أكد وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، أمس، بباليرمو الايطالية أن الجزائر كانت سبّاقة للمصادقة على اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان (اتفاقية باليرمو 2002) وكذا على البروتوكولات الثلاثة المكملة لها، وذلك قناعة منها بأنها الآلية الدولية الأنسب التي توفّر الأسس القانونية لمحاربة هذه الجريمة والأدوات التي تسهّل التعاون الدولي لمعالجة أبعادها الخطيرة وآثارها المدمرة للمجتمعات. قال طبي في كلمته أمام المؤتمر الدولي للاحتفال بالذكرى 20 لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان بباليرمو الايطالية، إن الجزائر التي تدرك جيدا النمو المتسارع للجريمة المنظّمة وانتشارها العالمي وتهديدها لأمن واستقرار الدول والشعوب، سارعت إلى التوقيع على هذه الاتفاقية والبروتوكولات المكملة لها، وعملت على تحسين القدرات الوطنيّة وتعزيز أجهزة إنفاذ القانون المكلفة بمحاربة الجريمة المنظمة، مع تكييف المنظومة القانونية، بشكل يجمع بين متطلباتها الوطنيّة وإلتزاماتها الدولية. وذكر في هذا الإطار، بقيام الجزائر بإنشاء قسم وطني لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان بمحكمة الجزائر العاصمة في 2020، كما أنشأت في 2021 مصلحة مركزية شرَطيّة لمكافحة الجريمة المنظمة، بهدف تعزيز صرح أجهزتها الأمنيّة والمساهمة في محاربة هذه الجريمة بكل أشكالها ومكوّناتها. وأضاف أن القانون الجزائري الذي يعتبر ارتكاب عدة جرائم، على غرار الاتجار بالأشخاص أو بالأعضاء، تهريب المهاجرين، غسيل الأموال... وغيرها، من طرف جماعة إجرامية منظمة، كظرف تشديد للعقوبة. "وأدرج تعريف الجماعة الإجرامية المنظمة في مشروع تعديل قانون العقوبات المعروض حالياً على البرلمان، حتى يكون هذا التعريف مضبوطا بدقة ومتماشيا مع الآليات الدولية ذات الصلة". كما أشار الوزير إلى أن الاتجار بالبشر، أصبح من أخطر صور الجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية. ومن هذا المنطلق فقد أولاها الدستور الجزائري عناية خاصة ونص على أن القانون يعاقب عليها. وبعد أن لفت إلى أن قانون العقوبات أدرج هذه الجريمة ابتداء من سنة 2009، وتمّ في عام 2016 إنشاء لجنة وطنية للوقاية من الاتجار بالبشر، وتكليفها بوضع خطة عمل وطنية في مجال الوقاية ومكافحة هذه الظاهرة وحماية الضحايا. أكد الوزير أن خطورة هذه الجريمة، بالنظر لأبعادها الدولية، جعل المشرع الجزائري، في إطار تكييف المنظومة القانونية مع الالتزامات الدولية، يسن في 7 ماي من هذه السنة، قانونا خاصا، جمع كل أشكال هذا الإجرام في نص قانوني واحد، يتضمن عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم الإتجار بالبشر، ويعتبر الأشخاص الذين يتم استغلالهم في إطارها "ضحايا"، يستفيدون من الحماية ولا يتعرضون للمساءلة. كما يكرس ذات القانون، حسب الوزير، واجب الدولة في مرافقة الضحايا عن طريق المساعدة والرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية والقانونية التي تسهّل إعادة إدماجهم في المجتمع، مع تسهيل اللجوء إلى القضاء والاستفادة من المساعدة القضائية وتيسير رجوع الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، فضلا عن اتخاذ كل التدابير الكفيلة بتوفير الحماية للشهود والمبلّغين. ويشجع ذات القانون، مشاركة المجتمع المدني على المستويين الوطني والمحلي في الوقاية من الاتجار بالبشر، وإشراكه في إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوقاية وفي التحسيس بخطورة الظاهرة وإعداد البرامج التوعويّة اللازمة. من جانب آخر، شدّد الوزير على ضرورة تكثيف الجهود الدولية لمواجهة نشاط تهريب المهاجرين. وأشار إلى أن الجزائر قامت بتكييف تشريعها الوطني مع الآليات الدولية من خلال تجريم تهريب المهاجرين في قانون العقوبات لسنة 2009، فيما تبذل الدولة مجهودات كبيرة لمكافحة هذه الجريمة عن طريق وضع آليات للتعاون في مجال تأمين الحدود وتذكر بأهمية التعاون الأمني والقضائي الدوليين. وشدّد في هذا الإطار، على أن الجزائر تؤمن بضرورة تطوير وتنفيذ إستراتيجيات شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية لتهريب المهاجرين، بما في ذلك التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتقليص الفقر، وخلق فرص الشغل للشباب، والتعاون مع الدول الأعضاء لتعزيز مسارات الهجرة النظامية. واعتبر استفادة الجماعات الإجرامية المنظمة من التكنولوجيات الحديثة، يستلزم اتخاذ التدابير القانونية الضرورية لاسيما ترخيص القضاء باستعمال أساليب التحري الخاصة مثل التسرب الإلكتروني وتحديد الموقع الجغرافي للضحية أو المشتبه فيه. مجددا التزام السلطات الجزائرية بالتعاون التام مع الممثليات الدبلوماسية للمواطنين الأجانب، موضوع قضايا الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وكذا حرصها في إطار مساعيها الحثيثة لمكافحة الجريمة المنظمة، على إيلاء أهمية كبيرة لتكوين أجهزة إنفاذ القانون بشكل أكثر فعّ الية، في إطار الاحترام التام لمبادئ حقوق الإنسان.