يتوجه الناخبون الفرنسيون اليوم إلى مكاتب الاقتراع لاختيار زعيم الإليزيه الجديد، خلال جولة أولى يتأهل الفائزان بها إلى دورة حاسمة يوم 24 أفريل، في موعد رئاسي لم يعد من المؤكد أن يبقى الرئيس المنتهية عهدته إيمانويل ماكرون في السلطة، وسط تقدم متسارع حققته منافسته من اليمين المتطرف مارين لوبان، في نوايا التصويت، إلى جانب بروز جان ليك ميلانشون، بديناميكية ملحوظة في الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية. لم يكن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يتوقع أن يتحول الاستحقاق الرئاسي الذي كان فوزه فيه بعهدة ثانية شبه مضمون، إلى امتحان عسير وموعد حافل بالمفاجآت، حيث أشارت وكالة بلومبرج الأمريكية بهذا الشأن، إلى أن ماكرون الذي سعى لوضع نفسه في قلب الجهود الأمريكية والأوروبية لإنهاء الأزمة الأوكرانية، وبدأت حملته الانتخابية قبل نحو أسبوع من الموعد الرئاسي، كانت حساباته أنه سيستفيد من صورة صانع السلام ورجل الدولة المخضرم، وأن تعامله مع الوباء والانتعاش الاقتصادي القوي ستكون أسباب كافية لبقائه في الإليزيه، وكانت استطلاعات الرأي تظهر أن هذا صحيح بالفعل، إلى وقت قريب. لكن السياسة الخارجية، نادرا من تكون سببا للفوز في الانتخابات بفرنسا، كما تضيف وكالة بلومبرج، وقد أدى مظهر "الرضا عن النفس" إلى إشعال تصور بأن ماكرون متعجرف وبعيد عن الواقع، مما فتح الطريق أمام مارين لوبان. وأدركت مرشحة اليمين المتطرف البالغة من العمر 53 عاما، أن الناخبين يعانون من ارتفاع أسعار الطاقة والوقود وسيكون أكثر اهتماما على الأرجح بشأن السلطة، وتراجعت الفجوة بينها وبين ماكرون بشكل هائل بعد أن كانت 12 نقطة، وذلك بعد أن قامت بجولات في المدن والقرى وصورت نفسها بأنها مدافعة عن الضعفاء ضد سمعة ماكرون بأنه رئيس الأغنياء، وتعهدت بخفض أسعار البنزين وفرض ضرائب على شركات الطاقة الكبرى، ووصلت التوقعات إلى أن تقدم ماكرون لن يفوق فارق 3.5 نقطة فقط في الجولة الأولى من الانتخابات التي تجري اليوم. ولا يزال الغموض يلف نسبة المقاطعة لهذا الاقتراع الذي ستكون نتائجه موضع ترقب كبير في أوروبا وخارجها. ويخشى الكثير من الخبراء السياسيين أن يتخطى مستوى المقاطعة في الدورة الأولى النسبة القياسية المسجلة العام 2002 وقدرها 28,4 في المائة أي أن تكون أعلى بكثير من النسبة المسجلة العام 2017 والبالغة 22,2 في المائة. وحذرت أوساط الرئيس ماكرون من أن انتصاره ليس مؤكدا، مثلما كان قبل أيام قريبة، حيث نقلت مصادر إعلامية عن إدوارد فيليب، الذي شغل منصب رئيس وزراء من قبل في حكومة ماكرون، إن لوبان التي تخوض ثالث محاولة لها للوصول إلى الإليزيه، أصبحت وجها مألوفا، يمكن أن تنتصر بالطبع، خاصة وأن جهودها قد حصلت على دفعة غير متوقعة من ترشح إريك زيمور، المنتمى إلى اليمين المتطرف الذي تمت معاقبته ثلاث مرات بسبب خطاب الكراهية. وتعتزم مرشحة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبان، في حال حصولها على كرسي الرئاسة، استفتاء الشعب حول قضايا الهجرة، التي شكلت أحد أهم المحاور للحملة الانتخابية، وتنوي تقديم مشروع قانون دستوري وتشريعي، من شأنه مراجعة جميع القوانين المطبقة على الأجانب، إذ ترغب في تضمين الدستور مبادئ تتأسس على الأولوية الوطنية فيما يتعلق بالسكن والتوظيف من جهة، وأولوية القانون الوطني على القانون الأوروبي والقانون الدولي، من جهة أخرى. كما تسعى إلى حظر تسوية أوضاع "المهاجرين غير الشرعيين" وطرد الأجانب المخالفين للقانون الفرنسي، مع تشديد العقوبات الجنائية على كل المتواطئين مع "المهاجرين غير الشرعيين"، في الوقت الذي لا يزال موقف ماكرون من الهجرة في برنامجه الانتخابي مجهولا، مثلما تشير تقارير إعلامية. ويريد مرشح اليمين المتطرف، إيريك زمور، بدوره تحقيق مخطط "صفر هجرة" ببناء جدار على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، على طريقة دونالد ترامب الذي أراد في عام 2016 إتمام بناء جدار بين الولاياتالمتحدة والمكسيك، كما يسعى زمور إلى طرد المخالفين الأجانب ويجرد المجرمين ثنائيي الجنسية من الجنسية الفرنسية، بالإضافة إلى رغبته في تقليل عدد الطلاب الأجانب الوافدين على الجامعات الفرنسية. ويعارض خطاب معسكر اليسار نظيره اليميني تماما، إذ يرى ميلانشون عن حزب "فرنسا الأبية"، إنه لا بد من السعي إلى تسوية أوضاع "العمال غير المسجلين في النشاط"، وتسهيل الحصول على الجنسية الفرنسية للأجانب الموجودين بشكل قانوني على التراب الفرنسي، وإلغاء اختبارات العظام لمعرفة أعمار "الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم، "والسماح للمتقدمين بطلب اللجوء بالعمل أثناء انتظار ردهم، وأن يصبح تصريح الإقامة لمدة عشر سنوات هو المرجع.