شرعت غالبية الأسر الجزائرية خلال هذه الأيام، في الحديث عن موعد حلول الشهر الفضيل، الضيف الكريم، الذي تنتظره كل الأسرة بفارغ الصبر، وتحضر له ربات البيوت عدة أشهر قبل حلوله، ولعل أكثر ما يطبع سماه بالنسبة لهؤلاء؛ تحضيرات الأكل، تحسبا لتراجع عرض بعض المواد خلال الشهر الفضيل وخروج مواسمها، وخوفا من الارتفاع الجنوني لبعض المواد بهذه المناسبة، مما يجعل أول خطوة تخطوها كل ربة منزل "شاطرة"؛ تجميد بعض المواد وتكوين ما يسمى لديها ب"العولة"، تحضيرات حذرت بشأنها المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، من الوقوع على إثرها، ضحية تسمم غذائي، بسبب سوء التخزين أو استهلاك منتج تجاوز فترة صلاحيته داخل المجمد. تتحمس العائلات الجزائرية لاستقبال هذه المناسبة الدينية المحبوبة لديها بإجراءات مختلفة، حيث تلجأ جل الأسر إلى التحضير لهذا الشهر الفضيل، من خلال تخزين المواد الغذائية الأساسية وشراء "العولة"، ناهيك عن الاستعدادات المتعلقة بالثقافة الاستهلاكية الأخرى، التي تفضل بعض العائلات التحضير لها قبل أشهر عديدة من حلول شهر رمضان الفضيل، ذلك التسارع في محاولة دخول الجو الرمضاني، تترجمه ربات البيوت بالرغبة الشديدة في حلول موعد الصيام وجل الروتين اليومي الذي يطبع هذه المناسبة، لاسيما أن الشروع في اقتناء السلع الضرورية من السوق وتخليل وتصبير وعصر بعض الخضر كالطماطم، وتجميدها وتجميد بعض الخضر بعد تنظيفها مباشرة، هو جزء من التقاليد التي لا يمكن لبيت تفويتها مهما كانت قدرتها الشرائية، التي قد تسمح لها باقتناء ما تشتهيه خلال رمضان. في هذا الصدد، أجمعت الكثير من النسوة ممن حدثتهن "المساء"، أن اتباع أساليب الجدات في التحضير للشهر الفضيل، هو نوع من التقليد الذي تحبذ كل الأسر المحافظة عليه، وهي نوع من التحضيرات لا تتم قبل أيام أو أسابيع من الشهر الفضيل، بل على مدار السنة الكاملة، وتتم وفق الموسم، حيث تخزن كل ما ترغب فيه المرأة للشهر المعظم، مثلا موسم الثوم أو موسم البزلاء أو الليمون أو الفلفل وغيرها. وتتم عندما تعرف تلك المنتجات ذروة العرض، وتكون أسعارها في متناول الجميع، وحتى نوعيتها تكون جيدة، وهذا أيضا وفق ما تحب استهلاكه العائلة أكثر.وبين تجميد وتخليل وتصبير بالزيت الزيتون، لكل طريقتها الخاصة، وفق تقاليد الأكل والطبخ، وما ترغب فيه وأكثر الطرق شيوعا في التخزين؛التجميد، والتي تضمن بقاء نوعيك المادة على حالها إلى حين سحبها من الثلاجة لاستعمالها. في هذا الخصوص، تحدث رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، عن بعض التدابير الاحتياطية التي لابد أن تأخذها الأسر بعين الاعتبار، حتى لا تعرض نفسها لمشكل تسمم غذائي بسذاجة، ولا تعرض الجسم لمشاكل صحية على المدى البعيد، قائلا: "رغم جمال تلك التحضيرات ونفعها لتخفيف الضغط المالي على الأسر خلال الشهر الفضيل، إلا أنه لابد أن يتم وفق جملة من الشروط لحفظ الصحة، من جهة، وتفادي التبذير من جهة أخرى، لعل أهم شيء يجب أخذه بعين الاعتبار؛ شروط الحفظ وتذويب المواد قبل استعمالها". مشيرا إلى أن التجميد أسلوب تقليدي عادت إليه الأسر بشكل مكثف، نظرا لما يفرضه الواقع، وغلاء المعيشة التي تلزم الكثير من العائلات باتخاذ أسلوب اقتصادي معتمد على أطروحات اقتصادية محكمة، لكن على أن تكون ضمن أحكام تراعي السلامة وعدم تعريض النفس للخطر. وأضاف أن احترام سلسلة التبريد والتجميد أهم ما يمكن التشديد عليه، قائلا: "كل سنة تجدد منظمات حماية المستهلك حديثها عن هذا الموضوع، المتعلق بحسن استعمال المجمد وحفظ المواد بداخله، خاصة احترام تاريخ الحفظ وانتهاء الصلاحية، وأن بعض المواد لا يصلح تماما تجميدها، كاللحم المفروم مثلا، إذ لابد أن تتناول مباشرة عند فرمها، لأنها تتكاثر فيها ميكروبات سريعة الانتشار". أضاف المتحدث أن بعض مشاكل الهضم، قد تحدث بدرجات متفاوتة، قد يكون مصدرها غير محدد، إلا أن بعض التفاصيل التي تفوتها المرأة دون إدراك ووعي، قد تكون السبب وراء ذلك، على أن يكون الحفاظ على هذا التقليد الجميل بكثير من الوعي والثقافة الاستهلاكية.كما أشار زبدي إلى أهمية مراعاة الكمية التي يتم تناولها، لأنه في الكثير من الأحيان تلقي تلك المواد مصيرها في القمامة، بعد أن لا ترغب بعض العائلات في استهلاكها، لأسباب مختلفة، عادة تكون لانبعاث رائحة المثلج منها وتداخل روائح مختلف المواد، كما أنها تفقد مذاقها المميز وتصبح لينة أو قاسية مما يجب أن تكون، وهذا يمثل نوعا من التبذير والإسراف الذي يستدعي الحذر منه.