أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، مساء أول أمس، أن سياسة الجزائر واضحة ومبادئها صلبة في التعامل مع القضايا الدولية وتحظى باحترام جميع الدول، داعيا الجزائريين إلى توحيد الجهود من أجل تنمية البلاد وتفادي الوقوع في مخططات "التفرقة". ولدى تطرقه للوضع الاقتصادي أبرز الرئيس تبون، جهود الدولة في تنمية الاقتصاد الوطني الذي حقق أرقاما "لم تتحقق منذ 25 سنة مضت"، واعتبر المضاربة التي عرفتها السوق الوطنية في الفترة الأخيرة "العدو اللدود" للاقتصاد الوطني والمواطن، مؤكدا أن ارتفاع أسعار بعض المواد والسلع الغذائية "غير مبرر"، ومن ورائه "خلفيات سياسية" لأشخاص "طفيليين يخدمون مصالحهم الخاصة ويتم استعمالهم من قبل عصابات". كما أبرز الرئيس، أهمية النصوص القانونية التي يجري إعدادها حاليا من طرف وزارة العدل، والتي تجرّم فعل المضاربة وتفرض عقوبات على المضاربين "أدناها 30 سنة سجنا وقد تصل حتى المؤبد أو الحكم بالإعدام". ويضاف تأثير المضاربة على السوق المحلية إلى عوامل خارجية أدت حسب الرئيس تبون إلى ارتفاع الأسعار، حيث ترتبط هذه العوامل حسبه بالتداعيات الاقتصادية لجائحة "كوفيد-19"، مشيرا إلى أن الدولة تحاول امتصاص هذه الصدمة من خلال تحمّل الخزينة العمومية لهذه التبعات بدلا عن المواطن، فضلا عن الإجراءات الاستباقية المطبّقة منذ 2020، لاسيما رفع الحد الأدنى من الأجور وإلغاء الضريبة على الدخل الإجمالي على الأجور التي لا تزيد عن 30 ألف دينار، وهو الإجراء الذي كلّف الخزينة أزيد عن 100 مليار دينار. الدولة عازمة على امتصاص أموال السوق الموازية في سياق متصل أكد رئيس الجمهورية، عزم الدولة امتصاص الأموال المتداولة في السوق الموازية من خلال عدة وسائل وميكانيزمات وعلى رأسها الصيرفة الإسلامية، حيث قال في هذا الخصوص "من الممكن امتصاص أموال السوق الموازية بألف طريقة وطريقة، من بينها الصيرفة الإسلامية التي ينبغي أن توسع شبكتها من خلال فتح بنوك أخرى". وشدد في هذا الإطار على ضرورة فتح حوار مع أصحاب هذه الأموال بالنظر لتجذر هذه الظاهرة التي تعود إلى مرحلة فتح المجال للخواص للاستيراد مع بداية التسعينيات، وهي الخطوة التي لم ترافقها آنذاك الرقابة اللازمة. وصرح قائلا "هذا الاقتصاد نشأ برخصة من الدولة، وتقوى في العشرية السوداء ثم تطور ليصل الأن إلى 10 آلاف مليار دينار". كما أشار إلى أن الدولة ستسعى لاسترجاع أموال السوق الموازية بوسائل عدة تشمل إمكانية الاستثمار في سندات بدون التعريف بهوية صاحبها وبدون فرض ضرائب. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان هذا الإجراء يعتبر "عفوا"، اعتبر السيد تبون، أن "ذلك يمثل جزء من قواعد اللعبة" من دون ذكر تفاصيل أكثر بالنظر "لسرية الملف". واستبعد الرئيس تبون، تغيير العملة الوطنية كحل لاستقطاب الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية، معتبرا أن ذلك سيخلق طوابير طويلة ويعقّد الحياة اليومية للمواطنين البسطاء. وفي سياق حديثه عن الاقتصاد الموازي اعتبر الرئيس، أن إيطاليا تمثل نموذجا ناجحا في هذا المجال ينبغي دراسته. وهنا ذكر بأن الاقتصاد الإيطالي كان مشكلا غداة الحرب العالمية الثانية، بنسبة 80 بالمائة من السوق الموازية، ولهذا "يجب ان ننظر في الوسائل التي استعملها هذا البلد لأنه أقرب للاقتصاد الوطني". وقال في هذا الصدد "اقتصادنا لا يشبه الاقتصاد الفرنسي بل الاقتصاد الإيطالي. الجزائر لن تلجأ إلى الاستدانة الخارجية وجدد رئيس الجمهورية. رفض الجزائر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، معتبرا هذا الخيار يمثل "انتحارا سياسيا". وأوضح الرئيس، أن "صندوق النقد الدولي يتعامل وكأنه يمهد الطريق نحو الاستدانة. ولن نذهب للاستدانة وهي من المستحيلات. ولن نأخذ البلاد للانتحار السياسي". في هذا السياق استغرب السيد تبون، توصيات الصندوق النقد الدولي الداعية لتأجيل تطبيق الإصلاحات الهيكلية، مؤكدا ان الدولة الجزائرية ماضية في تنفيذ هذه الاصلاحات بكل سيادة. في المقابل رحب بتقارير البنك العالمي التي أثنت على "قدرة تحمّل الاقتصاد الجزائري في محيط غير مستقر". وتوقع رئيس الجمهورية، أن يسجل الاقتصاد الجزائري نسبة نمو تناهز ال4 بالمائة متجاوزا توقعات البنك العالمي (2,6 بالمائة)، مشيرا إلى أنه "بنهاية السنة الجارية، ستتمكن عائدات الجزائر من تغطية كافة مشترياتها من الخارج دون المساس باحتياطيات الصرف". كما أوضح أنه "إذا لم نسجل وضعية استثنائية سنحقق التوازن المالي مع نهاية 2021، دون المساس باحتياطي الصرف الذي يقدر حاليا ب44 مليار دولار بعدما كان مع نهاية السنة الماضية، يناهز 57 مليار دولار". كما أشار السيد تبون، إلى ما حققه الاقتصاد الوطني من نتائج خلال السنة الجارية، إذ يتوقع أن تصل صادرات البلاد خارج المحروقات إلى 4,5 مليار دولار "وهو الرقم الذي يسجل لأول مرة منذ 25 سنة"، فيما ذكر بإجراءات مراجعة سياسة الاستيراد "بصفة هيكلية وبدون خلق أية ندرة"، وما سمح بخفض فاتورة الواردات إلى حوالي 32 مليار دولار بعدما كانت تناهز 60 مليار دولار.