❊إفريقيا ليست حقل تجارب لأسلحة أجنبية وهي بحاجة إلى التنمية ❊من أراد إيقاف الهجرة غير الشرعية فليساعد إفريقيا على الاستثمار ومنح فرص عمل للشباب ❊الأوضاع الحالية تظهر بوضوح إجحاف العالم في حق إفريقيا قدم رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في افتتاحه الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، تحليلا موضوعيا وواقعيا للوضع الذي تعيشه القارة، بتشخيصه للنقائص التي تعانيها، مبرزا أفضل طرق العلاج التي تسمح بالرد على السؤال الجوهري "أين تقف إفريقيا اليوم من الاقتصاد العالمي؟". قال رئيس الجمهورية في الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه أمام ضيوف الجزائر، إن القارة عانت كثيرا ومازالت تعاني بسبب إخفات صوتها وتهميش دورها في مسار إعادة تشكيل النظام العالمي، رغم ما تزخر به من إمكانيات ومقدرات وطاقات هائلة، معربا عن اقتناعه، بأنه لا يجب النظر إلى معرض التجارة البينية كمجرد تظاهرة اقتصادية، بل تجسيد لوعي جماعي يحذو الأفارقة لجعل قارتهم متكاملة وفاعلة إقليميا. ولفت الرئيس تبون إلى أن إفريقيا وبالرغم من تحقيقها لعدة إنجازات لا يمكن إنكارها، خلال العقدين الماضيين، خاصا بالذكر منطقة التبادل الحر الإفريقية وانضمام الاتحاد الإفريقي التجاري إلى مجموعة العشرين وربط شراكات مع أقوى المنظمات، فإن طريقها مازال طويلا نحو إصلاح المظالم التاريخية التي ارتكبت في حقها، من أجل افتكاك المكانة التي تليق بها في الاقتصاد العالمي. واستند رئيس الجمهورية إلى جملة من المعطيات والبيانات "بالغة الوضوح والدقة والدلالة"، أبرزها الحصص الضئيلة التي تحوزها الدول الإفريقية في الهيئات الدولية، حيث لا تتجاوز حصتها في حقوق التصويت بصندوق النقد الدولي 6,5 بالمائة، وهي الحصة الأضعف على الإطلاق بهذه المنظمة، فيما لا تتجاوز حصتها بالبنك العالمي 11 بالمائة. كما أشار إلى الوضع بمنظمة التجارة العالمية، حيث لم يشفع للقارة افتكاكها لمنصب مدير عام لأول مرة في تاريخها، في أن تظل محدودة التأثير في صناعة القرار بهذه المنظمة. ولا يختلف الأمر بالنسبة لحصة إفريقيا من التجارة العالمية، التي ذكر رئيس الجمهورية أنها لا تتجاوز 3 بالمائة، معتبرا أنه رقم ضئيل مقارنة بما تمتلكه القارة من موارد تشكل 30 بالمائة من الثروات الطبيعية العالمية، وثروة بشرية تتجاوز 1,5 مليار نسمة يشكلون سوقا استهلاكية صاعدة. كما أن إفريقيا تعد الحلقة الأضعف في سوق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ ذكر رئيس الجمهورية بأن حصتها من تدفق الاستثمارات العالمية لا تتجاوز 94 مليار دولار أمريكي سنويا. في وقت لا تزال فيه التجارة البينية الإفريقية في حدود 15 بالمائة، في حين تبلغ التبادلات البينية الأوروبية 60 بالمائة، ما جعل الرئيس تبون يجزم بأن هذا الواقع "يحرم اقتصادياتنا من فرص كبيرة للنمو وتوفير ملايين مناصب الشغل لشبابنا". كما أبرز الرئيس "الفجوة العميقة" في البنى التحتية الأساسية للنقل والطاقة والاتصالات والتمويل" التي تعاني منها القارة الإفريقية. وأمام هذه المعطيات، فضل رئيس الجمهورية لغة المواجهة الإيجابية، مشددا على أن كل ما يحدث "يجب ألا يحد من عزيمتنا"، بل على العكس، قال إنه ينبغي أن تكون هذه المعطيات دافعا إضافيا للنهوض بطاقات القارة الجماعية لتحويل هذا الواقع إلى نجاح في التنمية. لذا أعرب عن يقينه بأن مستقبل القارة الإفريقية يتوقف على مدى القدرة الجماعية لدولها في إقامة بنية تحتية متكاملة، مع أهمية خلق مناخ للاستثمار لفائدة الجميع، بفضل "مضاعفة الجهود وحشد الطاقات وتوحيد المسار" لتحويل منطقة التجارة الحرة الإفريقية إلى "أداة فعلية للتنمية". ودعا إلى جعل الطبعة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية "منطلقا جديدا وعهدا متجددا، نضع فيه أيدينا في أيدي البعض لنسير بخطى ثابتة نحو إفريقيا قوية، متضامنة ومزدهرة"، مضيفا "فلتصنع إفريقيا غذاءها بنفسها ولتستمر وتستثمر ثرواتها لصالح أبنائها وبناتها وتنتزع مكانتها عن جدارة واستحقاق في عالم اليوم والغد على حد سواء". رئيس الجمهورية الذي خاطب الحاضرين بكلمات نابعة من القلب"، قال إن النضال اليوم هو "من أجل تنمية إفريقية حقيقية"، مشددا، في رسالة ضمنية إلى القوى العالمية، على أن "إفريقيا ليست حقل تجارب لأسلحة أجنبية"، بل هي بحاجة إلى التنمية، مضيفا ، أن "من أراد إيقاف الهجرة المسماة غير شرعية، فليساعدنا على الاستثمار وإعطاء فرص عمل لشباب إفريقيا حتى تتصلح الأوضاع الحالية التي تظهر بوضوح إجحاف العالم في حق إفريقيا".