الجزائر تؤكد مرة أخرى التزامها بدعم الاندماج الأفريقي    اجتماع برلماني هام    موجة الحرّ.. تستمر    معرض دمشق الدولي: الجناح الجزائري يواصل استقطاب الزوار    كرة القدم/مونديال 2026: المنتخب الوطني يشرع في التربص التحضيري بسيدي موسى    دعم غير مشروط لمسار التحرّر السياسي والاقتصادي    حج 1447ه /2026م : الإعلان عن القائمة النهائية للوكالات السياحية المؤهلة    بسكرة.. الأمن الغذائي يبدأ من هنا    وزارة التجارة تؤكد التزامها بصد الممارسات غير القانونية    توثيق قانوني وشهادة دولية عن ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزّة    السفير الصحراوي بالجزائر ينتقد تقاعس المنظمات الحقوقية    خرجات مكثفة لتفقُّد الهياكل البيداغوجية    الإدارة تظفر بخدمات الحارس فراحي والمدافع حشود    القمة العاصمية تنتهي دون فائز    الكشف عن هوية مدرب منتخب الرجال بعد أيام    تعزيز التعاون في قضايا الشباب بين الجزائر وتتارستان    الجزائر العاصمة تنظم 160 برنامج ثقافي وترفيهي    نسج شراكات استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية للقارة    فرنسية تعتنق الإسلام    تعزيز الهوية وحماية التراث مسؤولية جماعية    تتويج جلال قصابي بجائزة أحمد رحمون للديوان الشعري الأول    دعوة لإنشاء متحف عمومي يبرز كنوز عين صالح    السيطرة على حريق منطقة دكان بعمال    الشرطة تحجز 139 ألف قرص مهلوس    "المملكة المغربية كنموذج للدولة الإرهابية" كتاب جديد يوثق جرائم المخزن في الصحراء الغربية والعالم    الرابطة الثانية لكرة القدم هواة: تأجيل انطلاق موسم 2025- 2026 الى 13 سبتمبر    ولاية الجزائر: برنامج ثقافي ورياضي متنوع تزامنا مع تنظيم معرض التجارة البينية الإفريقية    البطولة الافريقية للفئات الشابة لكرة اليد (اناث): "هدفنا بلوغ المونديال في فئتي اقل من 17 سنة و اقل من 19 سنة"    الوزير الأول بالنيابة يؤكد عزم الدولة على أن تكون قريبة من المواطن وأن تستجيب لمتطلباته    الوزير الأول بالنيابة يؤكد على أهمية تسريع وتيرة رقمنة الإدارة    صناعة صيدلانية: قويدري يبحث مع السفير الايراني فرص الشراكة والتعاون الثنائي    صناعة صيدلانية: عدة اتفاقيات متوقعة خلال معرض التجارة البينية الإفريقية-2025 بالجزائر    شباب بلوزداد يحقّق بداية موفقة    أكليوش: أحترم الجزائر    حيداوي يستعرض تجربة الجزائر    3600 مقعد جديد بقطاع التكوين المهني في الجلفة    بللو يؤكد على ضرورة الاسراع في تنصيب لجنة أخلاقيات الفنان    معسكر : انطلاق المهرجان الفني والثقافي الأول للطفل "صيفنا لمة وأمان"    هكذا كان يتحدّث بن بلّة عن بومدين..    نحو تغطية كامل التراب الوطني بالألياف البصرية    مكتب مراسل التلفزيون الجزائري يتضرّر    ضمان اجتماعي: 30 سبتمبر آخر أجل لتسديد الاشتراكات السنوية للفلاحين المنتسبين    الحكومة تتحرّك لإنجاح الدخول المدرسي    أمواج عالية ورياح قوية بعدة مناطق ساحلية يوم الاثنين    ارتفاع عدد القتلى الصحفيين إلى 247 منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة    فلسطين: توقف ضخ المياه لمناطق واسعة من رام الله بسبب اعتداءات المستوطنين الصهاينة    إخماد حريق الشريعة بولاية البليدة    يوم الجمعة المقبل عطلة مدفوعة الاجر    تنظيم قمة وكالات ترقية الاستثمار الإفريقية بالجزائر العاصمة    تعرب عن استنكاراها نشر فيديو يمس بحرمة الموتى    فرنسا على موعد مع "خريف ساخن"    إلزام المتعاملين بالتصريح اليومي للحصص المستوردة    انطلاق الطبعة السابعة للمهرجان الثقافي الوطني للزي التقليدي بالجزائر العاصمة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    لا إله إلا الله كلمة جامعة لمعاني ما جاء به جميع الرسل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسكرة.. الأمن الغذائي يبدأ من هنا
تلقَّب ب"بوابة الصحراء" و"عاصمة الواحات"

تُلقب ولاية بسكرة ب"بوابة الصحراء" و"عاصمة الواحات"، فهي ليست مجرد مدينة صحراوية تقليدية، بل قطب فلاحي بامتياز، يمدّ الأسواق الوطنية بالتمور عالية الجودة، والخضروات المبكرة، وحتى بعض المنتجات الموجهة للتصدير. تتميز بمناخها الحار الجاف صيفا، وتربتها الخصبة، ووفرة مياهها الجوفية. واستطاعت بسكرة أن تتحول إلى مختبر للابتكار الزراعي، وفضاء للاستثمار، حيث تشكل الزراعة العمود الفقري لاقتصادها المحلي، الذي يمد السوق الوطنية بأجود المنتجات.
