يواصل العدو الصهيوني تصعيده الدموي ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، عبر مجازر متتالية وقصف وحشي مستخدما سياسة الأرض المحروقة والقصف المكثّف والعشوائي للأحياء السكنية ومخيمات النّزوح والمستشفيات والمساجد والمراكز الإيوائية، في محاولة يائسة لفرض معادلات الاستسلام على هذا الشعب الصامد. وارتكب جيش الاحتلال خلال الساعات الأخيرة الماضية، مجازر مروّعة راح ضحيتها أكثر من 250 شهيد ومئات الجرحى من بينهم أطفال ونساء وعائلات بأكملها في شمال وجنوب قطاع غزّة. وأكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن مجازر الاحتلال المتصاعدة بحق المدنيين "تجسّد إصرار حكومة الإرهابي نتنياهو على المضي في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية في غزّة دون أدنى اكتراث بالقوانين أو بأدوات المساءلة والعدالة الدولية". وقالت في بيان أمس، إن "شعبنا الفلسطيني يواجه إبادة جماعية موثّقة بالصوت والصورة وعلى مرأى ومسمع العالم في ظل غياب تام لأي تحرك فعّال من قبل الأممالمتحدة، ومؤسساتها وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، في مشهد يعكس فشلا سياسيا وأخلاقيا وإنسانيا غير مسبوق". وطالبت "حماس" مجددا الدول العربية والإسلامية، بتحمّل مسؤولياتها الدينية والقومية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني، والتحرك الفاعل والضغط لوقف المجزرة الوحشية وفرض إدخال المساعدات الإنسانية في ظل مجاعة تفشّت في كل أرجاء القطاع. واستكمالا لسلسلة الانتهاكات الممنهجة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المنظومة الصحية في قطاع غزّة، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، بأن سلطات الاحتلال تُصدر بين الحين والآخر إشارات إخلاء لمستشفيات ومراكز طبية وعيادات صحية في قطاع غزّة، كان آخرها عيادة "الشيخ رضوان" في إطار سياسة واضحة تهدف إلى تفريغ القطاع من أي مقومات للبقاء، وتدمير البنية التحتية الصحية في انتهاك صارخ لكافة القوانين والأعراف الدولية. وأكد المكتب، أن جريمة الإخلاء القسري تأتي بعد ساعات من قصف وتدمير المستشفى الأوروبي في خانيونس جنوب قطاع غزّة، والذي مثّل أحد آخر المعاقل الطبية التي كانت تقدم الرعاية للمصابين والمرضى في المنطقة الجنوبية. وترتفع بذلك حصيلة المستشفيات التي تم استهدافها بالقصف المباشر أو التدمير أو الحرق أو الإخراج القسري من الخدمة إلى 38 مستشفى، إضافة إلى عشرات المراكز الصحية التي لم تسلم من العدوان المتواصل، وأكد نفس المصدر، أن هذا الاستهداف المنهجي والمتعمّد للمرافق الصحية بما فيها المستشفيات والعيادات والطواقم الطبية، يشكل جريمة حرب موصوفة وجريمة ضد الإنسانية بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني، وأضاف أنه بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه يعكس رغبة الاحتلال في تعميق الكارثة الإنسانية وفرض سياسات التهجير والنّزوح الجماعي على السكان المدنيين، وأكد أن صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ إجراءات رادعة حتى اللحظة منح الاحتلال ضوء أخضر للاستمرار في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بحق أكثر من 2.4 مليون إنسان مدني فلسطيني محاصر في قطاع غزّة، ودفع المنظومة الصحية إلى حافة الانهيار التام. وأدان بأشد العبارات هذه الجرائم الممنهجة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق المنشآت الطبية والمدنيين، محمّلا الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي تُرتكب بشكل متكرر ومنهجي. وطالب المجتمع الدولي بتدخل دولي عاجل لحماية ما تبقى من المنظومة الصحية في غزّة، وإرسال فرق أممية للتحقيق في جرائم الاحتلال المرتكبة وتقديم قادته إلى المحاكم الدولية كمجرمي حرب، وتوفير ممرات آمنة للإغاثة الطبية وإجلاء الجرحى والمرضى بشكل فوري لتلقي العلاج خارج قطاع غزّة. وحذّر في الأخير من أن استمرار استهداف المستشفيات والعيادات يشكل تهديدا وجوديا لحياة مئات الآلاف من المدنيين ويضع المجتمع الدولي، أمام اختبار أخلاقي وقانوني حاسم لا يقبل التسويف أو التنصّل من المسؤولية. وسط إقرار دولي بحدوث مجاعة متعمّدة في غزّة تنديد مستمر دون فعل ملموس ينتشل الفلسطينيين من الكارثة يواصل مختلف مسؤولو الوكالات الأممية الإنسانية والمنظمات الحقوقية الدولية، دقّ ناقوس الخطر من الكارثة الإنسانية غير مسبوقة التي تعصف بقطاع غزّة، وتتعمّق أكثر فأكثر مع مواصلة الاحتلال الصهيوني حربه الجنونية على هذا الجزء من الأرض الفلسطينية المحتلّة، وحرمان سكانه لشهور متتالية من الغذاء والدواء والماء. في هذا السياق، قالت المتحدثة باسم مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزّة، أولغا تشيريفكو، إن إغلاق جميع المعابر أمام دخول