لا أحد يصدق بأن لاعبين في الدوري الجزائري لكرة القدم يتقاضون أجورا أحسن من أجور بعض محترفينا في فرنسا وبلجكيا والبرتغال وسويسرا، ولا أحد يمكن أن يفهم كيف للاعبين مغتربين كانوا ينشطون ضمن القسم الثالث والرابع في أوروبا يتلقون أجورا أحسن من أجور لاعبين في الدوري الأول الفرنسي….. الأرقام التي جعلت وزير الشباب والرياضة يدعو مسيري النوادي إلى الحد من لهيب الأجور هي أرقام فلكية توقظ النائم، وتدوخ القائم وتثير دهشة المجنون؟ …. بالمختصر المفيد ما يحدث في الجزائر لم يقع في أي بلد من بلدان العالم، بما فيها بلدان الخليج التي ظلت لعشريات من السنين توزع من ريع البترول على متقاعدي كرة القدم، حيث اعتمدت هذه السياسة لخطف الأضواء من أوروبا. اليوم يتساءل الكل، كيف يمكن لنواد تدعي الاحتراف أن تتحمل سنويا تكاليف هذه الأجور الخيالية وهي مفلسة ؟ ومن يحدد أسعار اللاعبين ؟ وعلى أي مقياس تقدم مئات الملايين شهريا للاعبين لا واحد فيهم فرض نفسه في المنتخب الأول؟ …إذ أغلى لاعب في الدوري الجزائر لم يستدع للمنتخب منذ السنة الأولى لفترة سعدان حينما كان يلعب لوفاق سطيف. الشارع الرياضي الجزائري من أبسط مناصر إلى أذكاهم يقول بأن الأجور المعلنة لدى مصالح الضرائب والضمان والاجتماعي والمسجلة في العقود التي وضعت لدى الرابطة المحترفة لا يستلمها اللاعبون في أرض الواقع، وأن "السماسرة" تعمدوا رفع أجور اللاعبين بتواطؤ من المسيرين، بغرض أخذ حصتهم من "الطورطة" و بطريقة جديدة، بعدما كانوا يأخذونها من "الشكارة" مباشرة، وأن الكل مستفيد من هذه الفوضى في توزيع أموال الدولة ولا أحد يمكنه أن يندد بذلك عدا الدولة نفسها والتي أضحت مطالبة بمراجعة سياستها في تمويل كرة القدم الجزائرية. ولو نتمعن في قيمة التمويل البالغة ما يزيد عن 400 مليار سنتيم سنويا، تمثل أجور لاعبي الدوري الأول ، لوجدنا بأن تسعين بالمائة منها تأتي من خزينة الدولة، سواء كان ذلك عبر تمويل مباشر من الوزارة والولاية والبلدية أو سبونسور محذوف من الضرائب أو غيرها ، وبالتالي العيب يكمن في مؤسسات الدولة التي لا تراقب أموالها وليس فيمن ينهبها، ومثلما يقول المثل "المال السايب يعلم السرقة". الطبيب- الوزير محمد تهمي يعرف تماما مكمن الداء، ويدري من أين يجب معالجته، لكن الداء استفحل يا دكتور بفعل عشرين سنة من النهب المنظم لأموال قطاع الشباب والرياضة، وتحجج بعض سياسيي الدولة في أعلى مستوى بالظروف الأمنية والسياسية والاجتماعية لم يعد مقبولا بتاتا لكون خطر "الناهبين" لا فرق بينه وبين خطر الأعداء الخارجيين .