صنعت كريمة بلقاسم، حرفية في صناعة السكريات، مختصة في حلوى "الحلقوم" بمعرض الحرف الذي أقيم مؤخرا في بوزريعة، فرحة الزوار وتحديدا الأطفال الذين توافدوا عليها، لاقتناء هذه الحلوى الشعبية التي أبدعت في عرضها بألوان وأشكال وأذواق مختلفة، وقالت في حديثها ل"المساء"، بأنها أدخلت حلوى "الحلقوم" في الأعراس لإعادة الاعتبار لها بعد أن طالها النسيان". اهتمام الحرفية كريمة بحلوى "الحلقوم" حديث العهد، إذ أنها اختصت في البداية بإعداد حلوى الشوكولاطة رفقة زوجها، على اعتبار أنها من أكثر الحلويات التي يعشقها الكبار والصغار، إذ يتم إعدادها في المنزل ويجري تسويقها، "ومع مرور الوقت، أوحى إليها زوجها بالتنويع في صناعة الحلوى والخروج من عالم الشوكلاطة الذي يعتبر مألوفا ويبرع فيه عدد من الصناع، بتجريب حلوى "الحلقوم" بعد أن أطلعها على طريقة إعدادها. في البداية، تقول محدثتنا؛ "لم أتشجع خاصة أنني لا أملك أية فكرة عن هذه الحلوى ومدى الإقبال عليها، لكن بعد أن خضت التجربة ولامست أناملي مختلف المواد التي يجري مزجها لإعدادها، أصبحت حلوى "الحلقوم" بمثابة "ابني المدلل"، حيث أبدعت فيها من حيث الذوق والشكل وقررت التخصص فيها". تعتبر حلوى "الحلقوم" من الحلويات التركية، حسب الأبحاث التي قمت بها، تقول الحرفية كريمة وتضيف: "تبين لي بأنها كانت تصنع في القصبة في العهود الغابرة خلال العهد العثماني، بل اختص عدد كبير من المهتمين وقتها فيها وكانت تصنع بطريقة خاصة ولديها ذوق مميز، ولأن الاهتمام بها كحلوى عرف تراجعا في الآونة الأخيرة، خاصة بعد وفاة صناعها من الحرفيين الأوائل، قررت كحرفية إعادة الاعتبار لها". وتواصل محدثتنا قائلة: "هناك اعتقاد سائد بأن حلوى "الحلقوم" الموجودة في السوق مستوردة، لكنها تصنع في الجزائر وإن كان صناعها يعدون على أصابع اليد، وأنا واحدة من المتخصصين فيها، حيث أدخلت عليها لمسة خاصة جعلتها الحلقومة - خاصة بي، متميزة من حيث النكهة من جهة، ومن ناحية أخرى رغبت في إعادة الاعتبار لها بإدراجها في الأعراس، ونجحت في ذلك، حيث صنعت تشكيلة مميزة لحلويات الأفراح معدة من "الحلقوم" بقوالب مختلفة، وأخرى موجهة لبعض المناسبات السعيدة كالختان وحفلات الميلاد. ولا أخفي أن هناك طلبا كبيرا عليها في الأعراس من قبل الباحثين عن أفكار جديدة ومختلفة لإدراجها فيها، كما أن إمكانية تقديمها بأشكال وألوان مختلفة ساهم في إعادة الاعتبار لها، وهو ما يفسر كثرة الإقبال عليها في مختلف المعارض التي شاركت فيها". أرجعت الحرفية تراجع صناعة "الحلقوم" كحرفة تقليدية إلى عدم وجود من يعلمها، بالنظر إلى قلة صناعها الذين يعدون على الأصابع، مشيرة إلى أنها حرفة رجالية بالدرجة الأولى، نظرا إلى ما تتطلبه من جهد عضلي في صناعتها، إذ لا تعتمد مطلقا على الآلة، وإنما تعتمد على الأيدي وبعض المعدات اليدوية، لذا تتطلب الكثير من الجهد، بالتالي كان يبرع فيها الرجال بفضل قوتهم، غير أنني اقتحمت هذا العالم، وأثبت قدرة النساء على القيام ببعض الأعمال حتى وإن كانت تخص الرجال، ولا أخفي عنكم أن حبي لهذه الصنعة جعلني أبدع فيها وأعطيها جانبا جماليا كان مغيبا فيها، حيث كانت تقدم في شكل مربعات واليوم أستطيع أن أعرضها في أي شكل يطلبه الزبون، وفي بعض الأحيان أبتكر أشكالا من مخيلتي لمزيد من التميز، وشعاري في ذلك "العين تأكل قبل الفم". مشاركة الحرفية كريمة في مختلف المعارض جعلها تعيد الاعتبار لحلوى "الحلقوم" وتبرم بعض عقود الشراكة مع المهتمين بهذه الحلوى التقليدية، وبالمناسبة تناشد الجهات المعنية مزيدا من الدعم ليتسنى لها تعليم هذه الصنعة للراغبين فيها".