يحتضن المركز الجامعي "المقاوم أمود بن مختار" بإيليزي، بالتنسيق مع الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، ملتقى وطنيًا حضوريًا تحت عنوان "الفلسفة والذاكرة الوطنية"، وذلك يومي 22 و23 نوفمبر 2026، بمشاركة أساتذة وباحثين ومهتمين بالشأن الفلسفي والتاريخي. يأتي تنظيم هذا الملتقى، حسب ديباجته، في سياق وطني يشهد تناميا لاهتمام الدولة والمجتمع بملف الذاكرة الوطنية، بالنظر إلى ما تمثله من رهان رمزي وتاريخي في ظل الماضي الاستعماري الذي عاشه الشعب الجزائري تحت نير الاحتلال الاستيطاني الفرنسي. فقد أصبحت الذاكرة اليوم محورًا أساسيًا في الخطاب السياسي الرسمي من خلال المطالب المتكررة باسترجاع الأرشيف الوطني، والاعتراف بجرائم فرنسا الاستعمارية، وما ارتكبته من مجازر وإبادات جماعية وتجارب نووية في الصحراء الجزائرية ما بين 1960 و1966. رغم الخطوات الرمزية المهمة التي اتخذتها الدولة الجزائرية في سبيل إحياء الذاكرة، على غرار إقرار يوم وطني للذاكرة الموافق للثامن من ماي من كل سنة تخليدًا لمجازر 8 ماي 1945، وإنشاء قناة الذاكرة كإحدى القنوات العمومية للتلفزيون الجزائري، إلا أن ذلك لم يُرافقه – وفق المنظمين – مشروع علمي واضح المعالم يؤسس لتصور نظري شامل للذاكرة الوطنية. فلا تزال الساحة الأكاديمية تفتقر إلى مرجع نظري أو كتاب يؤسس لفكر الذاكرة الجزائرية، كما تغيب وثيقة تأسيسية أو مركز وطني للدراسات في الذاكرة، الأمر الذي يكرّس مفارقة واضحة بين كثافة الاحتفالات والرموز التذكارية من جهة، وضعف التأصيل المعرفي والمنهجي من جهة أخرى. في المقابل، يشير الباحثون إلى أنّ "الآخر"، أي فرنسا، ما زال يستثمر في ذاكرته الاستعمارية، من خلال إدماج تاريخ مستعمراته السابقة ضمن سرديته الوطنية، ولو على حساب ذاكرة الشعوب المستعمَرة سابقًا. هذا التوظيف السياسي للتاريخ، الذي تمارسه المدرسة الكولونيالية القديمة والجديدة، يسعى، حسب المنظّمين، إلى السطو على الحقيقة التاريخية وتشويه ماضي الجزائر عبر تمجيد ذاكرة المستعمِر ومحو ذاكرة المستعمَر. في ظلّ هذا الواقع، يسعى الملتقى إلى مناقشة جملة من الإشكاليات المحورية، أبرزها: ما هو واقع دراسات الذاكرة في الجزائر؟ ما أسباب الصعود العالمي لموضوع الذاكرة في الفكر المعاصر؟ ما العقبات التي تحول دون تقدّم البحث في ملف الذاكرة بين الجزائروفرنسا؟ وكيف يتداخل التاريخي والإيديولوجي في خطاب الذاكرة عند الآخر؟ كما يطمح اللقاء إلى تسليط الضوء على كيفية انشغال الفلسفة بمقاربة الذاكرة من منظور الزمن والسرد والتاريخ، بما يفتح آفاقًا جديدة لتأسيس وعي فلسفي بالذاكرة الوطنية كرافعة لهوية الأمة ومشروعها الحضاري.