفهوم الحياة وسبب وجود الإنسان على الأرض، يعتبر احترام الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان ومساواة الجميع أمام القانون ودراسة العلوم الدقيقة ومعرفتها جزء لا يتجزأ من الإيمان، القيم الاجتماعية والسياسية والأخلاقية للإسلام هي قيم مثالية". لم يذكر هؤلاء الذين أوقفوا كل نضال "فرحات عباس" في مقاله "فرنسا هي أنا" أنه في بيان 10 فيفري 1943، دعا إلى نبذ وإلغاء الاستعمار وإعطاء حق تقرير المصير للشعب الجزائري، وأنه كذلك انضم إلى ثورة التحرير المباركة بكل قناعة وصدق حينما رأى أن مشروع الثورة بالقانون الذي تبناه بعد الحرب العالمية الثانية، لم يحقق للجزائريين المسلمين أية حقوق، وعيّنته جبهة التحرير الوطني، أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، حيث خاض "ثورة" دبلوماسية عبر القارات جلب خلالها تأييدا دوليا كبيرا للثورة الجزائرية مع الدعم المالي واللوجستيكي، هذا كله لا يذكره أولئك السياسيون المؤدلجون المعادون لكل فكر حر.

تسببت هذه المقولة "بحثتُ في التاريخ وسألت الأحياء والأموات.." في اضطراب العلاقة بين فرحات عباس وابن باديس، لكن ما لا يعرفه الكثير أن الأمور سرعان ما عادت إلى العلاقة الطيبة، كيف حدث ذلك؟
رد الشيخ "ابن باديس" في صحيفة الشهاب الصادرة في أفريل 1936، على مقال "فرحات عباس" "فرنسا هي أنا": "إن هؤلاء المتكلمين باسم المسلمين الجزائريين والذين يصورون الرأي العام الإسلامي بهذه الصورة .. هم في واد والأمة في وادٍ .. إننا فتشنا في صحف التاريخ، وفتشنا في الحالة الحاضرة فوجدنا الأمة الجزائرية متكونة، موجودة كما تكونت ووجدت كل أمم الدنيا ..". هذا الرد لم يشكل على الإطلاق أية فرصة للعداوة والقطيعة بين الرجلين، بل على العكس كان فرصة سانحة لتصحيح العلاقة بينهما وتثمين روابط الاحترام والمودة، بسبب إدراك ابن باديس أن ما صدر من "فرحات عباس" كان هدفه الدفاع عن الجزائريين المسلمين وخدمة الشعب الجزائري المقهور، وإن شط ظاهر المقال عن حقيقة المقام والمرام، وبعد أشهر قليلة أصبح الزعيمين طرفين أساسيين في المؤتمر الإسلامي الأول المنعقد في شهر جوان 1936، واستمرت العلاقة جيدة بينهما إلى تاريخ وفاة الشيخ "ابن باديس"، لتتوطد العلاقة الجيدة فيما بعد بين "فرحات عباس" والشيخ "البشير الإبراهيمي" وبقية العلماء.

عرف فرحات عباس بتحولات كثيرة في مساره الفكري والسياسي، لماذا انتقل من المطالبة بالاندماج إلى الفيدرالية؟
يقول الكاتب الفرنسي "جون لاكتور" في مؤلفه "خمسة رجال وفرنسا": "أن مسار نضال فرحات عباس مر بثلاث مراحل أساسية وهي، المرحلة الأولى، مرحلة البحث عن وطن داخل فرنسا. المرحلة الثانية، مرحلة البحث عن وطن مع فرنسا. المرحلة الثالثة، مرحلة البحث عن وطن خارج فرنسا".
انتقاله من المطالبة بالإدماج مع المحافظة على الأحوال الشخصية الإسلامية التي لم يكن يسمح بها القانون الفرنسي باءت بالفشل، خاصة بعد رفض مشروع بلوم-فيولت. ومع تعرضه للسجن في عهد الحاكم العام "كاثرو"، وحرق صيدليته ومطالبة المستوطنين بإعدامه وسجنه بعد مجازر 08 ماي 1945 وظهور جمعية الأمم المتحدة وانتشار حركات التحرر في العالم، انتقل "فرحات عباس" إلى مطلب تأسيس جمهورية جزائرية مرتبطة فيدراليا مع فرنسا، حاملا شعار "الثورة بالقانون"، وحينما اصطدم مشروعه بتعنت السياسة الاستعمارية، لم يجد أمامه من طريق لتحرير الشعب الجزائري المسلم سوى الانضمام إلى جبهة التحرير الوطني ومساندة الثورة المسلحة من أجل الوصول إلى الحرية والاستقلال.

