لمواكبة المستجدات الوطنية والدولية.. بوجمعة: الجزائر حريصة على تحيين تشريعاتها    الجزائر العاصمة : افتتاح خط نقل جديد بين بواسماعيل وبن عكنون    وفاة الصحفي والروائي والناقد السينمائي جمال الدين مرداسي    كيك بوكسينغ : انطلاق البطولة الوطنية للوكيك بمشاركة حوالي 800 مصارع ببواسماعيل    مزيان وزروفي يشرفان على افتتاح ندوة تكوينية حول الجيل الخامس(5G)    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 58573 شهيدا و139607 مصابين    وزير العدل يدشّن محكمتين جديدتين بالمدية ويعلن تسهيلات جديدة للجالية الجزائرية بالخارج    سوناطراك: مشروع غورد الباقل يعزز الإنتاج الغازي بنسبة إنجاز تفوق 80%    في اليوم الوطني للطفل: الجزائر تُحيي الذكرى العاشرة لقانون حماية الطفل وتُطلق جائزة وطنية للابتكار المدرسي    وزير المجاهدين: الجزائر والصين تتقاسمان رؤية موحدة لنصرة الشعوب ومناهضة الاحتلال    معرض الكتاب بوهران: مشاركة زهاء 20 مبدعا في الرواية والشعر    معسكر: المجاهد سعيد اسطمبولي في ذمة الله    الجزائر نموذج للإنسانية في رعاية اللاجئين: إشادة أممية وتعاون صحي مرتقب    موجة حر شديدة وأمطار رعدية مرتقبة على عدد من ولايات الوطن يومي الأربعاء والخميس    كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024 (الدور ربع النهائي): حصتان تدريبيتان لسيدات المنتخب الوطني تحسبا لمواجهة غانا    العاب القوى/ جائزة بريشيا الكبرى (800 م): الجزائري محمد علي غواند يحقق رقم قياسيا شخصيا جديدا    فلسطين تحذر من تداعيات فرض الاحتلال الصهيوني سيطرته على الحرم الإبراهيمي بالخليل    ممثلة المنظمة الدولية للهجرة تشيد بجهود الجزائر للتكفل باللاجئين    فلسطين: توقف آلية إدخال المساعدات إلى غزة و6 آلاف شاحنة عالقة على الحدود    ما بعد صهيونية الإبادة: مصيدة اليهودي العاقّ    المخزن يفتح أبواب المغرب للصهاينة!    شرطة البليدة توقف 171 شخصا    عادة الحناء تُلغى من الأعراس الجزائرية    مترو الجزائر يواصل التمدّد    استحداث المقاطعات الإدارية يستهدف التكفّل بانشغالات المواطن    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الإعلامي علي دراع    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    هذه رسالة فان بيرسي لحاج موسى    اعتماد المقاربة بالكفاءات بشكل كامل خلال الدخول المقبل    مستوى لا مثيل له    استعراض فرص إطلاق مشاريع استثمارية استراتيجية طويلة المدى    ضرورة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية في الجزائر و إفريقيا    إطلاق الفرع المحلي لمشروع كليم-قوف2    مكتتبو عدل 3 يحبسون أنفاسهم    معرض لأعمال ديني    رقم قياسي للاستهلاك الكهرباء بالجزائر    الجزائر أسست لمشاريع استراتيجية كبرى تكرس التكامل الإفريقي "    5شهداء وعدد من المفقودين تحت الأنقاض    نحو تثمين النفايات وتحويلها إلى طاقة بقسنطينة وسطيف    الجزائر تعود إلى خريطة الاستثمار العالمي    المخزن يكرّس خدمة دوائر المال والنّفوذ    أيمن بوقرة أول المستقدمين    حديث عن مغادرة عمراني للعارضة الفنية    مطار الجزائر يوظف مضيفات استعلام    وفاة الفنّان القدير مدني نعمون    عنابة تسحر البولونيين    غياب بلايلي عن الترجي يثير الاستفهام    من سطورة إلى "المارينا".. ليالٍ حالمة في روسيكادا    ساحة التوت.. هنا يلتقي الواقع بالأسطورة    الجزائر أختارت أن تكون صوتا للمظلومين لا صدى للظالمين    بلادنا تضم قراب نصف مصانع إنتاج الأدوية بإفريقيا    الجزائر تستضيف الألعاب المدرسية الإفريقية    إصلاح شامل للاستعجالات الطبية قريبا    شرطان لا يصح الإيمان إلا بهما    وضع حجر أساس مشروع إنجاز وحدة لإنتاج المادة الأولية لصناعة الأدوية المضادة للسرطان بسطيف    فضائل ذهبية للحياء    من اندر الاسماء العربية    جامع الجزائر : ندوة علميّة تاريخيّة حول دروس عاشوراء وذكرى الاستقلال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طقوس ممتعة ومظاهر للتضامن
جني الزيتون بالمصيف القلي
نشر في المساء يوم 27 - 12 - 2014

لا تزال العديد من العائلات القاطنة بالقرى والمداشر المتواجدة بأعالي الجبال بالمصيف القلي غرب سكيكدة منذ أزمنة، تحافظ على العديد من العادات والتقاليد المتوارَثة، وتعمل على إحيائها في كل المناسبات والأعياد والحفلات والولائم وحتى الجنائز؛ كتعبير منها على مدى ارتباطها الوثيق بتراثها. ومن بين تلك العادات التي دأبت العائلة الريفية بمنطقة القل على إحيائها، "الزردة"، التي تجسّد أسمى مظاهر التضامن والتآزر والتعاون العفوي بين كل أطياف العائلات القلية، وهو سلوك لا يزال قائما بقوة في تلك المناطق الآمنة والهادئة إلى يومنا هذا.
