قال الدكتور توفيق بن زردة ل "المساء"، إن جامعة "محمد العربي بن مهيدي" (أم البواقي)، عكفت على تنظيم ملتقى بطابع دولي، هو في صيغته الرابعة هذه السنة (2022). ويدخل ضمن مسعى الجامعة الجزائرية في كتابة التاريخ الوطني والحفاظ على الذاكرة الجماعية، انطلاقا من تنظيم منابر علمية دورية، تبحث في إحدى المراحل المهمة في تاريخ الأمة الجزائرية. وأضاف بن زردة الذي أُسندت له رئاسة الملتقى: "بغية تجاوز المستهلك والمعلوم وانطلاقا من أن الوثيقة كنز معرفي، فإذا ما توفرت وأتيح لها الظهور، لملمت الأمة ذاكرتها، واستطاع المؤرخ أن تكون صناعته علمية المنهج والمنزع، لذلك لا مناص من البحث عن الوثيقة التي جعل منها أساسا في بناء هذا الملتقى الموسوم ب "محمد العربي بن مهيدي والثورة الجزائرية من خلال وثائق الأرشيف". وتابع مجددا أن الملتقى بُني على ثلاثة حقول بحثية؛ الحقل الأول هو "محمد العربي بن مهيدي من خلال وثائق الأرشيف"، وهو الحقل الذي يرتكز على كشف الضامر من وثائق حول الشهيد الرمز محمد العربي بن مهيدي. أما الحقل الثاني فيتناول "الثورة الجزائرية من خلال وثائق الأرشيف"، وهو مجال بحثي نوعي، يسعى إلى إبراز مسار الثورة التحريرية، من خلال المدونات التاريخية، في حين خُصص الحقل الثالث والأخير للأرشيف في حد ذاته؛ لأنه يشكل تحديا على مستوى الذاكرة والبحث معا. وذكر الدكتور رسمه أهدافا تخص هذا الملتقى، أهمها تجاوز التاريخ القصصي الحكواتي، وصولا إلى تاريخ القيمة المضافة التي تبني ذاكرة قوية. للإشارة، سيتم تنظيم الملتقى الدولي الرابع الموسوم ب "محمد العربي بن مهيدي والثورة الجزائرية من خلال وثائق الأرشيف"، يومي الثاني والثالث من مارس المقبل بقاعة المحاضرات الكبرى بجامعة "العربي بن مهيدي". وجاء في ديباجة الملتقى، أن بعد مرحلة استقلال الجزائر (1962) والسكون الذي ركن إلى التنمية وإعادة بناء أركان الدولة الوطنية، تدافعت الكتابات عن الثورة التحريرية (1954- 1962) وقادتها الميدانيين، من منطلقات تجاذبتها الرؤى الإيديولوجية والتصورات الفكرية والأطروحات الأكاديمية، ما أنتج خاصية الثنائيات المتضادة، على غرار الحقيقي والأسطوري، والوثيقة والشهادة، والمدوّن والشفوي، والصانع للحدث والراوي له، والمكتمل والمبتور، والفجوة والتأويل، وغيرها من الثنائياتو التي جعلت من فحوى الكتابة عن هذه المرحلة، بمستويات متباينة. وفي الواقع وعند هذه الفوارق التأسيسية لكتابة تاريخ الثورة التحريرية وسيرة قادتها الميدانين، برزت ظواهر قلمية ومصنفات تدوينية، تجاوز بعضها مفاهيم المعرفة الحقيقية إلى التاريخ القصصي- الحكواتي، وهنا تَشكّل اللبس، وارتسمت الفوارق بين الأوعية الإخبارية والحقيقة التاريخية، لذلك لا بد من العودة إلى الوثائق الأرشيفية، لأن الكتابة في رحاب الوثيقة كفّتها راجحة. وإذا ما توفرت وأتيح لها الظهور تَسنّى للأمة الجزائرية صون ذاكرتها، وأتيح للمؤرخ أن تكون صناعته علمية المنهج والمنزع، لذلك لا مناص من البحث عن الوثيقة، التي جُعلت منها جوهرا في التأسيس لهذا الملتقى الدولي الرابع الموسوم ب "العربي بن مهيدي والثورة الجزائرية من خلال وثائق الأرشيف". أما عن أهداف الملتقى، فحسب بيان منظمي الملتقى تلقت "المساء" نسخة منه، فهي كشف الأرصدة الأرشيفية التي تناولت سيرة القائد الشهيد محمد العربي بن مهيدي؛ "العربي بن مهيدي بين الرواية الشفوية والوثائق التاريخية، الكشف عن الأرصدة الأرشيفية للثورة التحريرية"، و"التقارير الأمنية الاستعمارية حول الشهيد محمد العربي بن مهيدي"، و"محمد العربي بن مهيدي والأرشيفات الأسرية، وكذا "الذاكرة بين الوعاء السردي والتاريخ الموثق". وبالمقابل، يضم المحور الأول للملتقى والمعنون ب "العربي بن مهيدي من خلال الوثائق الأرشيفية"، الأرشيفات الأسرية، ووثائق القادة والفاعلين خلال الثورة الجزائرية، والأرشيف الوطني الجزائري، ومصالح الأرشيف المحلية، ودور الأرشيف العربي والأجنبي. أما المحور الثاني "الثورة الجزائرية من خلال الوثائق الأرشيفية"، فيتفرع إلى الثورة في عامها الأول، وهجومات الشمال القسنطيني 20 أوت 1955، ومؤتمر الصومام 20 أوت 1955، والمعارك الكبرى والاشتباكات، والتموين التسليح، والمراسلات والتنسيق بين القيادات، والثورة في المناطق التاريخية. وبدوره، ينقسم المحور الثالث المعنون ب "أرشيف الثورة الجزائرية"، إلى القوانين المنظمة لاستغلال الأرشيف، وأنواع الأرصدة الأرشيفية، والمستغل وغير المستغل من الأرشيف، وتحديات استغلال الأرشيف، ومقاربات بين المذكرات والأرشيف.