حين درت مسار فرحات عباس، ما هي اللحظة التاريخية التي أوصلته إلى اتخاذ قرار الالتحاق بالثورة؟
لم يكن "فرحات عباس" على علم باندلاع الثورة التحريرية، مع العلم أنه تنبأ بها منذ سنة 1937 حينما كتب مقالا في جريدة الوفاق الفرنسي الإسلامي يقول فيه: "رفضتم أن نكون فرنسيين فانتظروا منا الرشاش". وصرح في صائفة 1954 أمام رئيس المجلس الوطني الفرنسي: "الجزائر صامتة، لأنها ساخطة وليست لها الثقة في المسؤولين الذين لا يستطيعون حتى تطبيق قوانين الجمهورية الفرنسية، ونداؤنا بقي دون صدى، فالجزائر ستتجه إلى موضع آخر". وعند اندلاع الثورة الجزائرية كتب: "الرصاصات الأولى التي انطلقت يوم أول نوفمبر 1954 كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى دق ناقوس الخطر وإيقاظ البلاد من سباتها". ولكنه دعا إلى التعقل والحكمة ورأى أن اللجوء إلى "العنف" لا يحل المشاكل واتصل طوال سنة بالمسؤولين الفرنسيين عسى وضع حد "للعنف" ولكن مساعيه اصطدمت بالحائط، فما كان منه إلّا أن يعلن عن حل حزبه وطالب مناضليه بالانضمام إلى صفوف جبهة التحرير الوطني، قائلا إنّ الاحتلال بنى مجده بالعنف والقهر والرصاص، وليس بالحق والمنطق والحكمة، وبالتالي فاللغة الوحيدة التي يفهمها الاستعمار هي لغة الرصاص، وانتقل في أفريل 1956 ليلتحق بذلك علانية بجبهة التحرير الوطني بكل قناعة وإخلاص.

هل صحيح أنّ علاقته كانت جد مضطربة مع الدكتور لمين دباغين، وهل الخلافات القديمة (راديكاليين – مطلبيين) كان لها فعلها؟
الصراع والاختلاف أمر طبيعي بين البشر، وخاصة في حالة النزاعات والحروب، ومن المفروض أن يهتم المؤرخون بهذه الصراعات بين قادة الثورة التحريرية كحركة ديناميكية، وأن يرفضوا النظرة الستاتيكية للتاريخ. عرفت ثورتنا كبقية ثورات العالم صراعات كثيرة بين قادتها ونتج عنها تصفيات جسدية، كما حدث ل "عمير علاوة" في القاهرة بمكتب رئيس الحكومة المؤقتة "فرحات عباس"، حيث اتهم الدكتور "لمين دباغين" كل من "فرحات عباس" والعقيد "بوالصوف" باغتيال صديقه "عميرة" ولم يقتنع وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة الدكتور "لمين دباغين" بأن صديقه "عميرة" قد انتحر حسب ما روّجت له الحكومة المؤقتة، ويذكر "توفيق المدني" أن "لمين دباغين" قال لفرحات عباس: "إن عميرة مات مقتولا، وأنا أتهمك يا عباس بقتله، وأخرج مسدسا من جيبه وصوّبه نحو رأس فرحات عباس يريد قتله، فتدخّل العقيد كريم بلقاسم وحل النزاع بين الطرفين، لم يجد أمامه الدكتور "لمين دباغين" سوى تقديم استقالته في 15 مارس1959".

ما هي ظروف اختياره على رأس الحكومة المؤقتة؟
ظهرت فكرة إنشاء الحكومة المؤقتة في مؤتمر طنجة 1956، لتكون الممثل الوحيد للثورة الجزائرية، والسؤال الذي يجب طرحه لماذا تم اختيار فرحات عباس رئيسا لها؟ يقول حول ظروف تعيينه رئيسا للحكومة المؤقتة: "إن حوادث متوالية وظروف سياسية وضعتني على رأس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، لم أطلب هذا الشرف ولم أطمح فيه، فإن طبعي ينفر من الرئاسة وممارسة السلطة .." لقد تم اختياره لعدة اعتبارات، أولا كبره في السن، 59 سنة، وخبرته الطويلة في النضال السياسي، وحياده من التكتلات الجهوية والقبلية التي كانت موجودة داخل القيادة العليا للثورة، فكان تعيينه صمام الأمن بين تلك الكتل المتصارعة على السلطة والزعامة، وقد ذكر لي في إحدى حواراتي معه أنه عانى كثيرا من تلك الصراعات.