تغطي المساحة الفلاحية في الولاية أكثر من 1.6 مليون هكتار، منها ما يقارب 185 ألف هكتار صالحة للزراعة. وتُستغل في إنتاج التمور، والخضروات، والفواكه، إضافة إلى الثروة الحيوانية. هذا التنوع جعل منها إحدى الولايات الاستراتيجية التي تساهم في ضمان الأمن الغذائي للجزائر.
التمور ذهبُ الصحراء
تُعد النخلة رمزا لهوية بسكرة الفلاحية، فالولاية تضم ما يزيد عن أربعة ملايين نخلة، منها حوالي ثلاثة ملايين منتجة، تتوزع خصوصاً بمنطقة طولقة وسيدي عقبة والزاب الغربي. وتبقى "دقلة نور" نجمة هذه الثروة، إذ يقدّر عدد نخيلها بأكثر من مليون ونصف مليون نخلة منتجة، تنتج سنويا مئات آلاف الأطنان من التمور الموجهة للاستهلاك المحلي والتصدير...
"دقلة نور" ليست مجرد ثمرة، بل علامة تجارية عالمية، جعلت اسم بسكرة يتردد في أسواق أوروبا، وآسيا، وأمريكا الشمالية.
ويؤكد فلاحون محليون أن جودة التمور مرتبطة بعوامل طبيعية خاصة بالمنطقة: نقاء الجو، وشدة الحرارة، ونوعية المياه الجوفية.
وخلال السنوات الأخيرة ساهمت الجمعيات المهنية والجهات الرسمية في دعم عمليات فرز وتوضيب التمور عبر إنشاء وحدات تعبئة وتبريد، غير أن التحدي الأكبر يظل في رفع نسبة التصدير، التي لاتزال دون الإمكانيات الحقيقية للولاية.
الخضروات المبكرة والزراعة المحمية
لا تقتصر فلاحة بسكرة على التمور فقط، بل تمتد إلى الزراعة المحمية التي حولت الولاية إلى "سلة خضر" للجزائر.
وتنتشر آلاف البيوت البلاستيكية عبر البلديات، خاصة في لوطاية، وبوشقرون، ومزيرعة، وأورلال فوغالة، ولغروس وغيرها؛حيث تُزرع الطماطم، والفلفل، والخيار والكوسة.
وتقدَّر المساحات المخصصة للزراعات المحمية بأكثر من 6 آلاف هكتار. وتنتج ما يزيد عن 7 ملايين قنطار من الخضر سنويا، ما يغطي حاجيات 35 ولاية أخرى.
الفلاحون يستغلون فارق المناخ لإنتاج خضر "مبكرة" تصل الأسواق الوطنية في عز الشتاء، فتشكل بديلاً عن الاستيراد. غير أن هذه الزراعات تواجه تحديات مرتبطة بارتفاع أسعار المدخلات (البذور، والبلاستيك، والأسمدة)، إضافة إلى صعوبة الحصول على الكهرباء الزراعية، وانخفاض مستوى الدعم التقني.
الثروة الحيوانية
جانب آخر مهم من فلاحة بسكرة هو تربية الماشية، إذ تضم الولاية أكثر من مليون رأس غنم، أشهرها سلالة "أولاد جلال" التي تُعرف بجودتها في إنتاج اللحوم الحمراء، وقدرتها على التكيف مع المناخ الجاف. هذه السلالة باتت علامة وطنية، إذ تُسوَّق في مختلف الأسواق الجزائرية، بل بدأت تحظى باهتمام دولي.
وإلى جانب الأغنام هناك تربية الأبقار لإنتاج الحليب، والدواجن لتلبية حاجيات السوق المحلية. ويُراهن الفلاحون على تطوير الصناعات التحويلية المرتبطة بهذه الأنشطة، مثل وحدات الحليب واللحوم، لإضفاء قيمة مضافة حقيقية.
البنية التحتية والتخزين والتسويق
خلال السنوات الأخيرة، استفاد القطاع من مشاريع هامة في مجال التخزين، منها تشييد 8 صوامع للحبوب سعتها 400 ألف قنطار، إضافة إلى منح آلاف الرخص لحفر الآبار في إطار توسيع المساحات المسقية، غير أن تسويق المنتجات الفلاحية مازال يمثل معضلة للفلاحين، حيث تكثر الوساطة في أسواق الجملة، ما يُقلص من أرباح المنتجين، ويرفع الأسعار للمستهلك.