المساعدات والبضائع إلى غزّة لمدة شهرين ونصف له "أثر مدمر"، واصفة الوضع في القطاع بأنه "مروّع". وقالت تشيريفكو، إن "الإغلاق الشامل لغزّة غير مقبول بتاتا وهو بالطبع متعمّد ويجب إنهاؤه فورا"، لافتة إلى استمرار الهجمات في أنحاء غزّة والتي اشتدت في اليومين الماضيين، حيث قصف الكيان الصهيوني مستشفيين في أقل من 24 ساعة بفارق زمني ضئيل وهما مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزّة الأوروبي. وأضافت أنه "لا تزال هذه الهجمات ترعب النّاس الذين يتوقعون أن تكون المستشفيات أماكن ذات حرمة توفر لهم الحماية، كما ترعب العاملين الذين يواصلون الذهاب إلى العمل ظانين أنهم قد يكونون الهدف التالي لمثل هذه الهجمات"، مشدّدة على ضرورة حماية المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية وحماية المدنيين دائما بمن فيهم عمال الإغاثة والعاملون في مجال الرعاية الصحية. من جهتها قالت منظمة الصحة العالمية، إن آخر مستشفى في غزّة يوفر الرعاية الطبية لمصابين بأمراض القلب ولمرضى السرطان توقف عن العمل إثر هجوم صهيوني. وجاء في منشور للمدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غبرييسوس، على منصة "إكس" إن الهجوم الذي وقع الثلاثاء الماضي، أصاب المستشفى الأوروبي في خانيونس ب«أضرار بالغة" وجعل الوصول إليه متعذّرا. ولفت إلى أن "إغلاق المستشفى أدى إلى توقف خدمات حيوية بما في ذلك جراحة الأعصاب والرعاية القلبية وعلاج السرطان.. وهي خدمات غير متوفرة في أنحاء أخرى في قطاع غزّة". وقد سلّطت منظمة "أطباء بلا حدود" الضوء على عواقب هذا الإغلاق، وقالت في منشور على منصّة "إكس" إن المستشفى كان "واحدا من أواخر أطواق النّجاة في النظام الصحي الغزّي المدمّر"، مشيرة إلى أن مستشفى ناصر الطبي هو الآن المرفق الطبي الوحيد الذي ما زال يعمل في خانيونس في جنوب القطاع"، مشيرة إلى أن مستشفى ناصر الطبي "تعرض هو أيضا لهجوم في اليوم نفسه قبل بضع ساعات من مستشفى غزّة الأوروبي وذلك للمرة الثانية في أقل من يومين". من جانبه حذّر برنامج الأغذية العالمي، من مجاعة وشيكة في قطاع غزّة، مبيّنا أن العائلات هناك تتضوّر جوعا وما تحتاجه من غذاء لازال عالقا على الحدود. وقال في بيان له إن "أحدث بيانات الأمن الغذائي تظهر أننا في سباق مع الزمن لتجنّب المجاعة في قطاع غزّة"، مضيفا "إذا انتظرنا حتى يتم تأكيد حدوث مجاعة في غزّة فسيكون قد فات الأوان بالنّسبة للكثيرين". وحث البرنامج المجتمع الدولي على العمل بشكل عاجل لتوفير المساعدات مرة أخرى لقطاع غزّة. 29 سيناتورا بمجلس الشيوخ الأمريكي يطالبون بالضغط على الاحتلال قدم السيناتور الديمقراطي، بيتر ويلش، و28 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قرار يطالب إدارة الرئيس دونالد ترامب، بإنهاء حصار قطاع غزّة فورا. جاء ذلك في بيان نشره السيناتور ويلش، ليلة الخميس إلى الجمعة، يسلّط الضوء على الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تتكشف يوما بعد يوم في قطاع غزّة. وقال ويلش، في كلمة ألقاها بقاعة مجلس الشيوخ، إن الأطفال في غزّة يموتون جوعا ولا يمكن أن نقبل أو ندعم سياسة تجويع متعمّدة ينتهجها الكيان الصهيوني. وقال "أقدم مع زملائي قرارا يسلّط الضوء على أن الأطفال بغزّة يموتون جوعا.. ونحن هنا نناقش براحة ما نعتبره قضايا مهمة.. ويجب أن نبذل جميعا قصارى جهدنا لإنهاء الحصار والحرب الصهيونية على القطاع فورا". وشدّد "لا يمكن أن نقبل أو ندعم سياسة تجويع متعمّدة" ينتهجها الاحتلال الصهيوني. ودعا مشروع القرار إدارة ترامب، إلى استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية المتاحة لها لإنهاء الحصار المفروض على الغذاء والمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة لتلبية احتياجات المدنيين في غزّة. وبموجبه أعرب أعضاء مجلس الشيوخ، عن قلقهم البالغ إزاء الأزمة الإنسانية المستمرة في غزّة بما في ذلك المجاعة التي قد تودي بحياة عشرات آلاف الأطفال. ويأتي تحرك أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، بالتزامن مع إقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس، بوجود مجاعة في قطاع غزّة، حيث قال لدى تواجده بأبو ظبي ضمن آخر محطة له في جولته الشرق أوسطية "نحن مهتمون بغزّة وسنعمل من أجل تسوية"، واكتفى بالقول إن "الكثر من النّاس جوعى" من دون أن يقدم أية تفاصيل أو يخوض بعمق في هذه المأساة التي يتابع العالم فصولها على المباشر. وفي سياق استمرار موجة التنديد الدولية بحرمان سكان غزّة من أدنى متطلبات الحياة، أدان المجلس الأوروبي، أمس، ما أكد أنها "مجاعة متعمّدة" في غزّة ضمن حقيقة يقر العالم كله بوجود مجاعة مفتعلة بسبب الحرب والحصار الصهيوني على القطاع، لكن لا أحد يتحرك فعليا من أجل إيقاف هذه المأساة غير المسبوقة.