أكد المشاركون في اليوم الدراسي حول ترقية التمثيل السياسي للمرأة في الجزائر أن ترقية دور العنصر النسوي في الحياة السياسية مرتبط باستعداد المرأة لولوج عالم السياسة، وباستعداد الأحزاب السياسية والحكومة على حد سواء لمنحها مكانة أوسع. فتحت وزارة العلاقات مع البرلمان النقاش حول موضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية على ضوء التعديل الدستوري لشهر نوفمبر الماضي، وبادرت إلى تنظيم يوم دراسي احتضنه النادي الوطني للجيش ببني مسوس أمس وشارك فيه خبراء جزائريون وأجانب استعرضوا واقع مشاركة المرأة الجزائرية في الحياة السياسية، وكذا تجارب بعض البلدان منها الإمارات العربية المتحدة واسبانيا. وذكرت الخبيرة في القانون الدولي الأستاذة بجامعة الجزائر السيدة مايا ساحلي أن تمثيل المرأة في الهيئات السياسية تم تمييعه من خلال طرح الكثير من التصورات والمشاريع التي جاءت كلها من أجل ترقية مشاركتها في المجال السياسي، وقدمت إحصائيات تفيد بنقص التمثيل سواء على مستوى الحكومة بإشرافها على ثلاث وزارات فقط، أو على مستوى السلك الدبلوماسي حيث هناك امرأتان فقط تشغلان منصب سفير، ولا تشغل أي امراة منصب قنصل باستثناء واحدة تتكفل بتسيير الشؤون القنصلية بالنيابة. أما على مستوى المجالس المنتخبة فأوضحت أن حضورها يبقى ضعيفا جدا بتمثيل لا يتعدى 6.56 بالمئة في البرلمان، كما أنها لا تشغل منصب رئيس مجلس شعبي بلدي إلا في بلديتين من أصل 1541 بلدية. ولكن المتحدثة لاحظت تواجدا كبيرا للمرأة في قطاعات مثل القضاء والتربية إلا ان تمثيلها يبقى محدودا في مناصب لا تصنف ضمن "المهام العليا". وأرجعت هذا الواقع الى عدة أسباب منها على وجه الخصوص عدم تجسيد المساواة المنصوص عليها في القانون، وفسرت ضعف تمثيلها في المجال السياسي أيضا بوجود مراجع مجتمعية ودينية وثقافية تكبح تطور المرأة على هذا المستوى"، وقدمت معطى آخر يتمثل في ضعف استعداد المرأة لممارسة النضال السياسي وأشارت إلى أن عملية سبر آراء أنجزتها على عينة من 100 طالبة بجامعة الجزائر كشفت عدم رغبتهن في ولوج عالم السياسية حيث ردت ثمانية منهن فقط بالإيجاب. وفي الشق المتعلق بالحلول المقترحة لتجاوز هذا الوضع ذكرت الخبيرة في القانون الدولي والأستاذة في عدة معاهد ومدارس جزائرية منها المدرسة العليا للإدارة بأن توفر الإرادة السياسية، وترجمة ذلك في نصوص قانونية يلزم جميع المتدخلين بالتقيد بمضمونها لتقديم حلول ذات أثر إيجابي في الميدان. ومن جهته أشار الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي السيد سعيد مقدم إلى أن تكريس المشاركة السياسية للمرأة في الجزائر عملية تتسم ب"البطء الشديد" وهو ما يؤكده حسبه احتلال الجزائر للمركز "113 عالميا" سنة 2008 في نسبة التواجد النسوي على مستوى الحكومات وهو ما يعادل 7ر7 بالمائة. وبالمقابل ذكر أن العراق مثلا يوجد في "المركز الأول عربيا وال33 عالميا" في نفس المجال. وعلى الصعيد العربي سجل السيد مقدم في مداخلته أنه "على الرغم من مباشرة العديد من الدول العربية لإصلاحات واسعة بغرض توسيع آفاق المشاركة السياسية للمرأة إلا أن ذلك لم يشفع في ضمان حقوقها في هذا المجال" حيث "لم يتجاوز التمثيل النسوي على مستوى البرلمانات العربية سنة 2008 نسبة 6ر9 بالمائة وأقل من 10 بالمائة على مستوى الحكومات". ولمعالجة هذا الوضع القائم يرى السيد مقدم أنه من الضروري انتهاج دراسات علمية من زوايا متعددة حيث "تبقى مسألة التمييز ضد المرأة من بين أهم معوقات التنمية المستدامة في العالم العربي بما في ذلك الجزائر" ومن هنا تبرز ضرورة التفكير في الآليات المناسبة لرفع نسبة تمثيل المرأة وتعزيز تموقعها في الفضاءات السياسية. وكان الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري قد تابع كل أشغال اليوم الدارسي وألقى خلال الجلسة الافتتاحية كلمة أحصى فيها مختلف الجهود التي بذلتها الدولة من أجل ترقية المشاركة السياسية للمرأة مؤكدا أن هذه المشاركة هي "حق شرعي لا ينحصر في الانتخابات بل يتعداه إلى المساهمة الفعلية في الحياة السياسية وصياغة القرارات المصيرية للأمة". وأوضح أن الوصول إلى تجسيد هذا الهدف "يقتضي توفير المقومات والبيئة الملائمة والكفيلة بترجمة هذه الغاية على أرض الواقع" يؤكد الوزير مشيرا إلى أنه "إن كانت التنمية تقوم حتما على تطوير الموارد البشرية فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال وإهمال دور المرأة".