❊ تحصين الحدود الإقليمية من أي تهديدات محدقة حمل الاجتماع الوزاري للآلية الثلاثية لدول الجوار بشأن الأزمة في ليبيا الذي انعقد مؤخرا بالقاهرة، أبعادا جديدة بخصوص تطوّرات الوضع الإقليمي، خاصة في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة ككل وتأثيرها المباشر على الأمن القومي لبقية دول الجوار، ما جعل هذه الأخيرة تتحرك من أجل تطويق الوضع وتحصين حدودها من أي تهديدات محدقة في ظل التوتر الذي تشهده دول الساحل الذي لطالما كان مرتعا خصبا لتنفيذ العمليات الإرهابية. في هذا الصدد، أكد الخبير في التخطيط الاستراتيجي محمد الشريف ضروي، في اتصال مع "المساء" أمس، أنّ انعقاد هذا الاجتماع لم تفرضه المتغيرات الداخلية في ليبيا في ظل التطوّرات التي عرفتها طرابلس خلال الشهرين الأخيرين فحسب، بل إن هناك عديد المعطيات الخارجية التي تتعلق أساسا بما يجري في دول الساحل وفق علاقة ترابطية بين الأوضاع التي تشهدها هذه المنطقة وليبيا. وأضاف ضروي أن التدخّلات الدولية المتسارعة والمتشابكة بشكل كبير في المنطقة والمتداخلة على المستوى الأمني والعسكري، فضلا عن التحرّكات الكبيرة والمختلفة للمنظمات الإجرامية والمنظمات الإرهابية التي وصلت إلى حدّ السيطرة على مساحات كبرى داخل منطقة الساحل وإعلانها عن إقامة إمارات كدول قائمة بذاتها.. كل ذلك زاد من التصادم في المنطقة بشكل كبير وحتى مع دول الجوار الثلاث لليبيا المتمثلة في الجزائر، ومصر وتونس. وعليه، يرى الخبير الاستراتيجي أنه كان لزاما على هذه الدول التحرّك لإيجاد سبل تعيد الاستقرار لهذا البلد الجار، من خلال التعاون والشراكة والتوجيه والإشراف وفق القوانين الدولية والأممية بشكل أساسي، فضلا عن إيقاف زحف الجماعات الإرهابية والمنظمات الإجرامية الأخرى نحو هذا البلد وإلى دول المنطقة الأخرى. وإذ أشار إلى وقوف استخبارات خارجية وراء تحريك الأمور لخدمة أجنداتها من خلال تحيين الوضع والوقت المناسبين، لتفجير الإقليم بشكل أساسي للسيطرة على موارده إلى جانب أمور أخرى، اعتبر محدثنا أن الأمر يتعلق اليوم بالسيطرة على سيادة القرار لدول المنطقة بشكل كبير أمام احتدام الصراع بين الشرق والغرب وبين قوى اقتصادية كبرى متداخلة بشكل كبير، على ضوء تغير عديد الإيديولوجيات الحاكمة للقانون الدولي الذي أصبح يتحرّك فقط وفق قانون القوة. كما يرى المحلل السياسي، أنّ تحرّك دول الجوار جاء بعد تسارع الأحداث في ليبيا وانفجارها بشكل غير متوقع "رغم عديد المؤشرات التي كانت تنبئ بانفلات الاوضاع وتحركات حفتر الذي أعطى لعدد من الدول الانطباع بأنه الآمر والناهي الدول، بل بدا وكأنه أصبح يتكلّم كرئيس دولة لأن ما يؤكد ذلك هو تقديمه كل التنازلات العسكرية لأبنائه خالد وصدام من أجل التفرغ لإدارة شؤون ليبيا على أساس أنه الرئيس القادم..". علاوة عن ذلك، يرى الخبير الاستراتيجي أنّ هذا التحرّك جاء أيضا بعد تسجيل تداخل ما بين المليشيات التي كانت إلى حدّ ما تتبع حكومة طرابلس، قبل أن تختلط الأمور ما بين القبائل والمليشيات وما بين النخبة الحاكمة والجهات السياسية المختلفة، مضيفا أن كل ذلك كان يؤشر على أنّ الوضع لن يستقر وأن أي استقرار يمكن أن يسمى فقط استقرارا ظرفيا أو نسبيا .