للزردة بقرى المناطق الجبلية بالمصيف القلي قصة، ولكل قصة طقوس، ومن أشهر الزردات التي تبقى حدثا مهمّا في حياة سكان المناطق الجبلية، ما يُعرف بانطلاق موسم جني الزيتون؛ مما يخلق أجواء احتفالية بطقوس مستمَدة من الذاكرة الجماعية التي يرفض أهالي المنطقة التخلي عنها؛ لأنها، ببساطة، تجلب لهم الخير والبركة، وتدفع عنهم العين والحسد، حسب اعتقاداتهم.
السيد العربي، 70 سنة من منطقة الشرايع غرب سكيكدة، أشار، في حديثه ل "المساء"، إلى أن التحضير لهذه العادة القديمة يتم قبل أسبوع؛ من خلال الاستعدادات التي تشارك فيها الأسر، انطلاقا من تحضير الكسكسي أو الشخشوخة وإعدادها وكذا اقتناء كل ما يدخل في إعداد الوليمة؛ من زيت وخضروات وغيرها بمساهمة الكل حسب مقدرتهم، مضيفا أنه إذا كانت النسوة يتكفلن بكل ما يدخل في إعداد الطعام، فإن الرجال يقومون باختيار العجول السمينة للذبح، وكذا تعيين الأشخاص الذين يقومون بالعملية. وفي اليوم الموعود - كما أضاف - ومن الساعات الأولى للنهار، تتحول القرية إلى شبه ورشة، كل حسب الدور الذي أُسند إليه، لتبدأ الزردة بشروع أعيان القرية في ذبح عدد من رؤوس البقر تحت أشجار الزيتون تسمى "الدمنة"؛ إيذانا بانطلاق الزردة في أجواء احتفالية، يحضرها الأطفال. وبعد الانتهاء من الذبح والسلخ الذي يتم وسط الأهازيج والأدعية، يُشرع في عملية تقطيع اللحم وتقسيمه بأعداد متساوية، وتسمى العملية، حسب نفس المصدر، ب "المصباح"، لتوزَّع على العائلات بالخصوص الفقيرة منها، ويشرع بعدها الحضور في تناول أطباق الكسكسي أو الشخشوخة تحت أشجار الزيتون. ولا يتخلف أحد من أهالي القرى والمداشر عن الوليمة. وبعد الانتهاء من الأكل تُعقد حلقات للذكر والدعاء والتضرع إلى الله أن يطرح عليهم البركات، و أن يجعل من موسم جني الزيتون موسم خير.
وبعيدا عن تلك الطقوس المتميزة بكل ما تشكله من أبعاد روحية واجتماعية، فإنها تُعد فرصة سانحة للمّ شمل المتخاصمين، وإعادة المياه إلى مجراها الطبيعي.
جني الزيتون بين طقوس الزردة وإجبارية الجني الجماعي
ولا بد أن نشير هنا، حسب الروايات المتطابقة التي جمعناها من هنا وهناك والتي تبقى من الأساطير التي لا تزال الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة تحفظها وتؤمن بها، إلى أن عملية الجني يجب أن تتم جماعيا ومباشرة بعد المشاركة الإجبارية في طقوس الزردة، وأن أي مخالف للجماعة قد يتعرض للعنة، فيصاب بما لا يُحمد عقباه، وقد تصل الإصابة إلى حد الإعاقة الأبدية، التي قد تمنعه مستقبلا من المشاركة في عملية الجني، مستدلين في ذلك بما يُروى عن شخص فضّل أن يقوم بعملية جني الزيتون بمفرده دون احترام طقوس القرية، فسقط من أعلى شجرة الزيتون، ليصاب بإعاقة منعته من الجني إلى غاية وفاته.
وبين الحقيقة وما تنسجه الذاكرة الجماعية من قصص وحكايات وأساطير، تبقى لعملية جني الزيتون بمناطق المصيف القلي، نكهة خاصة، تعكس، بصدق، التضامن الجماعي والعفوي، الذي تجسّده العملية بهذه المناطق الجميلة والطيبة كطيبة سكانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.