وتطالب الجمعيات الفلاحية بإنشاء تعاونيات قوية، قادرة على جمع المحاصيل، وتوزيعها بطرق منظمة، إلى جانب فتح قنوات تصدير مباشرة.
برامج دعم الشباب والامتياز الفلاحي
من أبرز محاور السياسة الفلاحية في بسكرة دعم الشباب، وتشجيعهم على دخول عالم الزراعة، فقد استفاد مئات الشباب من برامج الامتياز الفلاحي التي تُمكنهم من استغلال أراضٍ صحراوية شاسعة، خاصة ببلديات الدوسن، وزريبة الوادي، وبوشقرون، وليشانة، والحاجب ومناطق أخرى.
كما تُوفر أجهزة "أنساج" و"كناك" قروضا مصغرة لاقتناء معدات حديثة مثل مضخات، وأنظمة ري بالتقطير، وحتى جرارات صغيرة.
بعض هؤلاء الشباب استطاع أن يحقق نجاحا باهرا في ظرف وجيز، بفضل تكوينات قصيرة في مجال تسيير المشاريع، وتقنيات الزراعة الحديثة.
السلطات المحلية تؤكد أن استقرار الشباب في الريف عبر مشاريع فلاحية مستدامة، يساهم في خلق الثروة، ويحد من البطالة. كما يعزز الأمن الغذائي الوطني.
قصص نجاح محلية... من الحلم إلى التصدير
في طولقة شاب ثلاثيني يُدعى "يوسف" ، استثمر في مزرعة نخيل ورثها عن والده. وبفضل التكوين في مركز البحث العلمي ببسكرة، طوّر أساليب مكافحة الآفات، وأنشأ وحدة صغيرة لتوضيب التمور. اليوم يصدر يوسف منتجاته إلى فرنسا وكندا، رافعا شعار: "التمر الجزائري سفير بلادنا".
شابة مهندسة زراعية في شتمة، أطلقت مشروعا للزراعة المائية، ولإنتاج الخس، والفراولة في البيوت البلاستيكية. مشروعها جذب اهتمام مستثمرين خواص، وفتح آفاق للتصدير نحو أسواق خليجية. هذه النماذج تعكس إرادة الجيل الجديد في تجاوز الفلاحة التقليدية، واعتماد الابتكار والتكنولوجيا كوسيلة للنجاح.
التحديات تواجه الفلاحة
رغم النجاحات الكبيرة يواجه القطاع الفلاحي ببسكرة عدة تحديات؛ منها ندرة المياه، وارتفاع تكاليف استخراجها من الطبقات الجوفية، وارتفاع أسعار المدخلات المستوردة مثل البذور والأسمدة، إضافة إلى ضعف شبكات التسويق والتصدير، وغياب علامات تجارية قوية لمنتجات المنطقة، وكذا نقص اليد العاملة المؤهلة في بعض الفترات، وتأثير التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية، علما أن الفلاحين يؤكدون أن معالجة تلك التحديات تتطلب رؤية وطنية متكاملة، تدعم الإنتاج المحلي وتوفر تسهيلات حقيقية للتصدير.
الفرص والآفاق المستقبلية
رغم التحديات تبقى الآفاق مشرقة؛ فبسكرة قادرة على أن تصبح قطبا إقليميا وعالميا في مجال التمور والخضروات. وتطوير الصناعات التحويلية (عصائر، خل التمر، مشتقات النواة) سيوفر قيمة مضافة، وفرص عمل جديدة. كما إن إدماج التكنولوجيا الحديثة (الزراعة الذكية، الطائرات المسيّرة، المراقبة بالأقمار الصناعية) يفتح أبوابا واسعة لرفع المردودية وترشيد الموارد المائية. وبفضل شراكات دولية مع دول مثل فيتنام وإيطاليا يجري نقل خبرات جديدة إلى المزارعين المحليين، وبالتأكيد فإن الاستثمار في قطاع الفلاحة ببسكرة لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية للاقتصاد الوطني.
بسكرة قطب فلاحي استراتيجي
فلاحة بسكرة اليوم قصة نجاح جزائرية بامتياز، تجمع بين أصالة الواحات وحداثة البيوت البلاستيكية، إنها ولاية تشكل مثالاً حياً على قدرة الإنسان على ترويض الصحراء، وتحويلها إلى بساتين غنّاءة. الطريق مازال طويلاً أمام تجاوز العراقيل وتحويل الإمكانات إلى إنجازات. لكن عاصمة الزيبان بثرواتها الطبيعية والبشرية، مؤهلة لتكون قطبا فلاحيا عالمياً، يحمل اسم الجزائر عالياً في أسواق الغذاء الدولية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.