كيف تعامل مع فكرة القيادة الجماعية، من منطلق أنها خيار لا تسمح له بالتحرك المطلق؟
يعود تاريخ الصراع على السلطة والزعامة، إلى مرحلة الحركة الوطنية واشتد أكثر مع أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وهو ما جعل فكرة القيادة الجماعية للثورة تبرز مع اندلاع ثورة اول نوفمبر 1954، لكن مؤتمر الصومام الذي أكد في قراراته على تبني مبدأ القيادة الجماعية للثورة، فتح الباب على مصراعيه بين أولوية السياسي على العسكري وأولوية الداخل على الخارج، الصراعات لم تنته بين القادة طوال مرحلة الثورة التحريرية، كل مسؤول ولا أحد مسؤول، يرى معظم المؤرخين أن عوامل نجاح الثورة وعدم تصدّعها هو تبنيها مبدأ القيادة الجماعية، قد يكون ذلك صحيحا إلى حد ما، لكن سلبيات القيادة الجماعية هي الأخرى كثيرة كما قلت كل مسؤول ولا أحد مسؤول، وكثيرا ما اصطدم فرحات عباس مع القادة العسكريين، خاصة بعد اغتيال عبان رمضان ورفضه المطلق لتلك التصفية غير القانونية وبلا محاكمة عادلة، وأراد أن يقدّم استقالته لكن البشير الابراهيمي نصحه بالتراجع عنها.

عرفت الثورة، بالأخص في أوساط الوفد الخارجي، صراعات كثيرة بين القادة، كيف تعامل معها فرحات عباس؟
يمكننا معرفة ذلك الصراع في أوساط الوفد الخارجي، بتقديم قراءة منهجية، من خلال مقاربة الاستقطاب التي تعبّر عن اختلاف عميق بين قادة الثورة، الاتجاه الأول ويمثّله أحمد بن بلة وخيضر وآيت احمد ومحساس وبوضياف، قبل أن يدخل في المنافسة الاتجاه الثاني الذي مثّله عبان رمضان، حيث أرسل إلى القاهرة فرحات عباس ولمين دباغين ليشكل وفدا خارجيا موازيا، واتخذ الاتجاه الثالث منحى عسكريا مثّله الباءات الثلاث، وأصبح كل فريق من هذه الاتجاهات الثلاث يبحث لنفسه عن شرعية الإمساك بزعامة الثورة، لينتقل الصراع فيما بعد إلى داخل الحكومة المؤقتة بين فرحات عباس ولمين دباغين بسبب اغتيال عميرة، وعبّر لخضر بن طوبال عن تلك الأزمة بقوله: "إن لنا 11 وزارة وهي تمثل 11 حكومة، كل واحد يعمل مستقلا كأنه وحده"، ونظرا لذلك الوضع المتأزم داخل الوفد الخارجي، اضطر فرحات عباس إلى تفويض الباءات الثلاث بتحضير اجتماع للعسكريين للبت في تلك الخلافات والصراعات التي باتت تهدد بقاء الحكومة المؤقتة، وكان اجتماع العقداء العشر، وخرجوا بقرار تعيين مجلس وطني جديد في شهر ديسمبر 1959، واختاروا أكثر أعضائه من العسكريين .

يعتبر فرحات عباس من الفاعلين التاريخيين الذين نشروا عدة كتب بعد الاستقلال (وحتى قبله بالنظر لكتاب "الشاب الجزائري") كيف ساهمت في كتابة تاريخ الثورة؟
فرحات عباس من الشخصيات الوطنية التي تركت إرثا تاريخيا، في البداية ألّف كتاب "الشاب الجزائري" سنة 1931 جمع فيه مقالاته التي كان ينشرها في جريدة الأمير خالد وفيكتور سبيلمان إلى جانب إصداره لعدد من الجرائد منها: الوفاق الفرنسي الإسلامي وجريدة المساواة وجريدة الجمهورية الجزائرية ، وساهم في تدوين وكتابة التاريخ الوطني في كتبه: ليل الاستعمار تشريح ثورة الاستقلال المصادر وأخيرا كتاب: غدا يطلع النهار الذي نشره ابنه بعد وفاته. دوّن فرحات عباس تاريخ الجزائر المعاصر بكل صدق وموضوعية منذ بداية الاحتلال الفرنسي إلى مرحلة الاستقلال الوطني، حيث تعرض لها بمختلف جوانبها الإيجابية والسلبية ولم يصور نفسه ملَكا من الملائكة منزها عن الخطأ .. واستطاع أن يترك بصمته في تاريخ الجزائر ، كما أسس لفكر سياسي جزائري .

ماذا تبقى من فكر فرحات عباس اليوم؟
فرحات عباس رجل ظلمه التاريخ الرسمي ومحا كل مساره النضالي واختزله كله في "فرنسا هي أنا" لأنه وقف بكل شجاعة وصدق ووطنية ضد النظام الشمولي في عهد بن بلة وبومدين لم يهادنهما، مفضلا الدفاع عن الجزائر رغم معرفته جيدا ما سوف يتعرض له من اعتقال وظلم، ومع ذلك لم يسكت لأنه لرسالة إنسانية عادلة من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.